“فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا”. “رَضُوا بِأَن يَكُونُوا

“فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا”.

“رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ”.

“فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ”.

إذا غلبتك نفسك على معصية الله؛ فاغلبها ألا تضحك ولا ترضى ولا تفرح بها.

ليس شرط المحب العصمة، لكنه لا تقر عينه في معصية حبيبه، ولا يطمئن قلبه بمخالفة معبوده، يعلم أن إثمه ليس مرادًا لذاته فيصرَّ على بلوغ منتهاه، بل هي غلبة نفسه وشيطانه وهواه ودنياه، فإن أقبل من نفسه على ذنبه جانبٌ نأى منها جانبٌ، وإن نشط في جهةٍ من جنايته كَسَلَ عن جهةٍ أخرى، فهو في خطيئته -مهما لجَّ فيها- قلِقٌ مضطربٌ، معتلٌّ مشوَّشٌ، أشعثُ الروح حتى يفيء إلى باب الله، كاسِفُ البال حتى يصلحه الرحمن بمتابٍ، كأسيرٍ يرسُف في أغلاله فيثَّاقل بحِملها وئيدًا، ولسان حاله:

ربِّ أنت المحبوب، لكني مغلوبٌ.

أحبك ولا أستطيع، وأريدك ولا أقدر.

أنا في المعصية غريبٌ، أتوب من قريبٍ.

اللهم إني وإن عصيتك أحبُّ طاعتك وأدعو إليها وأحبُّ أهلها وأغبطهم عليها، وأكره معصيتك وأُجافي أهلها وأُبغِّضُها إليهم وأدلُّهم عليك.

اللهم إن قارفَتْ جوارحي مغاضبَك فلِشدَّة فقري ومضاعَف عجزي، أما قلبي فمطمئنٌ بمحبتك، ساكنٌ بتوحيدك، راغبٌ في خير يدك.

ربِّ إني لا أضحك في مُحادَّةٍ لك أو مُشاقَّةٍ لرسولك، فإن ضحكتُ فإني ظلومٌ جهولٌ؛ ظلومٌ متسلطٌ على سلامتي، جهولٌ أسعى إلى عَطَبي.

ربِّ كيف أرضى بمعصيتك وقد صدَّق إبليسُ بها ظنَّه “لَأُغْوِيَنَّهُمْ”؟! أم كيف ينشرح بها صدري وقد جعلتَ انشراحه وضعَ وزري؟!

ربِّ كيف أفرح بمقعدٍ خلاف رسولك وإن قعدته؟! كيف وعيني غائبةٌ عن وجهه؟! كيف وهو في الحَرِّ من دوني؟! كيف وإبطائي أتعب روحه؟!

ربِّ حين خلعتُ ثوب حسنةٍ اطمأننتُ إلى ثوب سترٍ لم يزل يواريني عريانًا، وحين تنكَّبتُ بسيئةٍ فلِمَا عوَّدتني عند الأوْبة من كريم الوصل.

“وعزتك وجلالك لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بعفوك، ولئن طالبتني ببخلي لأطالبنك بكرمك، ولئن أمرت بي إلى النار لأخبرن أهل النار أني أحبك”.

أضف تعليق