“مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ”.
تذكير الله عبادَه القيامة -كل يومٍ سبع عشرة مرةً- بهذا الوصف من أوصافها الكثيرة العظيمة “يَوْمِ الدِّينِ” -أي يوم الجزاء والحساب- ليس عبثًا، تعالى المليك الديان عن ذلك علوًّا كبيرًا.
يذكُر المؤمنون جزاء ربهم هذا الذكر الكثير؛ فيُيسَّر لهم من الطاعات ما عسُر، ويهون عليهم من البلاء ما عظُم، ويخفُّ عليهم ثقل اجتناب الشهوات وإنها لمُزينةٌ لنفوسهم، ويستعذبون العذاب في سبيل ربهم مهما بلغ بهم، ويحلو طعم الغربة -على قسوة مرارته- في قلوبهم وعقولهم، ويعلمون أن استيفاءهم من عدوهم لا يكون في هذه الدار، وفوق هذا كله ما يرجونه من المثوبة على الإيمان بالغيب.
يا معشر الرُّكَّع السُّجود، يا أصحاب الفاتحة السبع المثاني؛ ليس يوم الدين عنكم ببعيدٍ، إنما البعيد أقصاه، يوم بعْث الخلائق جميعًا، أما أدناه فعلى مقرُبةٍ من نفوسكم، يوم يخرج منكم آخر أنفاسكم، فتلقون سريعَ الحساب ربَّكم، “لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَآءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى”.