حبيبٌ لروحي في الأسر؛ فارغٌ فؤادي من فراقه، لا أدري أين هو، ولا ما يفعل الطغاة به.
لكني أعلم أن الله بمكانه أعلم، وبحاله -باطنًا وظاهرًا- أخبر، وأنه بعينه حين لا تحوطه عيني، وفي قبضته حين لا تمسه يدي، وأنه كلما نمت -بالضعف والعجز- عنه كان حيًّا هو بقيوميته فيه، لا تأخذه عنه سنةٌ ولا نومٌ، وأنه بالغٌ من نفس أخي وحسه أمرَه ما لا يبلغ أحدٌ، وأنه على تثبيت جَنانه وتسديد لسانه وحفظ أركانه قادرٌ مقتدرٌ قديرٌ؛ ذلكم الله ربي يا كل الناس، له أسلم وعليه أتوكل وإليه أنيب.
رباه الذي ليس لنا سواه؛ آمن روعات أسرانا روعةً روعةً، واستر عوراتهم عورةً عورةً، واشرح بإيناسك صدورهم، وطمئن بذكرك قلوبهم، واشغلهم بأفراح السماء عن أتراح الأرض؛ حتى تكتب لهم -بعزة منعتك وقوتك وغلبتك- عافيةً ليس كمثلها عافيةً، وسلامةً تضاف إلى رحمتك التي لم تزل مدهشةً؛ فنسبح بحمدك ونقدس لك، ونهتف -فرحين ضعفاءَ مساكين سعداءَ-: ربنا الله أنت أنت؛ رددتهم إلى أمهاتهم فأقررت أعينهن، وجمعتنا بهم فأبهجت مُهجنا، إنك -وجلالك وجمالك- لكبيرٌ كريمٌ.