تلك الطاقة العظيمة التي تُذهبها نفسُك من قلبك -بعون الشيطان- في الندم على ذنبك؛ لو بذلتَ شطرها في حسنةٍ تقترفها بعده؛ كان أمحى لذنبك وأهدى لقلبك وأرضى لربك، “إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ”.
ما يفعل الله بمقتك نفسَك بعد عصيانك مقتًا بعيدًا؟! ما تبلغ عند مولاك بسبِّك إياها بعده سبًّا شديدًا؟!
إنه لا توبة بغير ندمٍ؛ لكنْ قد جعل الله للندم قدرًا، لا وكس ولا شطط؛ إن يكن يسيرًا كشف عن قلبٍ لمَّا يقدُر الله حقَّ قدره، وإن يكن عظيمًا أقعد صاحبه عن فعل الخير بعد الشر بما يُهدر من قوة روحه.
ذلك؛ وما يرسِّخه طول الحطِّ على النفس وشدة الإزراء بها؛ غايةٌ للشيطان قصوى؛ فإن العبد إذا كره نفسه لم ينشط في جلب منافع المعاش والمعاد إليها، ولا دفع مضارِّهما عنها، وكفى به موتًا وبوارًا.
يا حبيبي؛ كن أسرع العباد إفاقةً بعد غفلةٍ، وأنشطهم بالإحسان بعد إساءةٍ؛ ذلك شأن أولي الألباب.