#في_حياة_بيوت_المسلمين.
قال: لا أتزوج -يا أبت- حتى أرضى عن نفسي مع الله ربي، باطنًا وظاهرًا.
قال: رضيتَ عن الله ورضي عنك يا ولدي؛ إنما أنت إنسانٌ مجبولٌ على العيوب تطلب الزواج في دارٍ مطبوعةٍ على الآفات؛ فلا كمال لأحدٍ ولا تمام لشيءٍ، وإن حولك الجاهلية تنهش -برغَبها ورهَبها- في الناس نهشًا، وقد اندرس من الإسلام ما اندرس، وإنا لفي آخر الزمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يا بني؛ ليس شرط الزواج كمال النفس والدين والخلق، بل حسبك معرفتك بنقائصك فيها وسعيك في معاليها مستعينًا بالله ربك، يا بني؛ ما كنت بعيوبك خبيرًا وبذنوبك بصيرًا؛ فتزوج، يا بني؛ ما كنت معظمًا فرائض الله وحقوق عباده؛ فتزوج، يا بني؛ ما كان فيك من خصالٍ أربعةٍ (الإيثار والوفاء والاحتمال والكرم) حظٌّ طيبٌ؛ فتزوج، يا بني؛ ما كنت رجَّاعًا عن الباطل إلى الحق إذا بُصِّرت بهما؛ فتزوج، يا بني؛ ما فقهت أن الزواج عطاءٌ قبل أخذٍ وواجبٌ قبل حقٍّ؛ فتزوج، يا بني؛ تزوج.
يا بني؛ إني لأرجو بخوفك هذا أمانك مما تحاذر، يا بني؛ ليس العجب ممن يخشى قبل الزواج ألا يكون له أهلًا، بل العجب ممن لا يخشى، يا بني؛ بين الثقة بالنفس المشروعة وبين الثقة بالنفس الممنوعة شعرةٌ فتبصَّرها، ولا تكُ في الإزراء بنفسك من الغالين، يا بني؛ أبشر في زواجك بما وعد الله.