واجعلْ لقلبكَ مقلتينِ كلاهما **

واجعلْ لقلبكَ مقلتينِ كلاهما ** بالحقِّ في ذا الخلقِ ناظرتانِ

فانظرْ بعينِ الحكمِ وارحمهمْ بها ** إذْ لا تردُّ مشيئةُ الديانِ

وانظرْ بعينِ الأمرِ واحملهمْ على ** أحكامهِ فهما إذًا نظرانِ

إني لأمرُّ بشابٍّ يلتزم فتاةً بتقبيلٍ ونحوه -لا أمتري بقرائن الحال في حرمة ما بينهما- فيفور دمي غضبًا لحرمات الله وانتهاك حدوده، ثم أقول: ما أطيب هذا لو كان في حلالٍ يرضاه الله! وأشتهي لهما وصالًا على ما يحب الله، وألعن بلعنة الله جاهليةً أعانتهما على ذلك؛ ليس في هذا تبريرٌ لهما.

كذلك مرَّ بي شبابٌ يضحكون مبتهجين، فخالطني من السرور -علم الله- ما خالطني، فلما دنوا مني إذا هم يتمازحون بأنواعٍ من السِّباب بذيئةٍ جافيةٍ، فجمع الله لي بين الحنق على صنيعهم، وبين دعائي لهم بأطيب السعادة وأوفاها بطيبات الأقوال والأفعال، ولعنت طواغيت غيبوا عنهم آداب الإسلام.

لا يخلو شرٌّ من خيرٍ، ولا قبحٌ من جمالٍ، وذو الحكمة الذي سلَّم الرحمن بصيرته وبصره من العَور يشهد هذا في ذاك وإن تمازجا، لا يطغى سوءٌ في نفسه على حسنٍ فيفوته إدراكه؛ جعلني الله وإياكم منهم، وفقَّهنا هذه الموعظة عن سيدنا ابن القيم -رحمه الله- في أبياته السديدة من نونيته الحسنى.

أضف تعليق