سمعت زنديقًا منتسبًا إلى الشريعة يرقِّع كفر النصارى لهم فيقول: هذا دينٌ سماويٌّ عظيمٌ، والزنديق يعلم أن الدين عند الله الإسلام، لا نسخ في العقيدة ولا جديد، وأن ملة النصارى بين تبديلٍ وتحريفٍ.
تحسب يا زنديق أنك تبرُّ النصارى بهذا وتقسط إليهم؟! تالله لقد فجرت في ظلمهم إذ زدتهم فتنةً بالشرك إلى فتنتهم، ولتلقين ربك بأوزار ثباتهم على طريق الخلود في النار؛ إلا أن تتوب إلى الله وتبيِّن لهم.
يا أيها الموحدون؛ حق البرِّ بالنصارى والقسط إليهم أن تدعوهم إلى التوحيد بالحكمة وتجادلوهم في الشرك بالتي هي أحسن، أن تأتوا إليهم ما أتى رسول الله أرحم الخلق بهم؛ عقيدةً وشريعةً ومعاملةً.
انظروا إلى المسافة بين برودة هذا الزنديق وأمثاله في عقيدة النصارى الكفرية الشركية، وبين الحرارة التي يخلقها الله في قلوب الموحدين إذ يكشف لهم عن شيءٍ من غضبه حين حكى شيئًا من إشراك القوم به -سبحانه وتعالى- في عبدٍ من عباده! قال الله جلَّ وعزَّ: “لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا”؛ ذلك رعبٌ مطبقٌ والله! قال النصارى: إن الله هو المسيح ابن مريم، فكان جواب الله: أيها المفترون علي؛ من ذا الذي يطيق أن يدفع من أمري شيئًا؛ إذا أهلكت المسيح نفسه وهو رسولي، وأمَّه الصِّدِّيقة نفسها وهي وَليَّتي، وأهلكت من في الأرض جميعًا؟! إنها المسافة بين الكفر والإسلام، بين الجنة والنار.