حقيقةً لا مجازًا؛ تقيم الدولة الحديثة نفسها مقام الإله الأعلى تبارك وتقدَّس، وتنازعه -علا وتعالى- في ربوبيته، وفي أسمائه وصفاته، وفي ألوهيته، ويخلع عليها المؤمنون بها ما لله الواحد الأحد في ذلك بحسب ما عندهم من الإيمان بها، وهم في إيمانهم بها متفاوتون تفاوت المؤمنين بالله -سبحانه وبحمده- في إيمانهم؛ فمنهم الذين يعبدونها بأقوالهم دون قلوبهم وأعمالهم، ومنهم الذين يعبدونها بقلوبهم وأقوالهم وأعمالهم إلى مقامات المحسنين مع الله الحق، وبين الطائفتين ما بينهما من أنواع العابدين ودركاتهم.
لكَم رأينا من يدعو الناس للإيمان بها رغبًا ورهبًا، ويحملهم على الجهاد في سبيلها حتى الشهادة، ويرى لها حق الهيمنة على البواطن والظواهر، وحق المجازاة على ذلك؛ نعوذ بالله من هذا الكفر المركَّب.
لقد بات واجبًا على من يكتب في عقائد الإسلام ويعلِّم الناس التوحيد؛ أن يعرِّف بهذه الأصنام الحديثة، وأن يحذِّر الناس عبادتها، مُبَيِّنًا معنى العبادة الواسع الحق الذي يغرق فيه كثيرٌ منهم لغير الله وهم لا يشعرون، لعل المنشور بأول تعليقٍ يبسط المراد مزيدًا؛ اللهم ربنا توفَّنا على توحيدك لا شريك لك.