هذه في قلبي وعقلي عقيدةٌ مُحْكَمَةٌ؛ عليها أُشهد الله، واشهدوا.
كل مشتغلٍ بمحاربة طائفةٍ مسلمةٍ -مهما بلغ سوءهم وسيئاتهم- ما لا يشتغل بالكافرين؛ كالطواغيت، والملاحدة، واليهود، والصليبيين؛ فهو دجَّالٌ مفتونٌ؛ وإن حلف بين الركن والمقام على ابتغائه الحقَّ.
السلفيون والأشاعرة -بغير مقارنةٍ بينهم- مستحقون للرد عليهم -بعلمٍ وعدلٍ- في أبوابٍ من العلم والعمل، أما إفناء الطاقات والأوقات فيهم، ومن قومٍ دينُهم الخَرَسُ عن الكافرين إلا لَمَامًا؛ فاللهم لا.
هاهنا طفلٌ في مِسْلَاخِ رجلٍ؛ يريد إقناع الناس -بلَهَث الليل والنهار- أن السلفيين شر العالمين، وقد كان ولم يزل منهم وإن تحوَّل عنهم وهو لا يشعر؛ فإن آفات القوم -على ما عندهم من الخير- وافرةٌ فيه، يبصرها في نفسه وقوله وعمله العميان قبل البصراء؛ وإن خاتل المعتلُّ المختلُّ عنها ما خاتل.
يذكرني هذا الطفل -وهو يركض ركض السنين؛ ليثبت لشلَّة الأقدمين وشلَّة المحدَثين أنه لم يعد سلفيًّا- بحِيَل الأطفال في التخفي، يظن غير الحق ظنَّ الصغار أنه إذا بدَّل صورته القديمة خفيت عللُه.
قال قائلٌ منكم: حصرُه في “خيابات الطفولة” تخفيفٌ من غُلَوَاءِ مصائبه في الدين، قلت: اللهم نعم؛ هو مفتونٌ في دينه، يزداد نكوصًا عن الحق إلى الضلال كل حينٍ، حتى وافق من قريبٍ شيطانًا خبيثًا كتب يحرض على السلفيين: “من خالف قوانين الدولة فهو مجرمٌ؛ أبلغوا عنه”، ومن قبلُ أبلغ الحقير طواغيت بلدٍ خليجيٍّ عن شيخٍ فاضلٍ، ناهيك عن دفاعه عن “البوطي” خِرْقَةِ بشَّار وأبيه لعنهما الله.
مشكلة هذا النصاب نفسيةٌ محضةٌ، كم أشفق على الذين يُرقُّونها إلى مصافِّ المشكلات العقدية والفكرية فتشقى أنفسهم في الرد عليه! رضي الله عن البررة السافِّين عليه؛ ما لم يطغَوا أو يفحُشوا.
يا أيها الذين آمنوا؛ إن للمواجهة خارطةً أحكم الإسلام رسمها، لا يستوي الكفار فيها والمسلمون؛ فأنى يستوي محاربو الكافرين ومسالمو المسلمين؟! ألا فاقدروا مخالفيكم بحقٍّ وحُسبانٍ؛ لا تبخسوا ضلالهم وظلمهم قدْرهما، ولا تطغوا في الميزان؛ أن تزيغوا في هذا الباب زيغ من قبلكم وأنتم لا تشعرون.
قريبًا كتب الشيخ الموفق عمرو عفيفى شيئًا في “السلفيين” يصلح متنًا، قال أخي نفعه الله، ونفع به:
“- في السلفية ما يلزم تركه؛ وهو ما يسمى “فقه الدليل” ونبذ المدارس الفقهية، والزهد والتقلل من علم أصول الفقه، وعلم علل الحديث، أو الاعتماد فيهما على المعاصرين، والمدخلية وحزب النور وما شابههما.
– وفيها ما يسوغ أو الأولى تركه؛ وهو تعظيم رموز بعينها، واعتماد علماء بعينهم، في الوعظ أو الفتوى أو التعلم، والتزام اختيارات ابن تيمية الفقهية.
– وفيها ما يَضُرُّ تركه؛ وهو العناية بكتب ابن تيمية في العقائد ونقد المنطق، وكتب ابن القيم في السلوك.
– وفيها ما لايسوغ تركه؛ وهو تعظيم السلف والقرون الفاضلة ومن تبعهم بإحسان، واقتفاء أثرهم، في فهم الوحيين، وفي الصفات والإيمان والقدر والصحابة ونحوها، وتتبع طريقتهم وسيرهم في العبادة والورع وتدبر القرآن والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله، وتعظيم الشرائع والوحيين، وإيثار الحق على الخلق ونحوها.
ويلزم من هذا الأخير “العناية بالمذاهب” تعلما وتعليما، ولكن كثيرا منهم لا يلتزمه”.
بالتعليقات منشوراتٌ لصاحبكم؛ أرجو الله أن ينفعني بها ومن بلَغَت، وأن يعيذنا من الفتن أجمعين.