قال: حَلُمَ الله عليك يا أبت؛ قل لي في اسم ربي “الحليم” قولًا أذكره فلا أنسى.
قال: وإياك يا ولدي؛ حسبك في اسم الله “الحليم” إنظارُه -سبحانه- على الفور إبليسَ -لعنه الله- إلى يوم الدين؛ لمَّا سأله ذلك، “قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّك مِنْ الْمُنظَرِينَ”؛ فجعل عمُره عمُر الحياة الدنيا كلِّها من مبدئها إلى منتهاها، وهو يعلم -تعالى- علمًا أزليًّا ما الرَّجيمُ فاعلٌ في العالمين أجمعين إنسِهم وجنِّهم؛ إفسادًا لنفوسهم وعقائدهم وعباداتهم وأخلاقهم، وما يكون به في الأرض من صنوف الكفر وأنواع الضلال وألوان الطغيان وأجناس الفجور، وأنه من وراء الجاهلية كلها في الأرض جميعها إنشاءً وحركةً وكيدًا عظيمًا؛ أرأيت قتل الأنبياء والمرسلين، وإحراق المستضعفين من المؤمنين؛ فذلك بعض عمل اللعين في الأرض، وربك الله -يا ولدي- لا تخفى عليه من ذلك كله خافيةٌ، بكل شيءٍ محيطٌ وعلى كل شيءٍ شهيدٌ، وهو القادر القدير المقتدر على إهلاكه ومن تبعه من الغاوين لا يعجزه شيءٌ؛ لكنه ذو الأناة التي ليس كمثلها أناةٌ؛ لا تستفزه فظائعه مهما جلَّت، ولا تستخفه شنائعه مهما جمَّت، ولا يعجَل بشيءٍ من عقابه قبل يوم القيامة الذي جعله لهلاكه موعدًا؛ فسبحان “الحليم”!