يفعل هذا الجزء من هذا

يفعل هذا الجزء من هذا الحديث بقلبي وعيني الأفاعيلَ إخوتي؛ حبيبي يا أبي.

روى مسلمٌ -رحمه الله- عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “يجمع الله -تبارك وتعالى- الناس يوم القيامة، فيقوم المؤمنون؛ حتى تُزْلَفَ لهم الجنة، فيأتون آدم، فيقولون: يا أبانا؛ استفتح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم! لست بصاحب ذلك”.

لا يا أبت، لا يا حبيبي، لا يا سيدي؛ لقد قُرِنت خطيئتك بتوبتك، ثم قُرِنت الخطيئة والتوبة بمغفرة الله؛ فصارت خطيئتك قدَرًا مقدورًا، قامت به حياة بنيك أجمعين من ألِف الدنيا إلى ياء الآخرة، لا تُحْصَى حِكَمُ الله في ذلك ولا تُسْتَقْصَى؛ فلا تبتئس أبي الكريم؛ صلى عليك من كرَّمك تكريمًا وسلم تسليمًا.

“وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم!”؛ كم في هذه الكلمة -يا أبت- من كمالاتك البشرية وكمالاتك النبوية! كمُل أبي بشرًا فقَوِي على قولها لأبنائه -بلا ترددٍ- جريئًا بريئًا، وكمُل نبيًّا (ملأ الله قلبه عبوديةً؛ حتى لم يُبْقِ من نفسه بقيةً)؛ فقالها؛ بكمالاتك أبي أستعين ربي على كمال التأسِّي.

“وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم!”؛ هو المخصوص بخمسٍ ليست لغيره من الأنبياء؛ “إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ”، “وَعَلَّمَ آدَمَ”، “اسْجُدُواْ لِآدَمَ”، “لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ”، “وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي”؛ لكنَّ غضب الرَّبِّ في هذا اليوم ليس كمثله غضبٌ؛ فليكن خوفه منه في هذا اليوم ليس كمثله خوفٌ.

“وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم!”؛ يا أبناء هذا الأب النبيِّ النبيل؛ ألستم بآبائكم بررةً! كيف بأبيكم الأول! هلمُّوا إلى وجع أبيكم بين يدَي باريكم يوم تلاقيكم، أقِرُّوا عينه -يوم يقول لكم قِيلَه- بإيمانٍ وصالحاتٍ؛ هنالك تُبْهِجُون مُهْجته، وتغيظون عدوَّه القديم، وتدخلون تحت جَناحه الجِنان.

“لست بصاحب ذلك”؛ أَإِلى ما قبلَ الجنة بخُطوةٍ تُفيدون أتباعكم -معشر الأنبياء- حقائق العبودية على وجهها! تُعلِّمونهم بعض ما جبلكم الله عليه من رواسخ التجرُّد لوجهه الأعلى! المؤمنون مؤدَّبون بررةٌ بأبيهم يستفتحون به باب الجنة، وأبوهم آدَبُ وأبرُّ مع الله يردُّ الأمر إلى من يَعلَمه خيرًا وأزكى.

اللهم أنت ربي وهذا أبي؛ هَبْنِي يوم تبعثني إليه، وارزقني لذلك عُدَّةَ برٍّ ووفاءٍ.

أضف تعليق