لم أخجل قطُّ أن أحكي

لم أخجل قطُّ أن أحكي عن دائَين كأني وُلدت بهما؛ وسواس تنظيم الأشياء، وعُقدة الشعور بالذنب.

أما وسواس ترتيب الأشياء؛ فعندي منه مما يُضحك مثلُ ما عندي منه مما يُبكي؛ فمما يُضحك -وأنا صغيرٌ- أن والدتي كانت إذا ضربتني بالعصا ضربتين علي يديَّ؛ فتحت لها يدي لتضربني الثالثة ابتغاءَ الوِتْر، ومنه -وأنا كبيرٌ- أن صورة غلافٍ وضعتها لصفحتي هذه، ثم محوتها بعد ظهور اختلافٍ يسيرٍ بين مسافَتَي الفراغ في جانبَيها، قال لي جليسي -وهو يفور غيظًا-: دي جايبة أكتر من 1000 لايك! قلت له: ولو 10000 .. طُظْ، وحينًا يلطف الرحمن بي فلا يبالي مخي بهذا أولًا وآخرًا.

أما ما يُبكي؛ فمنه أن خطأً واحدًا في علامة ترقيمٍ واحدةٍ بمنشورٍ واحدٍ؛ قد يصيبني باكتئابٍ حادٍّ لا أطيق معه ضوءًا ولا صوتًا ولا وجهًا مدةً، وليس هو بالأمر المعقول المعنى فيُسعفني حكيمٌ بحكمته وقانيها الله وقتَئذٍ، ولا هو من ضعف الإيمان -وإن كان إيماني في كل أزماني فقيرًا إلى الله- فيُذكِّرني أحدٌ ساعتَها حقارة الدنيا كلها؛ هي علةٌ مخيةٌ قديمةٌ أشقتني كثيرًا، أعرف لها علاجًا سلوكيًّا لكنه إذا فاتني قبل الخلل لم ينفعني بعده، ولا يصلح الدواء الكيميائي خارجَ بيتي لأسبابٍ يعلمها ربي.

الحمد لله؛ ما ابتليت بالوسواس في العقائد، ولا العبادات، ولا المعاملات أن أشك في قصد أحدٍ أو قوله أو فعله إذ يعاملني؛ بل عافاني الله منه في ذلك جميعًا؛ فأما في تنظيم الأشياء فلا؛ الحمد لله.

عن الشعور بالذنب وما أجهدني في حياتي كلها نفسًا وجسدًا وبالًا ومالًا؛ حديثٌ آخر إن شاء الله.

أضف تعليق