عن الأرَق والإسهال وصَفعات القَفا

عن الأرَق والإسهال وصَفعات القَفا بأمن الدولة ووَطْأة الرأس في الصلاة؛ فائدةٌ مشترَكةٌ.

لعلَّ للأرَق الذي يمنعك النومَ سببًا غيرَ فيزيائيٍّ أغفلك عنه الشيطان؛ أن تكون سهرت في معاصي الله -من قبلُ-َ طوعًا واختيارًا؛ فأدَّبك الرحمن بالسهر -الآنَ- قهرًا واضطرارًا، فإذا تعاطيت من يد الطبيب عَقارًا لدائك تثق به؛ فإني أنعت لك دواء الاستغفار من يد طبيب الأطباء الأكبر شفاءً عجبًا.

في عَربة صديقٍ لنا كنا أربعةً؛ ساقنا موصولُ المزاح إلى ذكر أخٍ لنا غائبٍ بسوءٍ في طبعه، وهل سُمِّي مزاحًا إلا لإزاحته عن الجِد! وماذا بعد الجِد! غَشِيَنا منه -يومئذٍ- ما غَشِيَنا حتى خُضنا فيه خوضًا دميمًا أجمعون؛ لكنْ بقى خوضي في نفسي أقبحَ الخوض؛ فإني أكبرهم سنًّا، يوم لم يُغْنِ سِنٌّ عن مُسِنٍّ شيئًا، فتالله ما غادرتهم حتى دَهَمَني إسهالٌ شديدٌ؛ على الفور عرفت أنه جزاء إسهال الغِيبة الذي سال من لساني بما سوَّلت لي نفسي من التسمُّح بيني وبين الغائب، وقلت لإخواني: هذا من ذاك؛ أمسكتُ الإسهال بحبَّتين من أقراص الـ Streptoquin، ومزجته باستغفار الدَّيَّان ذي الفضل المبين.

ما إنْ فرغ قاسِطو مصرَ من تشييد “جهاز أمن الدولة المركزي” بالقاهرة أهلَها؛ حتى كنا ثالثَ زُمرةٍ أُقحمتْ ظلماتِه الملعونة مطلعَ (2002) إقحامًا، وفي ليلةٍ من لياليه التي لا أقمارَ لها؛ همَّت عصابة عينيَّ (المقطوعُ قماشُها من بطاطين عساكر الجيش الصوفية السوداء القديمة)؛ أن تسقط قليلًا، لا أقول: سقطت معاذ الله أن تستطيع ذلك؛ بل تدلَّت حتفَ أنفِها على أنفي يسيرًا؛ هرول إليَّ أمين شرطةٍ شهد حادثة تزحلقها العظيمة -أضرم الله قبرَه قبل أن تُوصَد أبوابُه عليه سعيرًا- وصفع قفاي إحدى عشرة صفعةً متتابعةً عددتها له عدًّا، ويداي -ساعتَئذٍ- مُكَبَّلتان بالكَلَبْشات خلف ظهري لا أملك لنفسي دفعًا، وقال لي -بصوتٍ رقيقٍ أندى من شَخير مطرب مهرجاناتٍ مصريٍّ-: “لمَّا تبدأ تحس ان الغُمَّاية هتنزل من على عِينك؛ تنادي فورًا على حد يِشدَّها”؛ ذهب عقلي كيف أفعل فيه لو ظفرت به، وذهبت نفسي فيمن ضربت من الأطفال ظلومًا جهولًا -إذ كنت أعلِّمهم القرآن- أحسب أني أحسن صُنعًا.

في مسجدٍ قديمٍ تقاربت صفوفه يوم كانت تزدحم بأهلها بيوتُ الله؛ كنت أصلي صلاةً نهاريةً في صفه الثاني، وفي سجدةٍ من سجداتها خطر على بالي خاطرُ سوءٍ ملأ رأسي مُدَّتها جميعًا، وكان لائقًا بمقام الله العظيم في بيته الكريم ألا يخطر مثلُه على بال مثلي، ولم يزل رأسي كذلك حتى تصدَّق ربي عليه بوَطْأةٍ من قدم رَجلٍ ضخمٍ كان يصلي أمامي وهو ينهض للركعة التالية، وقُطِع دابرُ الخاطر؛ كأني إذ لم آخذ لرأسي بحظِّه من الذي هو أعلى؛ جُعل حظُّه دَوْسَةً مما هو أدنى، “وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا”.

أضف تعليق