شِعرَ أمير المؤمنين علي بن

شِعرَ أمير المؤمنين علي بن أبي طالبٍ -رضي الله عنه- راسخًا في قلبي، بصوت رئيس الصادعين بالحق عبد الحميد كشك -رفع الله درجته- شامخًا في سمعي؛ أُذكِّر نفسي وإياكم بين يدَي هذا المنشور؛ عسى الله أن يبارك بوَلِيَّيْه عليه.

لا تخضعنَّ لمخلوقٍ على طمعٍ ** فإنَّ ذلكَ نقصٌ منكَ في الدينِ

لنْ يقدرَ العبدُ أنْ يعطيكَ خردلةً ** إلا بإذنِ الذي سواكَ منْ طينِ

فلا تصاحبْ غنيًّا تستعزُّ بهِ ** وكنْ عفيفًا وعظِّمْ حُرمةَ الدينِ

واسترزقِ اللهَ مما في خزائنهِ ** فإنَّ رزقكَ بينَ الكافِ والنونِ

واستغنِ باللهِ عنْ دنيا الملوكِ كما اسْـ ** ـتغنى الملوكُ بدنياهمْ عنِ الدينِ

إنَّ الذي أنتَ ترجوهُ وتأملهُ ** منَ البريةِ مسكينُ ابنُ مسكينِ

لئن كنت شامتًا بمسلمٍ في بلاءٍ ابتُلي به وألوذ بمَنَعَة الله رجلًا أن أكون؛ فلا أشمت إلا بمسلمٍ! يُغري ظالمه بظلمه بقبيح الصبر عليه طوعًا واختيارًا، لا أشفق عليه شاكيًا ولا أرثي له باكيًا ما دام هو المُمْكِن للطغيان من نفسه، كأنما يحلف على ظالمه -بتعيس التطامُن إليه وبئيس التحاقُر لديه- أن يُثْخِن فيه بما شاء من جَوره، متعللًا كلما لِيمَ في ذلك بشديد حاجته إلى عملٍ وعظيم فاقته إلى مالٍ؛ أولئك أكاد أدعو الله عليهم أن يسلِّط عليهم ظالميهم مزيدًا، وإني لأُسَبِّح آيةً من قرآنٍ وأُقَدِّسُ حديثًا من سنةٍ أن أُذكِّرهم بهما؛ لكني أعظُهم -بما هم فيه غارقون من سُفلية الجاهلية الآخرة- بأبياتٍ عُلويةٍ لثلاثةٍ من شعراء الجاهلية الأولى.

قال الأول:

أصونُ عِرضي بمالي لا أُدنِّسهُ ** لا باركَ اللهُ بعدَ العِرضِ في المالِ

أحتالُ للمالِ إنْ أَوْدَى فأكسبهُ ** ولستُ للعِرضِ إنْ أَوْدَى بمُحتالِ

وقال الثاني:

لا تسقني ماءَ الحياةِ بذلَّةٍ ** بلْ فاسقني بالعزِّ كأسَ الحنظلِ

ماءُ الحياةِ بذلَّةٍ كجهنمٍ ** وجهنمٌ بالعزِّ أطيبُ منزلِ

وقال الثالث:

سأتركُ ماءكمْ منْ غيرِ وِرْدٍ ** وذاكَ لكثرةِ الوُرَّادِ فيهِ

إذا سقطَ الذبابُ على طعامٍ ** رفعتُ يدي ونفسي تشتهيهِ

وتجتنبُ الأُسودُ وُرودَ ماءٍ ** إذا كانَ الكلابُ ولغنَ فيهِ

ويرتجعُ الكريمُ خَميصَ بطنٍ ** ولا يرضى مساهمةَ السفيهِ

أولى بك العزةُ فأولى، ثم أولى لك فأولى؛ “فَوَرَبِّ السَّمَآءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ”.

أضف تعليق