عن ضرورة “لا إله إلا الله” أعقابَ الخطايا:
خير صِيَغ استغفارك بعد خطيئتك ما تضمَّن “لا إله إلا الله” أو ما في معناها من مقرِّرات التوحيد؛ فإن المعاصي كلها من شُعب الكفر والشرك كما أن الطاعات كلها من شُعب الإيمان والتوحيد، والمعصية إما أن تكون تركًا لمأمورٍ به أو فعلًا لمنهيٍّ عنه، فمن ترك مأمورًا لله فقد أطاع غيره في تركه، ومن فعل منهيًّا لله فقد أطاع غيره في فعله، وهذا كله من خوادش التوحيد الكامل وجوارح العبادة المطْلقة، فناسب قول “لا إله إلا الله” متضمَّنًا في الاستغفار عقب كل ذنبٍ.
كأنما يقول العبد بلا إله إلا الله لربه: إن كان قبيح فعلي قد خدش جميل توحيدي؛ فهذا صادق قولي يشهد لك بما اطمأن به قلبي من توحيدك، ولئن أطعت غيرك في طاعةٍ تركتها أو معصيةٍ اقترفتها فجرحت عبادتي؛ فهأنذا أجدِّد عقد عبوديتي بلا إله إلا الله في أَوْبتي؛ لا إله إلا أنت المستحق لإسلام قلبي وقولي وعملي.
كما أنه لا مُوجع للروح والقلب والعقل والجسد -في الحياة الدنيا كلها- كالخطايا، ولا مُريح لها -من بلاسم الدنيا والآخرة- كلا إله إلا الله معنًى ولفظًا. تأمل قول أبي الجوزاء رحمه الله: والذي نفسي بيده؛ إن الشيطان ليَلزم بالقلب حتى ما يستطيع صاحبه ذكر الله، ألا ترونهم في المجالس يأتي على أحدهم عامةً لا يذكر الله إلا حالفًا! والذي نفس أبي الجوزاء بيده؛ ما له في القلب طَرْدٌ إلا قول: لا إله إلا الله. ثم قرأ: “وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرءَانِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا”.