خاطرةٌ في تراتيل المشارق والمغارب:

خاطرةٌ في تراتيل المشارق والمغارب:

“أصبحنا وأصبح المُلك لله”، “أمسينا وأمسى المُلك لله”، والحمد لله”.

شرَع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنا إفرادَ الله بالمُلك كل يومٍ مرتين.

المُلك قصدًا وتعيينًا يتجدد توحيد الله به ذكرًا بالقلوب ولَهَجًا بالألسنة؛ مبتدأَ كل نهارٍ، ومفتتَح كل ليلٍ، فتتذكر النفوس في أغوارها، والقلوب في أطوائها، والعقول في خلالها؛ أن المُلك كله لله، فلا احتمال للذهول عن هذه العقيدة.

المُلك الحاكمية، والمُلك الحُكم، والمُلك السلطان، والمُلك السيادة، والمُلك العزة، والمُلك القهر، والمُلك الجبر، والمُلك الاقتدار، والمُلك التدبير، والمُلك الهيمنة، والمُلك العرش، والمُلك القيومية، والمُلك العظمة، والمُلك الجلال.

المُلك بكل تمثُّلاته وجميع تجسُّداته لله الواحد الأحد، له وحده لا شريك له.

لولا ما عَلِم الله العليم الخبير من حاجة عباده أن تتجدد لهم الذكرى بهذه الصفة الخاصة من صفاته علا وتعالى؛ ما شرَع لهم ذلك كل يومٍ مرتين في سُنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ مرةً قبل مستقبَل النهار، وأخرى قبل مستهَل الليل.

إن ما يخامِر عقيدة إفراد الله بالمُلك في النفوس من غَبَشٍ، ويخالط القلوب فيها من دخانٍ، ويزاحم العقول فيها من تشويشٍ -بتسلُّط أنماط المُلك الطاغوتية الظاهرة، ومزاحمة صوره المادية الباهرة- إن ذلك كله ليتطلب مثل هذا الذكر المُسَكِّن للنفس والقلب والعقل جميعًا بهذه الحقيقة المطلقة تَرْدَادًا كثيرًا.

أفيرتاب مؤمنٌ بمالكية الله ومُلكه يلهج بهذه العقيدة نهارَه وليلَه -بعد ذلك- طرفة عينٍ في انقلاب شيءٍ من المُلك في الدنيا لأحدٍ، أو صيرورته فيها لآخَر، في أي زمانٍ ومكانٍ وحالٍ منها! إلا بمشيئةٍ ممن له المُلك في الملكوت جميعًا.

لذلك شُرع لنا نقول في إثرها: “والحمد لله”؛ الحمد لله على مالكية الله للمُلك وحده، يؤتي منه ما شاء لمن شاء، وينزع منه ما شاء ممن شاء، مبتليًا بالملوك ومن مَلكوا، الحمد لله على استئثاره بذلك أزلًا وأبدًا؛ عقيدتنا بني الإسلام.

“أصبحنا وأصبح المُلك لله”، “أمسينا وأمسى المُلك لله”، والحمد لله”.

أضف تعليق