الاستغفار جزءٌ من التوبة، مؤنته أيسر منها، فعجِّل به أدبارَ الخطايا لا تؤخره حتى تتوب التوبة النصوح، التي هي: الإقلاع، والندم، والعزم ألا تعود، والإحسان بعد الإساءة من جنسها، ورد الحقوق إلى أهلها إن تعلق الذنب بحق آدميٍّ.
الاستغفار: طلب مغفرة الله، وإنما يخاطَب الله بالقلوب أصالةً، فاجعل طلبك المغفرة منه بلسان قلبك، وليكن لسانُك آلةً مبينةً عما بقلبك؛ ذلك حقُّ طلب المغفرة، لا أن يكون قولًا بالأفواه لا حقيقة له، وكم عبدٍ أبكم يسمع الله من قلبه ما لا يسمع من لسانٍ فصيحٍ! وتأمل قول الله كثيرًا: “ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بأَفْوَاهِكُمْ”، “يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ”، “قَالُوآ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ”، “يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ”، “ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ”.
هذا حرفٌ لا يحضُّك على إرجاء التوبة فإنها واجبةٌ على الفور، وإنها اللائقة بالله ربًّا وبك عبدًا، ومن يطيق طول الشرود عن مولاه! لكنه حرف أخٍ محاذرٍ عليك أن يدْهَمَك الموتُ من قبل أن تستغفر وتتوب. غفر الغافر الغفار الغفور خير الغافرين لي ولك ما تقدم من ذنوبنا وما تأخر، وتاب علينا توابًا رحيمًا.