جوابٌ عامٌّ في داء الوسواس (إذا كان خفيفًا عارضًا)؛ لا الوسواس القهري الثقيل الدائم أنقذ الله أصحابه، جعلته بالعامِّية ليَعُمَّ النفع به إن شاء الله:
امسك الوسواس من أوله بكل قوة.
لو فلت منك أول فيمتو ثانية؛ انسى خلاص.
أول جزء من الثانية؛ مخَّك بيقول لك فيه: كذا وكذا.
هِز راسك فورًا هزة قوية؛ هيتقطع تفكير مخَّك على الفور.
لما يتقطع؛ مترجعلوش تاني بقى، مش ندْر ولازم توفِّي بيه يا رخم!
لو رجع بمزاجك أو غصب عنك؛ اقطعه بهَز راسك تاني، أو اقطع تفكيرك بأي قاطع؛ رباني كأي ذكر من الأذكار، أو بشري كحركتك في أي اتجاه.
لو راحت منك اللحظة الأولى ومشِيت ورا مخَّك؛ هيفسَّحك حرفيًّا (وحقه بصراحة.. أنا شخصيًّا لو مكان مخَّك ولقيتك سهل تتفسَّح كده هفسَّحك).
ساعتها؛ متسألنيش ولا تسأل غيري.. محدش متفرغ لنشاط مخَّك الزايد.
مهمتي إني أقول لك قبل ما تركب قطْر الوسوسة: متركبش يا صاحبي.. لو ركبت براحتك.. مليش دعوة بيك.. انت حر.. ده اختيارك.. تحمل نتيجة تفريطك في اللحظة الأولى.. النتيجة دي ممكن توصلك للشك في البديهيات.
خد مثال واقعي متكرر؛ واحد وصل لمسح ودانه في الوضوء، وهو بيتوضى على الأقل بقاله عشر سنين، يعني يقينًا موصلش لودانه غير بعد كل اللي قبلها؛ فجأة بيشك إنه ما مسحش رأسه، لو رجع خطوة لمسح رأسه؛ هيشك إنه مغسلش ذراعيه، ولو رجع لغسل ذراعيه؛ هيشك إنه مغسلش وشه، لحد ما هيبدأ الوضوء من أوله حقيقي، ده إذا ما رجعش الحمام يستنجى تاني.
الرسول عليه الصلاة والسلام هو اللي نبِّه لضرورة مسك الخيط ده من أوله: “يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتى يقول له: فمن خلق ربَّك؟ فإذا بلغ ذلك؛ فليستعذ بالله ولينته”، فبقى المفتاح هو اللفظة المعجزة دي: “ولينته”؛ حتى إن بعض العلماء كان بيقول: علاج الوسواس ترك الوسواس.
اللحظة الأولى دي في مشكلتك؛ لحظة مولانا أبو اسماعيل (الفارقة) الله ينجِّيه.
قطْر الوسوسة مبيقفش غير في آخر محطة.
يا رب تفهم طبيعة مشكلتك كويس، وتسمع الكلام.
مفيش إجابة شرعية ولا منطقية هتقنع مخَّك؛ فمتنخورش عليها من حد.
أي محاولة للإجابة على أي تساؤلات لمخَّك في حالته دي؛ عدوان كبير عليه.
مخ الموسوَس بيكون مهيبر ومهنِّج لوحده، فالمعلومات بتضره مهما كانت قليلة، حتى لو معلومة واحدة، وحتى لو معلومة شرعية؛ بل ممكن الشرعية تربكه أكتر من جهة إحساسه بمسؤوليته تجاهها مع عجزه عن مطاوعتها.
بالظبط زي أي كمبيوتر أو موبايل هنِّج لأي سبب؛ الضغط على أي مفتاح بأحسن قصد في الدنيا غالبا بيزود التهنيج.
اللي هتسأله عن الوسوسة فهيجاوبك شرعيًّا؛ يبقى هو مش فاهم طبيعة المشكلة مهما كان علمه الشرعي، وده ملوش أي علاقة بالشريعة نفسها.
اللي هيجاوبك عقليًّا ومنطقيًّا؛ هيظلمك كمان؛ لأن مشكلة الموسوَس وإن كانت بتبدو منطقية من حيث الشكل والصورة؛ إلا إنها مشكلة نفسية مخِّية.
لو إيدك بتترعش رعشة مَرضية موصولة؛ مفيش حل آلي ليها (بعيدًا عن الحلول الطبية)؛ غير إني أقفشها جامد جدًّا فأمنعها من الحركة.
المخ كذلك في وضع الوسوسة؛ بيكون في حالة ارتعاش وقلقلة وتذبذب واضطراب، فمفيش حل في الدنيا غير إنه يتقفش قفشة جامدة ومرة واحدة.
أي تراخي أو استرسال معاه مُهلِك ليه؛ سواء من الموسوَس أو من اللي بيتعامل معاه في مشكلته بقصد المساعدة وهو مش فاهم طبيعتها.
مشكلتك نفسية بالدرجة الأولى، ومخِّية في الدرجة التانية، ولو كبرت معاك لازم دكتور وكيميا، وده شيء عادي ميخضش، والكيميا متفاوتة الأنواع والآثار، باختلاف طبيعتها وطبيعة المريض، وكتير بتكون لفترة وخلاص متقلقش.
لو عالجتها معرفيًّا بفهم الكلام ده أو غيره، وسلوكيًّا بإنك متسترسلش معاها ولا أقل من لحظة، وتحرك دماغك (أو تفصل بأي فاصل.. المقصود قطع سيلانك الذهني)؛ هتستغنى بفضل الله عن العلاج الكيميائي ومشوار الدكاترة.
هل للشيطان دور في مشكلة الوسوسة؟
الشيطان مش موجود في الأرض حضرتك عشان حد غيرك، فاستغلاله أي ثغرة نفسية أو عاطفية أو جسدية أو عقلية أو فكرية أو اجتماعية أو إيمانية فيك؛ ده أكل عيشه الطبيعي جدًّا في حياتك، وسؤالك ده بينرفزه جدًّا.
الشيطان بينفخ في المشكلة النفسية المخِّية دي، وبيزودها لأغراضه المعلومة، وتأثيره في الجانب الجسدي في الإنسان حقيقة شرعية وقدرية ليها شواهدها، زي استحاضة النساء كده، وكده بيدخل بُعد تاني في المشكلة على الخط.
الكلام إذا نفع الموسوَس؛ فهو المحدَّد المحدِّد.
عزو الوسوسة للشيطان بس غلط، وتبرئته منها غلط.
للموسوَس الأخذ بأيسر أقوال الفقهاء في مساحة وسواسه.
إذا كان التيسير سمْت عام للشريعة؛ فهو بزيادة جدًّا للموسوَس.
زي ما نبهت أول المنشور؛ الإجابة دي في الوسواس الخفيف العارض.
قال الحسن البصري لموسوَسٍ: “توضأ وصلِّ؛ ولو رأيت البول على فخِذِك”.
قال ابن رجبٍ: “الظاهر من أفعال المكلفين للعبادات أن تقع على وجه الكمال”؛ فشَكَّك في عبادتك اللي متعود عليها -إذا كنت موسوَس- محض أوهام.
لو وسواسك طوِّل أو غمَّق عياذًا بالله؛ فانت محتاج تشوف هل وراه مشكلة نفسية (اكتئاب أو فصام أو قلق أو غيرها)، أو مشكلة جسدية مش منتبه لها، أو منتبه بس مش متخيل تأثيرها في الوسواس، أو مشكلة بيولوجية في كيميا دماغك، أو مشكلة جِينية وراثية، وتتحرك باتجاه المعالجة بالرجوع لطبيب مسلم (مش علماني)، ربنا يعتَّرَك في واحد ابن حلال لو راجل ويعتَّرِك في واحدة بنت حلال لو ست، ومحتاج تقرَّب من ربنا على أد ما تقدر؛ تدعيه بصدق إنه يعافيك، تتعوذ بصدق من الشيطان المستغل لمرضك، تِجرَّد تفويضك وتوكلك، تِراجع ولاءك وبراءك، الصدقة سرًّا، استغفار وحوقلة وصلاة على النبي وآيات الشفاء والسكينة. ده ركن في العلاج أصيل لازم تعتقده، انت مش كائن الإلحاد المادي بتاع معادلات الكيميا والفيزيا اللي ملهاش حد يسأل عليها، وبرضه امسك أول خيط الوسواس لو لسه ليك فرصة. قلبي معاك ودعائي ليك يا اخوي.