تعرفون سُرادقات العزاء هذه!
تالله ما أوحى شيطانٌ إلى أولياء ميتٍ مكرًا به عند الله؛ بشرٍّ منها.
لا تزال تأخذ من أولياء الميت أموالهم وأوقاتهم وكَدَّهم، ينفقون عليها ابتغاء المباهاة وعلى الشيوخ الأثَمَة النصَّابين القارئين فيها القرآن يطفحون به، والميت في قبره مستغنٍ عن هذا كله لا ينفعه مثقال ذرةٍ؛ بل يضره غاية الضرر إذ لا يُبقى له من أوليائه إلا نُخَالَة الكَدِّ والوقت والمال ينفعونه بها.
ينصرفون بعد الفراغ منها وقد رضوا عن أنفسهم بما بذلوه كما لو كان من أموالهم، وكأنهم حَجُّوا عنه واعتمروا، ولو قضى الله للميت المسكين خروجًا من قبره دقيقةً لسجد في شطرها سجدةً، وقال في شطرها لهم: اتقوا الله في؛ دعوا ما يضرني، واعملوا ما ينفعني، ما أغناني هنا عن تكاثر أهل الدنيا!
خير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ولو كان في ذلك خيرٌ لأتاكم به هرولةً، قد كان يذكر الموتى بليلٍ -فداؤه آباؤنا وأبناؤنا- فينهض من فراشه يزورهم فيدعو لهم ويستغفر. أفيَعلم رسول الله فيما يفعل الناس اليوم خيرًا لميتٍ مسلمٍ؛ ثم لا يحض عليه! بئس ما صرنا إليه بعد ما كنا عليه.
لعل المُصِرِّين على ذلك يرتقبون إنكار موتاهم بأنفسهم؛ ليفقهوا.
يا حبيبي؛ أليس الشرع بكافٍ!