قال: لا حرمني الله مرحمتك؛ تحدثني نفسي كثيرًا أن الله لن يهديني بما أستحق!
يا حبيبي؛ كلما حدثتك نفسك -حائرةً عاجزةً- بذلك؛ فحدثها أن الله هدى عمر بن الخطاب وهو غادٍ لقتل أكرم أنبيائه عليه، وهدى خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهلٍ وقد فعلا بنبيه وأصحابه -يوم أحدٍ- الأفاعيل، وهدى عمرو بن العاص وقد سافر إلى الحبشة حربًا عليه في أوليائه المستضعفين يؤلِّب النجاشيَّ عليهم، وهدى غيرهم -سابقين ولاحقين- بعد فظائع شنعاء اقترفوها؛ تلك آيات الله.
يا حبيبي؛ آيات الله في الهداية إلى الحق أعجب من آياته في بدائع الخلق، ولو وُكِل أمرك إلى ملكٍ سواه لكان حديث نفسك إليك هذا ضرورةً من ضرورات عقلك؛ لكن أمرك موكولٌ إلى ملكٍ ليس كمثله ملكٌ، وقد وسعت رحمة هذا الملك كل شيءٍ، وإن هدايته أعظم ما في رحمته، ففيها من سعة الرحمة ما فيها، وقد خلقك لتسعد، فما يفعل بعذابك إن شكرت وآمنت! ظُنَّ به ما ينبغي له.
يا حبيبي؛ أنت صنعة الله، والله أولى بما صنع بدءًا وانتهاءً، فلا تسئ الظن بالله.