يا حبيبي؛ إذا حدثتك نفسك

يا حبيبي؛ إذا حدثتك نفسك بمشقة الصيام؛ فقل لها: يا نفسُ؛ إنِ الصومُ إلا امتناعٌ لله، وكم منعكِ الله معاصيه فلم تمتنعي! فتنعمي أَنْهُرَ ‍رمضان بامتناعكِ عن المباحات لوجه ربكِ ذي الجلال والإكرام، لعل الله إذا نظر فشكر؛ غفر ما لم تمتنعي عنه من سوالف الحرام، وإذا حدثتك نفسك بطول القيام؛ فقل: يا نفسُ؛ إنِ القيامُ إلا صبرٌ لله، وكم ألزمكِ الله الصبر في طاعاته فلم تصبري! فتمتعي لياليَ ‍رمضان بالصبر “مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ”، ولا تعْدِي عنهم تريدين زهرة الحياة الدنيا، لعل الله إذا نظر فشكر؛ غفر ما لم تصبري عليه من سوابق الخيرات، وإذا حدثتك نفسك بجَهد تلاوة القرآن؛ فقل: يا نفسُ؛ إنْ تلاوةُ القرآن إلا وصولٌ إلى سِدرة المنتهى، ودخولٌ في حظيرة القدس، لكنكِ لجفاف الجفاء لا تذوقين، ولئن لزمتِ باب الذل فستدخلين، ولئن شهدتِ مباهج الأنس لا تغيبين، يا نفسُ؛ كم نظرت عينكِ إلى مغاضب الله! وكم جال قلبكِ في معاطب الفتن! فتلذذي بما جاد الله عليكِ به في أَنْهُر ‍رمضان ولياليه بتدبر آياته، لعل الله إذا نظر فشكر؛ سَدَّ بالقرآن خَلَلَكِ، وشفى به عِلَلَكِ، وهداكِ به هدًى لا ضلال بعده، يا نفسُ؛ كيف تصنع بكِ هذه الآية كلما مررتِ بها “أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ”! ‍آهٍ و‍آهًا وأَوَّهْ وأَوَّ‍اهُ وأَوَّتَ‍اهُ ووَ‍اهًا، يا نفسُ؛ ممَّن حولكِ من المحبين مسابقون، وإني أغار ألا يكون لكِ بين مراكضهم حُظوة ركضةٍ إلى رضوان الله أكبر، أفيَصِلون وتنقطعين! ويسعدون وتشقين! ويحكِ حبيبتي! كم تبعتكِ فتعبتُ! وأرحتكِ فلَغِبْتُ! فالعامَ العامَ نبلغ “لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”، والشهرَ الشهرَ ندخل في “لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”. يا حبيبي.

أضف تعليق