سبحان الله يا جماعة! مفيش

سبحان الله يا جماعة! مفيش في الوجود شر محض لا خير فيه.

من الأمور اللي أسعدتني على المستوى الشخصي جدًّا؛ إظهار بعض اخواتي إنكارهم للي عملته من الكلام في المصيبة دي على الملأ مما أحمد الله عليه؛ فمنهم من جاد علي بتعليقٍ عندي رافضًا ما فعلت كلَّه، ومنهم من أنكر بعضه، ومنهم من بالغ في الإحسان إلي فكتب منشورًا يُسَجِّل عند الله فيه شدة اعتراضه على ما فعلت؛ فالحمد لله بما فعلوا مهما كنت لهم مخالفًا.

ممكن تستغربوا كتير لو قلت لكم: ببقى نفسي كتير أعمل إعجاب بل قلب كمان لكلام حد من اخواتي وانا مش مقتنع بيه أو ببعضه، فقط من فرط فرحتى بالمعنى ده؛ معنى شيوع الاستدراك والنقد والإنكار بين أهل السنة.

(الصدق الباطن، والعدل الظاهر، والعلم الحاكم لهما)؛ مفيش شروط أكبر ولا أكتر من كده -يا اخوي- واجب توفُّرها فيك عشان تنكر الغلط على أي حد، وطالما الغلط ده حصل في العام فانكره في العام؛ في تعليق، في منشور، ولا يهمك؛ ما خلاص اتفقنا إن هي دي شروط الإسلام بس عشان تنكر.

لعل بعض اخواتي الكبار يقول: بس ده ممكن يجرَّأ الشباب على الشيوخ، وده كلام عمري ما فهمته ولا عايز افهمه لحد ما اموت؛ مقام الكبير محفوظ لا شك، سواء الكبير سنًّا أو علمًا؛ فكيف إذا جمع الله له بينهما! ولازم نفضل فاكرين كلمة سيدنا علي رضي الله عنه: خبر الشيخ أصدق من مشهد الغلام.

لكن لازم نفضل حذرين جدًّا من الغلو في كده؛ على حساب الحق والحقوق.

أنا اتربيت على إيد والدتي الست العظيمة آسية محمود، وعلى إيد اخوالي الأربعة ربنا يرحم الحي منهم والميت؛ منهم الشيخ الجليل أبو إسلام أحمد عبد الله شقيق أمي الكبير ربنا يصبَّحه بالإسلام والتوفيق، ومنهم خالي محمد عبد الله -وده كان خالي وصديقي- ربنا يفك أسره وأسر كل الأحرار، وعلى إيد المشايخ رفاعي سرور وعبد الله السماوي ربنا ينور قبورهم، ومن طفولتي بحضر دروس الشيخ العلَّامة الفقيه الضخم محمد عبد المقصود ربنا يصبَّحه بكل خير في كل شيء وكل حبايبه، وعمو الشيخ الولي الصالح السيد العربي ربنا يمتعه بالإسلام والقوة صديق والدي تقبله الله شهيدًا، وغيرهم كتير مقدرش أُحصي الأكابر أصحاب الفضل علي؛ المهم إني معرفتش بأي درجة بين كل دول الجو الغريب اللي كان في مدارس تانية سلفية أو إخوانية أو غيرها؛ جو تقديس الرموز ده! ربنا يطهر حياتنا كلنا منه عشان خاطر الإسلام.

محدش هيقرأ العبارة اللي فاتت دي وحاله كده وهيعترف بيها غالبًا للأسف، وعلى طول هيقول اللي بيتقال لنا طول النهار: المشايخ دي أخبر بالحق منكم، وأعظم عطاء للإسلام منكم، وانتو عملتوا إيه عشان تعترضوا عليهم!

يا بيه مش بكلمك في مسألة خلافية؛ بقول لك: شيخك خاربها في المُجْمع عليه، والحمد لله اخوك عارف المُجْمع عليه من المختلَف فيه، وحافظ كلام الأصوليين في عدم الإنكار على مخالف، وبالذات ان كلنا مقلِّدين، فكل المشروع ليك في المختلَف فيه إرشاد اخوك إلى شيخ ليه أهلية الإفتاء؛ ميكونش عبد طاغوت زي علي جمعة، أو عيِّل خ.. زي الأزهري الحنبلي.

لسَّاك بتشتم يا شيخنا! أنا حقيقي بيوحشني النداء بيا حمزة، ثم انا اخوك اللي ممكن يشتم اللي يستاهل الشتيمة طالما مضطر ليها مش بشتم عالفاضي والمليان، وفي العلن قبل الخفاء عشان مبعرفش امثِّل، وعشان مش مشغول بصورتك عني تمامًا، إنما المُصَوِّر الله؛ فإذا علمتُ من دينه جواز لفظٍ كهذا في موضعٍ كهذا؛ قلته ولا أبالي، ثم انت مشكلتك مع الشتيمة مش شرعية ولا منطقية ولا أخلاقية على فكرة؛ انت مشكلتك معاها نمطية بس.

بدليل إن شيخك عادي يعرَّض للطواغيت ببيت شِعر أو بعبارة فصيحة؛ لكن الجريمة اللي لا تُغتفر إنه يقول لفظ رهيب زي ده، وبطمنك يا غالي على شيخك؛ لو عمل كل بلاوي العالمين مش هيشتم الشتيمة دي طول ما هو ملتحي ولابس شال فاطمن؛ لأنه لو عمل كده هيبقى معناه خروجه عن النمط، والمُعرِّف النفسي اللي بيستمد بقاؤه منه هو النمط؛ النمط النفسي.

رضي الرحمن عن النبيلة والدتي؛ كانت بتوديني سنة 87 براعم الإخوان وبراعم الجماعة الإسلامية وبراعم السلفيين، ولما نسافر البلد تسيبني مع إخوة التبليغ والدعوة، كانت عارفة إن أي بيئة إسلامية من أي نوع مفيش مقارنة بينها وبين بيئة الشوارع أو الفراغ، وطلعت لا سلفي ولا إخواني ولا تبليغي، وصحيح متصنف جهادي ولي الشرف؛ لكني عمري ما انتميت لجماعة، واتسجنت سنة 2002 مع حزب التحرير الإسلامي بتاع الشيخ النبهاني مواليد 1914 سنة ميلاد الشيخ الألباني رحمهما الله؛ فاختلطت بناس تانية ليها فكر تاني واستفدت بالتجربة جدًّا، وكانت علاقتي في السجن بكل اخواتي علاقة جيدة.

عمْر مخالطتي لحد من دول كلهم وغيرهم؛ خلِّتني اقتنع بغلط موقن بيه؛ بل ولا خلِّتني مقولش وجهة نظري بقوة قدامهم، وكنت -ولا أزال- بختلف اختلاف كبير وصغير وفي النص مع كل دول من غير معاداة؛ على مستوى الدراسة كده، وعلى مستوى المساجد كده، وعلى مستوى الجيران كده.

من الطرائف الظريفة؛ إن فرح اختي الكبيرة كان في مدرسة الرضوان الإسلامية أكبر صرح تعليمي إخواني في مصر أيامها، وده كان سببه شغل عمي الراحل الكريم الجميل إبراهيم محمود أبو زهرة -الله يرحمه- مع الإخوان في المدرسة دي، وعمي كان أخ من إخوة الجهاد في أواخر السبعينيات، وحضر الفرح سيدنا الشيخ الجليل جمال عبد الهادي الله يحفظه، والشيخ السيد العربي اللي من أنضف سلفية في العالم؛ (سلفية العظيم محمد عبد المقصود، والعظيم فوزي السعيد، والعظيم حسن أبو الأشبال، والعظيم نشأت أحمد)، ربنا يرحم الحي والميت والأسير، واللي بالمناسبة ياما بعت رسايل للشيخ محمد عبد المقصود أيام زعله من شيخ الأحرار البصير حازم أبو إسماعيل، وكان زعل الشيخ منه الفترة دي بسبب درجة من التأخون حصلت للشيخ العظيم يومئذ، وكنت براسله برسايل مؤدبة بس قوية، وبنقل فيها كلامه اللي محدش علمهوني غيره، وكان بيُرد علي، ثم كان بطلًا كعادته واعتذر على قناة الناس للشيخ حازم ساعة دعوته الناس للنزول قدام مدينة الإنتاج الإعلامي.

يا نهار مش فايت! نسيت اقول الطريفة اللي حصلت في فرح اختي الكبيرة الله يصبَّحها بكل خير؛ كان منوَّرنا فيه ومكتَّرنا أخوات من الإخوان، وأخوات من الجماعة الإسلامية، وأخوات سلفية، وأخوات من الأزهر، وأخوات غيرهم كتير، فكانت أخوات الإخوان بيغنُّوا لها في فرحها: ويا حَسن البنا * ويَّاك عالجنة * مصطفى مشهور * ويَّاك على طول، وكان مصطفى مشهور لسه والي منصب المرشد العام للإخوان المسلمين بعد وفاة ابو النصر الله يرحم الجميع، وأخوات الجماعة الإسلامية بيغنُّوا لها: عمر يا عبد الرحمن * يا مزلزل عرش الطغيان * بلِّغ عنا في كل مكان * مصر هتُحكم بالقرآن، كان ناقص أخوات مسجد مولانا الشيخ فوزي السعيد يغنُّوا لها: يا فوزي يا سعيد * يا مأسِّس جامع التوحيد * حقُّ الله على العبيد، والدنيا كانت بينا وبين كل الناس عالْ.

كان بيعلِّمني في براعم الإخوان الدكتور منير جمعة الله يصبَّحه بكل خير ويهديه، وهو ميفتكرنيش لكني مش ممكن انساه؛ استفدت منه جدًّا، وياما صيِّفت مع الإخوان في الاعدادي؛ مع عصام العريان -الله يتجاوز عنه- وغيره، وأما الدكتور الإخواني الولي الصالح حسين الدُّرج أستاذ البلتاجي، الله يرحم الأول وينجِّي التاني ويسامحه؛ فاتكلمت عنه في منشور سابق بشيء من التفصيل؛ كانوا بيعلِّمونا ويرفَّهوا عنا وهم عارفين إن احنا عيال الأسرة الفلانية فمش طمعانين في أخونتنا، ومن الطرائف اللي حصلت مع الدكتور منير جمعة وانا عيِّل صغير؛ كان بيطمن على أختي الكبيرة فقلت له: لبست النقاب وقعدت من التعليم وبتكمل بقا في البيت دراسات تانية، (هو انا مقلتلكوش اننا من أسر زمان المتخلفة اللي كانت بتطَّلع بناتها من التعليم بعد الابتدائية، بس مكُناش بننسب اختيارنا الأسري ده للإسلام؛ بل بيفضل مجرد اختيار أسري)! وكنا عكس بيت عمو شيخ المشايخ رفاعي سرور اللي احنا متربيين فيه من قبل ما نتولد، ومن بنات الشيخ طبيبات أد الدنيا وأكبر من الدنيا ربنا يصبَّحهم بكل خير، ومع هذا ده كان اختيارنا اللي لسه مكملين عليه للأسف الشديد جدَّن؛ المهم قال لي ودمه زي الشربات: وهو النقاب فرض؟ قلت له: طبعن، قال لي بينكُشني: مين قال كده؟ قلت له بالفُم المليان: أمي وخالو مراد، وللأسف تبسم لي بس من غير أيُّتها إذعان للإجماع اللي حكيته بنفسي 🙁 ؛ إجماع أمي بذات نفسها وخالو الشيخ مراد كمان؛ بس عادي بقا، ما أشد الغربة!

سنة 95 كنت في بيت عمِّنا رفاعي سرور الله يديم علينا بركاته، وواحد من رموز الإخوان خبَّط عليه عشان يشاركهم وقفة انتخابية باين، ودي سماجة منقطعة النظير، المهم الشيخ قال له كلمة مراحتش عن بالي أبدًا؛ قال له (بصوته اللي محدَّش يعرف يقلِّده أدِّي، وأصوات كل مشايخ الجيل ده): يا أخ فلان؛ لما حضرتك ترفع يافطتك أنا منزِّلهاش؛ لكن لا يمكن اقف معاك تحتها لأن انا ليَّ يافطتي! مزِّيكا يا جدعان، وكل كلمات الشيخ متون محتاجة شروح.

شيخ المشايخ ده اللي كتب في كتابه الفريد “التصور السياسي للحركة الإسلامية” عبارته النورانية “لا صراع مع مسلم”؛ لا صراع مش لا خلاف، يعني قشطة نختلف ونتخانق أحيانًا؛ بس طاقة عداءنا وبغضاءنا تفضل تتصرَّف في مجراها اليتيم (أعداء الإسلام)؛ اللي ربنا يبلَّغنا منازلهم في الولاء والبراء.

بقول الكلام ده وانا ببرأ إلى الله من منهج الإخوان في التغيير، ومن منهج السلفيين في التغيير؛ لكني عمري ما عاديتهم، ولا شايف -بعقلي الطفولي اللي ربنا يحْرِمه نعمة الكِبَر لحد ما اقابله- إن فيه تعارض بين ده وده.

كنت أناكف اخواتي في الإخوان طول العمر إن الشيخ الحسن البنا حسن البنا -اللي بحبه أكتر من السيد القطب سيد قطب في جانب عظيم من الجوانب، وبحب سيد عنه في بقية الجوانب- لو بُعِث من قبره مش هيعرفكم من نوع وكم وكيف الفوارق بينكم وبينه، وأناكف اخواتي من السلفيين طول العمر إن الإمام المجدد الألباني محيي السُّنة وحلقة الحديث الكبرى في زماننا التالية لحلقات علماء الحديث قبله في تاريخ الأمة؛ مش ممكن يكون فقيه إلا بالدِّراع، وإن الشيخ المجدِّد الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله ورضي عنه- لا يمكن يكون شيخ للإسلام إلا بالدِّراع، ونفضل نناكف في بعض وبكل احترام.

مش عايز اطول عليكم بس يا جماعة 😛 ؛ فهختصر فكرة المنشور اللي أصلن مش فاكرها، لأ ومنمتش كمان من كام يوم ولا لحظة عشان المصيبة ايَّاها، فممكن لما انام واصحى اكتب منشور اعترض فيه على كل كلام الأخ حمزة صاحب المنشور ده، اللي لو مكانكم مش هقرؤه أبدن، وفُتُّكم بعافية.

أضف تعليق