عتب علي أحبةٌ في أمورٍ؛

عتب علي أحبةٌ في أمورٍ؛ فأنا أستعتبهم بهذا الحرف ذليلًا عليهم.

كيف تقول بجواز انتخاب أردوغان؛ ولم تزَل تقول فيه بالقسط ما تقول!

يا حبيبي؛ قلت ما أدين الله به في شأنه؛ كما كنت أقول في انتخاب مرسي تجاوز الله عنه، بَيْدَ أني لا أرفع للرجل رأسًا إلا في جنب من لا يُقايَسُ بهم حالًا ومآلًا، ولست بجناياته الجَمَّة جاهلًا ولا عنها ذاهلًا، ثم إني لا أسترضي بحرفي مفرِّطًا أو مغاليًا فأرِح روحك؛ فأما المفرِّط فليَبقين هائمًا فيه وإن اقتضت حكمة الرجل السياسية يومًا أن يُسْلِم الإسلاميين للسيسي، وأما المغالي فما لم تقل دُبُرَ كل صلاةٍ ثلاثًا وثلاثين: أردوغان كافرٌ؛ فإنه لا يرضى؛ فأُفٍّ وتُفٍّ.

كيف تصف الطاعنين الإمام أبا حنيفة كالخليفي وغلامه؛ بالزندقة!

يا حبيبي؛ الزندقة: النفاق الأكبر، أو تكرار الرِّدَّة، أو إحداث الداهية الدهياء في الإسلام، وليس بين السماء والأرض زندقةٌ إن لم تكن هذه الداهية الدهياء زندقةً؛ طعنُ الحقراء على إمام المسلمين الأعظم سيدِنا أبي حنيفة، وشافعيِّ الأمة الأجلِّ إمامِنا النووي، وعلى أئمةٍ أشعريين -من الذين مهما خالفوا السلف في قليلٍ أو كثيرٍ- فإنا حافظون منازلهم العَلِيَّة في أبوابٍ من العلم والعمل لا تُحصى، بل في أبوابٍ من العقائد هم في إصابة الحق بها متفاوتون، وليس حِفظنا مقامات أولئك السادة تطوُّعًا نحسن به إليهم ولا تبرُّعًا نمنُّ به عليهم، بل هو القسطاس المستقيم الذي غيره جَنَفٌ وحَيْفٌ وجَوْرٌ وظلمٌ وهَضْمٌ وبغيٌ وفسادٌ في الديانة عريضٌ؛ فاللهم لك الحمد جزيلًا وعليك الثناء جميلًا.

كل ذلك والإسلام يحاربه كلَّ طرفة عينٍ كفارٌ أصليون ومرتدُّون ومنافقون حربًا عالميةً ليس كمثلها حربٌ في تاريخ السماء وجغرافيا الأرض، ولو كان أولئك الأنجاس صادقين في نصرة الدين؛ لشغلوا أنفسهم والمسلمين بجهاد أعداء الملة طواغيتِ العرب والعجم بما يستطيعون، لكن ربي كما يهدي لنوره من يشاء فضلًا؛ يترك في الظلمات من يشاء عدلًا؛ به نعوذ أن نضل ونخزى.

وإن تعجب أخي؛ فعجبٌ انتساب هؤلاء الشُّذَّاذ إلى شيخ الإسلام ابن تيمية قدَّس الرحمن روحه ونوَّر ضريحه! واليقين أنه ما رُزِء الأشاعرة وسواهم ممن نهجوا في تقرير العقائد والذَّود عنها نهج المتكلمة المبتدعة؛ ما رُزِئوا بمِثل الإمام، من يوم كانوا إلى يوم لا يكونون ولا نكون، وقد كان الشيخ يُكِرُّ عليهم أشد الكُرور في نوعٍ وكيفٍ وكمٍّ، ثم هو -على ذلك- يحفظ أقدارهم في العلم والعمل، ويترضَّى عن جمهرةٍ من كبارهم، ويُقرِّر الفروق بين متقدميهم ومتأخريهم، والفروق بين الحكم العامِّ في بدعتهم وبين الحكم على آحادهم من جهة الجهل أو الخطأ أو التأويل أو التقليد، وليس هذا الميزان تيميًّا اجتباه شيخ الإسلام، بل هو ميزان الوحيين الكتاب والسنة، لا يزيغ عنه إلا هالكٌ.

يا حبيبي؛ أخوك لا يفعل فِعل الشيخ الدَّدو إذ يقول لسانُ حاله للطائفتين: سُكَّر مرشوش في طبق منقوش ** العبوا مع بعض متتخانقوش، بل أعرف وزن الاختلاف الكلي بين السلف وبين الأشاعرة، بل أقول: إن حفظ هذا الاختلاف -بوزنه بين أهله- فريضةٌ علميةٌ، لكن حاشَ لله أن أستطيل وأستعرض فأُصَرِّف قوتي الغضبية وقُوَى من يقرأ لي أو يسمع؛ في الأشاعرة، بل فيمن هم أبعد منهم عن أصول السلف العقدية كالمعتزلة وأبعدَ منهم؛ مَعاذ الإله.

يا صديقي؛ إنما يُحارَب الأشعري إذا كان قبوريًّا؛ كما يُحارَب السلفي إذا كان قصوريًّا، فمن حارب الأول لمُجَرَّد أشعريته كالخليفي أو حارب الآخر لمُجَرَّد سلفيته كالحنبلي؛ فهو مفتونٌ فتَّانٌ، ومرحبًا بالخلاف بعد ذلك ومربحًا.

كيف تصف محمدًا الأزهري الحنبلي؛ بأنه خ..!

يا حبيبي؛ ليس هذا قذفًا فلا تُشغِّب، بل غايته الطعن على رجولته، وهل يكون المُرقِّع للقصوريين والقبوريين يقظانَ نائمًا رجلًا! ثم إن هذا اللفظ الفذَّ كاشفٌ عن حقيقة عِلَّته في معاداة أهل السنة، أمراضِه المهتوكةِ لكل ذي بصرٍ، ثم إن الخ.. -سوَّد الله وجهه- يسب أهل السنة -كلَّ تبوُّلٍ وتغوُّطٍ في صفحته وحيث يتخلَّى- حتى يجعلهم في الدنيا خوارجَ وفي الآخرة مقبوحين، وليَبقين كذلك حتى يغفر له مواليه الجُدد سلفيته القديمة ويقبلوا توبته، وإلا فأنت ترى من هم أشد بغضًا لأهل السنة منه لا يعادونهم عداوته؛ فدعوني لهذا العرص أنعته بما هو أهله، وانزلقوا أنتم لمواجهته علميًّا صائنين أنفسكم الشَّمَّاء عن أوحالي، وما أقوله فيه أقوله في خليله المرزوقي، غير أن الأزهري الخ.. أخف من المرزوقي نفسًا وأطيش عقلًا، فهو ناعقٌ بخبائثه أنَّى شاء لا يبالي.

لكني أستغفر خير الغافرين من لفظٍ قبيحٍ كتبته من قريبٍ في تعليقٍ، ما كان ينبغي لي كتابتُه بحالٍ؛ فاغفر اللهم لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر.

يا حبيبي؛ إني بحمد الله لا بحمدي رفيقٌ بالمسلمين طبيعةً وديانةً، وما أغلظت إلا على الإخوان لشدة تفريطهم، ثم على حزب الزور لشدة خيانتهم، ثم على الغلاة لشدة غلوهم، ثم على القصوريين والقبوريين، ثم على سبَّابي الأئمة، ثم على فتَّاني النساء؛ أولئك لأليم السِّباب مستحقون، وما ألسنتنا إذ تُسَوِّد وجوههم بأشد من جَلد ظهورهم بالسياط؛ لو كنا بالإسلام محكومين.

لِم انتصرت لنفسك حين أساء إليك أحمد عبد المنصف!

يا حبيبي؛ وهل على مكافئ الجاني ببعض ما يستأهل من سبيلٍ! إنما السبيل على مثل هذا الوغد بما قال، ولئن عاد وأشباهه إلى مثل هذا؛ لأقولن فيهم ما هو أشد وأنكى؛ أقبوريةٌ وطغاةٌ! سبحانك اللهم هذا عدوانٌ عظيمٌ.

كيف تدعو على مسلمٍ؛ أن يعذبه الله أو يحرقه!

يا حبيبي؛ كما يدعو كل مسلمٍ بأغلظَ من هذا على هاتك العرض أو سافك الدم مع كونهما لا يكفران اتفاقًا؛ فبأي شيءٍ أدعو على السائقين زُمَرًا إلى جهنم بتطويع نفوسهم للقصوريين والقبوريين؛ آناء الليل وأطراف النهار!

أليس أولى لك فأولى؛ ألا تكتب وأنت غضبان!

يا حبيبي؛ أنا لا أكتب حين أشاء، بل حين تشاء الكتابة أكتب، وما أشاء ولا الكتابة إلا أن يشاء الله رب العالمين، ما استطعت أن أكتب قاصدًا قطُّ، إنما أكتب وِفاقًا لا اتفاقًا، فتارةً تصادف الكتابة رضًا وغضبًا تصادف تارةً أخرى؛ فاغفر اللهم لي وَكْسِي وشَطَطِي، واهدني بالتي هي أحسن للتي هي أقوم، ولست آسَف -بإِحْراز الله- على شيءٍ كتبته في أكثر من عشر سنين؛ إلا على أقلَّ من عشر كلماتٍ، منها أستعفي الله ومن كل زللٍ إنه العَفُوُّ يحب العفو.

يحاذر بعض إخوانك نصحك فيما يرونه منك خطأً.

يا حبيبي؛ لست أعلم لهذا سببًا إلا ما تُوهِمُه بعض منشوراتي هنا من الشدة والإغلاظ، وهي التي ما كانت برحمة الله ولا تكون بعزته في غير أهلها، كما لست أدري ما عليَّ فِعلُه في مُراضاة الأحبة؛ وأنا لا أكتب تعليقًا لمُوالفٍ ولا مخالفٍ إلا بدأته بيا حبيبي، ولا أكتب سطرين في محادثةٍ إلا كتبت بينهما يا حبيبي، وكم كتبت منشوراتٍ أستحث فيها إخواني على نصيحتي في العامِّ قبل الخاصِّ! ولا أرى قول بعض أحبتي لبعضٍ تحت منشورٍ أُخَطَّأُ فيه: هلَّا نصحت لحمزة في الخاصِّ أولًا؛ لا أرى ذلك صوابًا، فما كان خطئي في منشورٍ فلك الرد عليه في منشورٍ، ما تحرَّيتُ وإياك العلم والعدل، وإن أخًا نبيلًا هنا لا أُسمِّيه ينصح لي في العامِّ والخاصِّ كثيرًا بينه وبيني عشر سنين، فأستمتع بمخالفته لي استمتاعًا هو عليه شهيدٌ، لكن قد تنصح لي فلا أرى رأيك أرجح من رأيي، وأنصح لك فلا ترى رأيي أرجح من رأيك، لا تثريب عليك ولا علي.

خيرٌ لك أن تكتب في العلم والرِّقاق والآداب؛ ما ينفع.

يا حبيبي؛ الظن أنه خيرٌ لك فلما رأيته كذلك أحببته لأخيك فنِعِمَّا مُرْتَآك فوق رأسي، لكن اليقين أنه ليس خيرًا لي، بل خيرٌ ظُلُولي أكتب في كل هذا، ولو أن جمهرةً من إخواني يُعينون على ما يزعجك مني؛ ما اضطررت إلى الإكثار منه، لكنهم معذورون بأمورٍ لا تخفى على بصيرٍ؛ فارحمني اللهم وأحبتي، واحفظنا بخير حفظك خيرَ عبادك في الدنيا والآخرة وأنت خير الحافظين.

أقصر التعليقات على الأصدقاء درءًا لشرٍّ كثيرٍ؛ فغفرًا.

أضف تعليق