لئن نسيت كل حقيرٍ أصبتُه من دنياي؛ لم أنس جليلًا أصابني في ديني.
ذلك أني دخلت يومًا على طبيبٍ كبيرٍ صالحٍ -أحسبه- في عِلَّةٍ بصدري أشتكيها، ولحيتي في ذلك الزمان قطعية الدلالة، ولم يَكُ هو ذا لحيةٍ، فكان أول ما سألني عنه بعد شِكايتي دائي: بتصلِّي يا ابني؟ قلت له: نعم، لكن تجلَّي لعينيه ما تجلَّى من عينيَّ شدةُ عجبي، فما لبث أن وضع عن وجهي أوزار دهشته سائلًا سؤاله الثاني: استغربت من سؤالي أكيد عشان شايفك ملتحي ولحية كبيرة كمان؛ صح! قلت له: نعم، قال لي: طب إيه رأيك إن كتير من الملتحين والمنتقبات اللي بيكشفوا عندي لما سألتهم السؤال ده؛ صارحوني بإنهم مبيصلُّوش أو مش محافظين على الصلاة؛ لا إله إلا الله عاصمًا حفيظًا.
حمدت الله قبل حمد الطبيب أو بعده على ما قدَّر من سؤاله العظيم وقضى، وظللت إلى يومي هذا أسأل كل من ألقى -ممن لا أعرفهم حق المعرفة- عن صلاتهم، فحِينًا بالجواب أُسَرُّ وحينًا بالجواب أُغَمُّ؛ لا حول ولا قوة إلا بالله.
يا إخوة الصلاة؛ لتُنْقَضَن عروة الصلاة الوُثْقى من الأرض في يومٍ أسود أنذر به رسول الله صلى الله عليه؛ فالله الله لا تُنقض من قِبَلِكم بتفريطٍ منكم في إقامتها أو في الدعوة إليها، تعاهدوا الصلاة في أنفسكم وأهليكم وأصحابكم ومن تَلْقَون جميعًا؛ لعل الله أن يقبض أرواحنا في صلاةٍ إنه شكورٌ كريمٌ.
الآن قل معي: توفَّ الرُّوحَ مني في صلاةٍ ** قيامًا أوْ ركوعًا أوْ سجودًا.