أحبابك المفتقرة قلوبُهم إلى خاصِّ اعتناء قلبك بهم؛ ثلاثةٌ:
الأول: الطالب عنايتك بلسان مقاله، أو لسان حاله، أو بهما جميعًا.
الثاني: الذي لا يُبِين عن افتقاره إليها منك؛ لكنه لا يُبِين عن استغنائه عنها.
الثالث: المبدي لك استغناءه عنها -إما بغير قصدٍ لطبيعته، أو بقصدٍ لتجربةٍ سابقةٍ كان يُبِين فيها فندم- فهو في صورته بضد ما هو عليه حقيقةً.
فأما الأول فبلطجيٌّ في الحب (ولا بد في كل حبٍّ شديدٍ من بعض البلطجة)، مريحٌ، لا تشعر في حضرته بشيءٍ من التفريط، إذ هو لا يسمح به.
وأما الثاني فإن كنت تحبه كما يحبك؛ فيسيرٌ عليك معرفة حاجته إليك في هذا وإنْ كلَّ آوِنةٍ، فأنت لا تبقى مفرِّطًا في جنبه على كل حالٍ وحينٍ.
وأما الثالث فمظلومٌ في الحب ظالمٌ؛ مظلومٌ لأنه لا يُعتنى به كما ينبغي له بما يظهره من استغنائه؛ بل إنه ليُرجى منه ما هو مفتقرٌ إليه بما يبديه من امتلاءٍ واكتفاءٍ، وظالمٌ لنفسه من حيث لا يحسن غير هذا طبيعةً أو اختيارًا؛ فهذا عليك -إن كنت محبًّا له حقًّا- التفطُّن له، والاعتناء به، وعونه على الإبانة.