يا أخًا على شفا حفرة

يا أخًا على شفا حفرة القنوط؛ احفظ هذه قبل الهُوِيِّ أعاذك الله.

قال الإمام أبو محمد بن حزم -رحمه الله- يُعَظِّم الرجاء في الرب الأكرم:

واعلموا -رحمنا الله وإياكم- أن الله -عز وجل- ابتدأنا بمواهبَ خمسٍ جليلةٍ، لا يهلك على الله بعدهن إلا هالك:

الأولى: أنه -تعالى- غفر الصغائر باجتناب الكبائر، فلو أن امرأً وافى عرصة القيامة بملء الأرض صغائر، إلا أنه لم يأت كبيرةً، أو أتاها ثم تاب منها؛ لَمَا طالبه الله بشيءٍ منها، وقال تعالى: “إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا”.

الثانية: من أكثر من الكبائر، ثم منحه الله التوبة النصوح على حقها وشروطها قبل موته؛ فقد سقط عنه جميعُها، ولا يؤاخذه ربه -تعالى- بشيءٍ منها، وهذا إجماعٌ من الأمة.

الثالثة: أن من عمل من الكبائر ما شاء الله، ثم مات مصرًّا عليها، ثم استوت حسناته وسيئاته لم يفضُل له سيئةٌ؛ مغفورٌ له، غيرُ مؤاخَذٍ بشيءٍ مما يفعل، قال الله تعالى: “إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ”، وقال تعالى: “فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ”.

الرابعة: أنه -تعالى- جعل السيئة بمثلها، والحسنة بعشر أمثالها، ويضاعف الله -تعالى- لمن شاء.

الخامسة: أنه -تعالى- جعل الابتداء على من أحاطت به خطيئته وغلَب شره على خيره بالعذاب والعقاب، ثم نقله عنه بالشفاعة إلى الجنة فخلَّده فيها، ولم يجعل ابتداء جزائه على حسناته بالجنة، ثم ينقله منها إلى النار؛ فهل بعد ذلك الفضل منزلةٌ!

نسأل الله ألا يُدخلنا في عِداد من يعذبه بمَنِّه.

أضف تعليق