“لم يأت رجلٌ قطُّ بمثل

“لم يأت رجلٌ قطُّ بمثل ما جئتَ به؛ إلا عُودي”.

انظر كيف صَدَقَ ورقةُ بن نوفلٍ -رضي الله عنه- رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من أول يومٍ من أيام هذا الدين بحقيقته، وأنه ابتلاءٌ عظيمٌ، وأن طريقه طريق حربٍ لا هوادة فيها، وأنها سنةٌ ماضيةٌ في أهله إلى قيام القيامة!

انظر هذا القول الفصل، ثم انظر ما تأسَّست عليه عامة الدعوات إلى الإسلام اليوم؛ من مخادعة المدعوِّين بأن طريق الإسلام لا شوك فيها، وأن المبتلين فيها هم المتطرفون؛ يظهر لك الفرق بين العلم والجهل، وبين الأمانة والخيانة.

يحسب هؤلاء المخادعون الناس أنهم يرفقون بهم! وحق الرفق بهم أن يكاشَفوا بحقيقة ما يقدُمون عليه من شأنٍ جسيمٍ؛ لتتهيأ له قلوبهم، وتتأهب له جوارحهم، وليستعينوا الله على مكابدته، فلا يستوي مُبَصَّرٌ بالطريق ومُعَمًّى عنها.

ثم إنه ليس رسول الله وحده؛ بل كل رسولٍ أراد الناس على الحق الذي أُرسل به إليهم، واقرؤوا إن شئتم قول الله: “وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ”. وإذا كان لأنبياء الله من هذه الشدائد الحظُّ الأوفر؛ فإن لأتباعهم منها كفلٌ عظيمٌ.

لا يعارِض شدائدَ الطريق ما قضى الله خلالها من ألطافه، وقسَم بينها من رحماته، وقدَر فوقها وتحتها من بركاته؛ بل السالكون طريق الله أرغد عيشًا بأنواع السرور الروحية وألوان النعيم القلبية من سواهم من المتنكِّبين الطريق.

أضف تعليق