المحمود الله عزَّ جلالُه، والمصلَّى

المحمود الله عزَّ جلالُه، والمصلَّى عليه محمدٌ وآلُه، وبعد؛ ليست الأغاني التي يسمعها أكثر الناس اليوم حرامًا مغلَّظًا لِمَا اشتملت عليه من منكراتٍ قطعيةٍ ظاهرةٍ فحسْب؛ بل هي حرامٌ قبل هذا لأمرين لا يكاد أحدٌ يشير إليهما إشارةً.

الأول: إفسادها في الميزان الذي أنزله الله مع الكتاب وهو العدل؛ فإنها تجور على أعظم معنًى في الأرض وفي السماء وهو الحب جَورًا مبينًا. إي أحبتي؛ لم يخلق البارئ معنًى في الوجود كله أجلَّ من الحب، وليس معنًى في البرايا أحق بالعناية والرعاية منه في حدِّه وما بين يديه وما خلفه، وإن جمهرة هذه الأغاني لتجور عليه وعلى كل معنًى تعلق به بأنواعٍ من الجَور لا يحصيها إلا الله والذين أوتوا راشد الحب من عباده، وليس الجَور على الناس بأشد من الجَور على المعاني؛ فإنها أصول المقاييس وقواعد المعايير، وما انهدام كثيرٍ من بيوت المسلمين اليوم إلا بفساد تصوراتهم عن الحب وما تعلَّق به، وليس خلف ذلك إلا ما خلَّفت الأغاني وما أشبهها من الأفلام والمسلسلات في القلوب والعقول.

الثاني: جناياتها على ذائقات الناس؛ فإنها لم تزل -بانحطاط معانيها، وسُفول مبانيها، وشناعة أصوات أهليها، وكريه طرائقهم في تغنيها- تخسف بالذائقات حتى هوت بعامَّتها إلى سِجِّين، وما تعشُّق أكثر الناس اليوم عقوبة الله الجديدة التي يسمونها “المهرجانات” عنكم ببعيدٍ، وإن حفظ ذائقات الناس لمن مقاصد التشريع اللطيفة جزءًا من حفظ الأنفس والعقول والدين، وما شُكر ربٍّ جميلٍ أبدع الخلق على هذا الجمال الفريد إلا أن يُحفظ فيه، عبادةً قائمةً بنفسها.

بالله الغوث؛ هو وليُّ الصَّوْن عن الخبائث، والمستعان على كل طيبٍ جميلٍ.

أضف تعليق