قال: إني أذكر الله يا أبت، فلا أجد ما وعد الله عباده على الذكر؛ فما ذاك!
قال: ذكرك الله في نفسه وفي ملئه الأعلى يا بني؛ إنما الذكر الذي يطمئن به القلب، وتسكن به النفس، وتُرَوَّحُ به الروح، وتنكشف به الهموم، وتنقشع به الأحزان، وتَسْهُلُ به الصِّعاب، وتُخَفَّفُ به المشاق، وتُجْلَبُ به النعم، وتُدْفَعُ به النقم، وتُسَدُّ به الفاقات، وتُقْضَى به الحاجات، وتَعْظُمُ به محبة العبد وخوفه ورجاؤه، ويُطْرَدُ به الشيطان، ويرضى به الرحمن، وتُكَفَّرُ به السيئات، وتُرْفَعُ به الدرجات، وتُقَرَّبُ به الجنة، وتُبَاعَدُ به النار، ويُنَوَّرُ به الوجه، ويقوى به البدن، وتذهب به الوحشة، وتزول به القسوة؛ هو الذكر الكثير، ليس القليلَ الذي لا يمكِّنه صاحبه من نفسه ليفعل فيها أفعاله الحِسَان؛ فاذكر الله كثيرًا.