قال: يرحمك الله يا أبت؛ هل التمكين غايةٌ أم وسيلةٌ؟ أعني العمل لإقامة دولة الإسلام.
قال: ورحمك ورحم بك يا بني؛ التمكين غايةٌ لما قبله، ووسيلةٌ إلى ما بعده، ألم تر إلى ربك كيف قال: “الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ”؟ فجعله وسيلةً لإقامة الإسلام بأقصى درجةٍ في أعمِّ مساحةٍ، وما كان كذلك فهو غايةٌ لما قبله؛ فتبصَّر.
يا بني؛ قد ضل في هذه المسألة -من أهل الحق- طائفتان؛ طائفةٌ جعلت قصدها وأقوالها وأعمالها في سبيل ذلك وحده؛ حتى فرَّطت في عقائدَ وشرائعَ ومعاملاتٍ تفريطًا شنيعًا، وإنما جُعل التمكين لإقامة الدين؛ فكيف يُتوصَّل إليه بما يُحادُّه ويُشاقُّه؟! وطائفةٌ عصف بنفوسها متواتر الهزائم؛ حتى انفسخ في قلوبها ماضي العزائم، فباتوا لمعنى التمكين الدعوي الجهادي السياسي منكرين، ويقرِّرون في ذلك تقريرات العلمانيين نفسَها في تبعيض الإسلام وتعضية عقائده وشرائعه، غير أن هؤلاء أشد جنايةً على الإسلام وأهله؛ لما يُعرفون به في الناس من الانتساب إلى الحق، يا بني؛ القصدَ القصدَ تسلم.