رسائل الأسحار إلى مجاهدٍ وأسيرٍ نائمَين الساعة.
وإذا العنايةُ لاحظتكَ عيونُها ** نمْ فالمخاوفُ كلُّهنَّ أمانُ
يا حبيبًا في ثغره أو في زنزانته؛ جعل الله نومك بركةً على يقظتك.
نائمٌ أنت الساعة قليلَ الحيلة في الفَرش؟ فالحي القيوم يدبر أمرك على العرش.
“إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ”؛ أذاقكما الله من بردها وسلامها أوفى حظٍّ وأكرم نصيبٍ.
إذا فقدتما في منامكما السكن والأهل والراحة؛ فأنتما واجدان من الله يوم تلقيانه كل سُلْوَانٍ جميلٍ.
حين يفرغ المؤمن من جواب الملكين في القبر ملهَمًا مثبَّتًا من الله؛ يقولان له: “نم”، فيقول لهما: أرجع فأخبر أهلي، فيقولان له: “نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه”؛ ليس نومه يومئذٍ كنوم أهل الدنيا، لكن شُبِّه به في طِيب النفس وهناءة القلب، كأني بالمجاهد والأسير يقال لهما ذلك في البرزخ أحسنَ ما يكون عطاءُ ربٍّ راضٍ غير غضبان، ومن أولى بهذا منهما عند الله؟ وهل جزاء اضطراب أفئدتهم في حياتهم الدنيا طويلًا؛ إلا سكينتها في القبور ويوم تكون أفئدة ظالميهم هواءً؟ اللهمَّ اللهمَّ.
يا مجاهدينا ..يا أسرانا؛ حسبكم من الليل لذةً ما أرَّقتم به مضاجع الطغاة، ولقد نمتم وتنامون وستنامون، “وِقِلّ نومنا في المضاجعْ ** آدي احنا نمنا ما اشتهينا”، أفرغ الله عليكم صبرًا، وأنامكم وادعين.
“وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا”؛ السُّبات الراحة، والذي يجعله في النوم هو الله، فإذا ذهب السُّبات فقد بقي الله.