#في_حياة_بيوت_المسلمين.
إن امرأةً يطلقها زوجها فتبغِّضه إلى أبنائها -وإن استحق بعض ذلك- لأسيرةٌ للشدة وسوء الحال، ضعيفة البصر بالحياة والمآل، كيف لا تدع عورةً إلا هتكتها، ولا خطيئةً إلا نشرتها؟! وقد تزيد -بإيقاد الشيطان وشُحِّ النفس وتحريش الناس- ما يعلم الله أنه منه براءٌ؛ لبئس ما قدمت لنفسها وبنيها.
كم شهدت في حياتي امرأةً أسرفت في تبغيض مطلِّقها إلى أبنائه، وأعانها على ذلك أهلها أجمعون، ودأبوا فيه مدةً طويلةً من الزمان، بنوعٍ وكيفٍ وكمٍّ لا يعلمه إلا الله؛ حتى بات الرجل في أخْيِلَة أبنائه شيطانًا مريدًا، ثم آل أمرهم إليه في سلسلة مقاديرَ للعليم الحكيم كثيرةٍ كثيفةٍ، فكأنهم -يومئذٍ- يساقون إلى الموت وهم ينظرون! ولو استقبل هؤلاء المسكينات من أمرهن ما استدبرن، ولو فكَّرن في عواقب الأمور وقدَّرن، ولو فضَّلن أبناءهن على أنفسهن وآثرن، لو كان ذلك كذلك؛ ما فعلن، ولقد كفانا مولانا صلاحَ البال والحال والمآل بمُحْكَم ما قال: “يَآ أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلَّا تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ”.
هذا حرفٌ لا يكلِّف المرأة شططًا؛ أن تُجمِّل قبائح رجلٍ كان معها كذلك، ولا أن تبالغ في مواراة جناياته لا سيما الذي أظهر الله ديَّانًا مبينًا، بل حرفٌ يقول: لا تكوني -يا أمَة الله- لسوء حالك أسيرةً، وتجاوزي الشهادة إلى الغيب فقيهةً خبيرةً، واعلمي أن لليل والنهار في نفوس الناس أعمالًا، وفي تقلبات أمورهم أحوالًا؛ فأقيمي الوزن بالقسط ولا تُخسري الميزان، واحتسبي عند الله مطويَّ الوجع والأحزان.