أليس رمضان شهر الحصاد! فإني

أليس رمضان شهر الحصاد! فإني لم أزرع له قبله ما أحصده فيه، ولم يبق بيني وبينه غير أيامٍ لا أستطيع فيها منافسة الزارعين قبلي، كآيِسٍ أنا.

يا حبيبي؛ بلى رمضان شهر الحصاد؛ لكن لو لم يبق للعبد قبله إلا ساعةٌ يتيمةٌ؛ فليغتنمها بكل خيرٍ يقدر عليه قلبًا وقولًا وعملًا، مستعينًا على اليقظة والهرولة بربه، معترفًا له بسوالف تفريطه في جنبه، مبالغًا في إظهار ذلته وافتقاره إليه؛ عسى الله إن شهد ذلك منه -مجموعًا غيرَ مفروقٍ، صادقًا غيرَ مكذوبٍ- أن يرحم ضعفه وعجزه، ويجبر كسره وقطعه، فيفتح له في رمضان أبواب طاعاتٍ ولو فتحًا مقارِبًا، وقد يفتح له برحمةٍ لا مُمسك لها فتحًا عجبًا فيُلحقه بالزارعين لرمضان قبله بعامٍ حتى لكأنه واحدٌ منهم؛ لا إله إلا هو مَنَّانٌ قديرٌ.

كيف وقد بقيتْ بين يدَي الشهر العظيم مدةٌ؛ إذا بارك الرب عليها آتت فوق ما يُرجى منها! ألا إن من جد فيما بقي من شعبان لياليَ وأيامًا صادقةً عزماتُه؛ لم يُخَيِّب أرحمُ الراحمين طمعَه، وأناله من لذائذ الوصل ما وعد به الأوَّابين إذا صدَقوا، هو الله مولانا على كل حالٍ لنا وحينٍ، لا غنى لنا عنه طرفة عينٍ محسنين وغيرَ محسنين، عبيدُه سوانا كثيرٌ وليس لنا سيدٌ إلا هو، نرجوه بصفات كماله وكمال صفاته أن يُهَيِّئنا لضيفه الأكرم بما ينبغي له، واغفر اللهم لنا الغفلة وسيئاتها، ولا تؤاخذنا بما نستحق؛ إنك أنت الغفور الرحيم.

يا حبيبي؛ لا أقول لك: افعل قبل رمضان من القُرُبات كذا وكذا، مما لو وافق نوعًا من العِباد لعله ألا يوافق سواهم؛ لكني أقول لك: لا تدَع طاعةً بصَّرك الله بفضلها وأقدرك عليها؛ إلا استعنت الله عليها فعملتها، يُكَبِّرها حياؤُك من صَغرها، ويُكَثِّرها خجلُك من قِلَّتها، لسان كل شيءٍ فيك يقول لربك: واسَوْأَتاه منك وإن أدخلتني عليك! لك العُتبى حتى ترضى. فإن قلت: الآن تركبني الحيرة لا أدري ما أفعل فيما بقي! قلت لك: نِعمت الحيرة حيرة عبدٍ بين مراضي مولاه أيُّها يتحبب بها إليه، إلى ربك فاخْطُ، عليك البدءُ وعلى الله التمام.

رب اجعل مقالي هذا مباركًا:

رب اجعل مقالي هذا مباركًا:

رمضان جبَّار الكُسور، رمضان تمَّام النُّقوص.

رمضان جبَّار الكُسور: يَجبر ما انكسر من طاعاتك السالفة.

رمضان تمَّام النُّقوص: يُتم الذي نقص من إيمانك بمعاصيك السابقة.

ألَا من بلَغه عن الله ورسوله أن رمضان كذلك وخيرٌ من ذلك، وهو مَن هو تفريطًا في الطاعات ومقارفةً للمعاصي، مُذ جرى عليه قلم الحساب بعد تكليفه، ثم ضيع رمضان الآتي كما ضيع سواه؛ فمَن في الدَّارين منه أَبْأَس!

أخا ديني؛ لماذا يموت قبل رمضان أُناسٌ؛ وتَبلغه أنت حيًّا! لماذا يُسجن قبله أُناسٌ؛ وتَبلغه أنت طليقًا! لماذا يمرض قبله أُناسٌ؛ وتَبلغه أنت صحيحًا! وفوق ذلك كلِّه؛ لماذا يُفتن عن الإسلام قبله أُناسٌ؛ وتَبلغه أنت ثابتًا! ما لك عند الله حتى يُبَلِّغك شهره حيًّا طليقًا صحيحًا ثابتًا! لا شيء غيرُ مِنَّة المَنَّان يا حبيبي.

أفشُكر الرب الذي بهذه (مجموعةً) أحسن إليك وجاد عليك؛ أن تُضَيع رمضان!

ويحك حمزة! ألست مخلوقًا من العدم للعبادة وحدها! ألست مفرِّطًا عامَّةَ العامِ -بل العمرِ- فيها! ألست ملاقيًا ربك يومًا -لعله يومك هذا- فمُجَازيك بتفريطك ذلك! أليس تبليغ الله إياك شهره الأكرم هذا لتستدرك بما تطيق لا بأكثر؛ قدَرًا منه رؤوفًا جابرًا، وقضاءً من لدنه رفيقًا مسعفًا؛ ! أليس الله بقادرٍ قديرٍ مقتدرٍ ألا يُبَلِّغكه كما لا يزال فاعلًا بأُمَمٍ من الناس سواك! فكُفَّ عن النِّياحة يا مسكين فإنها نهَّاشةٌ لقُوَّتك نهَّابةٌ لوقتك، واستعن بمن كلُّ الخير بيدَيه، على فعل خير الخير لديه، في أكرم الزمان جميعًا عليه؛ (تقواه حَقَّ تُقَاته)، ولعله آخر رمضان لك كما كان سابقُه آخر رمضان لغيرك، وأبشر بعون ربٍّ لا أحبَّ إليه من عون عبده على عبادته، إنك لست للإنقاذ أهلًا؛ لكن الله أهلٌ له ولكل جميلٍ، وإنه عند ظن عبده به؛ كيف إذا كان يقينًا لا ظنًّا! ليرحمنك.

“من أدرك رمضان فلم يُغفر له؛ فأبعَده الله”؛ دعاءٌ دعا به ملَكٌ هو جبريل، وأمَّن عليه نبيٌّ هو محمدٌ، صلَّى الله على أمين الأرض وأمين السماء وسلَّم، بالله أُعيذ نفسي وإياك أن يصيبنا منه شيءٌ، فنَبيت بعد فوات شهرنا ندامى.

يا حمزة؛ إن شهر الله النبيل إن تم فثلاثون يومًا، وإن الله لم يجعل قضاء (كل ساعاته) في تنسُّكٍ مشروعًا ولا مباحًا، وأَنَّى! بل علم أنك لا بد نائمٌ حينًا، وطاعمٌ حينًا، وذاهلٌ حينًا، وقاطعٌ قليلًا منه أو كثيرًا في إصلاح معاشك؛ فما بقي لك من زمانه تطيع فيه الله ببعض ما يليق بك عبدًا وينبغي له ربًّا؛ يستوجب كل هذا الترغيب وجميع ذلك الترهيب! إنهما ثِنتان؛ أحسِن التصور، وكن رجلًا.

دعاؤك إلى رمضان؛ رب اغفر لي موجبات الخذلان في رمضان قبل بلوغه، وكما تُصْلح المَهْدِيَّ آخرَ الزمان في ليلةٍ للأمر الأعظم؛ أصلح فساد حالي فيما بقي من زمانٍ قبل الشهر المعظَّم، أنت على إصلاحي قديرٌ، وإني عبدٌ أحبك.

المحمودُ اللهُ عزَّ جلالُه، والمُصَلَّى

المحمودُ اللهُ عزَّ جلالُه، والمُصَلَّى عليه محمدٌ وآلُه.

أُحبكمْ حبَّ الشحيحِ مالَهُ ** قدْ ذاقَ طعمَ الفقرِ ثمَّ نالهُ

لو أن لي بفتح صفحتي قوةً يومًا أو بعض يومٍ؛ ما وسعني التفريط في جَنْب أفذاذِ أهل السماء في الأرض، سلاطينِ الأَناسيِّ قاطبةً، حُرَّاسِ عقايد الإسلام وشرايعه، عماليقِ البرِية المرابطين بأكناف بيت المقدس، وأشباهِهم تحت أديم السماء؛ بكلمةٍ أناصرهم فيها وأؤازرهم، متملَّقًا بها وجه ربي الأعلى.

السلام على أحقِّ الناس بحُسن صَحابتي ودودةِ الروح وصولةِ الفؤاد راسخةِ الإحسان كرَوَاسِيِّ الأوتاد والدتي، وعلى المُثَلاء النُّبَلاء أهل بيتي ذكرانهم والإناث، وعلى الأماجد أهليهم ومن كان فيهم، وعلى المُطَيَّبين أبنائنا والحَفَدَة، وعلى وَصَاة الرحمن عند ساق عرشه العظيم أرحامي بعامَّةٍ، وعلى الجليلة خالتي والجميلة عمتي والشيخين الحبيبين خاليَّ الكريمين منهم بخاصَّةٍ، وعلى كل من صاحبت ومن جاورت أينما سكنت، وعلى أفراد ودادٍ كان وصالهم إياي هنا آناء ليلي وأطراف نهاري غير ممنونٍ، الذين ما أَسِفَتْ نفسي على شيءٍ بعد تعطُّل الماسنجر ((الذي لا يزال)) وتعسُّر فتحي الصفحة؛ أَسَفَها على فوات حظها من ظلال إيناسهم باردًا كريمًا في هجير غربتي، وعليكم إخواني وأخواتي أُولي القصد والمرحمة والنُّهى، ورحمة الله وبركاته، في دُوركم الثلاثة.

ذا الجلال والإكرام ربَّ القُوَى والقُدَر؛ نصرَك لمجاهدينا، وإنجاءَك لأسرانا، وشفاءَك لمرضانا، ولُطْفَك بمُبتلانا، ورحمتَك بموتانا، وبالقرآن والسنة فَزَكِّ قلوبنا، ونوِّر دروبنا، وأصلح عيوبنا، واغفر ذنوبنا، واكشف كروبنا، ولا تجعل عقوبتنا بما نستأهل في خذلان سادة سُكَّان الغَبْراء مواليك الذين تقاتل بهم عدوك وعدونا؛ مثقالَ ذرَّةٍ من شيءٍ في طرفة عينٍ من زمانٍ بِقِيد أُنْمُلَةٍ من مكانٍ أو أدنى. ألَا إن العقوبة حقَّ العقوبة تلك وجلالِ جِبْرِيَائِك الأعظم.

فَجَع قلبي موتُ عمي الشيخ المهندس محمد أخي عمي الشيخ الدكتور أيمن! ملأ الله جَدَثَيهما نورًا وحبورًا وخيرًا بينهما موفورًا، بغفرانه الأكرم ورضوانه الأكبر وما قبلهما وبعدهما من رحمةٍ وسعت كل شيءٍ، واخلف اللهم دينك وعبادك بخير العِوَض؛ إنك المولى وبالمِلَّة الغرَّاء أولى، وثبِّتنا على طريق معاداة الطواغي والقبوريين القصوريين خُدَّامِهم حتى نلقاك مُمَسِّكين.

كان الشيخ آيةً في الحكمة والحِلم والأدب والوقار، قد آتاه الله من لدنه رحمةً وهيَّأ له من أمره رَشَدًا، كثيرَ الصمت إلا عن خير القول إحقاقًا للحق وإنصافًا للخلق، ما خالطه مسلمٌ في السراء والضراء إلا بَهَرَه حُسن خلقه، ليس أَضْوَأَ من صبره الجميل بعد صفحه الجميل إلا هجره الجميل، حتى لو أن أدنى كافرٍ بالله يعاديه أقصى العداوة لكنَّ الله لم يَعدم نفسه أَثَارَةً من عدلٍ؛ لقال في جمال خليقته وجلال طريقته حقًّا وأعاد، ولقد ورِث إباء النفس كابرًا عن كابرٍ، وحسبُه -بعد إسلامٍ وسنةٍ وهجرةٍ وطلب علمٍ وكثير عبادةٍ وسَجنٍ في سبيل الله اشتد وامتد- أُخُوَّةُ أيمن وموالاة أسامة؛ جمعًا بهم اللهم في فردوسك الأعلى.

الأرضُ في عينَيهِ خردلةٌ ** وعلى عبيدِ الأرضِ نعلاهُ

العزُّ في كَنَفِ العزيزِ ومنْ ** عبدَ العبيدَ أذلَّهُ اللهُ

أخا ديني؛ كل البلايا دون دينك عافيةٌ، ولئن ابتُليت فصبرت فقد ابتُلي قبلك المحفوظون بالإسلام -حافظين له- فصبروا؛ فاليوم ذِكرهم على البسيطة بفرائد المناقب هو الذِّكر، وغدًا بأرض المحشر -بحمد ربٍّ اشترى منهم أنفسهم مستغنيًا عنها، فباعوه إياها فقراء إليه- يكون ثناؤه عليهم هو الثناء.

لك اللهم الحمد جزيلًا وعليك الثناء جميلًا؛ بما شرَّفتني بلقاء وَلِيِّك ذا، وبالسماع منه والحديث إليه، وبأن يسرت مني سؤاله -فيما لا يُسأل فيه إلا توحيديٌّ ناسكٌ فاقهٌ مثلُه- ويسرت منه الجواب، وبما أَفْضَلْت علي من صحبة القوم فيما قُطِع من السبيل؛ فصاحِبهم وإياي بجُودك في سائره، غيرَ معامِلي ببعض ما أستحق من الفتون والإقصاء؛ إنك المحبوب المرجوُّ المرهوب، وإنا محاويجك.

سأل سائلٌ: كيف أنصر المستضعفين

سأل سائلٌ: كيف أنصر المستضعفين من الموحدين أينما كانوا؟

كل ديار المسلمين محتلةٌ، لا فرق بين دارٍ لهم ودارٍ؛ إما من الكافرين كفرًا أصليًّا كالمغضوب عليهم والضالين والمجوس وعُبَّاد البقر والشيوعيين وأشباههم، وإما من عبيدهم (وكلاء النظام العالمي) من طواغيت العرب المرتدين، وهؤلاء شرٌّ من ساداتهم في احتلالهم بلاد المسلمين من وجوهٍ عدةٍ؛ فإنه لا يفعل بأمةٍ عدوٌّ أجنبيٌّ عنها ما يفعل بها عدوٌّ هو منها؛ أعدَّنا الله لهم.

من لم ير حكام العرب طواغيت مرتدين وكلاء للنظام العالمي حقُّهم الجهاد؛ فهو من الخونة أو الدروايش؛ فأما الدراويش فالذين يعلمون أنهم مجرمون لكنهم لا يتخذونهم أعداءً كما يتعيَّن عقلًا وشرعًا، ويعتزلون جهادهم بالسِّنان واللسان؛ أولئك لا تُخَوِّنوهم فتظلموهم، ولا تُمَكِّنوهم فتظلموا الإسلام، وأما الخونة فالذين يوالونهم بأقوالهم أو أفعالهم؛ أولئك قاتلوهم بألسنتكم حتى يُقْدِركم الله على قتالهم بأسِنَّتكم؛ ذلك أقوم للملة وأهلها.

من عرف هذا علم أن جهاد هؤلاء المحتلين جهاد دفعٍ لا سعة لمكلَّفٍ في تركه، كلٌّ بما يستطيع، وهو أعظم عند الله منزلةً من جهاد الطلب؛ لأن جهاد الدفع يحفظ رأس المال وجهاد الطلب يحفظ ربحه، فلا يستويان.

قال: فإن كنت عن جهاد هؤلاء وأولئك بالقوة عاجزًا؛ فماذا علي؟

من عجز عن قتال هؤلاء وأولئك بيده؛ فبقلبه ولسانه وماله وما استطاع، وليتهيأ بكل مقدورٍ عليه في نفسه وفي غيره حتى يجعل الله له سبيلًا.

انصروهم بتوحيد المعبود جلَّ وعزَّ؛ فلا قبور يُشْرَك بموتاها مع الله في الإرادة والقصد، ولا قصور يُشْرَك بطواغيتها مع الله في الطاعة والحكم، وليس أدلَّ على توحيدكم ربكم في نوعَي العبادة ذَيْنِ (الإرادة والقصد، والطاعة والحكم)؛ من جهادكم القبوريين والقصوريين بما تقدرون، واعلموا أن كل قبوريٍّ قصوريٌّ ككثيرٍ من الأزهريين، وليس كل قصوريٍّ قبوريًّا ككثيرٍ من السلفيين، ولولا ابتغاء قصوريِّي السلفيين امتيازهم عن القبوريين لكانوا أمثالهم؛ إنهم ليزعمون الكفر بالقبور ثم هم بالطواغيت فارضِي عبادتها مؤمنون! قوتلوا أجمعون.

انصروهم بتوحيد المتبوع صلى الله عليه وسلم؛ فلا تشركوا به في الاهتداء والاقتداء أحدًا، معظِّمين جنابه وسنته وأصحابه، مكثرين الصلاة عليه.

انصروهم بتجريد الولاء والبراء في الله؛ قرِّبوا من قلوبكم وجسومكم من قرَّب الله وإن بعُد عنكم، وأبعدوا عن قلوبكم وجسومكم من أبعد الله وإن قرُب منكم، وليس أهل الموالاة سواءً منهم صالحون ومنهم دون ذلك، ولا أهل المعاداة سواءً منهم كافرون ومنهم مبتدعةٌ ومنهم فاسقون.

انصروهم بطاعة ربكم فيما أمر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، ومن عصا فترك واجبًا أو فعل محرمًا فليتب إلى الله توبةً نصوحًا، وليُبَدِّل حُسْنًا بعد سوءٍ، انظر كم قرن القرآن بين النصر والاستغفار! هزم الإسلامَ المُصِرُّون.

انصروهم بإحياء شعيرة الجهاد؛ في نفوسكم وفي أبنائكم وفي المسلمين، ليس في القدَر كله ولا في الشرع جميعه -إلى قيام الساعة- سبيلٌ يعادَى به العدوُّ غير الجهاد في سبيل الله؛ صدق الله وكذب المنافقون.

انصروهم بالانكباب على القرآن والسنة؛ علمًا بهما وعملًا، ظفِر المستكثرون.

انصروهم بإحصاء أسماء الله؛ حفظًا لها وفقهًا بها وعملًا بمقتضاها ودعاءً.

انصروهم بالدعوة إلى الله؛ كلٌّ بما يقدر ويحسن، ما أكثر شُعَب الإسلام!

انصروهم بإصلاح قلوبكم؛ مع الحق صدقًا وإخلاصًا، وفي الخلق برًّا ومرحمةً.

انصروهم بالحق؛ تبصُّرًا واستمساكًا ومفاصَلةً، تعس في المعركة جاهلٌ وجبانٌ.

انصروهم بإقامة العدل فيما بينكم، لعل كثيرًا من ظلم عدونا لنا بتظالُمنا بيننا.

انصروهم بإعداد نفوسكم؛ كَفًّا لها عن سَفْسَاف الأمور، وحَمْلًا لها على معاليها.

انصروهم بإعداد أجسادكم وصية رسولكم؛ كلٌّ بما يقدر عليه من رياضةٍ.

انصروهم بأموالكم؛ ادَّخروا من أطيبها خيرًا لأمتكم، وإنْ يسيرًا يباركه القدُّوس.

انصروهم بقراءة التاريخ والاعتبار بالسُّنن، وفقه الواقع بغير وَكْسٍ أو شَطَطٍ.

انصروهم بالتفقه في الإسلام عقيدةً وشريعةً؛ كلٌّ بما يستطيع من وسيلةٍ.

انصروهم بالزهد في الدنيا؛ من اطمأن بها ملأ الله قلبه وهنًا، ونزع مهابته من قلب عدوه، ولم يكن في عامة عمله إلا مؤثرًا إياها على دينه.

انصروهم بمعرفة الجاهلية؛ ظنِّها وحكمِها وتبرُّجِها وحَمِيَّتِها؛ ظنُّها: فلسفاتها وعقائدها وثقافاتها وأفكارها وفنونها، وحكمُها: تشريعها وقضاؤها وتنفيذها، وتبرُّجُها: شهواتها ومعاصيها، وحَمِيَّتُها: استكبار نفوس أهلها.

انصروهم باجتماعكم على محكَمات العقائد والشرائع، وما اختُلف فيه فحَسْب كلٍّ تقليدُ موثوقٍ بخشيته من الله ودرايته بأحكامه؛ كفى شعثًا.

انصروهم بإعداد ما تستطيعون من قوةٍ علميةٍ وعمليةٍ؛ وإن علم اليوم لعمل غدٍ، وأبواب العلم النافع الأمةَ في دينها ودنياها لا تحصى عدًّا.

انصروهم باستدبار طرائق الإخوان وعامة السلفيين في التغيير (زعموا)، كافرين بكل طريقٍ لا يفاصِل أهلُه الكفر، ولا يرون الجهاد وحده سبيلًا.

انصروهم بصادق الدعاء زَرَافاتٍ ووُحْدانًا، على كل أحوالكم وجميع أحيانكم.

انصروهم بنشر قضاياهم؛ كلٌّ بما يستطيع، ما أعظم آثار الإعلام في الناس!

انصروهم بحرب ابن العلمانية البكر (الإرجاء)، من لم تحرقه ناره لوَّثه دخانه.

انصروهم بكل وسيلةٍ توصِّل إليهم مالًا؛ حَسْبنا الظن الراجح، لا حيلة في اليقين.

لا أقول إنا لا نُنصر حتى نفعل ذلك جميعًا وأنَّى! بل حَسْبنا بذلُ المستطاع، “مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ”؛ إنما السبيل على ستةٍ؛ المبدِّلين والمقتسمين والمضيِّعين والمعوِّقين والغلاة الشاطِّين والفسقة المُصِرِّين.

لا إله إلا الله؛ الحَوْل به، والقوة منه، والتفويض إليه، والتوكل عليه، “إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ”.

إلى كل مراسلٍ إياي يعتذر

إلى كل مراسلٍ إياي يعتذر قلبي؛ فلا يزال Facebook معطلًا Messenger.

ليت مراسليَّ كافةً يرون حرفي هذا؛ ليعرفوا علة عجزي عن جواب رسائلهم.

ما ينبغي لمحبكم التفريط مختارًا في إجابة رسائلكم إخوتي، ما يكون لي.

يا أهل غزة؛ إن في

يا أهل غزة؛ إن في صبركم ويقينكم وثباتكم لآياتٍ كبرى.

يجزع غيركم وتصبرون، ويرتاب سواكم وتوقنون، ويزيغ عداكم وتثبتون.

كلما عاينت هذا قلت لأحبتي: الله أعلم حيث يجعل بلاءه.

لا يُستدل بظاهر الشدائد على باطنها، وإن لُطف الله بكل نازلةٍ لمحيطٌ.

من كان عن قانون الحب بين الله وصفوته أجنبيًّا؛ فليتنحَّ.

إن ما بين المبتلِي والمبتلَى لأسرارٌ، وإن دون الأسرار أسوارٌ؛ ما لنا ولها!

اللهم أنت المولى، وبكل مستضعفٍ أولى، وإنا عارفون.

نحن أم الله أصدق حبًّا

نحن أم الله أصدق حبًّا للمبتلَين!

الذين نحبهم نحب لهم ‍العافية لأنها خيرٌ لهم في أجسادهم ومعاشهم، والذين يحبهم الله يحب لهم البلاء لأنه خيرٌ لقلوبهم ومعادهم، حياة الأجساد في معافاتها وحياة القلوب في ابتلائها، ‍العافية تستخرج فجور النفوس والبلاء يستخرج تقواها، الأجساد إلى زوالٍ والقلوب إلى بقاءٍ؛ ينظر الله في الدنيا إلى قلوب عباده لا إلى أجسادهم، وتنفعهم سلامة قلوبهم يوم القيامة ولا يضرهم عطب أجسادهم، ‍العافية تحبِّب إليك الدنيا وتزيِّنها في قلبك، والبلاء يكرِّهها إليك ويقرِّبك من الآخرة. الآن يتجلى لك سرٌّ من حديث رسولك صلى الله عليه وسلم: “إن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم”.

يا وليَّ الله؛ سل الله ‍العافية في نفسك وجسدك وفي كل متصلٍ بك ومنفصلٍ، هذي عبادةٌ ألزمكها الله ورسوله، إياك والتعرُّض للبلاء بكلمةٍ فما فوقها إن البلاء موكَّلٌ بالمنطق، وبالله فتعوَّذ منه دقيقِه وجليلِه، واعلم أن لله في ‍العافية عقائد وعباداتٍ وأخلاقًا هي أشقُّ عليك وأعجبُ عنده. إن الذين يحسنون العبادة في ‍العافية أرفع درجاتٍ عند الله وأولئك السابقون.

هذا حرفٌ لا يجرِّؤك على البلاء؛ لكنه يفقهك بالله والنفس والدنيا والآخرة.

ربنا اجعلنا عبادًا لك في السرَّاء والضرَّاء، واستخرِج منا فيهما ما تحب وترضى.