من لا يحمد -لله- جهاد

من لا يحمد -لله- جهاد “الدولة” الميمون عدوَّ الله؛ فليتهم دينه أو قلبه، ومن خرس عن غلوهم الكلي الطافح بأي زعمٍ؛ فليتهم دينه أو عقله.

وثناؤنا على القوم بخيرهم الظاهر ليس منةً عليهم، والمنة للمجاهدين على كل مسلمٍ؛ بل قيامًا للحق فيهم، ووفاءً لأياديهم، وشرفًا للنفس.

نصرهم الله على عبيده المشركين، ووقى شرهم عباده المسلمين.

“يا خبيث”، “يا يهود الجهاد”، “أنت تدافع عن المرتدين”، “قاتلك الله”.

هذا بعض ما رماني به إخوةٌ قمت في “خلافتهم”! بما أدين لوجه الله سيدي.

لا أشك طرفة عينٍ في ابتغائهم نصرة الإسلام والمسلمين؛ لذلك أُحلُّهم أجمعين.

ولا حظ لنفسي مع ديني وابتغاء مجده، ولا مع أمتي وقصد إعزازها.

لكني لا أشك -مع هذا- في ضيق عقول السابِّين، وفي ضعف بضاعتهم.

وأعلم أنه حصاد النظر في مقولات المتأخرين، دون مطوَّلات المتقدمين.

يا شبيبة الإسلام الأماجد: سيبقى المجمع عليه مجمعًا عليه؛ لا كما أَوْهَمَ “الإخوان” بالأمس، والمختلَفُ فيه مختلَفًا فيه؛ لا كما تُوهِمُ “الدولة” اليوم.

ذلك، ولا يُشَغَّبُ علينا -في المقام- بجُمَل العار في الشام التي نلعنها بلعنة الله ليل نهار، وطال ما قبحناها وأهلها، لا ولَّاهم الله للمسلمين أمرًا.

لكن لا يلزم من استدبر وجه تفريطٍ فاجرٍ؛ أن يستقبل وجه غلوٍّ مظلمٍ.

ألا إن بالشام حقًّا غير محصورٍ في طائفةٍ، وباطلًا كذلك، ومحتمَلًا بينهما.

قد أشهد الله عامة المؤمنين عامة هذا، ولم يبق مجحفًا إلا جاهلٌ أو ذو هوىً.

تلك طريقة المبتغين الإصلاح على الرَّشَد، لا من يرمِّم الجراح على ما تحتها.

إذا ما الجُرْحُ رُمَّ على فسادٍ ** تبيَّنَ فيــــــهِ تفريطُ الطبيبِ

القصدَ القصدَ عباد الله؛ لا وَكْسَ ولا شَطَطَ، وتواصوا بالحق والمرحمة.

“الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ

“الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا اللَّهُ”.

دعاءكم في الأسحار لهم ولمن يعينهم، وعلى من أخرجهم وأعان عليهم.

وانصر اللهم جميع عبادك المجاهدين المرابطين المهاجرين.

“المغالبات ثلاثة أنواعٍ: فما كان

“المغالبات ثلاثة أنواعٍ:

فما كان معينًا على ما أمر الله به في قوله: “وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ”؛ جاز بجُعْلٍ وبغير جُعْلٍ.

وما كان مفضيًا إلى ما نهى الله عنه: كالنرد والشطرنج؛ فمنهيٌّ عنه بجُعْلٍ وبغير جُعْلٍ.

وما قد يكون فيه منفعةٌ بلا مضرةٍ راجحةٍ: كالمسابقة والمصارعة؛ جاز بلا جُعْلٍ”.

شيخ الإسلام ابن تيمة -رحمه الله- موجزًا مسألة المغالبات.

– لا قيام لجسد الإسلام

– لا قيام لجسد الإسلام إلا بقدمين؛ العلم والجهاد.

– خير المجاهدين معروفٌ يُشكر، وشرهم منكرٌ يُكفر.

– درايتهم بواقعهم لا تستلزم درايتهم بأحكام الإسلام فيه.

– تسديد القاعد المحب لهم -بعلمٍ وعدلٍ- من أعظم الواجبات.

– لولا السادة المجاهدون لكنا عبيدًا، هداهم الله وتولاهم وأعزهم.

– قد يقترفون الفسق والظلم والبدعة والخيانة والكفر، وبكلٍّ تفصيلٌ.

– هم أحوج إلى التسديد بحقٍّ وإحسانٍ؛ من حاجتهم إلى تطبيل الغلمان.

– من لم يقرأ أحكام الجهاد مفصلةً في دواوين الفقه؛ فليسكت لله وللإسلام.

هذا تعليقٌ على تعليقاتٍ (قديمةٍ

هذا تعليقٌ على تعليقاتٍ (قديمةٍ وحديثةٍ) لإخوةٍ، يقولون -كلما أنكرت على جماعتهم “تنظيم الدولة” باطلهم-: “أنت تصد عن الجهاد”، “أهذا أوان ذاك؟!”، “أرغم الله أنفك”، “هؤلاء خصماؤكم يوم القيامة”، “تشنعون عليهم من تحت الأسرة”، “يا مجاهدي الكيبورد”، “لا يفتي قاعدٌ لمجاهدٍ”، ناهيك عن جُمَل فحشٍ -في العام والخاص- رأى الله، أما أفجر فاجرةٍ؛ فقول بعضهم: “يا عدو الجهاد”:

أما جهاد “تنظيم الدولة” عدوَّ الله وعدوَّ المؤمنين -قديمًا وحديثًا- فبارك الله به لدينه وعباده المؤمنين، لا نبخس الناس -قوامين بالقسط شهداء لله- أشياءهم، مشكورٌ غير مكفورٍ، ظاهرٌ غير مستورٍ، لعن الله عدوهم وعدو المؤمنين وبصَّر به وأمكن منه.

وأما غلوهم -مع هذا- فمنهجيٌّ مركبٌ طافحٌ أسود، لا نخوضه وقد كفانا الله مؤنة بيانه صُراحًا بواحًا فله الحمد، وإنما يعمَى عنه من ذاب بهم -اليوم- ذوبان الإخوان بجماعتهم بالأمس، وفي الأثر: “حبك الشيء يعمي ويصم”، والمتحيز لا يميز، وهذا -والله- من عَوَر الأبصار والبصائر جميعًا.

ومع عداوة “تنظيم الدولة” “جماعة الإخوان” إلى حد تكفيرها كفر طائفةٍ -قبح الله إفكهم- إلا أنهم ما تركوا قولًا للإخوان دميمًا كانوا يقولونه إذ كنا ننكر منكراتهم؛ إلا قالوا به، لكن بأقبح وأفجر.

وأما الخرس عنهم -بدعوى فضلهم وتكالب الكفار عليهم- فضلالٌ بعيدٌ.

قد عاتب الله -علا وتعالى- نبيه -صلى الله عليه وسلم- عتابًا عظيمًا -هو والله من دلائل نبوته- على مرأىً ومسمعٍ من الكفر وأهله -والصراع يومئذٍ على أشده- فقال: “عَبَسَ وَتَوَلَّى” إلى قوله: “فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى”!! وقال: “وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ”، حتى قالت أمنا عائشة -رضي الله عنها- فيها: “لو كان رسول الله كاتمًا من الوحي شيئًا؛ لكتم هذه”، وقال: “مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ”، وقال: “عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ”، وقال: “يَآ أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ”.

وقال الله -جلَّ وعزَّ- عن يونس -صلى الله عليه وسلم-: “وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ”، حتى قال: “لَوْلَآ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَآءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ”، تأملوا هاتين -يا بصَّركم الله- “لَنُبِذَ – مَذْمُومٌ”!! لا إله إلا الله.

وهذا نبي الله آدم والدُنا حبيبنا -صلى الله عليه وسلم- قد جمع الله له خمسًا لم تجتمع لغيره؛ “إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ”، “وَعَلَّمَ آدَمَ”، “اسْجُدُواْ لِآدَمَ”، “لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ”، “وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي”، فلما كان منه ما كان -وقد خدعه إبليس بالله فانخدع له- قال الله: “وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى”.

وعاتب -سبحانه وبحمده- أصحاب نبيه بعد أحدٍ -وهي ما هي وهم من هم- بعتابٍ فصلٍ بيِّنٍ يسمعه أعداؤهم فقال: “مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا”، وما خبر الصحابي مع اليهودي -في سورة النساء- بخفيٍّ، ولا ما نزل في حاطبٍ -رضي الله عنه- بمكتومٍ مطويِّ.

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أصحابٍ له، أفتوا (في معركةٍ) رجلًا أصابه حجرٌ فشجَّ رأسه، ثم نام فأصبح جُنُبًا؛ أفتوه بالغسل، فمات؛ قال: “قتلوه قتلهم الله”!

ما عساه يقول اليوم -بأبي هو وأمي- في جُمَلٍ من الغلو والبغي؟!

ولو تتبعتُ عتابَ الله -تقدَّس وتبارك- أنبياءَه وهم صفوة الحق، وعتابَ أنبيائه -صلوات الله عليهم وسلامه- أصحابَهم وهم خيرة الخلق؛ ما انتهى المقام.

ولم يزل الأئمة الأربعة -سيما سيدنا أحمد- وكثيرٌ من أهل العلم -وهم في بيوتهم ومساجدهم- يسددون للجهاد وأهله؛ يقولون -حسبةً لله والإسلام-: هذا معروفٌ، وهذا منكرٌ.

فاتقوا الله -عباد الله- في المجاهدين أنتم، وأمسكوا عن عصبيةٍ مقيتةٍ، لا تجحدوا خيرهم، لكن أنكروا شرورهم، ذلك أحفظ للإسلام وللجهاد ولأهله وللناس.

وبمثله أقول لغيرهم من جماعات القتال، وإنما خصصتهم لما كان منهم.

ذلك، وإني لألعن -بلعنة الله وملائكته وصالحي عباده- فضائح مخازي التفريط بالشام، وما أزريت بالغلو إلا قدمت بين يديه ما تسبب فيه من دنس التفريط.

تولى الله بالعقوبة كبراء التفريط والغلو جميعًا، وهدى المساكين عامتهم.

ربنا واسق أمة حبيبك -من بين فرْث التفريط ودم الغلو- لبنًا هنيئًا.

قال: ما نحن فيه بسبب

قال: ما نحن فيه بسبب ذنوبنا.

قلت: صدقت؛ ومن أعظمها التفريط في خمسٍ؛ العلم على وجهه، والجهاد بأنواعه، والحِسْبة على شرطها، والدعوة إلى الإسلام كله، والإحسان إلى الناس.

قال: هو قدرٌ يجب أن نسلِّم به.

قلت: صدقت؛ نسلِّم لله به، ونتبصَّر حكمته فيه، وندفعه بكل مشروعٍ مستطاعٍ.

قال: نحن أضعف من مدافعته.

قلت: قد يضعف بعضنا على حالٍ أو في حينٍ، ويكون واجبًا عليه التقوِّي بما يسر الله له من أسبابٍ. أما أن يُعمَّم هذا في الناس؛ ففتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبيرٌ.

قال: انظر الشام وما حلَّ بها.

قلت: كذلك الجهاد بأهله مُذ كان؛ دماءٌ وأشلاءٌ، أسرٌ وجرحٌ، دفعٌ وطلبٌ، نقضٌ وبناءٌ، تفريطٌ وغلوٌّ، نورٌ وعَمَايةٌ، كرٌّ وفرٌّ، حقٌّ وباطلٌ ومحتمَلٌ بينهما، غالبٌ ومغلوبٌ، حيث يتداخل الدينيُّ والسياسيُّ والاقتصاديُّ والاجتماعيُّ والعسكريُّ؛ فتكون سننُ الله بأهله. كيف به في زمنٍ عمَّ فيه الجهل وطمَّ فيه الظلم؟! فالواجب تسديد أهله؛ بإعانتهم على البر والتقوى، والنكيرِ عليهم في الإثم والعدوان، من المجاهدين والقاعدين سواءً، ومدِّهم بكل مشروعٍ مقدورٍ، والدعاءِ لهم على كل حالٍ، وعطفِ قلوب الناس عليهم، واللحاقِ بهم لمن استطاعه وكان أحبَّ إلى الله موقعُه. لا أن يُخذَّل عن سبيلهم، ويُفسَد ذات بينهم، فيعان الكفر عليهم، وتخرب ديار الإسلام فوق خرابها، وتُنقض عرى الإسلام فوق نقضها.

قال: فوحدَه القتال ما يُدفع به؟

قلت: من زعم أن شدائد الأمة لا تُدفع إلا بالقتال؛ فقد ضل وأضل، والجهاد أعم من القتال، وأعظمه البيان، وهو المُوَطِّئ للقتال ابتداءً والمُظِلُّ لحركته أثناءً والحافظ لثمراته انتهاءً، وكل عبادةٍ أمر الله -علا وتعالى- عباده بها؛ فتحقيقها سببٌ في دفعها عظيمٌ، وأجلُّ العبادة إقامة فرائض الله، وأولى الفرائض ما تعيَّن منها، وأكرمها حفظ الحدود، وأبلغها الإحسان إلى الناس.

قال: فما نصنع له وحالنا حالٌ؟

قلت: الإعداد ذاتيٌّ، ودعويٌّ، ووظيفيٌّ، وجماهيريٌّ، وهو إيمانيٌّ، ونفسيٌّ، وبدنيٌّ، وعقليٌّ، واجتماعيٌّ، وحركيٌّ، وماليٌّ، ومن لم يستطع شيئًا فليُعِدَّ له، وليتحقق بغيره حتى يفتح الله له به، وغير المستطاع لا يحاسِب عليه الله، وفي بقية الله خيرٌ، وفي أرضه سعةٌ، ومن لقي الله سائرًا إليه نجا.

قال: شكر الله لك ما بينت لي.

قلت: المنة لله؛ لولاه ما تبصَّرنا، نعوذ به من الفتن، ونسأله مغفرته والثبات.

“ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ”.

“ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ”.

بأطيب ما وعدتَ بها مؤمنًا يُحْبر؛ احبر “حبَّارة” -الليلة- حتى يُجْبر.

بك الحول، ومنك القوة؛ لا إله إلا أنت.