أن تكون قويًّا وتتضعَّف له

أن تكون قويًّا وتتضعَّف له متحببًا، ويكون ضعيفًا ويتقوَّى عليك قاسيًا؛ شقاءٌ.

أن تحب الخلوة به لمزيد الاختصاص، فيؤثر عليها لقاءك بين الناس؛ شقاءٌ.

أن تهفو إلى موافقته إياك في أي شيءٍ، فإذا هو يخالفك في كل شيءٍ؛ شقاءٌ.

أن تحبه كما لا تحب أحدًا وكما لا يحبه أحدٌ، ثم لا تهنأ منه بما تحب؛ شقاءٌ.

أن يضنَّ عليك -وحدك- بما يبسطه لكل أحدٍ سواك، متعللًا بأعلِّ العلل؛ شقاءٌ.

أن يسمح -من نفسه وحِسِّه- للأبعدين بما لا يُسمح به عادةً، إلا لك أنت؛ شقاءٌ.

أن يوقن أن مشتهاك حبُّه ومنتهاك قربُه، ثم يكون وصله قضاءً رضاءً؛ شقاءٌ.

أن تهرول إلى كل ما يصلك منه حثيثًا، ويثَّاقل إلى ما يصله منك متلكئًا؛ شقاءٌ.

أن تحبه لأجل شيءٍ، ثم تحب كل شيءٍ لأجله، ولا يذر ما تكره لأجلك؛ شقاءٌ.

أن تذكره عند كل مَرْضِيٍّ في نفسك، فيذهل عما تسخط بين أيدي الناس؛ شقاءٌ.

أن ترى أنك لم تأت إليه من الحب شيئًا بعدُ، ويرى أنه أولاك كل شيءٍ؛ شقاءٌ.

أن تعقد -كل يومٍ- عقدةً تشدُّكما شدًّا، فلا يدع عقدةً إلا حلَّها -غافلًا- حلًّا؛ شقاءٌ.

أن تئنَّ له سرًّا بأول التغيُّر فلا يبالي، ثم يفيق بآخره يهتكه شاكيًا يغالي؛ شقاءٌ.

يا معشر من بسط الرحمن في عواطفهم؛ تخيروا لقلوبكم، فإنما هي طاقةٌ واحدةٌ، في حياةٍ واحدةٍ.

فأما من ابتلي قلبه بشيءٍ من هذا؛ فليستغث الله برحمته أن يعافَى، ولا يفرِّط في سببٍ يُيَسِّرُهُ للنعيم، وإلا فهو أشد الناس بؤسًا؛ أسيرةٌ -بالليل- روحُه، نازفةٌ -بالنهار- جروحُه، “وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ”.

حبيبي يا أنا؛ يا أحبَّك

حبيبي يا أنا؛ يا أحبَّك الله.

من أحبه مولاه فطوباه؛ أصلحَه وآمنَه وأرضاه.

يا حديث الأنفاس والجُلَّاس.

لا وَدَعَ الله لك ذنبًا إلا غفره، وثبَّت فؤادك تثبيتًا.

ربِّ نعيمًا بوصاله جوارَك.

لقد أرى هذه الدار غير صالحةٍ للوفاء بحق قدْره.

كثيرةٌ -فيها- مكدِّراتُ الحب.

قلَّ ما تجمع لمحبوبين صفاءَ حالٍ وزمانٍ ومكانٍ.

سبحان الودود المقيت الله!

جعل طعام قلوب عباده من ودِّه، وأقواتِ توادِّهم.

مَنْ أرغدُ مني بك بختًا؟!

هنيئًا لقلبي ما قسم ربي من قوت قلبك الوضيء.

ضمَّتك عافياتُ السماوات.

هنالك تسكن روحك، وتصفو نفسك، وترضى.

إي أجل نعم بلى؛ الرضا.

لا أشتهي لبالك -في ركام السخط- مثلَ الرضا.

أذهب الله عنك روعتك.

كما عانقتني بالأمس، وكنتُ وجلًا؛ عطاءً وفاقًا.

أغاثك الله كما أغاث بك.

يوم كربتي التي كشفتَ عني، حين أحياني مُحَيَّاك.

ليس أحدٌ أشدَّ منه حرمانًا.

لم يذق “غَزَلُ الصَّدَاقَةِ أَرَقُّ مِنْ غَزَلِ الصَّبَابَةِ”.

لو أنه ذاق عرف، فاغترف.

مبعثرةٌ حروفي؛ تهفو إلى ضمَّةٍ تلملمها كلامًا.

الله يعلم ما بالروح من وجعٍ.

ما حيلتي وأنا امرؤٌ أهوى الهوى؟ مكدودٌ أنا.

رغبة قربتي زادتها غربتي.

غربة الإسلام، وغربة السنة، وغربة الجهاد.

“ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ”.

الإسلام سبيلٌ، والسنة دليلٌ، والجهاد الشفاء.

لم أذهل عن طعم ودادك.

#أخي_أنت_مني_مهما_تكن؛ رسمًا ووسمًا.

سامحني بسماحة صدرك.

مَنْ غيرُك يستر عيبي بجناحيه؟ فأَجْمُل بك.

يا علةً بالروح أنت طبيبها.

فقرُ الدرب وقفرُ الحرب، دواهٍ شتى جمعتنا.

ومن قبل ومن بعد “المسلم”.

تشهد أن إلهك واحدٌ، إنك فيها من شركائي.

كيف نسينا تباريح البارحة؟

“قد أوجب طلحة”؛ قالها -يوم أحدٍ- نبيُّ الله.

أوجب طلحة لنفسه الجنة.

حمل الرسول على ظهره -أمسك قلبك- فنالها.

يا هَوْلَ موحشات الطريق!

من يحمل أخاه -بين ظلماتها- وله الفردوس؟

بُحَّ بها صوتُ التوحيد بنا.

حبيبي حبيبي حبيبي حبيبي حبيبي؛ يا حبيبي.

كم أحب أن أناديك حبيبي!

الحاء من أقصى الحلق، والباء من أدنى الفم.

استحواذٌ هو الحب حبيبي.

صَهٍ: “اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي”.

هل تحس منها ما أحس؟

فيك يختصم جلالُ “اشُدُدْ” وجمالُ “أَشْرِكْهُ”.

يا نورًا أُبصرُ في سنائه.

يا أخي؛ تُهْ أَحْتَمِلْ وَاسْتَطِلْ أَصْبِرْ وَعُزَّ أَهُنْ.

وعلَّام غيوب القلوب أحبك.

ذكرتُ أغنيةً غنيتها فيك قديمًا؛ بأول تعليقٍ.

وبالتعليق الثاني سرُّ البعثرة.

وثالث التعليقات قصة الجُملة؛ مبتدأً وخبرًا.

سأل سائلٌ -بعد الكلام عن

سأل سائلٌ -بعد الكلام عن أحمد سالم وأصحابه-: ما تقول في فلانٍ؟

ليس عملي أن أُلبس كلَّ واحدٍ فانلَّةً وأُرقِّمه برقمٍ؛ رحم الله ضعفي وعجزي وما بينهما في نفسي، والكلام عن هؤلاء أو غيرهم -ممن أخالف من إخواني- كلامٌ عابرٌ، ومن قلَّب بصره في الصفحة أدرك ذلك -بحمد الله- جليًّا، وإن أخاكم لمن أقصر الناس نفَسًا في شقاقٍ، لا طاقة لقلبي به.

واستنكر مستنكرٌ قال: أليس في سالمٍ وأصحابه من الخير كذا وكذا؟

أقول: بلى؛ فيهم من الخير ما يُذكر فيُشكر؛ في ميزان الله والذين يأمرون بالقسط من الناس؛ لكني لست مترجمًا لهم فآتي على كل شيءٍ فيهم؛ بل أعرض لضرر طريقةٍ وخليقةٍ منهم بالبراءة والنكير؛ لما أُوقن به من عوائد السوء بهما على الدين وأهله؛ برحمة مولانا نستغيث من الفتن.

يا رفاق الإحسان؛ إني ما أنشأت صفحتي -أرجو ربي صدق قلبي- إلا ابتغاء القصد والمرحمة؛ القصد في الحق والمرحمة بالخلق؛ فأعينوني بعزماتكم؛ نجعل بيننا وبين انحرافٍ وإجحافٍ ردمًا.

#في_حياة_بيوت_المسلمين. هل أتاكم نبأ أولي

#في_حياة_بيوت_المسلمين.

هل أتاكم نبأ أولي العفاف؟ نبأٌ طاهرٌ زكيٌّ حميدٌ؛ لا يستوي أصحابه وأولو الخيانة ولا يلتقون.

العفيف تكفيه العفيفة -نفسًا وحسًّا- وترضيه، والعفيفة يكفيها العفيف -نفسًا وحسًّا- ويرضيها، ما أهنأهما بالًا وحالًا ومآلًا! هو -رَضِيُّ القناعة- لم يكشف عن أنثى قبلها فيحسب النساء كلهنَّ كذلك، وهي -نبيلة البراءة- لم تبْلُ غيره فتحسب الرجال جميعهم كذلك. إلا بلاءً يبتلي الله به أهله عليمًا حكيمًا.

فأما من فجر ولم يتب فشقاؤه شقاءٌ؛ لا يزال يقيس من يطلب على من ذاق، ضعُف الطالب والمطلوب.

وأما من فسق وتاب فإن العفوَّ -الذي يحب العفو- يتوب عليه؛ لا يزال يصدُق مولاه في توبته حتى يبلِّغه -في النكاح- بإخلاصها منازل أولي العفاف؛ غوثُ المنان كريمٌ، وكان الله توابًا رحيمًا.

يا فتيةً رضوا أرض الإسلام حشمةً وسماءه نقاءً؛ احفظوا قلوبكم وفروجكم من عاديات الهوى والشهوات؛ حتى يبسط الرحمن لأنفسكم من طيبات ما أحل لها، واعلموا أن حياتكم حياءكم، فإن زللتم فلا تسرفوا، ومن غُلب -منكم- على هوىً أو شهوةٍ فليتب من قريبٍ؛ فإن العقلاء إذا زلوا لم يضلوا، يجبرون كسور ما مضى ابتغاءَ صَفْوِ ما بقي؛ أولئك الذين فقهوا حظوظهم وأولئك هم الطيبون.

لم أرجع عن كلامي في

لم أرجع عن كلامي في أحمد سالم وعمرو بسيوني، وإنَّ شأن “المربَّع السالميِّ” -سالم وبسيوني والمرزوقي والحنبلي- لجدٌّ يجب البيان -نصيحةً لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم- فيه.

هذا المربَّع الذي تتشابه أضلاعه كثيرًا وتختلف يسيرًا؛ تتشابه في عامة الطريقة والخليقة، وتختلف في بعضهما، وقد كثرت منهم الأباطيل، وعظمت فيهم الأقاويل؛ ما يقتضي الدلالة على الحق بالحق.

لقد أعلم أن في ردود بعض أحبتي -هداهم الله إلى القصد والمرحمة- على “المربَّع السالميِّ” بعضَ جهلٍ وظلمٍ؛ لكني أستعين الله -نعم المستعان- على الكلام فيهم بعلمٍ وعدلٍ؛ راجيًا لي ولهم السلامة.

ولقد محوت منشوري لحقِّ أحبتي علي في التفصيل، وأنا -بحمد الله- لم أزل مريضًا مرضًا شديدًا، أتعاطى له -كل يومٍ- خمسةً وعشرين قرصًا؛ أرجو الرحمن معافاته لي ولكل ذي علةٍ من المسلمين.

ذلك؛ وليس الأمر متعلقًا بآخر فتاوى سالمٍ، وإن لم يسلم بعضها من ضرر نهجٍ يدعو الناس إليه على الإسلام والمسلمين؛ بل الأمر أقدم وأهْوَل وأوسع من هذا؛ يسر الله -جلَّ جلاله- بسط الحرف فيه.

ولقد دعوت ربي: “اللهم أنت الحكم الشهيد المبين، العليم الخبير -وحدك- ما يأتي القوم باطنًا وظاهرًا؛ إن كان أمرهم خطئًا فاكتبه بالعفو -رحمانًا رحيمًا- فيما كتبت، وإن كان أمرهم سوءًا فاكبتهم -عزيزًا جبارًا- فيمن كبت؛ لا إله إلا أنت”. وإني لأرجو الحكيم -علا وتعالى- أن يستجيب لي في ذلك.

بالتعليقات منشوراتٌ عدةٌ يفطن بها اللبيب إلى ضرر منهج القوم الذي أقصد، ومنشورٌ في ضرورة النقد، وهي كالتيمم عند فقد الماء، حتى يبسط الله في عافيتي فأزيد؛ غفر مولانا لنا وهدانا أجمعين.

#في_حياة_بيوت_المسلمين. يخفق في الزواج كثيرًا

#في_حياة_بيوت_المسلمين.

يخفق في الزواج كثيرًا من يرجون به كل ما يفتقرون إليه.

أولئك الطيبون الذين يظنونه -رجاءً- منتهى كل ألمٍ، ومشتهى كل أملٍ.

يحملهم على هذا الظن -غالبًا- ما هم فيه من سوء الحال؛ في أنفسهم وفي أهليهم.

ثم يفتنهم مزيدًا ما ابتلينا به فيه -آناء الليل وأطراف النهار- من زائف الكلام وبهرج الصور.

يا أيها الذين آمنوا؛ إن الزواج -بما قضى الله فيه من إعفاف حِسٍّ وإيلاف نفسٍ- سكنٌ ومودةٌ ورحمةٌ، وإن أطيب الناس منه رزقًا أوفاهم من هذه الثلاث حظًّا.

لكنَّ العليم الحكيم -الذي وضع الميزان- جعل في غير الزواج قضاء غير هذه الحاجات؛ فجعل طمأنينة القلوب في الذكر، وصلاح البال في الجهاد، وقرة العيون في الصلاة، وراحة الأرواح في الأنس بربها، وطيب العيش في بر الناس والإحسان إليهم، وشفاء العقل في العلم تفكرًا وتدبرًا، وجُمَلًا من مراضي النفس ومباهجها في جُمَلٍ أخرى من العبادات والمعاملات.

وزواج البررة الصالحين وإن كان معينًا -بوجهٍ من الوجوه- على هذا كله بحمد الله؛ إلا أنه لا يعين عليه من وجوهٍ أخرى بحكمة الله؛ بل الحق أنه ينقص منه ويصرف عنه.

فأنى يُلتمس بالزواج -استقلالًا- كلُّ ذلك؛ كما هو ظن العامة؟!

هذا شديد العاطفة من الزوجين؛ إذا ابتغى رواء غُلَّته وشفاء علَّته وسَدَّ خَلَّته بصاحبه وحده، قصرًا عليه من دون الناس (والدَين وأبناءً وأرحامًا وجيرانًا وأصحابًا وغيرهم)؛ لم تُرْوَ غُلَّته ولم تُشْفَ علَّته ولم تُسَدَّ خَلَّته؛ بل ربما شقي بزواجه -على هذا النحو- وأشقى صاحبه.

فارجوا الله بالزواج ما أودع قدَرًا؛ “قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا”.

ليست الغيرة على المحبوب بآكد

ليست الغيرة على المحبوب بآكد علامات المحبة؛ لكنها أقواها بنفس المحب أثرًا، وأشدها عصفًا بقلبه وعقله، حتى لتكاد تحرق منه كل عافيةٍ؛ فإنها نارٌ في الروح كاويةٌ تضطرم، وجحيمٌ في الفؤاد شاوٍ يتأجج، لا يفيق صاحبها من لسع لدغاتها حتى يغشى عليه بلدغ لسعاتها، لا تبقي ولا تذر.

ولقد رأيت من عظُمت غيرته على من يحب حتى منعته نومه وطعامه، وذهبت بعامة رصانته ورشده؛ فإذا هو هائجٌ من بعد أناةٍ، معتلٌّ بغير علةٍ، لا يبالي بكرامته عند أحدٍ وقد هانت عليه نفسه.

وكان شقاء أحدهم بغيرته نائمًا أعظم من شقائه يقظانًا؛ فكان يرى أنه يركض خلف محبوبه ثائرًا يصرخ، حتى إذا ظفر به نهش في جسده بأظفاره؛ يعاقبه على ما أظهر منه -في اليقظة- لغيره.

ألا إن في كثيرٍ من المحبة من القسوة والظلم مثل ما بها من الرأفة والشفقة، وإنها لمجتمع الأضداد.

فمن عرف قلبه ضعيفًا لا طاقة له فليجنبه موارد المحبة الخاصة؛ تلك التي تبلغ من الباطن ما تبلغ وتحيط بالظاهر ما تحيط، وليرمق مبتدآت التعلق من نفسه فيدفعها، وليتصبر بمولاه؛ فإن وجع القلب خليًّا يتأرَّق أهون من وجعه شجيًّا يتحرَّق، وبعزة الله السلامة أولًا وبرحمته المعافاة آخرًا.

يعتذر قلبي إليكم؛ لو أن

يعتذر قلبي إليكم؛ لو أن به قوةً لأجبت رسائلكم هرولةً؛ أفسح الله لي في سماحتكم موضعًا.

يا غيوث الندى؛ كيف أنلتموني بحبكم كل شيءٍ؛ ولم ينلكم مني غير الحب شيئًا؟

كبرتْ بعطفكم نفسي من صغرٍ، وغنيَ بتحنانكم قلبي من فاقةٍ، وأنا بصحبتكم عزيزٌ كريمٌ.

يا أرحم الراحمين؛ لا تحرمني مرحمة الرحماء أحبتي، وارحمهم بأوسع رحمتك.

محفوظٌ بنفسي مرفوعٌ فوق رأسي وصل كل من وصلني، توكلت على ربي في مكافأتكم.

يا سواعد إخوةٍ أتوكأ عليها في مسيري، يا ظهور أحبةٍ تحمل عني أشيائي، يا بيوت أصحابٍ تجبرني في رحبائها، يا عربات أخلاء تقيني الحر والعنت، يا كل صدقٍ من كل صديقٍ؛ لله أياديكم عليَّ جمعاء، مشكورةً بقلبي وبدني، مذكورةً بخواطري ولساني، محلُّها ما بين عينيَّ حياتي؛ شعارًا ودثارًا.

ومن قبلُ ومن بعدُ على الله الثناء وله الحمد؛ لولا ستره يلفنا ما تعارفنا، ولولا رحمته غلبت ما تحاببنا؛ نضرع إليه بما فتح بيننا من مودةٍ في الحياة الدنيا؛ ألا يمسكها علينا حتى يظلنا في ظلها يوم الحرور، وأن يجمعنا بطيوبها في جواره الأنعم على سررٍ متقابلين؛ كفى بالله ودودًا وكفى بالله جميلًا.

ليلتان بالمشفى بثمانية آلاف جنيهٍ!

ليلتان بالمشفى بثمانية آلاف جنيهٍ!

قلت في نفسي وللطيبين أحبتي أحبَّهم الله:

ما حيلة مسكينٍ لا يجد نفقةً لوجعه في هذه البلاد؟!

لعن الله الفجرة الطواغيت المستبدين بالمال، وأمكن من رقابهم.

تحاليل، ونقل كيس دمٍ واحدٍ، وأشعَّةٌ، ومنظارٌ، وأدويةٌ يسيرةٌ، ومبيتٌ، ومُرافقٌ؛ هل تتكلف هذه الأشياء هذا المال جميعًا؟! كيف بالمحتاجين إلى أكثر من هذا وزمانًا طويلًا؟!

خرجت بمعافاة الطيب الطبيب سبحانه وبحمده، وكان أمر المال بمنته -تعالى- هينًا ميسورًا.

قرحةٌ بالمعدة وأخرى بالاثنا عشر؛ فضلٌ من الرحمن كبيرٌ، له الحمد -وبكل نعمةٍ- وعليه الثناء.

لا أشكو ربي -علا وتعالى- إلى عباده، وإن آلاءه -وهابًا منانًا- لوافرةٌ متواترةٌ، تحوطنا -بالغاتٍ سابغاتٍ- عن الأيمان والشمائل، ولست أرى هذا من البلاء في شيءٍ، بل أولو البلاء غيرنا؛ الذين في السجون، والمرابطون على ثغور الإسلام، وأصحاب الديون، ومظلومون مستضعفون، وزَمْنَى في أسقامهم، ومُعْوَزون محرومون، وآخرون حاجاتهم في صدورهم لا يجدون لها قضاءً.

لكني أغتنم هذا القدَر الكريم من ربٍّ رحيمٍ؛ لأجدِّد البراءة من المشركين الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، ولألعنهم بلعنة جبار السماوات والأرض ومن والاهم، ولأذكِّر بفقراء المسلمين وما لهم علينا -في هذه الحال العسِرة- من حقوقٍ مضاعفةٍ، حسبنا الله وإياهم ونعم الوكيل.

أذكر أن شيخًا من خِرَقِ الطواغيت القذرة قال -أيام الثورة-: إنها ثورةٌ على الثروة. يصد الناس بهذا الإفك اللئيم عنها، ويُخفِّضهم لرفعة من يعبد من دون الله؛ كأن هذا المأفون المغبون لم يسمع دعاء كليم الله -صلى الله عليه- “رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ”.

انظر كيف وضع نبي الله موسى -عليه السلام- المال موضعه مرتين؛ مرةً حين وصف الداء، ومرةً حين نعت الدواء! هذا مقام أولئك السادة النبيين، لا حضيض هؤلاء العبيد المناكيد.

فلولا هذا المال الذي يستبد به الطغاة من دون الناس؛ ما كانت حربهم على الإسلام كذلك؛ “رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ”؛ ذلك المال الذي يكون به من أنواع الإغراء والإغواء، ومن صنوف الرَّغَب والرَّهَب، ومن جُمَل الإعزاز والإذلال، بل من الحياة والموت؛ ما يكون، تلك قوةٌ قضى الله بها في المال، لا عزاء للدراويش وسحقًا للخائنين.

لذلك دعا اللهَ -جلَّ جلاله- عليهم أن يطمس أموالهم، وطمسُها إهلاكها بأسبابٍ نسأل الله أن يكتبنا بين يديها، أو تغييرها عن هيئتها فلا يهلكون بها الحرث والنسل، ثم دعا بالشدَّ على قلوبهم.

لقد نهانا الله أن نؤتي سفهاءنا أموالنا، وشرع ما شرع في المال كي لا يكون دولةً بين أغنيائنا، هؤلاء السفهاء والأغنياء من المسلمين؛ فكيف لنا أن نتركه نهبًا لأعدائنا من المجرمين؟

وجعل ربنا جزاء المسلم إذا سرق مالًا قطع يده، ومن يغصبونه حرابةً “أَن يُقَتَّلُوآ أَوْ يُصَلَّبُوآ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ”؛ كيف بحرامية الطواغيت وأعوانهم؟

ألا إن الفقر بريد الكفر، وسببٌ لما بين يديه من الضلال والبغي والفسوق عظيمٌ؛ فأغنانا الله من فضله ورسولُه، وطمس بأسبابنا أموال الطُّغمة المفسدين، وقضى بنا حوائج عباده المؤمنين.

#في_حياة_بيوت_المسلمين. “تبسمك في وجه أخيك

#في_حياة_بيوت_المسلمين.

“تبسمك في وجه أخيك صدقةٌ”؛ كيف بها في وجهَي أبويك؟!

تمسك إحداهن بدُميتها فتبتسم في وجهها الجامد، وأحدهم يجود بابتسامته على الأقارب والأباعد؛ فإذا دخلا على أولى الناس ببهجتهما عبسا، فإن لم يعبسا لم يتبسما؛ أولئك الفقراء المحرومون.

قد أعلم أنه ليس كلُّ عبوسٍ من عقوقٍ، وأن بعضه من فرَط الشواغل والهموم، وأن منه ما لا يُقصد صدقًا؛ لكنَّ ولدًا يعرف افتقار فؤادَي أبويه إلى ضَيِّ ناظريه ثم يضنُّ به عليهما؛ شحيحٌ قلبه.

كيف إذا كان يحسن تكلُّف هذا لمصلحةٍ من مصالح نفسه ومعاشه إحسانًا عجبًا؟ ويقول: الضرورة!

أما نبلاء الأبناء فينفقون على قلوب آبائهم من سماحة نفوسهم وإن بهم ما بهم؛ أولئك فقهاء النفوس، الخبراء بالحقائق، العالمون كيف يثيب الله؛ على الكريم -وحده- جزاؤهم وهو خير الشاكرين.

إني لأطيل النظر إلى وجه أمي -نائمةً- خوفَ أن تنام قبلي نومةً أخيرةً، ولقد كنت أقول لنفسي -في السجن-: لعل زمانك الذي تقضِّيه هنا اضطرارًا هو مجموع زمانٍ بعُدت فيه عن والدتك اختيارًا.

أما تلك التجاعيد المجيدة في وجهها المشرق؛ فعلَّام غيوب القلوب -وحده- يعلم ما فتكُها في قلبي.

أيها الطيبون؛ كونوا بررةً أوفياء، بررةً أوفياء كونوا، لا أحقَّ بإحسانٍ من جوانحكم وجوارحكم -بعد الله ورسوله- من آبائكم. لقد أقام الله الحجة على قلوبنا جمعاء في معاملة المحبوبين؛ فنحن مع من نحب -من أزواجٍ وأبناءٍ وأصحابٍ- على أحوالٍ مرضيةٍ؛ فمن أولى بعطاء قلوبنا من آبائنا؟ وإن خير العطاء ما كان على جَهد الأنفس وتقطِّع الأنفاس، “وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ”.

تلك الوالدة التي تتجهَّم -كبيرًا- في وجهها ويعطف قلبك من يعطف على التبسم لها؛ لم يوصها ربٌّ ولا نبيٌّ بالتبسم لك، ولو أوصياها -حاش لله ورسوله مثل هذا- ما وجدت على طاعةٍ عزمًا.

بل بشرها الله بحملك فتبسمت، وكلما آمنك الله -في بطنها- تبسمت، ومهما يشق حملك على كل شيءٍ فيها تبتسم، ويوم وضعتك -وهي أقرب إلى الآخرة من الدنيا- تبسمت، وليلةً بتَّها باكيًا -وهي ذات وجعٍ- تبسمت، وأخرى سهرتها مريضًا -وراحتُها مشتهاها- تبسمت. ولو قيل لها -يومئذٍ- احتسبي جَهدك عند ربك؛ لقالت: وإن لم أحتسب شيئًا. لا يخطر على قلبها أنك تكافؤها كبيرًا، ولا ترجو على عطائها جزاءً ولا شكورًا؛ بل تحنو -كلما تحنو- لك، لك أنت، أنت وحدك، لا مزيد عليك.

ذلك الوالد الذي تحاسبه -اليوم- على ما ضاق من خلقه واحتدَّ من طبعه فتكْلَح في وجهه؛ كان حسبُه -بالأمس- إذا رجع من عمله -وقد كدَّ ما كدَّ وأُهين ما أُهين- أن يراك فيبتسم، كانت ابتسامتك ما يهوِّن عليه كَبَدَ العيش في بلادٍ أهون ما عليها رجالها، كم ذاق فيها -أو بغيرها إذا اغترب- ما ذاق لأجل الإنفاق عليك! وما إنفاق ماله بأغلى مما أنفق من نفسٍ وكرامةٍ وعافيةٍ، كل ذاك لتبتسم أنت. أنت ما أنت كيف أنت ويحك! انظر إليه مبتسمًا في وجهه؛ أثابك الله نظرًا إلى وجهه الكريم.