يستأذن أخٌ -بتعليقٍ- على منشورٍ

يستأذن أخٌ -بتعليقٍ- على منشورٍ في مشاركته، فأقول له -متعجبًا لطلبه-: “يا لبيك حبيبي؛ أخوك وصفحتك”؛ ما عجبي إلا من توافر المشاركة للجميع! حتى قرأت -الساعة- تعليقًا لأخي الأستاذ شريف محمد جابر على منشور أخي الدكتور علي فريد، قال:

“هناك أيضا الحرامي المحترم، والذي يراسلك أو يكتب في تعليق بأنه يرغب بنشر منشورك في صفحته.. طبعا هو يقصد نشره بدون إشارة إليك، وقد صرح لي أحدهم بهذا يوما! وإلا فخيار النشر والمشاركة لا يحتاج لاستئذان.. وهذا كالذي يقتحم دارك بهدوء فيبتسم لك ويطلب سرقة بعض محتوياتها عن طيب خاطر منك.. حرامي محترم!”.

والله يا أحبة الهدى والرضا -وأرجو ربي صدق ما أقول- لا يهمُّ نفسي هذا الأمر كثيرًا، لكني أكره -بكراهية الله ورسوله- فعله لصاحبه؛ فأما الله مولانا -علا وتعالى- فقال في طائفةٍ ملومةٍ مذمومةٍ: “وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا”، وأما محمدٌ الرسول -صلى الله عليه وعلى أبويه إبراهيم وإسماعيل- فقال: “المتشبع بما لم يُعْطَ كلابس ثوبي زورٍ”.

ربنا افتح لمن يأتي -من إخواننا- هذا؛ ما ببركاته يستغنون عن ذاك؛ وزيِّنا بأبهى الشمائل أجمعين.

أيها المحبون مولاهم وإن عصوه

أيها المحبون مولاهم وإن عصوه كثيرًا، المبتغون رضاه وإن تقلبوا طويلًا؛ تعالوا.

من بديع كلام الإمام الجُنيد -رحمه الله- قولُه:

الصادق يتقلب في اليوم أربعين مرةً، والمرائي يثبت على حالةٍ واحدةٍ أربعين سنةً.

قلت: تحقيق هذا -آمنَكم الله- من وجوهٍ ثلاثةٍ:

الأول: أن الصادق هو المستقبل وجه الله -سبحانه- في عمله، وهو -مع جدِّه واجتهاده في عمله- لا يرى ربه، فإذا زاد إيمانه في قلبه -بأسباب زيادته- عظُم إقباله على الله حتى لكأنه يراه، وإذا نقص إيمانه في قلبه -بأسباب نقصه- ضعُف إقباله على الله حتى لكأن الله لا يراه، تعالى الله خبيرًا بصيرًا. أما المرائي فهو المستقبل -في عمله- وجوه الناس، ولا يزال الناس شهودًا شاهدين، لا يغيبون عنه ولا يغيب عنهم، بل يجتمع بهم في عامة حياته، فهو على حالةٍ واحدةٍ -بينهم- من استقامة ظاهره.

الثاني: أن تسلط النفس والشيطان على الصادق أشد من تسلطهما على المرائي؛ فإن الصادق لا يزال يحمل نفسه -مجاهدًا شيطانه- على معالي الأمور وينأى بها عن سفسافها، وذلك سَجنٌ لها في التكاليف فوق سَجنها في الجسد، فهي تتفلت منه -بعون الشيطان- آناء الليل وأطراف النهار. أما المرائي فحَسْبُ نفسه وشيطانه منه ما هو فيه من فساد الحال، لذلك لما قالت اليهود لعبد الله بن عباسٍ -رضي الله عنهما-: إن الشيطان لا يوسوس لنا في صلاتنا. قال: “وماذا يفعل اللص في البيت الخَرِب؟”.

الثالث: أن تقلب القلوب بعامةٍ سريعٌ شديدٌ؛ كيف بقلوب الصادقين؟ وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنما القلب من تقلبه؛ إنما مثل القلب كمثل ريشةٍ معلقةٍ في أصل شجرةٍ؛ يقلبها الريح ظهرًا لبطنٍ”، وقال -صلى الله عليه-: “لَقلبُ ابن آدم أسرع تقلبًا من القِدْر إذا استجمعت غليانًا”، وكان جُلُّ قسمه -عليه السلام-: “لا ومقلبِ القلوب”، وكان دعاؤه -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا: “يا مقلب القلوب؛ ثبت قلبي على دينك”. أما المرائي فإن قلبه -باستقبال وجوه الناس وآثار ذلك- في شغلٍ عن التحول.

بقيت إشارةٌ في كلام الشيخ إلى قيدٍ وبشرى:

فأما القيد؛ فإن قوله في المرائي: “يثبت على حالةٍ واحدةٍ أربعين سنةً”؛ دالٌّ على أنه لم يعن الرياء العامَّ الذي لا يزال يعرض للصادقين -من نفوسهم- فيدفعونه، بل هو -عِياذًا برحمة الله ولِياذًا بعافيته- رياءٌ خاصٌّ بأهله، يغدون به في الناس -مقيمين عليه- ويروحون.

وأما البشرى؛ فهي للشاكِين -من المحبين ربهم- تقلب قلوبهم كثيرًا، الظانين أنهم -بكثرة عثراتهم- على شفا هلكةٍ وأنهم منافقون؛ فنقول لهم -إرغامًا لأنوف الشياطين-: بل كذلك الصادقون؛ الذين يستقبلون وجه الله وحده -لا وجوه الناس- فيذكرونه حينًا وينسونه حينًا، وتتسلط نفوسهم والشياطين عليهم ما لا تتسلط على غيرهم، وتعرض الفتن لقلوبهم ما لا تعرض لسواهم.

أيها المؤمنون؛ ما بقيتم تقومون كلما عثرتم فأنتم محسنون، وما لقيتم ربكم تسيرون إليه فإنكم ناجون.

قال أحدهم -يبغِّض إلى الناس

قال أحدهم -يبغِّض إلى الناس الغناء-: ليس في الغناء لذةٌ.

قلت: شكر الله له كريم قصده؛ لكن في الغناء لذةٌ من وجوهٍ كثيرةٍ؛ معانٍ ومبانٍ وأصواتٌ وألحانٌ.

لولا لذاتٌ فيه يَخبرُها الله ورسوله وعباده الأصحَّاء؛ ما وُعِدَ أهل الجنة بغناء الحور العين فيها.

فيا لذةَ الأبصارِ إنْ هيَ أقبلتْ ** ويا لذةَ الأسمــــــاعِ حينَ تكلَّمُ

قال يحيى بن أبي كثيرٍ -رحمه الله- في تفسير قول الوهاب -علا وتعالى-: “فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ”؛ قال: الحبرة: اللذة والسماع.

وروى البيهقي -رحمه الله- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: “إن في الجنة نهرًا طول الجنة؛ حافَّتاه العذارى قيامٌ متقابلاتٌ، يغنين بأحسن أصواتٍ يسمعها الخلائق، حتى ما يرون أن في الجنة لذةً مثلها”، قالوا: يا أبا هريرة؛ وما ذلك الغناء؟ قال: “إن شاء الله التسبيح، والتحميد، والتقديس، وثناءٌ على الرب عزَّ وجلَّ”.

تأمل يا أرضاك الله؛ عذارى متقابلاتٌ، على حافتي نهر الجنات، يغنين بأندى الأصوات، على ذي الجلال والإكرام مثنياتٍ؛ يا إبهاج نعيم الله!

أيا فيروز يا نازكُ أبطئا، يا أم كلثومٍ يا ليلى تأخرا، يا أسمهان يا نجاة أقصرا، يا منيرة يا سعاد تقهقرا؛ بَطَلَ بهرجُ الحُسن هنا في حضرة حقِّه هناك.

وروى الطبراني -رحمه الله- عن أنس بن مالكٍ -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن الحور في الجنة يتغنين، يقلن: نحن الحور الحسان، هدينا لأزواجٍ كرامٍ”.

وروى -رحمه الله- عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصواتٍ، ما سمعها أحدٌ قطُّ؛. إن مما يغنين: نحن الخيرات الحسان، أزواج قومٍ كرامٍ، ينظرن بقُرَّة أعيانٍ. وإن مما يغنين به: نحن الخالدات فلا يمتنه، نحن الآمنات فلا يخفنه، نحن المقيمات فلا يظعنَّه”.

“ألا نحن الخالدات فلا نموت أبدًا، ألا نحن الناعمات فلا نبأس أبدًا، ألا نحن المقيمات فلا نظعن أبدًا، ألا نحن الراضيات فلا نسخط أبدًا؛ طوبى لمن كنا له وكان لنا”.

بألحان الفراديس العلى؛ لا عبد الوهاب ولا فوزي ولا بليغ ولا الأخوان رحباني، ولا غير هؤلاء هناك؛ قُضِيَ في الجمال بمحضه وضلَّ هنالك الزائفون.

اللهم غناء حورٍ عينٍ، في روضات طربٍ، على خمرٍ لذةٍ، بأيدي ولدانٍ مخلَّدين.

فإن قال قائلٌ: فإني أحب من الدنيا سماع فلانٍ وفلانةٍ، وأرجو أن أُنعَّم بأصواتهم في الجنة؛ فإليك ما رُوي عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما-: “فى الجنة شجرةٌ على ساقٍ، قدْرُ ما يسير الراكب فى ظلها مائة عامٍ، فيتحدثون فى ظلها، فيشتهى بعضهم، ويذكر لهو الدنيا، فيرسل الله -عزَّ وجلَّ- ريحًا من الجنة، فتحرك تلك الشجرة بكل لهوٍ كان فى الدنيا”.

“لَهُم مَّا يَشَآؤُونَ فِيهَا”؛ ذلك وعد الرحمن، وإن دنا ذوقك -في الدنيا- صانك الله وزانك؛ فكنت ممن تطربه إليسا! أو يروقُه عمرو! أو تسره نانسي! أو يعجبه منير! ويا لله عجبٌ لا ينقضي!

ليس غناء الحور العين وأزواج المؤمنين -في الجنة- وحده نعيمَ أسماع أهلها؛ بل روى ابن أبي الدنيا -رحمه الله- عن محمد بن المنكدر -رحمه الله- قال: “إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين الذين كانوا ينزهون أنفسهم وأسماعهم عن مجالس اللهو ومزامير الشيطان؟ أسكنوهم رياض المسك، ثمّ يقول للملائكة: أسمعوهم تمجيدي وتحميدي”.

وفي راويةٍ أخرى عن مجاهدٍ -رحمه الله-: “وأخبروهم ألا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون”.

بل إن لذة صوت نبي الله داود -صلى الله عليه- لتشغل أهل الجنة عن لذاتهم؛ روى عبد الله بن الإمام أحمد -رحمهما الله- عن مالك بن دينارٍ -رحمه الله-: في قول الله -تقدَّس-: “وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ”؛ قال: يقيم الله -سبحانه- داود عند ساق العرش، فيقول: “يا داود؛ مجدني اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم، فيقول: إلهي؛ كيف أمجدك وقد سلبتنيه في دار الدنيا؟ فيقول الله -تبارك-: فإني أرده عليك، فيرده عليه، فيزداد صوته، فيستفرغ صوت داود نعيم أهل الجنة”.

مزامير أنسٍ، في مقاصير قدسٍ، بألحان توحيدٍ، في رياض تمجيدٍ؛ سبحانك اللهم ما أوفى البهاء!

بل إذا سمعتم ثَمَّ سمعتم هناك قراءة الملك العظيم كلامه الكريم؛ يا جلال كبرياء ذي الملكوت! روى أبو الشيخ -رحمه الله- عن عبد الله بن بريدة -رضي الله عنه- قال: “إن أهل الجنة يدخلون كل يومٍ مرتين على الجبار -جلَّ جلاله- فيقرأ عليهم القرآن، وقد جلس كل امرئٍ منهم مجلسه الذي هو مجلسه على منابر الدر والياقوت والزبرجد والذهب والزمرد، فلم تقرَّ أعينهم بشيءٍ ولم يسمعوا شيئا قطُّ أعظم ولا أحسن منه، ثم ينصرفون إلى رحالهم ناعمين قريرةً أعينهم إلى مثلها من الغد”.

يسمع أحدنا -اليوم- كلام الله يتلوه عبده المنشاوي -ملأ الله قبره نورًا- فيذهل عن نفسه وعن الدنيا كلها؛ يعرج بك صوت الشيخ ممزوجًا بصدقه إلى أرض الجنة لا شيء دونها، كيف بسماعك إياه -نورًا مبينًا- من فوق سقفها؟ ما سقفها إلا عرش الرحمن، وفوق العرش مليكه الكبير، يتلو -حميدًا مجيدًا- من آياته على زواره؛ فيحبر أرواحهم حبورًا، ويعمر قلوبهم سرورًا.

لا إله إلا الله الغني المنان؛ عطاءَك ربَّنا الذي بغير حسابٍ؛ هبْنا بغوثك من فيوضه حظًّا كريمًا، وأدرجنا به في حواشي السعداء، فنُستر في أكنافهم فقراءَ الحسنات؛ تتصدق علينا -ساعةَ سعةِ المغفرةِ- مما أنلتهم؛ فنُدهش برحمتك، ونقول: مولانا؛ نحن نحن وأنت أنت، لا إله إلا أنت.

قيل: أحلامنا تزنُ الجبالَ رزانةً

قيل:

أحلامنا تزنُ الجبالَ رزانةً ** وتخالنا جنًّا إذا ما نجهلُ

وقيل:

ولي فرسٌ للحلمِ بالحلمِ ملجمٌ ** ولي فرسٌ للجهل بالجهلِ مسرجُ

وقيل:

قومٌ إذا قوبلوا كانوا ملائكةً ** حُسنًا وإن قوتلوا كانوا عفاريتا

وقيل:

تدرَّعوا العقلَ جلبابًا فإنْ حميتْ ** نارُ الوغى خِلتَهمْ فيها مجانينا

وقيل:

بالسيف حيناً والهوادة تارة——– والحلم أخرى دون أي رياء
لله لا لنفوسهم قد أخلصوا——– قد سربلوا الإسلام بالسيراء
أنت العظيم من المناحي كلها——–يامنقذ المعمورة السجواء
“سلماً”و ” حرباً حكمة وسياسة”——–“نبلاً” جمعت بأبهج الأزياء

وقيل:

ولا نحالفُ إلا اللهَ من أحدٍ غير السيوفِ إذا اغْرَوْرق النَّظَر
ُ أما العدو فإنا لا نلينُ لهم حتى يلين لضرس الماضعِ الحَجَرُ

وقيل:

وقد حلمنا قديما كي نبينكم .. حقيقة سفرت عريانة الحجبِ

واليوم غضبة أحرار وليس لها .. من هدنة أو يعود السيف بالأربِ

وقيل:

وما هوَ إلا الوحيُ أو حدُّ مرهفٍ تُمِيلُ ظُباهُ أَخدَعَيْ كُل مَائِلِ
فهذا دواءُ الداءِ من كلِّ عالمٍ وهَذا دَواءُ الدَّاءِ مِنْ كُل جَاهِلِ

قواعد في الرد على الشبهات:

قواعد في الرد على الشبهات:
– العقل نسبيٌّ.
– العقل متغيرٌ.
– العقول متفاوتةٌ.
– العقل غير المعقولات؛ (المطلق والنسبي والإضافي).
– القطعي لا يُنقض بالظني؛ كيف بالمُتوهَّم وما دونه وما ليس شيئًا؟!
– يأتي الإسلام بمحارات العقول لا بمحالاتها.
– لا يُشكل خبرٌ ولا حكمٌ ولا قدرٌ علي كل أحدٍ من كل وجهٍ.
– الشبهات ضرورةٌ إيمانيةٌ “هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ”، وضرورةٌ عقليةٌ، وضرورةٌ معرفيةٌ.
– الغالب على الخلق والأمر هو الإحكام.
– يُردُّ المتشابه إلي المُحكم.
– التسليم الكلي في الأخبار والأحكام يوجب (عقلًا) التسليم الجزئي فيهما.
(من قامت البراهين والآيات على صدقه فيما يبلغه عن الله؛ كان صادقًا في كل ما يخبر به عن الله).
– كثرة الطعن علي الحقائق لا تنفيها.
– لا يستلزم ضعفُ القدرة على تصور شيءٍ إنكارَه.
– تحرير العلاقة بين الوحي والعقل؛ (تقرير العلاقة بينهما في الوحي، التداخل الوجودي بينهما، استحالة التعارض بين صحيح الأول وصريح الآخر، العقل خلقُه والوحي أمرُه، افتراض التعارض الحقيقي بينهما مسقطٌ لهما جميعًا، العقل متولٍّ ولَّى الرسولَ ثم عزل نفسه، العقل شاهدٌ والوحي قاضٍ، العقل مزكَّى الشرع ولا يأتي الشاهد بتجريح المزكَّى ولا بتكذيبه، ضرورة العقل المعصوم في الدعوة والجدل، الوحي للعقل كالنور للبصر لا يعمل إلا في وجوده، أهل السنة متوسطون في هذا الباب بين المعتزلة والمتصوفة، مثل العقل مع الوحي كمثل العامي مع المجتهد، الساعة والشمس، القرطبي: فإن ظهرت لك الحكمة في الأمر فقد ظهرت، وإلا فحكمة كل شيءٍ من الله “وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ”.
– توثيق المعلومات الشرعية والعلمية ضرورةٌ مطلقةٌ.
– لا يُحتج علي الإسلام إلا بالوحي الصريح والفهم الصحيح.
– التحقق من إسلامية شيءٍ أو الإجماع عليه أو عِلميته؛ ضرورةٌ مطلقةٌ.
– كل شبهةٍ غير معقولة المعنى بأصلها؛ يجب ردها ابتداءً. (لا يُجاب كل ذي شبهةٍ علي شبهته).
– القانون الحاكم في الشبهات اللغوية علي الوحي هو؛ “ما لم يكن من مشركي العرب -يوم نزل الوحي- شبهةً؛ فلا يكون شبهةً إلي يوم القيامة”.
– تُردُّ فروع الشبهات إلي أصولها.
– لا يستقل المبتدع بدعةً كليةً في الجدل ولا في البيان.
– لا يُختزل الموقف من طائفةٍ في بعضها.
– لا يكفي العلم بالحق والغيرة عليه في رد الشبهات.
– ما بني على باطلٍ فهو باطلٌ؛ مهما بلغ كمًّا وكيفًا.
– الإيمان بالغيب بدهيةٌ عقليةٌ، وضرورةٌ نفسيةٌ.
– التشغيب بالمغالطات المنطقية لا يبطل البدهيات العقلية والضرورات الفطرية.
(مغالطة الحجة الشخصية “الشخصنة”، مغالطة أنت أيضًا، مغالطة الاحتكام إلى سلطةٍ “لكنَّ الأستاذ والشيخ”، مغالطة حدث بعده إذًا هو سببه، مغالطة الترابط “إلزام ما لا يلزم” زيدٌ في بيتٍ كبيرٍ إذًا هو في شقةٍ كبيرةٍ، مغالطة استدرار العطف، مغالطة الاحتكام إلى العامة، مغالطة الشخص الذي (لكن فلانًا حصل كذا ولم يكن كذا، سألت فلانًا ولم يجبني)، مغالطة الإحراج الزائف، مغالطة سد الذرائع “إذا لم تفعل كذا حصل لك كذا وإذا لم تفعل كذا حصل لك كذا … هل تريد أن تكون كذا؟، مغالطة القناص “انتقاء المعلومات التي تدعم الحجة والتنكر لما لا يدعمها”، مغالطة التماس الأعذار، مغالطة حجة من جهل “لا يوجد تفسير لكذا فهو خرافةٌ إذن”، مغالطة الثنائيات “التقسيمات الناقصة”، مغالطة الألفاظ الوجدانية، مغالطة التشويش والإرباك، مغالطة العبارات الخطابية).
– لا تُعرض الشبهة نقدًا؛ ويُجاب عنها نسيئةً.
– عدة البيان غير عدة الجدل (النفسية والعقلية والمعرفية).
(إدراك طبيعة المناظرات والجدل النفسية والعقلية؛ لا سيما بحضرة الجماهير).
– الإقرار بوجود ظاهرةٍ ما؛ لا يلغي الحاجة إلى تفسيرها.
– كثرة الإلحاح اللفظي لمصطلحاتٍ معينةٍ (كالتعقل، والمنطق، والعلمية، والموضوعية)، وإطلاقات الجزم بالحقائق، ودعاوى الأدلة والبراهين واليقينية؛ لا تغني عن الباطل -الذي هو ضد هذا كله- شيئًا.
– ضرورة التفريق بين حجج الدينيين العامة، وبين حجج المسلمين منهم، والاحتراز الشديد في هذا الباب.
– معرفة الأحكام العقلية (الوجوب والاستحالة والجواز)، وإدراك الفروق بين درجاتها.
– اللغة (الآلات والدلالات).
– معرفة ميكانيزمات الدفاع النفسي، أو الحيل الدفاعية، أو آليات الدفاع النفسية غير الواعية، أو وساطة الأنا (الذات) بين الهُو (الشهوات) وبين الأنا العليا (الضمير) معرفتها بأنواعها الخداعية والهروبية والاستبدالية؛ (حيلة الإنكار، وحيلة التحريف، وحيلة الانسحاب “أثر البيئة الخاصة الشديد في هذا”، وحيلة التبرير، وحيلة التعميم، وحيلة الاستعلاء “الإحاطة بالدين أو تجاوزه أو الجمع بينه وبين أضداده”، وحيلة التماهي، وحيلة الإزاحة “نقل المشكة الاجتماعية إلى الدين والخالق سبحانه، وحيلة التسامي “تجاوز الدين الذي يفرض الحروب”، وحيلة الخيال أو التخيل “تجاوز حقائق الدين بالإفراط في التخيل في جملة الهروب من الواقع”، وحيلة التحويل العكسي “الإفراط في شيءٍ مضادٍّ لما يُعانَى” أو “لجوء المستسلم مطلقًا إلى الهجوم المطلق”، وحيلة التعويض “تعويض النقص في جهةٍ أخرى أقلَّ سلطةَ”، وحيلة الإسقاط “رمي أهل الدين بما فيه، وحيلة التقمص، وحيلة العناد، وحيلة النكوص “أنا لا أدري شيئًا ويجب علي استئناف كل شيءٍ، وحيل التفريط والإفراط والتوسط)؛ إدراك الأئمة هذه الحقيقة كما يقول السراج البلقيني: “الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض”.
– لا يُحتج على دين الإسلام بمشكلات دينٍ غيره؛ (السمائية التي حرفت، والموضوعة بأصلها).
– ضرورة التفريق بين أنواع المفتونين (النفسيين، العقليين، العلميين).
– الهجوم الراشد؛ (من لم يُغز غزا)، عرض تناقضات المفتونين (مثالًا).
– لا توجد شبهةٌ قويةٌ، لكن يوجد إيمانٌ ضعيفٌ (الضعف العقلي المعرفي، الضعف القلبي النفسي).
– ضرورة معرفة المتفق عليه والمختلف فيه؛ (عقيدةً وشريعةً)، إسلاميًّا وسنيًّا.
– “فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ”.
– الاقتناع بالشيء ليس دليلًا على صوابه؛ ولو كثر المقتنعون.
– لا تثار الشبهات للعامة؛ كما لا يتنكر للشبهات العامة. (شبهات العلمانية بسبب سطوة الغرب القيمية) مثالًا.
– تحرير مذهب السلف في التعامل مع الشبهات؛ (الجمع بين النصوص والآثار في هذه المسألة).
– تحرير منهج الوحي في مواجهة الشبهات؛ (الفرق بين “حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً”، وبين ما بسورة الطور من بسط الجدل)، وإن طرائق الوحي لمختلفةٌ.
– أثر العقيدة في السلوك والعكس؛ حقيقة شرعيةٌ وواقعيةٌ.
– الشأن في رد الشبهات كالشأن في الدعوة؛ البدء من الوحي والمنتهى إليه.
– ضرورة الثقافة والعلوم الإنسانية للجدل والمناظرة؛ (خصائص العقل الغربي، ومشكلة الملحد العربي) مثالًا.
– الهداية والإضلال بيد الله؛ “وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ”، “وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ”، “لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ”.
– استيفاء شرطي العبادة في رد الشبهات؛ تجريد القصد باطنًا “وبك خاصمت وإليك حاكمت”، والإحسان المطلق ظاهرًا “وَلَا تُجَادِلُوآ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ”.
– صفات الدعوة والمواجهة هي صفات الوحي؛ (السلوبية والإيجابية).
– معرفة أنواع الشبهات وتعدد بواعثها؛ (البيولوجي لا يناقش فلسفيًّا، والنفسي لا يواجه بكبير شيءٍ).
– “والغوا فيه لعلكم تغلبون”.
– الحقائق الأولية المجردة سهلةٌ، وطرائق تقريرها سهلةٌ كذلك، (قد يسبب التعمق والإطناب والغموض في الجدل من الإشكالات ما يسبب؛ كأن تظن العامة أن الحقائق ليست كذلك).
– إدراك طرائق المفتونين الدعوية والجدلية (انتزاع النص من سياقاته اللفظية والحالية، الزيادة أو النقصان على الوحي، إفقاد النص مقوماته الأساسية وتحويره واستباقه بمقدماتٍ مصطنعةٍ لدفع الفهم باتجاه معينٍ، تضييع إحداثيات النص وإخراجه من إطار الإحكام المنهجي الإسلامي، حشد النصوص المدسوسة وتقديمها على أنها نصوصٌ قطعيةٌ، إلزام النص بما ليس من لوازمه).
– الاستفادة بجهود المختصين في رد الشبهات (قديمًا وحديثًا)؛ ضرورةٌ آكدةٌ.
– من احتج على الإسلام بشيءٍ منه؛ لزمه الاحتجاج بغيره من الإسلام.
– التفريق بين الوساوس القهرية، وبين الشبهات العقلية.
– لا يُثوَّر المفتونون على الإسلام والمسلمين، “وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ”.

قلت -في حزب الزور- إثر

قلت -في حزب الزور- إثر 30 يونيو:

يا حزبَ سوءٍ يا براهمةَ الهوى
أنحِسْ بقومٍ ظاهروا الكفارا

والَيتُمُ الطاغوتَ سرًّا أعصُرًا
ومكرتمُ مكرًا لهُ كُبَّارا

متدثرينَ بلحيةٍ وعباءةٍ
واللهُ سِتِّيرٌ حليمٌ وارى

حتى إذا علمَ الإلهُ فجوركمْ
ورأى هناكَ الغيَّ والإصرارا

سبحانهُ عزَّ الإلهُ وغارا
كشفَ الغطاءَ وهتَّكَ الأستارا

ما كنتُ أحسبُ أنْ سأهجو مثلكمْ
يومًا أصوغُ بذمِّكمْ أشعارا

برهانُكمْ برهامُكمْ وكفى بهِ
عندَ السَّوافلِ حُجةً وخيارا

يروونَ عنهُ أعزةً وهوَ الذي
يروي عنِ ابنِ سَلولَ لا يتوارى

هوَ ياسرٌ بلْ خاسرٌ متكسرٌ
لمْ يرْجُ للدينِ الحنيفِ وقارا

قدْ يمَّمَ الأغرارُ قِبلةَ وجههِ
فالقومُ لا يبغونَ عنهُ جوارا

لوْ قالَ كُفوا عنْ وِقاعِ نسائكمْ
كَفوا هنالكَ خُشَّعًا أبصارا

أوْ قالَ مسُّوهنَّ لمْ يتبصَّروا
تلكَ النساءَ حوائضًا أطهارا

هيَ حكمةُ الشيخِ التي قدْ وجَّهتْ
أعظِمْ بيمناهُ وجلَّ يسارا

يا حزبَ عِبدانٍ تهافَتَ جمعُهمْ
حسْبُ اللئامِ دناءةً وصغارا

يا خنجرًا في الظَّهرِ ولَّى وجهَهُ
طاغوتَهُ واستدبرَ الأحرارا

أشئِمْ بكمْ منْ حزبِ سوءٍ غادرٍ
أضحى على الإسلامِ عبئًا عارا

إنا وَكَلنا في عقابكمُ هنا
وهناك ربًّا مُقسطًا جبارا

أخزاكمُ الديانُ جمعًا بائرًا
إلا مُنيبًا أحدثَ استغفارا

اللهم وليَّنا ومولانا؛ والِ بنا من واليت، وعادِ بنا من عاديت؛ أنت العلي الكبير.

سألني صديقٌ لي: كيف يكتسب

سألني صديقٌ لي: كيف يكتسب المرء الحكمة؟ فأقول مستعينًا بالحكيم العليم:

الحكمة هي العلم بحقائق الأشياء نظرًا، ووضعها في مواضعها عملًا.

حاجة الناس إليها أشد من حاجتهم إلى الطعام والشراب؛ لو كانوا يعلمون.

وللحكمة جانبان: نظريٌّ، وعمليٌّ.

فأما النظري؛ فأصله فطريٌّ، وابتناؤه معرفيٌّ.

ورأس المعرفة وحي الله؛ قرآنه الحق وسنة نبيه المجيدة وآثار كتبه السالفة، ثم علوم الشريعة؛ أصولها في فروعها؛ تؤسس الأصول في النفوس قواعدها، وتجلِّي الفروع للعقول بنيانها، مع النظر السديد في العلوم الإنسانية؛ شيءٌ من التاريخ والفلسفة وعلم النفس والاجتماع ونحوها.

وفي كثيرٍ من مقالات الحكماء وأفعالهم -لمن قسَم الله له حظًّا من مخالطتهم- اختصارُ بعض هذا.

وكم يورَّث منها في أصلاب الآباء وأرحام الوالدات لمن تأمل!

وأما عمليُّها؛ فمن العبادة، ومن السير في الأرض.

فأما العبادة؛ فلا تزال بأصحابها -إذا خلُصت لوجه الله الأكرم، واستقامت على طريقة نبيه صلى الله عليه وسلم- حتى تفيض من أفئدتهم على ألسنتهم وجوارحهم فيضًا كريمًا.

ولا حكمة كتوحيد الله ومتابعة نبيه؛ فذلك حق معرفة حقيقة الأمور، ووضعها في مواضعها.

وأما السير في الأرض؛ فعلوم المأثور والمنظور؛ مقاديرُ ربٍّ حكيمٍ خبيرٍ في تصرفاتٍ عبادٍ لا تحصى أنواعهم وأوضاعهم؛ تمتزجان -في الخلق- بحُسبانٍ معلومٍ؛ فيكون من أحوال الأمم ما يكون.

ومن تكلَّف الحكمة بحميد الأخلاق -مع نصيبٍ طيبٍ مما مضى- كان له منها قدرٌ عظيمٌ؛ لا سيما التواضع والحلم؛ لا يرقى من نبيل الأخلاق بأهلها إلى الحكمة مثلُهما.

ذلك؛ وإن الحكمة هبة الرحمن لمن شاء من عباده، يختص بأنوارها من فضَّل منهم بعلمه؛ كما قال في تنزيله الفرقان: “وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا”.

ورأس الحكمة خشية الله، “ولا حكيم إلا ذو تجربةٍ”، وليس الحكيم الذي لا يجهل ولا يخطئ بل الحكيم الذي يستفيد كثيرًا فيسدِّد كثيرًا، ولا يبلغ الحكمة خاملٌ ولا جبانٌ، وإن من الصمت لحكمةً، وليس حكيمًا من لا عدو له، ولكل حكيمٍ عثرةٌ، وأول الحكمة مغامرةٌ، والشدة شطر الحكمة.

واعد عامةٌ في أجوبة الشبهات:

واعد عامةٌ في أجوبة الشبهات:
– العقل نسبيٌّ.
– العقل متغيرٌ.
– العقول متفاوتةٌ.
– العقل غير المعقولات؛ (المطلق غير النسبي والإضافي).
(ابن تيمية: ليس القدح في بعض العقليات قدحًا في جميعها؛ كما أنه ليس القدح في بعض السمعيات قدحًا في جميعها، ولا يلزم من صحة بعض العقليات صحة جميعها؛ كما لا يلزم من صحة بعض السمعيات صحة جميعها، وحينئذٍ فلا يلزم من صحة المعقولات التي تبني عليها معرفتنا بالسمع؛ صحة غيرها من المعقولات، ولا من فساد هذه فساد تلك، فضلًا عن صحة العقليات المناقضة للسمع).
– معرفة الأحكام العقلية (الوجوب والاستحالة والجواز)، وإدراك الفروق بين درجاتها.
– الظن لا يرفع اليقين؛ كيف بالمُتوهَّم وما دونه وما ليس شيئًا؟!
– يأتي الإسلام بمُحارات العقول، لا بمُحالاتها.
– لا يُشكل خبرٌ ولا حكمٌ ولا قدرٌ علي كل أحدٍ من كل وجهٍ.
– الشبهات ضرورةٌ إيمانيةٌ “هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ” الآية، وضرورةٌ عقليةٌ (النسبية والتغير والتفاوت)، وضرورةٌ دينيةٌ (إظهار الحق والدفع به).
– الغالب على الخلق والأمر هو الإحكام.
– يُردُّ المتشابه إلي المُحكم.
– التسليم الكلي في الأخبار والأحكام يوجب (عقلًا) التسليم الجزئي فيهما.
(ابن القيم: من قامت البراهين والآيات على صدقه فيما يبلغه عن الله؛ كان صادقًا في كل ما يخبر به عن الله. ابن تيمية: لو قدر تعارض الشرع والعقل؛ لوجب تقديم الشرع؛ لأن العقل قد صدق الشرع، ومن ضرورة تصديقه له قبول خبره، والشرع لم يصدق العقل في كل ما أخبر به، ولا العلم بصدق الشرع موقوفٌ على كل ما يخبر العقل. أبو المظفر السمعاني: اعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة؛ هو مسألة العقل؛ فإنهم أسسوا دينهم على المعقول، وجعلوا الاتباع والمأثور تبعًا للمعقول، وأما أهل السنة قالوا: الأصل في الدين الاتباع، والعقول تبعٌ، ولو كان أساس الدين على المعقول؛ لاستغنى الخلق عن الوحي وعن الأنبياء صلوات الله عليهم، ولبطل معنى الأمر والنهي، ولقال من شاء ما شاء، ولو كان الدين بُني على المعقول؛ وجب أن لا يجوز للمؤمنين أن يقبلوا أشياء حتى يعقلوا).
– اللغة (الآلات والدلالات).
– الدين علمٌ.
– كثرة الطعن علي الحقائق لا تنفيها.
– لا يستلزم ضعفُ القدرة على تصور شيءٍ إنكارَه؛ (التصور نسبيٌّ ومتغيرٌ ومتفاوتٌ).
– تحرير العلاقة بين الوحي والعقل؛ (التداخل الديني بينهما، التداخل الوجودي بينهما، استحالة التعارض بين صحيح الأول وصريح الآخر، العقل خلقُه والوحي أمرُه، افتراض التعارض الحقيقي بينهما مسقطٌ لهما جميعًا، العقل سلطانٌ ولَّى الرسولَ ثم عزل نفسه، العقل شاهدٌ والوحي قاضٍ، العقل مزكَّى الشرع ولا يأتي الشاهد بتجريح المزكَّى ولا بتكذيبه، ضرورة العقل المعصوم في الدعوة والجدل، الوحي للعقل كالنور للبصر لا يعمل إلا في وجوده، أهل السنة متوسطون في هذا الباب بين المعتزلة والمتصوفة، يكفيك من العقل أن يعرفك صدق الرسول ومعاني كلامه ثم يخلي بينك وبينه، مثل العقل مع الوحي كمثل العامي مع المجتهد، الساعة والشمس، القرطبي: فإن ظهرت لك الحكمة في الأمر فقد ظهرت، وإلا فحكمة كل شيءٍ من الله “وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ”).
(ابن تيمية: إذا تعارض دليلان؛ سواءٌ كانا سمعيين أو عقليين أو أحدهما سمعيًّا والآخر عقليًّا؛ فالواجب أن يقال: لا يخلو إما أن يكونا قطعيين، أو يكونا ظنيين، وإما أن يكونا أحدهما قطعيًّا والآخر ظنيًّا. فأما القطعيان فلا يجوز تعارضهما؛ سواءٌ كانا عقليين أو سمعيين، أو أحدهما عقليًّا والآخر سمعيًّا، وهذا متفقٌ عليه بين العقلاء، لأن الدليل القطعي هو الذي يجب ثبوت مدلوله، ولا يمكن أن تكون دلالته باطلةً. وحينئذٍ فلو تعارض دليلان قطعيان، وأحدهما يناقض مدلول الآخر؛ للزم الجمع بين النقيضين، وهو محالٌ، بل كل ما يعتقد تعارضه من الدلائل التي يعتقد أنها قطعيةٌ؛ فلا بد من أن يكون الدليلان أو أحدهما غير قطعيٍّ، أو أن يكون مدلولاهما متناقضين، فأما مع تناقض المدلولين المعلومين فيمتنع تعارض الدليلين، وإن كان أحد الدليلين المتعارضين قطعيًّا دون الآخر؛ فإنه يجب تقديمه باتفاق العقلاء، سواءٌ كان هو السمعي أو العقلي، فإن الظن لا يرفع اليقين. وأما إن كانا جميعًا ظنيين؛ فإنه يصار إلي طلب ترجيح أحدهما، فأيهما ترجح كان هو المقدم، سواء كان سمعيًّا أو عقليًّا).
(ابن تيمية: إذا تعارض النقل والعقل؛ إما أن يريد به القطعيين، فلا نسلم إمكان التعارض حينئذٍ، وإما أن يريد به الظنيين، فالمقدم هو الراجح مطلقًا، وأما أن يريد به ما أحدهما قطعيٌّ، فالقطعي هو المقدم مطلقًا، وإذا قدر أن العقلي هو القطعي كان تقديمه لكونه قطعيًّا، لا لكونه عقليًّا، فعلم أن تقديم العقلي مطلقًا خطأٌ، كما أن جعل جهة الترجيح كونه عقليًّا خطأٌ).
(ابن تيمية: فما أخبر به الصادق المصدوق -صلي الله عليه وسلم- هو ثابتٌ في نفس الأمر، سواءٌ علمنا صدقه أو لم نعلمه، ومن أرسله الله تعالي إلي الناس فهو رسوله، سواءٌ علم الناس أنه رسولٌ أو لم يعلموا، وما أخبر به فهو حقٌّ، وإن لم يصدقه الناس، وما أمر به عن الله فالله أمر به وإن لم يطعه الناس، فثبوت الرسالة في نفسها وثبوت صدق الرسول، وثبوت ما أخبر به في نفس الأمر؛ ليس موقوفًا علي وجودنا، فضلًا عن أن يكون موقوفًا علي عقولنا، أو علي الأدلة التي نعلمها بعقولنا، وهذا كما أن وجود الرب تعالي وما يستحقه من الأسماء والصفات ثابتٌ في نفس الأمر، سواءٌ علمناه أو لم نعلمه).
(ابن تيمية: فتبين بذلك أن العقل ليس أصلًا لثبوت الشرع في نفسه، ولا معطيًا له صفةً لم تكن له، ولا مفيدًا له صفة كمالٍ، إذ العلم مطابقٌ للمعلوم المستغني عن العلم، تابعٌ له، ليس مؤثرًا فيه).
(ابن تيمية: فإن العلم نوعان: أحدهما العملي، وهو ما كان شرطًا في حصول المعلوم، كتصور أحدنا لما يريد أن يفعله، فالمعلوم هنا متوقفٌ علي العلم به محتاجٌ إليه، والثاني:العلم الخبري النظري، وهو ما كان المعلوم غير مفتقرٍ في وجوده إلي العلم به، كعلمنا بوحدانية الله تعالي وأسمائه وصفاته وصدق رسله وبملائكته وكتبه وغير ذلك، فإن هذه المعلومات ثابتةٌ سواءٌ علمناها أولم نعلمها، فهي مستغنيةٌ عن علمنا بها، والشرع مع العقل هو من هذا الباب؛ فإن الشرع المنزل من عند الله ثابتٌ في نفسه، سواءٌ علمناه بعقولنا أو لم نعلمه، فهو مستغنٍ في نفسه عن علمنا وعقلنا، ولكن نحن محتاجون إليه وإلى أن نعلمه بعقولنا، فإن العقل إذا علم ما هو عليه الشرع في نفسه صار عالمًا به، وبما تضمنه من الأمور التي يحتاج إليها في دنياه وآخرته، وانتفع بعلمه به، وأعطاه ذلك صفةً لم تكن له قبل ذلك، ولو لم يعلمه لكان جاهلًا ناقصًا).
(ابن تيمية: وأما إن أراد أن العقل أصلٌ في معرفتنا بالسمع ودليلٌ لنا علي صحته ـ وهذا هو الذي أراده ـ فيقال له: أتعني بالعقل هنا الغريزة التي فينا؟ أم العلوم التي استفدنا بتلك الغريزة؟ وأما الأول فلم ترده، ويمتنع أن تريده، لأن تلك الغريزة ليست علماً يتصور أن يعارض النقل، وهو شرط في كل علم عقلي أو سمعي كالحياة، وما كان شرطاً في الشيء امتنع أن يكون منافياً له،فالحياة والغريزة شرط في كل العلوم سمعيها وعقليها، فامتنع أن تكون منافية لها، وهى أيضاً شرط في الاعتقاد الحاصل بالاستدلال، وإن لم تكن علماً، فيمتنع أن تكون منافية له ومعارضة له.
وإن أردت بالعقل الذي هو دليل السمع وأصله المعرفة الحاصلة بالعقل، فيقال لك: من المعلوم أنه ليس كل ما يعرف بالعقل يكون أصلاً للسمع ودليلاً علي صحته، فإن المعارف العقلية أكثر من أن تحصر، والعلم بصحة السمع غايته أن يتوقف علي ما به يعلم صدق الرسول صلي الله عليه وسلم.
وليس كل العلوم العقلية يعلم بها صدق الرسول صلي الله عليه وسلم، بل ذلك يعلم بما يعلم به أن الله تعالي أرسله، مثل إثبات الصانع وتصديقه للرسول بالآيات وأمثال ذلك.وإذا كان كذلك لم تكن جميع المعقولات أصلاً للنقل، لا بمعني توقف العلم بالسمع عليها، ولا بمعني الدلالة علي صحته، ولا بغير ذلك، لاسيما عند كثير من متكلمة الإثبات أو أكثرهم، كالأشعري في أحد قوليه، وكثير من أصحابه أو أكثرهم، كالأستاذأبي المعالي الجويني، ومن بعده من وافقهم ـ الذين يقولون: العلم بصدق الرسول عند ظهور المعجزات التي تجري مجري تصديق الرسول علم ضروري، فحينئذ ما يتوقف عليه العلم بصدق الرسول من العلم العقلي سهل يسير، مع أن العلم بصدق الرسول له طرق كثيرة متنوعة، كما قد بسط الكلام عليه في غير هذا الموضوع.
وحينئذ فإذا كان المعارض للسمع من المعقولات ما لا يتوقف العلم بصحة السمع عليه، لم يكن القدح فيه قدحاً في أصل السمع، وهذا بين واضح، وليس القدح في بعض العقليات قدحاً في جميعها، كما أنه ليس القدح في بعض السمعيات قدحاً في جميعها، ولا يلزم من صحة بعض العقليات صحة جميعها، كما لا يلزم من صحة بعض السمعيات صحة جميعها.
وحينئذ فلا يلزم من صحة المعقولات التي تبني عليها معرفتنا بالسمع صحة غيرها من المعقولات، ولا من فساد هذه فساد تلك، فضلاً عن صحة العقليات المناقضة للسمع.
فكيف يقال: إنه يلزم من صحة المعقولات التي هي ملازمة للسمع صحة المعقولات المناقضة للسمع؟ فإن ما به يعلم السمع، ولا يعلم السمع إلا به، لازم للعلم بالسمع، لا يوجد العلم بالسمع بدونه، وهو ملزوم له، والعلم به يستلزم العلم بالسمع، والمعارض للسمع مناقض له مناف له.
فهل يقول عاقل: إنه يلزم من ثبوت ملازم الشيء ثبوت مناقضه ومعارضه!؟
ولكن صاحب هذا القول جعل العقليات كلها نوعاً واحداً متماثلاً في الصحة أو الفساد، ومعلوم أن السمع إنما يستلزم صحة بعضها الملازم له، لا صحة البعض المنافي له، والناس متفقون علي أن ما يسمى عقليات منه حق، ومنه باطل، وما كان شرطاً في العلم بالسمع وموجباً فهو لازم للعلم به، بخلاف المنافي المناقض له، فإنه يمتنع أن يكون هو بعينه شرطاً في صحته ملازماً لثبوته، فإن الملازم لا يكون مناقضاً، فثبت أنه لا يلزم من تقديم السمع علي ما يقال إنه معقول في الجملة القدح في أصله.
فقد تبين بهذه الوجوه الثلاثة فساد المقدمات الثلاث التي بنوا عليها تقديم آرائهم علي كلام الله ورسوله.
————————————————وبهذا التفصيل المحقق -المتفق عليه بين العقلاء يتبين ان اثبات التعارض بين الدليل العقلى والسمعى والجزم بتقديم العقلى معلوم الفساد بالضرورة وهو خلاف ما اتفق عليه العقلاء
——————————————-
– توثيق المعلومات الشرعية والعلمية ضرورةٌ مطلقةٌ.
– لا يُحتج علي الإسلام إلا بالوحي الصريح والفهم الصحيح؛ (المقدس وغير المقدس، القول بقائله وبتداوله وبتاريخيته وجغرافيته والقول بمعقوليته وموضوعيته وتأسيسيته والقول بما تأسس عليه).
(ابن تيمية: وكل تأويلٍ لا يقصد به صاحبه بيان مراد المتكلم وتفسير كلامه بما يُعرف به مرادُه وعلى الوجه الذي به يُعرف مراده؛ فصاحبه كاذبٌ على من تأول كلامه).
– التحقق من إسلامية شيءٍ أو الإجماع عليه أو عِلميته؛ ضرورةٌ مطلقةٌ.
(ضرورة معرفة المتفق عليه والمختلف فيه؛ (عقيدةً وشريعةً)، (إسلاميًّا وسنيًّا)، (الاختلاف الديني والملي والسني).
– التفريق بين الرأي والحرب؛ بين ما تدفع فيه الألسنة وبين ما تشرع له الأسنَّة.
– القانون الحاكم في الشبهات اللغوية علي الوحي هو؛ “ما لم يكن من مشركي العرب -يوم نزل الوحي- شبهةً؛ فلا يكون شبهةً إلي يوم القيامة”، “لا شبهة في لسان الوحي”.
– تُردُّ فروع الشبهات إلي أصولها؛ (مراعاة الحال).
– لا يستقل المبتدع بدعةً كليةً في الجدل ولا في البيان.
– لا يعمم الكلام في طائفةٍ في كل أهلها.
– لا يكفي العلم بالحق والغيرة عليه في دفع الشبهات.
(عدة الجدل غير عدة البيان؛ النفسية والعقلية والمعرفية؛ مشكلة العقل الغربي والملحد العربي).
– ما بني على باطلٍ فهو باطلٌ مهما بلغ كمًّا وكيفًا؛ أديان وفلسفاتٌ ومذاهب ونظرياتٌ.
– الإيمان بالغيب بدهيةٌ عقليةٌ، وحقيقةٌ نفسيةٌ، وضرورةٌ وجوديةٌ.
– التشغيب بالمغالطات المنطقية لا يبطل البدهيات العقلية والضرورات الفطرية.
(مغالطة الحجة الشخصية “الشخصنة”، مغالطة رجل القش، مغالطة أنت أيضًا، مغالطة الاحتكام إلى سلطةٍ “لكنَّ الأستاذ والشيخ”، مغالطة حدث بعده إذًا هو سببه، مغالطة الترابط “إلزام ما لا يلزم”، مغالطة استدرار العطف، مغالطة الاحتكام إلى العامة، مغالطة الشخص الذي (لكن فلانًا حصل كذا ولم يكن كذا، سألت فلانًا ولم يجبني)، مغالطة الإحراج الزائف، مغالطة سد الذرائع أو المنحدر الزلق “إذا لم تفعل كذا حصل لك كذا وإذا لم تفعل كذا حصل لك كذا … هل تريد أن تكون كذا؟، مغالطة القناص “انتقاء المعلومات التي تدعم الحجة والتنكر لما لا يدعمها”، مغالطة التماس الأعذار، مغالطة حجة من جهل “لا يوجد تفسير لكذا فهو خرافةٌ إذن”، مغالطة الثنائيات “التقسيمات الناقصة”، مغالطة الألفاظ الوجدانية والعبارات الخطابية، مغالطة التشويش والإرباك).
– لا تُعرض الشبهة نقدًا؛ ويُجاب عنها نسيئةً.
(إدراك طبيعة المناظرات والجدل النفسية والعقلية؛ في نفسها، وبحضرة الناس).
– كثرة الإلحاح اللفظي لمصطلحاتٍ معينةٍ (كالتعقل، والمنطق، والعلمية، والموضوعية)، وإطلاقات الجزم بالحقائق، ودعاوى الأدلة والبراهين واليقينية؛ لا تغني عن الباطل -الذي هو ضد هذا كله- شيئًا.
– ضرورة التفريق بين حجج الدينيين العامة، وبين حجج المسلمين منهم، والاحتراز في هذا الباب.
(لا يُحتج على دين الإسلام بمشكلات دينٍ غيره؛ السمائية التي حرفت، والموضوعة بأصلها).
– معرفة ميكانيزمات الدفاع النفسي، أو الحيل الدفاعية، أو آليات الدفاع النفسية غير الواعية، أو وساطة الأنا (الذات) بين الهُو (الشهوات) وبين الأنا العليا (الضمير)، معرفتها بأنواعها الخداعية والهروبية والاستبدالية؛ (حيلة الإنكار، وحيلة التحريف، وحيلة الانسحاب “أثر البيئة الخاصة الشديد في هذا”، وحيلة التبرير، وحيلة التعميم، وحيلة الاستعلاء “الإحاطة بالدين أو تجاوزه أو الجمع بينه وبين أضداده”، وحيلة التماهي، وحيلة الإزاحة “نقل المشكة الاجتماعية إلى الدين والخالق سبحانه، وحيلة التسامي “تجاوز الدين الذي يفرض الحروب”، وحيلة الخيال أو التخيل “تجاوز حقائق الدين بالإفراط في التخيل في جملة الهروب من الواقع”، وحيلة التحويل العكسي “الإفراط في شيءٍ مضادٍّ لما يُعانَى” أو “لجوء المستسلم مطلقًا إلى الهجوم المطلق”، وحيلة التعويض “تعويض النقص في جهةٍ أخرى أقلَّ سلطةَ”، وحيلة الإسقاط “رمتني بدائها وانسلَّت”، وحيلة التقمص، وحيلة العناد، وحيلة النكوص “أنا لا أدري شيئًا ويجب علي استئناف كل شيءٍ، وحيل التفريط والإفراط والتوسط)؛ إدراك الأئمة هذه الحقيقة كما يقول السراج البلقيني: “الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض”).
– ضرورة التفريق بين أنواع المفتونين (النفسيين، العقليين، العلميين).
– الهجوم الراشد؛ (من لم يُغز غزا)، عرض تناقضات المفتونين (مثالًا).
– لا توجد شبهةٌ قويةٌ لكن يوجد إيمانٌ ضعيفٌ؛ (الضعف العقلي المعرفي، الضعف القلبي النفسي).
– الاقتناع بالشيء ليس دليلًا على صوابه؛ ولو كثر المقتنعون.
– عدم العلم ليس علمًا بالعدم.
(عدم العلم بحقيقة شيءٍ لا ينفي وجوده، عدم العلم بتفسير ظاهرةٍ لا ينفي وجودها).
– لا تثار الشبهات للعامة؛ كما لا يتنكر للشبهات العامة. (شبهات العلمانية بسطوة الغرب القيمية مثالًا).
– تحرير مذهب السلف في التعامل مع الشبهات؛ (الجمع بين نظرهم وعملهم في الباب).
– تحرير منهج الوحي في مواجهة الشبهات؛ (الفرق بين “حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً”، وبين ما بسورة الطور من بسط الجدل)، وإن طرائق الوحي لمختلفةٌ.
– أثر العقيدة في السلوك والعكس حقيقة شرعيةٌ وواقعيةٌ.
– الشأن في رد الشبهات كالشأن في الدعوة؛ البدء من الوحي والمنتهى إليه.
– الهداية والإضلال بيد الله؛ “وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ”، “وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ”، “لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ”.
– استيفاء شرطي العبادة في دفع الشبهات؛ تجريد القصد باطنًا “وبك خاصمت وإليك حاكمت”، والإحسان المطلق ظاهرًا “وَلَا تُجَادِلُوآ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ”.
– صفات الدعوة والجدل هي صفات الوحي؛ (السلوبية والإيجابية).
– معرفة أنواع الشبهات وتعدد بواعثها؛ (البيولوجي لا يناقش فلسفيًّا، والنفسي لا يواجه بكبير شيءٍ).
– الحقائق الأولية المجردة سهلةٌ، وطرائق تقريرها سهلةٌ كذلك، (قد يسبب التعمق والإطناب والغموض في الجدل من الإشكالات ما يسبب؛ كأن تظن العامة أن الحقائق ليست كذلك).
– إدراك طرائق المفتونين الدعوية والجدلية (انتزاع النص من سياقاته اللفظية والحالية، الزيادة أو النقصان على الوحي، إفقاد النص مقوماته الأساسية وتحويره واستباقه بمقدماتٍ مصطنعةٍ لدفع الفهم باتجاه معينٍ، تضييع إحداثيات النص وإخراجه من إطار الإحكام المنهجي الإسلامي، حشد النصوص المدسوسة وتقديمها على أنها نصوصٌ قطعيةٌ، إلزام النص بما ليس من لوازمه).
– ضرورة اتساق دعاة الإسلام والمجادلين عنه نظريًّا وعمليًّا.
– الاستفادة بجهود المختصين في رد الشبهات (قديمًا وحديثًا)؛ ضرورةٌ آكدةٌ.
– من احتج على الإسلام بشيءٍ منه؛ لزمه الاحتجاج بغيره من الإسلام.
– التفريق بين الوساوس القهرية، وبين الشبهات العقلية.
– لا يُثوَّر المفتونون على الإسلام والمسلمين؛ “وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ”.

“قَالُوآ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن

“قَالُوآ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا”.

حبيبي يا كليم الله؛ كيف وقعت هذه في نفسك سيدي! كيف أطقتها!

توهَّم نفسك وقد أحسنت إلى زوجٍ أو ولدٍ أو صاحبٍ إحسانًا كبيرًا؛ فكافأك بمِثلها!

كيف بإحسانٍ ليس كمِثله إحسانٌ؛ تعشُّق رسولٍ من الله دخولَك على الله!

هم الفقراء إلى الاهتداء، وهو الغني بصلة السماء؛ ثم يجازونه بهذه الشنعاء! رحمةَ الله نستغيث.

فما كان جوابَ طيِّبِ الخِلال كليمِ ذي الجلال -الذي صنعه الله قديمًا على عينه، واصطنعه كريمًا لنفسه- إلا أن قال لهم: “عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ”.

أين مثقال حبةٍ من خردلٍ من حظوظ النفس هنا! بل سماحةُ قلوب كبار الكبار، وجلالُ خلائق سادة السادة.

إن من أعظم دلائل نبوتكم يا رُسُل الله؛ عَجَبُ احتمالكم صنوف الأذى، ونقاء نفوسكم من كذا وكذا.

صلَّى الودود عليكم في الخالدين وسلَّم، وزكَّى قلوبنا بشمائلكم وعلَّم، ووهبنا لأمانكم يوم نلقاه وَجِلِين.

أخي الحجَّام؛ اخلع البالطو، أنت

أخي الحجَّام؛ اخلع البالطو، أنت لست طبيبًا.

الحجامة من سنن نبينا -صلى الله عليه وسلم- الشافيات، نزل بها من السماء -مع الصلاة- ليلة المعراج؛ الصلاة عطاء الله -تعالى- لأرواح عباده، والحجامة هديته -سبحانه- لأبدانهم.

لكنَّ الحجام -على ما يُيسر الله به من خيرٍ- ليس طبيبًا يفحص المرضى، ويكشف عن الداء، وينعت الدواء، ويوصي بالتحاليل، ويطالع الأشعة، ويأمرهم بكذا، وينهاهم عن كذا.

ليس هذا تحقيرًا لك -صانك الله وزانك- أخي الحاجم، ولقد احتجمتُ وحَجَمتُ -ولله الحمد- كثيرًا؛ لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “من تطبَّب ولم يُعلم منه طبٌّ؛ فهو ضامنٌ”، ومعنى “تطبَّب” تكلَّف الطب وليس له، ومعنى “فهو ضامنٌ” أي عليه ما أتلف من نفسٍ أو عضوٍ أو مالٍ.

كم حدثني مرضى -كنت أحجمهم- عن حجامين تطببوا فيهم؛ هذا أمرهم ونهاهم، وذاك بكذا وكذا أوصاهم! وأكثر هؤلاء لا يعرف عن شيءٍ في هذا شيئًا، لكنَّ الفهلوة حرفة من لا حرفة له.

رأيت أحدهم يطالع تحاليل مريضٍ؛ فبحلق فيها -بعينٍ دون عينٍ- كأنه بُقْرَاطُ أو يزيد قليلًا، ثم جعل يرفع رأسه ويخفضها كطبيبٍ عَرَكَته التجارب، ثم جمجم بكلماتٍ لم يُخلق لها فاهمٌ سواه، ثم أدهش فقال: الموضوع بسيط؛ شوية “مكترأنخيهعح” في الدم -نعم هكذا- وهتنزل بالحجامة.

عامة الناس جهلاء مساكين، ويعظم جهلهم ومسكنتهم إذا ابتُلوا فضعفوا وعجزوا؛ فالواجب -حينئذٍ- تقوى الله فيهم مزيدًا، لا أن يُخدعوا ويُدلَّس عليهم، وأقبح هذا ما يكون على اسم الله ورسوله؛ ذلك بأن الحجامة لم تزل -عند أكثر الناس- من بركة نبيهم الذي يذكرونه في الكُرَب، وبسنته يلوذون.

أما كشف بعضهم عورات المرضى بلا سببٍ طبيٍّ يبيح لأهله هذا؛ فخزيٌ ثانٍ، في ذاكرتي من دواهيه ما يندى له جبين الحياء خجلًا. ربنا أفرغ علينا فقهًا وارحم بنا عبادك وتوفنا مؤدَّبين.