رسائل الأسحار؛ مناجاةٌ قديمةٌ لحبيبنا

رسائل الأسحار؛ مناجاةٌ قديمةٌ لحبيبنا النبيل عبد الرحمن جهاد؛ فكَّ الله بالعز أسره:

وفي أيامنا هذه تهيج بنا الذكرى، ويغشانا شوقٌ فطَر القلوب وفجَّر العيون؛ رجاء أن نقف عند باب روضتك يومًا ما؛ نقصُّ عليك حالنا، وحال أمتنا من بعدك.

يا من سبقتمونا إلي رحاب نوره؛ هلَّا بلَّغتم نبينا -صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه- نيابةً عن إخوانٍ لكم لم يستطيعوا إليه سبيلًا سلامنا إليه؟

بلِّغوا رسول الله أن الفتن استشرفت لنا، وأصبحت كقطع الليل المظلم.

بلِّغوا رسول الله أنا اتبعنا من سبقنا؛ شبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراعٍ.

بلِّغوا رسول الله أنا نمرُّ على قبور إخوتنا، فنتمنى أن نكون مكانهم.

بلِّغوا رسول أنا نقبض علي الجمر، حتى احترقت أيادينا.

بلِّغوا رسول الله أنا أهل الغربة الثانية، وقد اعتصمنا بجذع الشجرة.

بلِّغوا رسول الله أنا افترقنا أحزابًا، وكلنا أصبح الجماعة في نفسه.

بلِّغوا رسول الله أنا نصارع الطوفان؛ لعلنا نكون من الظاهرين على الحق إلى يوم القيامة.

بلِّغوا رسول الله أنا آمنا به ولم نره، ودافعنا عنه ولم نصطفَّ خلفه؛ ابتغاء أن نموت على دينه، وأن نلقاه على حوضه، وأن نزاحم أصحابه -رضي الله عنهم- محشورين تحت لوائه.

هذي رسائلنا كتبناها بالبكا، جزى الله خيرًا من وعى فبلَّغا.

عبد الرحمن جهاد؛ همٌّ واسعٌ، وهمةٌ عاليةٌ، وودٌّ فائضٌ، وعقلٌ راشدٌ، وجَهدٌ كريمٌ.

فرَّج الله عنه وعن كل أسيرٍ، وكان لأسرانا أجمعين بخير ما يكون به لعباده الصالحين.

لك الله يا ابن غنيم.

لك الله يا ابن غنيم.

أحمد فاطر السماوات والأرض إلى أخي هيثم غنيم حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا، وأثني عليه -علا وتعالى- بما أفاض على همِّه السامق من نعمةٍ وأسبغ في همته النبيلة من منةٍ، وأستمنحه -حميدًا مجيدًا- لقلب أخي الصدق والإخلاص، ولعقله التوفيق والسداد، ولقوله الحق والحُسن، ولعمله الشكر والقبول.

أتابع ما يوالينا به الأخ الكريم الكبير من أخبار المشركين -لعنهم الله وبصَّر بهم وأعدَّ لهم وأمكن منهم- وما يذيقونه الموحدين -في مصر الذبيحة- من صنوف العذاب؛ أسرًا وتعذيبًا وقتلًا وبين ذلك، وما يذكرنا به -ذكَره الله وذكَّر به- من حقوقهم الوافيات؛ فأذكر قول خير الواهبين سبحانه وبحمده: “نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَآءُ”. وأي رحمةٍ أكرم من رحمة مستضعفين لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلًا؟

أثابك الرحمن في جهدك -يا صديقي- بأطيب ما أثاب به من أحب، وأوفى ما شكر به من رضي، وأعقبك بحسن موالاتك أولياءه حفظًا من شرور أعدائه، ويسرك بما يسر لك من إحسانٍ لليسرى.

ثم أعظم ما رجا محبٌّ لمحبوبه من خيرٍ؛ غفر الله لك سالف الذنوب، وثبَّت قلبك يوم تُقلَّب القلوب.

ربنا وكن لمحاويج عبادك -حيث استضعفوا- بالعافية والتثبيت والسلامة والنجاة؛ لا إله إلا أنت.

أعجب شروط تفسير القرآن! سئل

أعجب شروط تفسير القرآن!

سئل العلامة عبد الرحمن الدوسري صاحب تفسير “صفوة الآثار والمفاهيم” -رحمه الله- عن أهم شروط المفسر، فأجاب على البديهة: “أن تملأ قلبَه الفرحةُ بالقرآن”.

قلت: هذا إلهامٌ من رب العالمين -تبارك فتحُه- للشيخ الكريم، وهو من فيوض قوله تعالى: “قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ” على فؤاده.

فإنه لما كان الفضل في الآية -كما عليه أكثر المفسرين- هو الإسلام، وكانت الرحمة هي القرآن، وكان الله -جلَّ وعزَّ- قد جعل فرحة عباده المؤمنين بهما؛ لما كان ذلك كذلك؛ كان أشدَّ أهل الإسلام فرحًا بالإسلام هم أهل القرآن، وأشدَّ أهل القرآن فرحًا بالقرآن هم مفسروه؛ لِمَا يختصهم الله بأنواره في كشف أسراره، وأوفى المفسرين -حينئذٍ- نصيبًا منه أشدُّهم به فرحًا.

وأيضًا؛ فإنه لما كان القرآن خيرًا لأهله مما يجمعون من الدنيا، وقد تقرر أن أولى أهله به هم المفسرون، ثم تقرر أنهم أشدُّ أهله به فرحًا؛ فإن فرحتهم به هي خير ما يجمع الله لهم من شروط تفسيره الباطنة والظاهرة، وإن أوفاهم من التفسير نورًا لأشدُّهم به فرحًا.

حبظلم جدن جدن من شهادة

حبظلم جدن جدن

من شهادة شبابنا المغدور

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=335355826867695&id=100011798400498

قال ما نحن فيه بسبب ذنوبنا

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=271938919876053&id=100011798400498

باسمك الله مستعانا

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=140342849702328&id=100011798400498

شيوخ الحيض والنفاس

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=273719113031367&id=100011798400498

طبعا السفير الروسي رسول

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=273547606381851&id=100011798400498

عن الملعون سفير روسيا

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=274677436268868&id=100011798400498

هذا تعليق على تعليقات

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=272307049839240&id=100011798400498

أخوف ما أخاف علينا

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=307714426298502&id=100011798400498

ذلك يوم كله لطلحة

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=306068896463055&id=100011798400498

كم من مريد للخير لن يصيبه

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=384752391928038&id=100011798400498

قال أحسب هذا القدر انتقاما

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=377481589321785&id=100011798400498

حروف عن حتوف

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=375735962829681&id=100011798400498

ليلتان بالمستشفى

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=365112687225342&id=100011798400498

أخي الحجام

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=355477761522168&id=100011798400498

وقفت بنفسي على أكثر من تجربة دعوية

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=355326701537274&id=100011798400498

اوع تعاطفك مع اخواتك المسلمين

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=355139908222620&id=100011798400498

نزع السلاح

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=354782088258402&id=100011798400498

حكاية المطعم

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=352674731802471&id=100011798400498

قال ألا ترى الشام اليوم

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=340404929696118&id=100011798400498

أعجب شروط تفسير القرآن

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=335011756902102&id=100011798400498

لكن الموصل لا بواكي لها

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=316020895467855&id=100011798400498

ترى صديقي هؤلاء الذين ينقضون السلفية

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=307995286270416&id=100011798400498

لكنَّ الموصل لا بواكي لها!

لكنَّ الموصل لا بواكي لها!

يا حيُّ حين لا نحيا، يا قيومُ كلَّ عجزٍ عن قيامٍ.

هؤلاء محاويجُك المغلوبون؛ رأفتَك بجراحهم، ورحمتَك بأرواحهم.

“ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ”، “ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً”، “وَأَنزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا”.

أنزِل -يا خير المنزِلين- على المستضعفين من خير ما أنزلت من هذا كله؛ جميلًا جزيلًا.

إذا تولَّت أمريكا كبر المحرقة؛ فإن لكل حليفٍ لها ما أوقد من الحطب.

لكنَّ أوجع البليَّة أن لا جديد؛ آفة حارتنا النسيان، والوعي ينزف من ثقوب الذاكرة.

إذا خسرتم من دمائكم وأموالكم ودياركم وعرفتم عدوكم؛ لقد ربحتم.

إذا هُزمتم وقد أبصرتم أسباب هزيمتكم واستعنتم الله على اجتنابها؛ لقد انتصرتم.

اليوم يُكاشف الصادقون أنفسهم، يقولون: لسنا من استقبل “وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ” بما شرَع الله من أسبابها وفتح في أبوابها، لسنا هؤلاء فنرفق بأنفسنا في الوجيعة كل الرفق، بل إذا رأينا ثَمَّ رأينا حيرةَ نظرٍ تشقُّ المرارة، وفُرقة عملٍ تُثَوِّرُ الحرارة، لكنْ لم يزل لنا في بساط عفو الرحمن عافيةٌ.

يا أمةً واحدةً؛ كذَبكِ من زعم لكِ أن ليس في دينكِ -عقيدةً وشريعةً- ما تجتمعين عليه وتحشدين إليه، ثم ليختلف بنوكِ ما شاء الله لهم -رحمةً- أن يختلفوا، كيف صدقتِ هذا وفي سمعكِ فرقانُ من لا أصدقَ منه قيلًا: “إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ”؟ كيف بربكِ الكريم؟

“إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا”؛ في سبيله صفًّا، شرطان لا يفترقان.

أيها الكفر الأسود، أيتها الأنظمة المرتدة، أيها الخائنون والخانعون جميعًا؛ أبشروا بشر عاقبةٍ، ما يمكر تدبيركم إلا بكم وما تشعرون، وغدًا تساقون إلى الهُلْك وأنتم تنظرون.

شجرة الإسلام لا تنبت إلا في الديار التي تخربون، ولا تُروى إلا بالدماء التي تسفكون، ولا تترعرع إلا بالمال الذي تنفقون، لتثمر جيلًا ينهش لحومكم ويسحق عظامكم، ثم إلى جهنم تحشرون.

نقسم بالله العظيم الذي رفع السماء بلا عمدٍ -يمينَ أسامة- إننا لمنصورون، وإنكم لمخذولون.

إنها ليست الموصل يا سادة، إنها كل مدينةٍ دنا دينُ أهلها من الجهاد خطوةً، “ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ”.

إنها ليست ميليشيات الحشد الشعبي هناك، إنه الكفر -حيث كان- وما يخدمه من عرض الحياة الدنيا، وإنَّ من أهليكم وأقوامكم لمحاربين لكم يومًا، يوم لا باطل يهادن الحق ولا حق يعرف الباطل.

إنه ليس إسلامَ الغلاة كما ظن المنافقون والذين في قلوبهم مرضٌ، كلُّ ما لا تحبه أمريكا ولا ترضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة؛ فهو إسلامٌ. “حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا”.

لم تمض بضعة أيامٍ على اقتحام مسجدٍ بحاضرة الحرية، وتمزيق القرآن بأرض الخلافة الأمريكية، سلوا باريس وآريزونا: ما جريمة الإسلام الشيك الأنيق لتطردوا المصلين وتمزقوا كتابهم؟

صدِّقوا الله بتكذيب عدوه؛ يصدقْكم وعدَه فيهم، “تُحِسُّونَهُم بِإِذْنِهِ”، أي تُذهبون حسَّهم باستئصالهم.

وصل ما أمر الله به أن يوصل عبدٌ وصل الموصل بدعائه كل صلاةٍ، اللهم اللهم.

“مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ”. تذكير الله

“مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ”.

تذكير الله عبادَه القيامة -كل يومٍ سبع عشرة مرةً- بهذا الوصف من أوصافها الكثيرة العظيمة “يَوْمِ الدِّينِ” -أي يوم الجزاء والحساب- ليس عبثًا، تعالى المليك الديان عن ذلك علوًّا كبيرًا.

يذكُر المؤمنون جزاء ربهم هذا الذكر الكثير؛ فيُيسَّر لهم من الطاعات ما عسُر، ويهون عليهم من البلاء ما عظُم، ويخفُّ عليهم ثقل اجتناب الشهوات وإنها لمُزينةٌ لنفوسهم، ويستعذبون العذاب في سبيل ربهم مهما بلغ بهم، ويحلو طعم الغربة -على قسوة مرارته- في قلوبهم وعقولهم، ويعلمون أن استيفاءهم من عدوهم لا يكون في هذه الدار، وفوق هذا كله ما يرجونه من المثوبة على الإيمان بالغيب.

يا معشر الرُّكَّع السُّجود، يا أصحاب الفاتحة السبع المثاني؛ ليس يوم الدين عنكم ببعيدٍ، إنما البعيد أقصاه، يوم بعْث الخلائق جميعًا، أما أدناه فعلى مقرُبةٍ من نفوسكم، يوم يخرج منكم آخر أنفاسكم، فتلقون سريعَ الحساب ربَّكم، “لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَآءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى”.

أوفى الوفاء توحيد الله ربِّ

أوفى الوفاء توحيد الله ربِّ العالمين.

الله المتفرِّد بالخلق الأوَّل؛ الإيجاد من العدم.

الله المتفرِّد بالخلق الثَّاني؛ البعث من بعد الموت.

الله المتفرِّد بالحكم الكونيِّ القدريِّ؛ تدبيرُه أمرَ ما خلق جميعًا، إحاطةً وتقديرًا؛ من أصغر ذرَّةٍ فما دونها إلى أكبر مجرَّةٍ فما فوقها، من مبدأ الخلق إلى أبده، ما عقل من هذا وما لم يعقل، في عالمَي الغيب والشَّهادة.

الله المتفرِّد بالحكم الدِّينيِّ الشَّرعيِّ؛ بالحاكميَّة وهي حقُّ الحكم، وبالتَّشريع الَّذي شرَع.

الله المتفرِّد بالحكم الجزائيِّ الحسابيِّ؛ مثوبةً وعقوبةً، في الدُّنيا والآخرة والبرزخ بينهما.

الله المتفرِّد بالأسماء الحسنى والصِّفات المُثلى؛ على ما أثبت له رسوله الأمين ونزَّه.

الله المستحقُّ وحده أن يُعبد، والمقتدر وحده أن يُعبد، تقدَّس مولانا ذو الجلال والإكرام.

ألا إنَّ أوفى الوفاء توحيد هذا الربِّ الواحد الإله الأحد علا وتعالى.

توحيدًا نظريًّا؛ اعتقاد تفرُّده -سبحانه- بكلِّ ما تقدَّم، وحده لا شريك له فيه.

وتوحيدًا عمليًّا؛ إفراده -جلَّ وعزَّ- بكلِّ أعمال القلوب، وجميع أعمال الجوارح.

أعمال القلوب كالمحبَّة والإخلاص والخوف والرَّجاء والتَّوكُّل والتَّسليم، وغير هذه.

وأعمال الجوارح كالنُّسك فرائضَ ونوافلَ، ومعاملة الخلق، والتَّحاكم إلى شريعة الحقِّ.

ولا يكون التَّوحيد من العباد نظرًا وعملًا؛ حتى يكفروا معه بالطَّاغوت نظرًا وعملًا.

تَرى يا صديقي هؤلاء الذين

تَرى يا صديقي هؤلاء الذين ينقضون السلفية -اليوم- حجرًا حجرًا؟ هم سلفيون، يعلم الله وأولو النهى أنهم سلفيون، كلما صاحوا “لسنا سلفيين” رجع إليهم الصدى “أنتم سلفيون”، غارقون في السلفية إلى آذانهم وهم لا يشعرون، لا يزيدون كلما لجُّوا في عداوتها سوى تقرير أنهم سلفيون.

ليست السلفية بأصلها عارًا نصِمُهم به، وإن كثيرًا من قواعدها لَمعاقدُ الإسلام، بل من حيث محادَّتُها سبيلَ الحق فيما كشفته للخلق مقاديرُ الله الحسان، لكننا لا نراوَغ بضجيج اللهو واللعب وعجيج الزهو والشغب عن حقائق الأمور، ونُلصقهم بها بقدر ما يُقصون هم أنفسهم، ننظر إليهم -فرحين بالنكوص عنها مغتبطين بالفرار منها- فنظل نعجب! إن يندفعون إلا في دائرةٍ وهم لا يبصرون.

قال صديقي: لكنَّ الفرق بين أُولاء الثائرين عليها وبين من عرفنا من السلفيين؛ واسعٌ عظيمٌ.

قلت: ميزاننا في القضية واحدٌ؛ “لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ”، ذلك فرقان خير الفاصلين الحقُّ، جعله ميزانًا مطلقًا في الحكم على عباده، جماعاتٍ ووحدانًا، ويوم يلقونه يفصل بينهم بمبناه كما قضى فيهم هنا بمعناه؛ أنه لا يكون أحدٌ على شيءٍ حتى يأخذ الكتاب كلَّه، ويعمل به كلِّه، ويجاهد في سبيله كلِّه، إلا ما عجز دونه؛ ذلك حقُّ إقامة الدين.

كلهم -يا صديقي- على صراط المقتسمين، “الَّذِينَ جَعَلُواْ الْقُرْآنَ عِضِينَ”؛ فقالوا: “نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍٍ”، وهؤلاء -اليوم- يؤمنون بالكتاب كله؛ لكنهم فرَّقوا -جهلًا- بين جوانبه في النظر، وعارضوا -ظلمًا- بين نواحيه في العمل، جعلوا لله مما أنزل من الشرائع والأحكام نصيبًا؛ فقالوا: “الصراع السلطوي” للجاهلين الحماسيين الفارغين بزعمهم، والعلوم والفلسفة والآداب لأنفسنا، فما كان لغيرهم شنَّعوه بتصريحاتٍ وتلميحاتٍ وبشَّعوه، وما كان لهم فحِمَىً عزيزٌ حَرِيزٌ مصونٌ؛ لأشباههم وما ملكت شمائلهم كهنوتٌ مكنونٌ، وعن من خالفهم محظورٌ مجذوذٌ ممنونٌ، ساء ما يحكمون.

يا صديقي إن يكن من فرقٍ حقٍّ بين هؤلاء وأولئك؛ فجَهْدُ المحدَثين أن يتوسعوا في علومٍ قصُر عنها الأقدمون عَرْضًا، وأن يتعمقوا في النظر في أبوابها طُولًا، ولولا عزلُهم هذا عن جهاد الطواغيت -الذين يُساق الناس بويلاتهم كل ساعةٍ إلى الجحيم زُمَرًا- لشكرناهم به وشكرناه بهم.

يا صديقي؛ السلفيُّ بالسلفية فيه صار سلفيًّا، والإخوانيُّ بالإخوانية فيه صار إخوانيًّا، والجهاديُّ بالجهادية فيه صار جهاديًّا؛ أنماطٌ نفسيةٌ، وأنساقٌ عقليةٌ، وجيتوهاتٌ اجتماعيةٌ، ثم أفكارٌ.

أرجو أن تزيد المنشورات بالتعليقات في المقصود بيانًا، والله مولانا، يسلِّمُنا ويسدِّدُنا أجمعين.

أخوف ما أخاف علينا أن

أخوف ما أخاف علينا أن نتماشى مع الطغيان وإن كفرنا به، وأن نتلاءم مع الاستبداد وإن لعنَّاه؛ فإن طُول المَساس يخسِف بالإحساس، كما حذرنا ربُّنا أمةً قبلنا: “فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ”.

أيها المخلصون دينهم لله؛ احرثوا بالسُّخط أرضكم، واحفظوا جمر الحميَّة متَّقدًا في قلوبكم، وتواصوا بالغِلِّ فيما بينكم، حتى إذا باتت أحقادُكم أنفاسَكم أصبحتم نارًا تفور؛ وقودها العداوة والبغضاء، كلما أُلقى فيكم فوجٌ من عدوكم كدتم من غيظٍ تميَّزون، فلا يخفف عنهم منكم ولا هم يُنظرون.

يا أولياء الدماء؛ تهيؤوا بكل حيلةٍ ووسيلةٍ لقدرٍ مقدورٍ، “كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ”.

لا أحصُر قضاء الله في ثورةٍ؛ سيدي مليكٌ مقتدرٌ، أقداره أوفر وأوسع، وإنها لا تأتي إلا بغتةً.

واعلموا أن أخبث العبيد بينكم -اليوم- مبتغٍ إطفاءَ شرارةٍ سعَّرها الله لكم، وساعٍ في إخماد جذوةٍ واحدةٍ من جحيمكم، وإن دعاكم إلى علمٍ تطلبونه أو نسكٍ تحققونه أو إصلاحٍ تنجزونه.

ألا إن العلم هو العلم؛ بصائرُ الله الحافظاتُ عبادَه، لكنَّ طالبَ علمٍ لا ينازل الجاهلية ولدٌ لها وإن ادَّعى لغيرها، وغاية علمه أن يُعَمَّمَ جاهلًا بالله، مهما فاق في فنونه طُولًا ومَهَرَ عَرضًا.

وإن النسك هو النسك؛ حكمة الحق من الخلق، لكنَّ استدبار العابدين مقارعة الكافرين صلواتٌ في محاريب الشياطين، وشيوخه دجالون، وإن طالت لحاهم إلى السُّرر، وقصُرت قُمُصُهم إلى الرُّكب.

وإن الإصلاح هو الإصلاح؛ قِبلة رسالات السماء، لكنه بإذنٍ من فرعون خرابُ الأرض، وكلُّ ناقةٍ لا تكيد الجاهلية لعقرها فليست بناقة صالحٍ، وإن نعق في الناس: إني رسولٌ من رب العالمين!

اللهم عليك بأصحاب رؤوس الأموال

اللهم عليك بأصحاب رؤوس الأموال المطففين أجمعين؛ الذين إذا اكتالوا من العاملين عندهم -ماديًّا ومعنويًّا- يستوفون، وإذا كالُوهم أو وزنوهم -ماديًّا ومعنويًّا- يُخسرون، الذين لا يظنون أنهم ليومك العظيم مبعوثون، وخُصَّ من انتسب منهم لدينك بالعذاب المهين، ومن انتسب للالتزام من المنتسبين لدينك بالرِّجز الأليم، لعِظَم الفتنة بهم في الدين.

سلِّط بجبروتك الحقِّ على أموالهم سيف انتقامك، واضرب أجسادهم بأمراضٍ لا ينفعهم فيها طبيبٌ ولا دواءٌ؛ بأنك الذي حرَّمت الظلم على نفسك وجعلته بين عبادك محرَّمًا، وبأنك الملك الحق الذي لا تظلم مثقال ذرَّةٍ، وبأنك ذو الغيرة البالغة على حقوق عباده وحرماتهم، وبأنك الذي شرَعت لحفظها شرائع القسط والسَّويَّة، وبأنك ربُّنا أرحم الراحمين.

أمَا وعلَّامِ غيوبِ القلوبِ إني لأمقتكم لوجه الله ولعباده المساكين، وأحقِر من يدخل عليكم -يتملق رضاءَكم ويتزلَّف نعماءَكم- بوجهٍ من الوجوه، ومن يَهَشُّ لكم -طوعًا واختيارًا- ويَبَشُّ، وكلُّ دنيءٍ نذلٍ صاغرٍ خسيسٍ يواليكم تحت قدميَّ موضوعٌ.

أيها السادة المظلومون الأكرمون؛ إن لأموالكم وحقوقكم في عنقي ثأرًا، أرجو وجه عزيزٍ ذي انتقامٍ أن يبلِّغنيه بنفسي؛ فأَشفي به للفقراء علَّة صدري، وأُذهب به للمحاويج غيظ قلبي.

وأفرغ يا ذا الجلال والإكرام على المُعْوَزين من خزائنك ما تصون به نفوسهم، وتكرِم به وجوههم.

لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله؛ آمنت بحقهما وقسطهما، وكفرتُ بالباطل وبما كانوا به يظلمون.