#في_حياة_بيوت_المسلمين. بين غيرة المرأة على

#في_حياة_بيوت_المسلمين.

بين غيرة المرأة على زوجها غيرةً طبيعيةً ضروريةً شهيةً، وبين غيرتها غيرةً سقيمة النوع بئيسة الكيف مُهلكة الكمِّ؛ شعرةٌ دقيقةٌ، لو أن امرأةً حلفت بين الركن والمقام أن تفسد بينها وبين بعلها البال والحال والمآل؛ ما زادت على هذه الأُحموقة شيئًا؛ لقد سمعنا حتى وجِعنا، وأبصرنا حتى أقصَرنا.

ألا إن الغيرة على المحبوب ليست بآكد علامات الحب؛ لكنها أقواها بنفس المحب أثرًا، وأشدها عصفًا بقلبه وعقله، حتى لتكاد تحرق منه كل عافيةٍ؛ فإنها نارٌ في الروح كاويةٌ تضطرم، وجحيمٌ في الفؤاد شاوٍ يتأجج، لا يفيق صاحبها من لسْع لدغاتها حتى يُغشى عليه بلدْغ لسعاتها، لا تبقي ولا تذر.

لقد رأيت من عظُمت غيرته على من يحب حتى منعته نومه وطعامه، وذهبت بعامة رصانته ورشده، فإذا هو هائجٌ من بعد أناةٍ، معتلٌّ بغير علةٍ، لا يبالي بكرامته عند أحدٍ وقد هانت عليه نفسه، وكان شقاء أحدهم بغيرته على محبوبه نائمًا أعظم من شقائه بها يقظانًا، فكان يرى -في المنام- أنه يركض خلف محبوبه ثائرًا يصرخ، حتى إذا ظفر به نهش في جسده بأظفاره، يعاقبه على خيالات اليقظة.

يا معشر النساء؛ إن في كثيرٍ من المحبة من القسوة والظلم مثل ما بها من الرأفة والشفقة، وإنها لمجتمَع الأضداد، فمن عرفت فؤادها ضعيفًا لا طاقة لمثله؛ فلتجنِّبه موارد المحبة الباغية، تلك التي لا تذر من وصلٍ إلا جعلته كالرميم، ولترمُق مبتدآت الأثرة من نفسها فتدفعها، ولتتصبر بمولاها؛ فإن وجع القلب خليًّا يتأرَّق أهون من وجعه شجيًّا يتحرَّق، وبعزة الله السلامة أولًا، وبرحمته المعافاة آخرًا.

#في_حياة_بيوت_المسلمين. قال: لا أتزوج -يا

#في_حياة_بيوت_المسلمين.

قال: لا أتزوج -يا أبت- حتى أرضى عن نفسي مع الله ربي، باطنًا وظاهرًا.

قال: رضيتَ عن الله ورضي عنك يا ولدي؛ إنما أنت إنسانٌ مجبولٌ على العيوب تطلب الزواج في دارٍ مطبوعةٍ على الآفات؛ فلا كمال لأحدٍ ولا تمام لشيءٍ، وإن حولك الجاهلية تنهش -برغَبها ورهَبها- في الناس نهشًا، وقد اندرس من الإسلام ما اندرس، وإنا لفي آخر الزمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

يا بني؛ ليس شرط الزواج كمال النفس والدين والخلق، بل حسبك معرفتك بنقائصك فيها وسعيك في معاليها مستعينًا بالله ربك، يا بني؛ ما كنت بعيوبك خبيرًا وبذنوبك بصيرًا؛ فتزوج، يا بني؛ ما كنت معظمًا فرائض الله وحقوق عباده؛ فتزوج، يا بني؛ ما كان فيك من خصالٍ أربعةٍ (الإيثار والوفاء والاحتمال والكرم) حظٌّ طيبٌ؛ فتزوج، يا بني؛ ما كنت رجَّاعًا عن الباطل إلى الحق إذا بُصِّرت بهما؛ فتزوج، يا بني؛ ما فقهت أن الزواج عطاءٌ قبل أخذٍ وواجبٌ قبل حقٍّ؛ فتزوج، يا بني؛ تزوج.

يا بني؛ إني لأرجو بخوفك هذا أمانك مما تحاذر، يا بني؛ ليس العجب ممن يخشى قبل الزواج ألا يكون له أهلًا، بل العجب ممن لا يخشى، يا بني؛ بين الثقة بالنفس المشروعة وبين الثقة بالنفس الممنوعة شعرةٌ فتبصَّرها، ولا تكُ في الإزراء بنفسك من الغالين، يا بني؛ أبشر في زواجك بما وعد الله.

فجرُ فرجٍ على السادة الأسرى

فجرُ فرجٍ على السادة الأسرى أجمعين؛ هذا وقتٌ ذقت نواله وأهواله -هناك- كثيرًا.

أسرانا يا محيطًا بكل شيءٍ، أسرانا يا شهيدًا على كل شيءٍ، أسرانا يا غياثنا، أسرانا يا مولانا.

في الأثر أن الله -سبحانه- لما أمر خليله إبراهيم -عليه السلام- أن يؤذِّن في الناس بالحج؛ قال إبراهيم: ومن يسمع صوتي يا رب؟ فقال الله -عزَّ وجلَّ- له: “يا إبراهيم؛ عليك النداء، وعلينا البلاغ”.

اللهم إني منادٍ على أجزاء روحي في السجون؛ فبلغ من تشاء عن عبدك رحمةً منك وفضلًا كبيرًا.

أيها السادة الأسرى؛ قوموا إلى صلاة الفجر خفافًا مما أُثقل به أهل العافية من أوزار الحياة الدنيا، ثقالًا بأشدِّ عمل أهل الفردوس الأعلى قوةً “الصبر”، ما الله عما نمتم فيه من آلام الوحشة والضيق والأشواق بغافلٍ، وإنه إلى الذي صحوتم عليه من طوابير انتظار “الخلاء والوضوء” لناظرٌ؛ حسبكم الله.

حسبكم الله الذي قدَر بلاءكم وحده، حسبكم الله السميع البصير ما أنتم فيه باطنًا وظاهرًا وحده، حسبكم الله الذي لا يضيع عنده شيءٌ من أوجاعكم وحده، حسبكم الله الذي وعدكم على المحنة تكفير السيئات وزيادة الحسنات ورفعة الدرجات وجميل مواهب الدنيا والآخرة وحده، حسبكم الله ونعم الوكيل.

يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي؛ بقية الله خيرٌ لكم.

لو كنت قاذفًا أحدًا بأنه

لو كنت قاذفًا أحدًا بأنه ابن حرامٍ لا يعرف أباه والقذف حرامٌ لا آتيه، لو كنت سابًّا خنزيرًا بأنه أشبه بني الحيوان بوغدٍ من بني الإنسان، لو كنت راجمًا روحًا ينزعها الله لي نزعًا من جسدٍ فأتلذذ بهذا، لو كان شيءٌ من ذلك؛ لخصصت به سقط المتاع الذي لا يُباع ولا يُبتاع، أسفلَ السافلين وأحقرَ الحُقراء، المبرِّر تسليم الشاب الجميل “محمد عبد الحفيظ” إلى مشركي مصر الحاكمين عليه بالإعدام، ومنهم ساقطٌ من السماء تخطفته الطير وهوت به الريح في مكانٍ سحيقٍ يقول: “محمدٌ جهاديٌّ ليس من الإخوان”.

يا عبيد كل أحدٍ إلا الله ربَّنا؛ لقد نعلم أن العبد وما ملك لسيده، ليست بأُولى مخازيكم ولا آخرها.

كيف كان فزعك يا محمد حين خطفك الفجار؟! لولا إيمانٌ بأن قاضي بلائك الأعلى -تباركت رحمته- أولى بك من نفسك ومن والديك -لو وُكل أمرك إليهما- ومن العالمين؛ لبَخَعْتُ نفسي عليك أسفًا.

اللهم أَصِبْ بالرحمة محمدًا، اللهم نجِّ محمدًا، اللهم سلِّم محمدًا، اللهم تولَّ محمدًا؛ لا إله إلا أنت.

حدِّثوا الناس عن اللات والعزى

حدِّثوا الناس عن اللات والعزى وأصنام الجاهلية لزامًا؛ فإن الله حدثنا عنها، وأنبأنا رسوله -صلى عليه وسلم- أنه “لا يذهب الليل والنهار؛ حتى تُعبد اللات والعزى”، لكن تخرسون عن أصنام العصر التي لم تُعبد أصنام الجاهلية الأولى كما تُعبد اليوم! فأنتم جهولون أو دجالون؛ عليكم من الله ما تستحقون.

حدثوا الناس عن صنم الدولة الحديثة المعبود -كَرْهًا- من دون الله نظرًا وعملًا؛ ربِّ الجاهلية الجديدة الأكبر وإلاهِها الأعظم؛ يُدعى إلى شرائعه، ويُعبَّد لسلطانه، ويُجنَّد في سبيله؛ ترغيبًا وترهيبًا.

حدثوا الناس عن صنم الدولة الحديثة المخلوع عليه كلُّ ما للإله الحق -سبحانه وتعالى- من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، له الحكم في الناس وإليه يَرجعون! حتى إذا سفك سَدَنَتُه من الدماء ما سفكوا، واستبدوا بالثروات ما استبدوا، واستذلوا من الأحرار من استذلوا؛ لم تجد الجماهير المسُوقة إلى الجحيم -بفرط تغوُّل مكانة الدولة في قلوبهم وعقولهم- ‍حرجًا فيما اقترفته جميعًا؛ بل يقول قائلهم: إن الذي يفعل ذلك كله هو الدولة، يراه -وقد طمسوا بطول الذلة بصيرته، وخسفوا بإيلاف القهر فطرته- حقًّا لها، بما أوتيت من بأس المُلك وسطوة النظام؛ ذلك والله الكفر الأكبر وذلك الشرك العظيم.

حدثوا الناس عن أوثانٍ لم تُعبد أوثانٌ قبلها مثلها؛ مؤسسات النظام الدولي العسكرية والاقتصادية والسياسية والاستخباراتية والأمنية، حدثوا الناس عن أصنامٍ لا أضرَّ على دين الجماهير ودنياهم منها؛ الشركات المتعددة الجنسيات ووكالات الأنباء العالمية والمؤسسات الإعلامية؛ تلك والله الأوثان.

حدثوا الناس عن أوثان الدساتير والقوانين والأنظمة والسياسات التي تَحيق بما ظهر منهم وتحيط بما بطن، وعن طواغيت كل ذلك الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد؛ ذلك والله حق التوحيد.

قال: أسعدك الله بطيبات المعاش

قال: أسعدك الله بطيبات المعاش والمعاد جميعًا يا أبت؛ من أسعد الناس بالدنيا؟

قال: أسعد الناس بالدنيا عبدٌ يعيشها يومًا بيومٍ، هذا الفاقه عن الله حكمه “كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ”، وعن الرسول حكمته “لكن أجوع يومًا وأشبع يومًا”، لا يُغرقه صفاؤها سرورًا، ولا كدرُها غمًّا، بل هو كما أراد الله شرعًا فيما أنزل وقدرًا فيما قضى؛ “لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَآ آَتَاكُمْ”.

فيومٌ علينا ويومٌ لنا ** ويومٌ نُسَاءُ ويومٌ نُسَرْ

ما مضى فاتَ والمؤمَّلُ غيبٌ ** ولكَ الساعةُ التي أنتَ فيها

دارٌ متى ما أضحكتْ في يومها ** أبكتْ غدًا قبحًا لها منْ دارِ

هيَ الحياةُ كما شاهدتها دولٌ ** منْ سرَّهُ زمنٌ ساءتهُ أزمانُ

يا بني؛ تدبر هذه عن الله فإنها حسبك في المقام بيانًا؛ “إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا”؛ انظر كيف أتبع الله هذا الوصف الكلي السالب “لَا يَرْجُونَ لِقَآءَنَا”، بهذا الوصف الكلي الموجب “وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا”؛ ما زاد في رضاك بالحياة الدنيا وطمأنينتك بها نقص من رجائك لقاء الله، وما نقص من رضاك بالحياة الدنيا وطمأنينتك بها زاد في رجائك لقاء الله.

يا بني؛ طلاب ثبات الدنيا على مسراتها قومٌ مجانين؛ كيف يثبت لهم ما لو لم يتحول عن غيرهم ما صار إليهم؟! أولئك الذين لا تبصر عقولهم إلا حين يكشف الله بالموت غطاءها؛ أعاذنا الله.

#في_حياة_بيوت_المسلمين. في حجرة نومه الهانئة؛

#في_حياة_بيوت_المسلمين.

في حجرة نومه الهانئة؛ كان أحمد يتلو سورة النساء، يُطبِّب بأَشْفِية القرآن أدواء نفسه وزوجه سمية، حتى إذا بلغ منها قول ربه سبحانه: “وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا”؛ سألته سمية باسمةً مستبشرةً: حدثني حبيبي عن اسم ربي المقيت، فكأني أسمعه أول مرةٍ، مسح أحمد على رأسها بيمينه، وأدنى جبينها من وجهه، وقبَّلها بين عينيها قبلة حفاوةٍ وإكبارٍ، ثم رفع رأسه إلى سقف الحجرة مغتبطًا راضيًا وقال: المحمود الله -يا سميتي- بما قسَم لي من كريم إيمانك، وأُثني عليه بما وصلني به من ودِّك وقربك وإحسانك، لقد سألت حبيبتي عن عظيمٍ لا أعظم منه، وإنك لأَولى بالامتلاء من عرفان الخير مني ألف مرةٍ، فإنك أوصل بذريتنا وأقرب، وإنه لا يفيض عنا إلا ما تمكن منا، وإني لأرجو الله أن يمكن منك العلم بصفاته وآياته وأحكامه، فتفيضين على أبنائنا من كل ما حشاك به فيضًا جميلًا جزيلًا.

حليلتي؛ المقيت هو الذي يقوت خلقه أجمعين (فيما ظهر منهم وما بطن) بأقوات الربوبية، ويقوت المؤمنين (في قلوبهم وأعمالهم) بأقوات الألوهية، يبسط في نوعَي الأقوات ويقبض بعلمٍ وحُسبانٍ وجَمعيةٍ، ويختار لكل شيءٍ (من خلقه وأمره) ميقاته الزماني والمكاني بحكمةٍ عليةٍ؛ علا الله وتعالى.

قالت سمية وقد ألقت برأسها بين كفيه: زدني بيانًا -يا صاحبي- زادك الله إيمانًا ورحمةً ورشدًا.

قال أحمد: الرب هو الإله خليلتي؛ الربوبية أعم والألوهية أعظم، الرب خالق الخلق جميعًا ومدبر أمورهم باطنةً وظاهرةً، والإله هو مألوه المؤمنين (معبودهم) الذي يتألهونه حبًّا وخوفًا وطمعًا.

إذا اعتقدت ذلك كذلك؛ فللربوبية عطاءاتٌ وللألوهية عطاءاتٌ، عطاءات الربوبية للخلق جميعًا، من أزله إلى أبده، أصغر ذرةٍ فما دونها إلى أكبر مجرةٍ فما فوقها ما عقل من ذلك وما لم يعقل، وعطاءات الألوهية للمسلمين لله -من دون العالمين- تباركت أحديته؛ أرأيت سعة الربوبية وجلال الألوهية؟!

لسان أحمد يسكب المعاني وعينا سمية تجودان بالدمع، لم يزل الحديث عن الله أخَّاذًا بفؤاديهما -من قديمٍ- ليس كمثله في حياتهما حديثٌ، قالت المحبة ربَّها: ابسط لي مزيدًا أحمدي؛ بسط المنان لك.

قال أحمد الهدى والندى: يا سمية؛ بأن الله مقيتٌ أوجد خلقه جميعًا، وبأنه مقيتٌ يمدُّ كل شيءٍ فيهم بأقواته الخاصة، تلك الأقوات التي يكون بها محياهم ومماتهم وبعثُ ما شاء الله منهم، يقبض الله منها ويبسط خبيرًا حسيبًا، فما بسط له من الخلق في الأقوات قوَّاه بها وأبقاه، وما قبض عنه أضعفه أو أفناه، كل ذلك في الدنيا والآخرة، وبأن الله مقيتٌ يقوت من آمن به بأقوات الإيمان النظرية (العبادات الباطنة) والعملية (العبادات الظاهرة)، فيبسط ويقبض في الحب والخوف والرجاء وما إلى ذلك من منازل القلوب، ويبسط ويقبض في الصلاة والجهاد والبر وما إلى ذلك من طاعات الجوارح، وبأن الله مقيتٌ يختار لكل شيءٍ من خلقه وأمره (شرعه) ميقاته الزماني والمكاني عليمًا حكيمًا، فإن لكل شيءٍ من الخلق والأمر زمانًا ومكانًا، في السماوات والأرض وفيما بينهما؛ تبارك الله مدبرًا محيطًا مقتدرًا.

قالت سمية: عرَّفك الله وعرَّف لك حبيبي، قال أحمد: قد عرفت الأولى فما “عرَّف لك”؟ قالت: ألم تسمع قول الله جلَّ وعزَّ: “سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ”؟ فإن مجاهدًا صاحب عبد الله بن عباسٍ -رضي الله عنهم أجمعين- قال فيها: “يهتدي أهل الجنة إلى بيوتهم ومساكنهم، وحيث قسَم الله لهم، لا يخطئون، كأنهم سكانها منذ خُلقوا، لا يستدلون عليها أحدًا”؛ هَمَلَتْ مقلتا أحمد بدمعٍ منهمرٍ، قال: وإياك حبيبتي في فردوسها الأعلى، لا أغلى منك ولا أحلى؛ جعل الله “القرآن” رحمًا بيننا أبدًا.

لَمَى وحمزة ولداهما يطرقان باب حجرة النوم طرقًا عنيفًا: “يا بابا .. يا ماما”، يشكو كلٌّ منهما أخاه، فتحت سمية الباب هرولةً، فإذا حمزة آخذٌ بشعر لَمَى يجرها إليه، ولَمَى تبكي حاضنةً لعبتها ناشبةً فيها أظفارها، التقطهما أحمد من الأرض جميعًا -كأنهما قطعةٌ واحدةٌ- وكوَّرهما في السرير يقبِّلهما ويزغزغهما حتى نسيا شأنهما يقهقهان من ملاعبة أبيهما، التفت إلى سمية فإذا هي تضحك مسبحةً بحمد ربها، قال أحمد: الله الله! كأن الله -يا جميلة- إذ بصَّرنا باسمه المقيت معنىً؛ أبى إلا أن نشهده حقيقةً، ألا إن لَمَى وحمزة وما فعلاه من أقوات الربوبية، وإن تسبيحك بحمد الله بعدما كان من حديثٍ عنه -سبحانه- من أقوات الألوهية؛ نبوء لك اللهم بجميع أقواتك، ونستعين بها على مرضاتك، تقول سمية مثل قوله، ثم تذهب إلى المطبخ تعد لزوجها وولديها من أقوات الربوبية عَشاءً شهيًّا.

حدَّثني -يائسًا من الهدى- عن

حدَّثني -يائسًا من الهدى- عن أنواع خطاياه الجِسام، وعن كبائر تشيب لها نواصي الولدان، وأنه لا يظن توبة الله عليه وتجاوزَه عنه، وأنه جرَّب الأوبة إلى الله مرارًا فأخفق عددَ ما جرَّب؛ فقلت له:

حدث نفسك وحدثني وحدث العالمين مليون مرةً عن خطاياك كلها؛ عما ظهر منها وما بطن، عما كان بقلبك وما كان بلسانك وما كان بجارحةٍ جارحةٍ، عما جنيته في نفسك وما جنيت به على غيرك، عما حصل منها بالتَّرك وما حصل بالفعل، عما تذكر منها وما نسيت، عما انقطع منها وما اتصل.

حدث نفسك وحدثني وحدث العالمين مليون مرةً عن تعمدك لها، وعن إصرارك عليها، وكيف لم تعتبر بمواعظ الله التي والاك فيها، وعن كيفِها العظيم، وعن كمِّها الوافر، وعما لم تُحط به فيها خُبرًا.

حدث نفسك وحدثني وحدث العالمين مليون مرةً عن بواعثها الشنيعة، وعن زمانها الطويل، وعن أماكنها التي لا تحصيها، وعن حبائلها الباطنة التي مكرتها، وعن أسبابها الظاهرة التي أبرمتها.

حدث نفسك وحدثني وحدث العالمين مليون مرةً عمن أغرقتهم معك فيها من الناس؛ عمن عرَّفتهم بها وما كانوا يعرفونها، وعمن حببتها إليهم وكانوا من قبلُ يكرهونها، وعمن أعنتهم عليها بشيطانك.

حدث نفسك وحدثني وحدث العالمين مليون مرةً عن فتنتك أنت نفسَك بها، وعن سعيك الحثيث إلى مقارفتها، وعن تسويغ هواك ما قدمت يداك، وعن رضاك بها واطمئنانك إليها، وعما بين ذلك.

حدث نفسك وحدثني وحدث العالمين مليون مرةً بهذا جميعًا وبما فاتك سواه؛ سأظل أحدثك عن رحمة الله التي وسعت كل شيءٍ، ومهما بلغت ذنوبك بالعَرض قُرابَ الأرض وبالطُّول عنان السماء فإنها شيءٌ؛ حتى أن شيخ الجاهلية إبليس -لعنه الله- يطمع في الدخول فيها يوم القيامة، وأوسع من ذلك.

حدث نفسك وحدثني وحدث العالمين مليون مرةً بهذا جميعًا وبما فاتك سواه؛ سأظل أحدثك عن مغفرة الله التي شملت كفر من تاب من الكافرين، وضلال من تاب من الضالين، وظلم من تاب من الظالمين، وفسق من تاب من الفاسقين؛ حتى جاء الله بهم -غنيًّا عن عذابهم- وجعلهم أولياء له ربانيين.

حدث نفسك وحدثني وحدث العالمين مليون مرةً بهذا جميعًا وبما فاتك سواه؛ سأظل أحدثك عن قدرة الله على كل شيءٍ، ومهما جلَّت آثامك كيفًا وجمَّت عددًا فإنها شيءٌ، ولقد سمعت الله -تباركت رحمته- يقول: “من علم منكم أني ذو قدرةٍ على مغفرة الذنوب؛ غفرت له ولا أبالي، ما لم يشرك بي شيئًا”.

حدث نفسك وحدثني وحدث العالمين مليون مرةً بهذا جميعًا وبما فاتك سواه؛ سأظل أحدثك عن عقيدةٍ لا ظن فيها؛ ليس بينك وبين توبة الله عليك من كل ما قارفت من الخطايا؛ إلا لحظة صدقٍ في ذلٍّ في افتقارٍ تهتف فيها بسيد الاستغفار؛ “اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي؛ فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”، فإذا اطلع الله على قلبك فوجد هذه العزمة على محبته وخوفه ورجائه؛ حرَّك من نفسك ما جَمَدَ، وأنعش من روحك ما خَمَدَ، وبعث من قلبك ما هَمَدَ، وبدَّل الخطايا عطايا.

حدث نفسك وحدثني وحدث العالمين مليون مرةً بهذا جميعًا وبما فاتك سواه؛ سأظل أحدثك بحق اليقين، نداء التواب لا يأتيه شكٌّ من بين يديه ولا من خلفه؛ “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”؛ كذب ظنك وصدق وعد الله.

#في_حياة_بيوت_المسلمين. سأل سائلٌ عن زوجه

#في_حياة_بيوت_المسلمين.

سأل سائلٌ عن زوجه التي لا تصلي، وقد وعظها في الله كثيرًا فلم تستجب؛ ما الحيلة؟

ذلك الشقاء المبين والخزي العظيم، عياذًا بك اللهم ولياذًا برحمتك؛ إذا كانت لا تصلي البتة، وقد أمرتها بالصلاة واصطبرت عليها، ووعظتها بالإحسان مرغِّبًا ومرهِّبًا زمانًا كافيًا، وهجرتها وأدبتها بما تُستصلح به، ولم تكن عونًا للشيطان عليها وأنت لا تشعر، وقد استفتحت على الله أبواب هداها التي بصَّرك بها، وهي تأبى مع هذا جميعًا أن تصلي؛ ففارقها مدةً من الزمان، فإن آبت إلى الله وتابت فبها ونعمت، اللهم اللهم، وإلا ففارقها لا خير في استبقائها، وإن كان لك منها مائة ولدٍ؛ “لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة”، ومن ضيع حق الله فهو لما دونه أضيع، ومن فقد الله فماذا وجد؟ وما عندها من الخير بعد استدبار القبلة تحفظ به عهدك وتربي به ولدك؟ ولِمَن شقيت بزوجٍ لا يصلي مثلُ ذلك.

اللهم ربنا لا تجعل مصيبتنا في الصلاة، واحفظنا في حماها حتى نلقاك بها مؤمنين؛ لا إله إلا أنت.

#في_حياة_بيوت_المسلمين. في عقد النبوة قال

#في_حياة_بيوت_المسلمين.

في عقد النبوة قال الله سبحانه: “وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا”، وفي عقد النكاح قال الله تعالى: “وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا”؛ انظر كيف وصف الله ما بين الرجل وامرأته بما وصف به ما بينه وبين الأنبياء من العروة الوثقى! ثم انظر عبث عامة الأزواج -اليوم- بهذا الرِّباط المتين تضييعًا وتفريطًا!

إن لعقد النبوة بين الله ورسله عقائد وعباداتٍ وآدابًا وخصائص وحرماتٍ وأسرارًا، وإن لعقد النكاح بين الرجل وامرأته عقائد وعباداتٍ وآدابًا وخصائص وحرماتٍ وأسرارًا، وإن المعظِّمين النبوة ديانةً لمعظِّمون النكاح أمانةً، يشهدون آثار الأنبياء في شريعة الزواج إضافةً إليها، وآثار الزواج في رسالة الأنبياء عونًا عليها، ولقد مزج الله رحيق النبوة بتسنيم النكاح مزجًا عجبًا، فقال تقدَّس ثناؤه:

“وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً”؛ “أَرْسَلْنَا .. وَجَعَلْنَا”، يمتن الله على النبيين بهما جميعًا، مواهب الأمر والخلق في صورةٍ واحدةٍ، هذه الصورة التامة جلالًا وجمالًا؛ الرباني في البشري، الدين في الحياة، السماء في الأرض، الروح في المادة؛ إنها صورة غيث الجنة في يابسة الدنيا.