رسائل الأسحار إلى مجاهدٍ وأسيرٍ

رسائل الأسحار إلى مجاهدٍ وأسيرٍ نائمَين الساعة.

وإذا العنايةُ لاحظتكَ عيونُها ** نمْ فالمخاوفُ كلُّهنَّ أمانُ

يا حبيبًا في ثغره أو في زنزانته؛ جعل الله نومك بركةً على يقظتك.

نائمٌ أنت الساعة قليلَ الحيلة في الفَرش؟ فالحي القيوم يدبر أمرك على العرش.

“إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ”؛ أذاقكما الله من بردها وسلامها أوفى حظٍّ وأكرم نصيبٍ.

إذا فقدتما في منامكما السكن والأهل والراحة؛ فأنتما واجدان من الله يوم تلقيانه كل سُلْوَانٍ جميلٍ.

حين يفرغ المؤمن من جواب الملكين في القبر ملهَمًا مثبَّتًا من الله؛ يقولان له: “نم”، فيقول لهما: أرجع فأخبر أهلي، فيقولان له: “نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه”؛ ليس نومه يومئذٍ كنوم أهل الدنيا، لكن شُبِّه به في طِيب النفس وهناءة القلب، كأني بالمجاهد والأسير يقال لهما ذلك في البرزخ أحسنَ ما يكون عطاءُ ربٍّ راضٍ غير غضبان، ومن أولى بهذا منهما عند الله؟ وهل جزاء اضطراب أفئدتهم في حياتهم الدنيا طويلًا؛ إلا سكينتها في القبور ويوم تكون أفئدة ظالميهم هواءً؟ اللهمَّ اللهمَّ.

يا مجاهدينا ..يا أسرانا؛ حسبكم من الليل لذةً ما أرَّقتم به مضاجع الطغاة، ولقد نمتم وتنامون وستنامون، “وِقِلّ نومنا في المضاجعْ ** آدي احنا نمنا ما اشتهينا”، أفرغ الله عليكم صبرًا، وأنامكم وادعين.

“وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا”؛ السُّبات الراحة، والذي يجعله في النوم هو الله، فإذا ذهب السُّبات فقد بقي الله.

“يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا،

“يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي الرجل مؤمنًا ويصبح كافرًا”.

“يأتي على الناس زمانٌ يجتمعون في مساجدهم يصلُّون؛ ليس فيهم مؤمنٌ”.

“إن الضلالة حقَّ الضلالة؛ أن تعرف ما كنت تنكر، وتنكر ما كنت تعرف”.

لم يكن زمانٌ قطُّ عظُمت به الفتن، وكثُرت، وتتابعت، وتشابكت؛ كهذا الزمان.

هذا بعض ما علَّمنا الله ورسوله من سؤال الثبات؛ نرجو الله ربنا دوام اللهج بهن.

“اللهم إني أسألك إيمانًا لا يرتد”.

“اللهم إني أسألك الثبات في الأمر”.

“اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا”.

“رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا”.

“رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا”.

“يا مقلِّب القلوب؛ ثبت قلبي على دينك”.

“اللهم إني أعوذ بك من الحَوْر بعد الكَوْر”.

“اللهم إني أعوذ بعزتك -لا إله إلا أنت- أن تضلني”.

“يا وليَّ الإسلام وأهله؛ مسِّكني بالإسلام حتى ألقاك عليه”.

“يا مصرِّف القلوب والأبصار؛ صرِّف قلبي على طاعتك”.

“اللهم احفظني بالإسلام قائمًا، واحفظني به قاعدًا، واحفظني به راقدًا”.

“اللهم لولا أنت ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلينا؛ فأنزلنْ سكينةً علينا، وثبت الأقدام إن لاقينا”.

يا عباد الله؛ تدبروهن، واحفظوهن، وحفِّظوهن أهليكم، والهجوا بهن -مجموعةً- صادقين.

ذلك؛ وإنه لا أعظَم سببًا للثبات من أمرين؛ اتقاء الفتن، “إن السعيد لَمَنْ جُنِّب الفتن”، وأن يفعل العبد ما أُمر به ويترك ما نُهي عنه، “وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا”؛ نسأل الله صَوْنًا عن الفتن، وعَوْنًا على الطاعة، وتوبةً من قريبٍ إذا فرطنا في هذا أو ذاك، وتوفَّنا ربنا مسلمين.

إلى الأحبة الظانين بي ظن

إلى الأحبة الظانين بي ظن السَّوء؛ أني لطيفٌ رقيقٌ على كل حالٍ وحينٍ، وإلى الأعزة الذين لا يتحملون شدة الخلاف المنهجي بين طرق العمل وطرائقه، وإلى الأجلَّة الذين يتوهَّمونها خناقةً عابرةً في فسحة يومٍ دراسيٍّ بين تالتة رابع ورابعة تالت، إلى هؤلاء البررة جميعًا؛ لا تقرؤوا هذا المنشور.

جُبلت النفوس على النقص، ‍ففيها سعيٌ حثيثٌ إلى الكمال، وابتغاء الكمال في غيرها أيسر من ابتغائه فيها؛ لأن ابتغاءه فيها مكلِّفٌ مجهِدٌ، فأهون منه أن ت‍طلبه في غيرها؛ لذلك تبالغ الكثرة في تجويد صور من تحب، إلى درجة “الحنتفة”، تعتصم بعصمتها! فأيكم ذا نقصٍ فأنا أخوه؛ لا تنشدوا كمالكم فيَّ.

يا أصحابي؛ أمَّا أني ودودٌ رفيقٌ فأرجو الله أن أكون كذلك وأنقى من ذلك، هو بذات صدري عليمٌ، الثناء ثناؤه، جعلني الله عنده زكيًّا، وأمَّا أني أكون كأشباه الرجال أُعشِّش كبُغاث الطير في مناطق رماديةٍ؛ فألوذ بمولاي من خُلقٍ لم يجْبُلني عليه، ولا ربتني والدتي بمثله؛ هذا أخوكم، فاقبلوني أو دعوني.

راجع بعضهم أحمد سالم -جُوزي جزاءَه- فيما قاله في الشيخ حازم غشومًا ظلومًا: “فارغ وفاضي، لا يصلح لإدارة عربية طرشي”، فقال السافل هازئًا: “المرة الجاية هخليها عربية كشري”، وقال الثقيل مستظرفًا: “نخليها لا يصلح لإدارة مؤسسة بيع مخللات، أحسن الصيغة دي”، وقاء السفيه في تعليقاتٍ له برَجيعٍ كريهٍ آخر، وقد كان من قبلُ قال في الشيخ النبيل -حفظ الله مهجته، ونجَّاه وسلَّمه، وغفر له وثبته- أقوالًا خسيسةً كخُلقه؛ نعوذ بالرحمن من مهانة النفس، ومن القِحَة في الجَوْر، ومن الكبر.

لا عجب من سفالة سالم فإنها قديمةٌ، كما لا عجب أن سُبَّ الشيخ؛ فلعل الله لما قطع عنه بعض العمل أراد وصله بكثير الأجر؛ فاحمرَّت لقدْره أنوفٌ أبيةٌ، ولهجت بذكره ألسنةٌ وفيةٌ، وجدَّد الأحرار له رضيَّ العهد؛ جمعنا الله بشيخنا في الدنيا على مفاخر الإسلام، وفي الآخرة في بحبوحة الرضوان.

يا جماعة .. وبالبلدي؛ أنا واحد أرجو ربي -علا وتعالى- إني أكون من ولاد الأصول المتربيين الجدعان، يعرف من صحبني -بحمد الله- كيف أنتفض إذا ظُلم واحدٌ منهم غضبةً لحقه، حلفت يومًا بالله أن أحرق وجه جارٍ لصديقي بماء نارٍ؛ إن أمضى ما توعده به من إبلاغ الطواغيت عنه، وهو أشْيَك جزاء من تعاون مع الطواغيت ضد المؤمنين؛ كيف لا أنتفض غيرةً لحرمة شيخٍ معلَّمٍ معلِّمٍ؟!

إنني -وأعوذ بالله- لا أستطيع الخرس عن إيذاء رجلٍ شابت في الإسلام لحيته، وأيقظ الله ببصيرته أمةً من الناس قلوبًا وعقولًا، وبصَّرهم بالجاهلية ظنِّها وحكمِها وحميتِها، وصدع بمرِّ الحق في وجوه طواغيت البلاد غير خائفٍ في الله لومة لائمٍ، وعرَّف الشبيبة ما عرَّفهم بربهم ونبيهم ومنهاج تحررهم وكرامتهم، وعرض شريعة الله -جلَّ وعزَّ- على عامة الناس عرضًا فائق الجمال والجلال، يوم أخفقت جماعاتٌ ديناصورية الأشكال عن بعض ذلك، بل شوَّهت من عقائد الإسلام وشرائعه ما كفَت به العدوَّ كثيرًا، وصبر الشيخ على كيد الأقربين صبرًا عجبًا، ورأى الشباب فيه أنموذجًا جامعًا لصدق القصد ونقاء الغاية وسداد المنطق وروعة البذل وسماحة الأخلاق، وعطف الله عليه قلوب العامة ما لم يكتب لغيره، ثم سُجن في زنزانةٍ من زنازين العقرب -شوى الله بُناته بالنار في الدنيا والقيامة وبرزخٍ بينهما- وحيدًا فريدًا، مضت عليه بها سنونٌ فما غيَّر الكريم ولا بدَّل، “والفضلُ ما شهدتْ بهِ الأعداءُ”.

ذلك وغيره مما لا يفقهه الساكنون الساكتون المخذِّلون المعوِّقون المبطِّئون المتعجرفون الحمقى؛ فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ وهل تهون العِشرة إلا على أولاد الحرام كما سمعناه من الجنائيين! في السجون كثيرًا؟ أيقال: “فارغ وفاضي، لا يصلح لإدارة عربية طرشي”؛ تلطَّخ بها الطرشجي؟!

ليكن الشيخ ضعيفًا في الإدارة أو فاشلًا فيها، ليكن؛ فوالله وبالله وتالله إن كان كذلك؛ فالفرض اللازم على الفور بيانه للناس كافةً، نصيحةً للإسلام وأهله، وليُستفاد بأخطاء الفاضلين كما يُستفاد بإصاباتهم، وهو نفَس شيخنا نفسِه، لا يمنع من قول الحق فيه سَجنُه ولا غير ذلك؛ ما تكلم به محترمٌ عالمًا عادلًا.

لطالما نُقد الشيخ بين أيدينا وفي هذا الفضاء، فما حرَّكنا ساكنًا، ولا وجدنا في أنفسنا شيئًا على الأحبة الناقدين، وأُعجبنا ببعض هذا مما تجلَّى علمه وعدله، نعرف لأهله فضلهم وأدبهم، أما أن ينال منه مثل هذا الزائغ الوغد المتنفخ بمثل ذلك ونسكت عليه بتهويش المهوِّشين؛ فاللهم لا، اللهم لا، اللهم لا.

يقول بعض رعاع سالمٍ: أنتم تحسدونه؛ أليس دميمًا ذميمًا رميُكم -ككبيركم- كلَّ محذرٍ طريقته وخليقته بالحسد؟! هذا لهٌ حاسدٌ، وذاك عليه حاقدٌ، وكلنا منه منفسنون؟! ذاتَ بؤسٍ رأيت شابًّا يحاوره، فقال: “لقاؤنا اليوم مع الشيخ أحمد سالم؛ مالئ الدنيا وشاغل الناس”! الظن بالشاب اليوم أنه كبُر عنها.

أيها السادة؛ إنه ليس حازم أبو إسماعيل وحده، إنه حطُّ أحمد سالم (أبو فهر السلفي، أبو الأشبال المصري) على تيار مواجهة الطواغيت كله تصريحًا وتلويحًا وما بينهما؛ كتابه القديم “فتاوى العلماء الكبار في الارهاب والتدمير”؛ طعنه على شهيد الحاكمية سيد قطب -تقبله الله- في أفكاره المركزية، وصفه العمليات التي استهدفت أمريكا بالعمليات الإرهابية، قوله بتحريم هذه العمليات مطلقًا مع أن التفصيل والخلاف فيها معلومٌ مشهورٌ، (وكذلك يفعل في عامة مسائل المواجهة المادية للطواغيت، مع تقديمه نفسه -دومًا- واسع الصدر لسائر الخلافات الفقهية)، في كتابه “صورة الإسلاميين على الشاشة” زعم الأثيم حرمة قتل السجين الضابط الذي اغتصبه، “الاستمناء الثوري، الشبق لتحكيم الشريعة، انتظار القذف المنوي”؛ تلك بعض ألفاظه القبيحة في مواجهته المخالفين، وصفه الجهاد السوري بأنه محرقةٌ ونهيه الشباب عنه مطلقًا، يا صديقي؛ “إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ”، وإن بعضه ليس كذلك.

يا أيها الذين آمنوا؛ من وجدتموه يُجْمِل القول في الطواغيت ويفصِّله في مجاهديهم؛ فاتهموه على دينه، كذلك يفعل سالم وبسيوني والمرزوقي ومحمد عبد الواحد وأشباههم، فإذا سئلوا عن ذلك أجابوا إجابة الجامية المداخلة القديمة؛ “فساد الطغاة ظاهرٌ لا يلبس لبوس الدين، وفساد مجاهديهم خفيٌّ يلبس لبوس الدين”، فجَرَت كلمةً يُخرج الله بها أضغانهم، وافصل اللهم بيننا وبينهم؛ وأنت خير الفاصلين.

صدَّقنا سالمًا -والذين ضلوا وأضلوا قبله- في المجاهدين والثوريين والسياسيين، وكفرنا بمواجهة الطواغيت بما يليق بهم أجمعين، والطواغيت وحربهم الإسلامَ وأهلَه أظهر حقائق الوجود النظري والعملي هذا الزمان؛ نبئونا أيها الكذبة كيف تواجهون أنتم؟! وكونوا في بيان ذلك من الصادقين.

يا معشر الأبرار؛ ألا لا يُرهبنكم عن كرامة الذود عن الشيخ الجليل وأمثاله من كباركم الربانيين قولُ جاهلٍ جائرٍ: “أولتراسات .. مجاذيب .. دراويش”، وكونوا أوفياء نبلاء ذوَي مروءةٍ وأصولٍ، كما رباكم آباؤكم لا كما يريد لكم هؤلاء الأنذال، يا إخوتي؛ ليس دواء داء تقديس الرموز البغيَ في إسقاطهم.

لقد تقر عيني بحذر المسلمين من زيف الرموز ومن صنميتهم، ذلك حذرٌ يحبه الله ورسوله، ويرضيان أن يبقى بين أعينكم ما بقيتم، لكنَّ رموزًا خلَّصتها الشدائد ونقَّحتها المِحن؛ حقُّها الصَّون والإكبار.

إن رموز الإسلام -التي هي رموزه- لا تكون إلا صناعةً ربانيةً خالصةً؛ لا حظَّ لطاغوتٍ فيها ولا نصيب لجاهليةٍ منها، قال أحسن الصانعين في كليمه موسى عليه السلام: “وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي”، وقال فيه: “وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي”؛ أولئك المصنوعون لله وعلى عينه الذين لا يتكلفون حركة رؤوسهم -بجَهد نفوسهم- لتصيبها العمائم، كيف وقد فقهوا أن عمائم السماء لا تنزَّل إلا على رؤوس السادة الغافلين؟! قال الله: “وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ”، وقال: “وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ”، وقال: “وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى”؛ وقال: “مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ”؛ سنةَ الله.

ألا فارصدوا مدارج رمزية الرموز ما استطعتم ذلك، ثم انظروا؛ هل أنشأت الجاهلية فيه إنشاءً؟ هل أسس الطاغوت في بنيانه ركنًا؟ فمن وجدتموه كذلك؛ فاطرحوه جانبًا، ودونكم صُنعَ الله صاحبًا.

سيدي حازم؛ أطلق الله جوانحك في رضاه، وجوارحك في فَضاه، وأنعمك بقدره وقضاه، يا حبيبي.

“وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا”. ليست

“وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا”.

ليست أُولى سفالات أحمد سالم.

على أحمد سالم من الله ما يستحق.

لسنا دراويش للشيخ حازم، ولا نصلح.

سيدي حازم أبو إسماعيل؛ نجَّاه الله وثبته.

من لا يعرف ما فعل الشيخ حازم؛ فلا تُعرِّفوه.

المساواة بين حازم ورموز الإسلاميين؛ خَبَلٌ ومكابرةٌ.

“الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا”؛ صدق الله.

لم نزل نتقبل نقد الشيخ حازم ومن هو خيرٌ من الشيخ؛ بعلمٍ وعدلٍ.

كيف يكرم الله أمةً لا تكرم كبراءها، ولا تعرف لرموزها الحقة أقدارها؟!

ليس النقد حقًّا للجميع، بل لأهله وبعلمٍ وعدلٍ، والاستهزاء ببعض الناس بحقٍّ دينٌ.

ليس الشيخ حازم معصومًا في النظر ولا في العمل (مفاجأة)، وإنما العبرة بالتسديد الغالب.

اللي ينتقد مثل الشيخ حازم بعلم وعدل تقبل منه، أما اللي يتسفل عليه فادِّي له بالجزمة القديمة.

سالم طالب علم نعم، لكنه ضالٌّ سافلٌ مريضٌ، اقرؤوا كتاب أحمد مولانا عنه بأول تعليقٍ، بَلا قلة أدب.

سمعت زنديقًا منتسبًا إلى الشريعة

سمعت زنديقًا منتسبًا إلى الشريعة يرقِّع كفر النصارى لهم فيقول: هذا دينٌ سماويٌّ عظيمٌ، والزنديق يعلم أن الدين عند الله الإسلام، لا نسخ في العقيدة ولا جديد، وأن ملة النصارى بين تبديلٍ وتحريفٍ.

تحسب يا زنديق أنك تبرُّ النصارى بهذا وتقسط إليهم؟! تالله لقد فجرت في ظلمهم إذ زدتهم فتنةً بالشرك إلى فتنتهم، ولتلقين ربك بأوزار ثباتهم على طريق الخلود في النار؛ إلا أن تتوب إلى الله وتبيِّن لهم.

يا أيها الموحدون؛ حق البرِّ بالنصارى والقسط إليهم أن تدعوهم إلى التوحيد بالحكمة وتجادلوهم في الشرك بالتي هي أحسن، أن تأتوا إليهم ما أتى رسول الله أرحم الخلق بهم؛ عقيدةً وشريعةً ومعاملةً.

انظروا إلى المسافة بين برودة هذا الزنديق وأمثاله في عقيدة النصارى الكفرية الشركية، وبين الحرارة التي يخلقها الله في قلوب الموحدين إذ يكشف لهم عن شيءٍ من غضبه حين حكى شيئًا من إشراك القوم به -سبحانه وتعالى- في عبدٍ من عباده! قال الله جلَّ وعزَّ: “لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا”؛ ذلك رعبٌ مطبقٌ والله! قال النصارى: إن الله هو المسيح ابن مريم، فكان جواب الله: أيها المفترون علي؛ من ذا الذي يطيق أن يدفع من أمري شيئًا؛ إذا أهلكت المسيح نفسه وهو رسولي، وأمَّه الصِّدِّيقة نفسها وهي وَليَّتي، وأهلكت من في الأرض جميعًا؟! إنها المسافة بين الكفر والإسلام، بين الجنة والنار.

“فتنة الدم .. لعنة الدم”؛

“فتنة الدم .. لعنة الدم”؛ أكثرَ الطيبون يردِّدونها؛ كثَّر الله أمثالهم، وكثَّر الحق بهم.

“أول ما يُقضى فيه بين الناس يوم القيامة الدماء”؛ هذا وفاء الشِّرعة الغرَّاء لحرمة الدم المعصوم لا مزيد عليه، يُشَفِّعه قول إمام المقسطين -صلى الله عليه وسلم- كذلك: “لو أن أهل السماوات والأرض اجتمعوا على قتل مسلمٍ؛ لأكبَّهم الله جميعًا على وجوههم في النار”؛ الجزاء الحق من الإله الحق.

أحلف بجلال الرب بين الركن والمقام؛ إن كثيرًا مما أَغْطَشَ مصر ظلمةً ببعض هذه الدماء المسفوكة عُتُوًّا وطغيانًا، لكنَّ فتنةً أخرى أولى بالذكر وأحْرَى، وإنها عند الله لأعمُّ وأطمُّ؛ إنها فتنة الكفر.

“وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ”، “وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ”؛ بذلك قضى الله ديانةً وأمانةً، الكفر بالله أشد من القتل، الإشراك بالله أكبر من القتل، حق الله -تعالى- أن يوحَّد أبدًا أعظم من حق المؤمن أن يعيش أمدًا.

إن ضجيج البلاد في السماء بأنواعٍ من الكفر بالله سبحانه؛ أشد من ضجيج البلاد في الأرض بأنواعٍ من الجَوْر، ولقد أعلم أن أكثر الجَوْر -اليوم- من بعض الكفر، وأن امتزاجهما حقيقةٌ وافرةٌ كثيرًا.

تبديل العقائد والشرائع، وشرك القصور، وشرك القبور، وموالاة الكفار، وسب الدين، ومناصرة الطواغيت، والاستهزاء بأحكام الملة، ومحاربة الإسلام، والتنقص من قدر النبوة، وتصحيح أديان المشركين، وإنكار كثيرٍ من المعلوم من الدين بالضرورة، واستحلال جمهرةٍ من محرمات الله ورسوله استحلالًا ظاهرًا؛ هذه وغيرها من نواقض الإسلام -لا نواقصِه- ما أفشاها في طول البلاد وعرضها! حسبك سب دين الله الأجلِّ الأكرم لغة محاورةٍ بين كثيرٍ من أشباه الناس شيوخًا وشُبَّانًا وأطفالًا؛ حتى ليخشى المؤمن أن تنزل صاعقةٌ من السماء فتصيبه بهَوْل ما هو كائنٌ حوله من الكفر الغليظ.

لعل أحدكم يظن بذلك انفكاك الكفر عن العمل! لا والله؛ بل الكفر بالله كائنٌ -هنا- بين عملين؛ عملٍ يسبقه استحق به صاحبه خذلان الله له في بقاء الإيمان، وعملٍ يلحقه هو ترجمة الكفر إلى واقعٍ.

ثلاثٌ لعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ليست لغيره؛ نظر إلى الكعبة المشرَّفة يومًا فقال: “ما أطيبك، وأطيب ريحك! ما أعظمك، وأعظم حرمتك! والذي نفس محمدٍ بيده؛ لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمةً منك، مالِه، ودمِه”، وقال: “إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسها فيها؛ سفك الدم الحرام بغير حلِّه”، وقال لرجل قتل نفسًا بغير حقٍّ: “تزود من الماء البارد؛ فإنك لا تدخل الجنة”؛ كأنه قال للأبعد: اكتظَّ من الدنيا بما شئت؛ ليس لك في الآخرة خلاقٌ؛ أوليس ابنَ الفاروق؟!

تزاحمت كلمات الله ورسوله في قلبه، واحتشدت مصفوفةً كلها في عقله؛ فكانت له هذه الثلاث.

“وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا”، “مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا”، “والذي نفسي بيده؛ لقتلُ مؤمنٍ أعظم عند الله من زوال الدنيا”، “ثكلته أمه رجلٌ قتل رجلًا متعمدًا؛ يجيء يومَ القيامة آخذًا قاتله بيمينه أو بيساره، وآخذًا رأسه بيمينه أو شماله، تشخبُ أوداجُه دمًا في قِبَلِ العرش، يقول: يا رب؛ سل عبدك؛ فيم قتلني؟!”، “كل ذنبٍ عسى الله أن يغفره؛ إلا الرجل يقتل المؤمن متعمدًا، أو الرجل يموت كافرًا”، “أبغض الناس إلى الله ثلاثٌ؛ ملحدٌ في الحرم، ومُبتغٍ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطَّلب دم امرىءٍ بغير حقٍّ ليُهَرِيق دمه”، “من استطاع أن لا يُحال بينه وبين الجنة ملءُ كفٍّ من دمٍ أهراقه؛ فليفعل”، “لا يزال المؤمن في فسحةٍ من دينه؛ ما لم يصب دمًا حرامًا”، “ألا لا ترجعوا بعدي كفارًا؛ يضرب بعضكم رقاب بعضٍ”، “من قتل مؤمنًا فاغتبط بقتله؛ لم يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا”، “يجيء الرجل آخذًا بيد الرجل، فيقول: يا رب؛ هذا قتلني، فيقول له: لم قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لك، فيقول: فإنها لي، ويجيء الرجل آخذًا بيد الرجل، فيقول: يا رب؛ إن هذا قتلني، فيقول الله: لم قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لفلانٍ، فيقول الله: إنها ليست لفلانٍ، فيبوء بإثمه”، “لا يزال المؤمن معنقًا -طويل العنق بكثرة حسناته- ما لم يصب دمًا حرامًا”، “اجتنبوا السبع الموبقات”؛ فذكر منها “وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق”.

انظر -نظر الله إليك يوم لا ينظر إلى الظالمين- ما تجد بنفسك الآن من رجفةٍ شديدةٍ وقد قرأت وعيد الله ورسوله مَن سفك الدم الحرام مجتمعًا! فإن بعض الكفر بالله أعظم من كل ذلك؛ اللهم سلِّم سلِّم.

كان الإنس والجن عدمًا فأوجدهم الله، ما أوجدهم إلا ليعبدوه وحده لا شريك له، فإذا كفروا به وأشركوا معه؛ لم يكن شيءٌ يقترفونه أبدًا -مهما جلَّ وجمَّ- أكبر من نقض ما خُلقوا لأجله؛ ذلك القول الفصل، وكانت السماوات والأرض عدمًا فخلقهما الله، ما خلقهما إلا بالحق ولتُجزى كل نفسٍ بما كسبت، ولا حق كتوحيد الله ولا باطل كالإشراك به، فإذا كفر عبدٌ بالله؛ استحق غضب السماء والأرض بأنواعٍ من العذاب في الدنيا، ثم يوم القيامة يرد إلى أشدها؛ من يسأل -إذا فقه هذا- عن أسباب نكبة البلاد؟!

بعضهم لا يدعو الله؛ بل

بعضهم لا يدعو الله؛ بل يقترح عليه ويشترط، تنبه يا صديقي! أتُعَلِّم الله ما يعمل؟!

يدعو على ظالمه بالانتقام، فينتقم الله منه بما شاء عليمًا حكيمًا؛ ييسر له الظلم مزيدًا، يغريه بعقله وقوته فيه، يزينه له حتى يذود عنه بالقول والفعل، يختم على قلبه فيه حتى يراه عدلًا وحقًّا، يمدُّ له حتى يصير ظلمه قانونًا وقضاءً وحُكمًا وتنفيذًا؛ كلَّ ذلك يفعل الله ليشقيه في الدنيا قبل البرزخ والقيامة شقاءً لا سعادة معه، وحسبك في تصور عقوبة الظالم يوم الحاقة هذه الآية فقط؛ “مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ”؛ هذا الجزاء المركَّب المقصود كلُّ جزءٍ فيه لا يناسب الظالم أقلُّ منه قسطًا ووِفاقًا؛ وبينما الظالم غارقٌ في ظلمه إذ المؤمن مبتلىً به لحِكَمٍ عظيمةٍ كثيرةٍ؛ تكفير السيئات، وزيادة الحسنات، ورفعة الدرجات، وزيادة الإيمان، وتحقق العبودية، وفهم صفات الرب جلَّ وعزَّ، وفقه النفس والناس والحياة، والزهد في الدنيا والعمل للآخرة، وتعجيل التوبة، والتزود من البر، والشعور الوافر بالمظلومين وأُولي البلاء، ومحبة الطاعة وبغض المعصية، مع ما في ابتلاء الظالم بالمظلوم والمظلوم بالظالم من ظهور سنن الله الكونية، وتجلِّي آياته الشرعية؛ وَسِعَ قدَرُ الله.

“لا يا رب؛ افعل لي ما أريد أنا، متى أريد أنا، كيف أريد أنا”؛ كذلك يقول الجاهل بالله، المقترح عليه -علا وتعالى- ما يفعل، ويكأنه يُعَلِّم الله ما يعمل! فأما العالم بالله فيدعوه مسلِّمًا له الجواب تسليمًا.

هذا حرفٌ لا يقول: لا تدعُ على ظالمك بهلاك كل عضوٍ فيه بما يُبرد غيظك ما استحق ذلك؛ بل هو حرفٌ يقول: إذا فعل الله لك ما رجوت (نوعًا وكيفًا) -وكثيرًا يفعل سبحانه- فقل: الحمد لله لطيفًا خبيرًا، وإذا لم يفعل لك ما رجوت (نوعًا وكيفًا) -وكثيرًا لا يفعل سبحانه- فقل: الحمد لله عليمًا حكيمًا.

ومنهم الذي يسأل ربه علمًا بشيءٍ محدَّدٍ لا يقبل بغيره، أو عملًا معيَّنًا لا يقنع بسواه، أو امرأةً اصطفاها لا يرى إلَّاها، أو كشف ضرِّ لا يرضى عن الله إلا بكشفه، أو شيئًا من متاع الحياة الدنيا لا يسَلِّم لمولاه إلا بالحصول عليه؛ ألا إن المنكر ليس في أشطار هذه الجُمَل الأولى؛ بل في أشطارها الثانية.

تمنَّ من ربك ما تهوى من طيبات النفس والمعاش والمعاد؛ حتى ما ترغب في شِراك نعلك، نعم العبد؛ أما (الاشتراط اللاواعي) على الله عينَ ما رجوت حتى تقنع وترضى؛ فاللهم لا؛ لا اقتراح على الله.

#في_حياة_بيوت_المسلمين. إذا وصلتك امرأةٌ لحاجةٍ؛

#في_حياة_بيوت_المسلمين.

إذا وصلتك امرأةٌ لحاجةٍ؛ فاتق الجبار معها، لا تستطل بحرفٍ واحدٍ لا حاجة إليها فيه.

إنها أمك، أو أختك، أو ابنتك، أو امرأة أخيك؛ فإن فاتتك التقوى فلا تفتك المروءة؛ أولست مؤمنًا؟!

أما المرأة تسألك حاجةً وبينها وبين زوجها ضعفٌ في جانبٍ؛ فعظِّم تقوى الله فيها مزيدًا.

“يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ”، “يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ”؛ يا غفور سلِّم سلِّم.

لم يمنع الشرع الحكيم مطلق الصلة بين الرجل والمرأة؛ لكن بوصلته التضييق بينهما.

إن الله قد أحكم شرعه كما أحكم خلقه، “أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ”؛ أفلح من صدَّق الله.

أفيجعل الله من اتقى الفتن فنجا منها؛ كمن فرَّط فغرق فيها؟! “مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ”.

يا عباد الله ويا إماءه؛ “بَلِ الْإنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ”؛ قلوبُكم حصونُكم فاحذروا.

الكلام بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه جائزٌ للحاجة، وبقدْرها؛ “سَيَذَّكَرُ مَن يَخْشَى”.

ما زاد بينهما من حرفٍ أو نظرٍ أو مزاحٍ فشرٌّ هو؛ طوبى لمن طيَّب موضع نظر ربه منه وطهَّره.

إن السعيد من وُعِظَ بغيره، والشقي من وُعِظَ به غيرُه؛ “فَاعْتَبِرُواْ يَآ أُولِي الْأَبْصَارِ”.

ابن الجوزي رحمه الله: “من قارب الفتنة بعُدت عنه السلامة، ومن ادَّعى الصبر وُكِلَ إلى نفسه”.

“يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ”؛ بين السلامة والعَطَب ركضة جريءٍ.

لقد رأيت أسرع الناس سقوطًا في الفتن الذين لا يبالون بشَرَكها؛ كأنما سبقت لهم العصمة من الله.

لو قال الله: لك ما تحب في الناس فسَلْه؛ لقلت: رب اجعلني زَامًّا للقلوب قبل طيشها.

إني لتبلغني الأهوال في الباب، فأكاد أصرخ: ماذا علينا لو صدَّقنا الله أنه لا يمنعنا إلا ما يفسدنا؟!

اللهم لا تجعل مصيبتنا الخيانة، واحفظ علينا أنوار الأمانة، وأدرك من فُتِنَ برحمتك.

عواصم الله في الفتن: “وَمَا

عواصم الله في الفتن:

“وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ”.

“وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ”.

“أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ”.

“وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ”.

“أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا”.

“وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ”.

“مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ”.

“وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ”.

“أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ”.

“خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ”.

“مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ۖ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ”.

“إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَن يُضِلُّ ۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ”.

“كَذَٰلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ”.

“وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ”.

“وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ”.

لا دار بين الجنة والنار

لا دار بين الجنة والنار تنتظر الذين كانوا مذبذبين بين سبيلَيهما.

كل دعوةٍ إلى الإسلام (عقيدةً أو شريعةً) لا تجاهد الطواغيت -وإنْ بالبيان- دعوةٌ إلى الباطل، وإن مَخْرَقَتْ لأصحابها؛ “يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَآفَّةً”، “ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ”، وغيره أعوج.

في الخمر؛ لعن الله -جلَّ وعزَّ- كل من أعان عليها بشيءٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها”، وفي الربا؛ لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل من أعان عليها بشيءٍ، فقال جابرٌ رضي الله عنه: “لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه”.

يلعن الله والرسول من أعان على كبيرتين مجرَّدتين، واللعن: الطرد من رحمة الله في الدنيا والآخرة “إِلَّا مَن تَابَ”؛ ما يفعل الله ورسوله بأعوان الطواغيت (قلوبِ الشياطين في جثامين الإنس)؟!

الطواغيت المنازعون الله ربوبيته وصفاته وألوهيته، الطواغيت المخاصمون الله حاكميته وتشريعه ودينونته، الطواغيت المبدلون عقائد الإسلام وشرائعه، الطواغيت المحاربون الله ورسوله والمؤمنين، الطواغيت الفارضون على الناس -بالرَّغَب والرَّهَب- توحيدهم وعبادتهم، الطواغيت النهابون ثروات البلاد والعباد لكروشهم وفروشهم وعروشهم، الطواغيت المفسدون الأرض بكل وسيلةٍ وحيلةٍ، الطواغيت السائقون إلى جهنم من الناس -بأنواع الكفر والضلال والظلم والفسق- كل ساعةٍ زمرًا، الطواغيت الصادون عن سبيل الله -بمكر الليل والنهار- يبغونها عوجًا، الطواغيت مضلُّو العقول هتَّاكو الأعراض سفَّاكو الدماء سجَّانو الأنفس، الطواغيت المعذبون جماهير الناس بعامةٍ والمؤمنين بخاصةٍ؛ بأنواعٍ من العذاب أخجلت الشياطين، الطواغيت الموطِّئون الأرض والناس لمسيح الضلالة الدجال، الطواغيت جنود إبليس والجاهلية المخلصون؛ لعنهم الجبار -رؤوسًا وأذنابًا- ومن والاهم أبدًا.

يا أيها الذين آمنوا؛ إني لنفسي ولكم ناصحٌ، وعلي وعليكم شفيقٌ، ربنا الله خير الفاصلين، ونبينا الرسول الماحي، وكتابنا الفرقان، وديننا ليس بالهزل؛ لا تنفعكم مع الله عقيدةٌ ولا شريعةٌ ولا معاملةٌ حتى تبرؤوا لوجهه من الطواغيت ومن والاهم، ولو كانوا آباءكم أو أبناءكم أو إخوانكم أو عشيرتكم، وإن طالت لحية موالي الطواغيت إلى سرته وقصُر قميصه إلى ركبته، وإن كان رمزًا إخوانيًّا عاهرًا لا يبرح شريعة النظام العالمي مُطوِّعًا الناس لعقيدته؛ فاصدعوا بما تؤمرون، وسلوا مولاكم الثبات.