أيها المستعينون بالقهوة على الرَّوقان؛ هلمُّوا فاحتسُوا الآن:
لا جديد في معاداة الإسلام والمسلمين.
ما بقي إبليس شيخًا للجاهلية يُمْلي -وحدَه- عليها؛ فلا جديد.
إنما الجديد في الحرب التركيب والتراكم.
الأقوال بحذافيرها، الأفعال بشَراشِرها، كل المكر قديمٌ قديمٌ.
“مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ”، “أَتَوَاصَوْا بِهِ”، “تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ”.
حتى النظام العالمي الحديث لا جديد فيه؛ إنْ هو إلا حشْد الجاهلية كلَّ خبراتها التاريخية الجغرافية في رُكْنَي الحرب (التصورات والتصرفات)، ونظْمها في منظومة فلسفيةٍ قانونيةٍ؛ سعيًا في الهيمنة على عُمُد الحياة البشرية كلها.
ما كل ما تراه عيناك وتسمع به أذناك في حربك اليوم؛ إلا تطويرٌ لما اقترف إبليس في حرب أبيك آدم أول يومٍ. هُو هُو؛ أنت الذي قرأت القرآن فكأنْ لم.
ما إباء الجاهلية العالمية -اليوم- الشهادةَ للمسلمين -زرافاتٍ ووحدانًا- أينما كانوا بالسبق في شيءٍ سبقوا فيه حقًّا واستكبارهم عن ذلك؛ إلا امتدادٌ لإباء شيخها إبليس قديمًا السجودَ لأبيهم آدم -عليه السلام- واستكباره عن ذلك.
ما تعليل الجاهلية العالمية -اليوم- امتناعَها هذا، بما بينها وبين شعوب المسلمين من فروقٍ عنصريةٍ؛ إلا اتساعٌ في تعليل شيخها إبليس قديمًا امتناعَه عن السجود لآدم بما بين النار وبين الطين -في رأسه- من فروقٍ عنصريةٍ.
ما سعي الجاهلية العالمية -اليوم- حثيثًا في إخراج المسلمين من ديارهم -إما حقيقةً بإجلائهم عنها، وإما حُكمًا بالسيطرة على مقاليدها- إلا استطالةٌ في سعي شيخها إبليس قديمًا في إخراج أبويهم من دارهما (الجنة).
ما طواحن الجاهلية العالمية -اليوم- لإشقاء المسلمين بالفقر والجوع والإمراض والتجهيل بكل وسيلةٍ وحيلةٍ؛ إلا تحقيقٌ غائيٌّ لغاية شيخها إبليس قديمًا في إخراج أبويهم من الجنة، التي كتب الله لهما فيها من الغنى والشِّبع والصحة والمعرفة ما يليق بساكنيها؛ ليكون الفقر والجوع والمرض والجهل أشدَّ أعوانه على مراده.
ما إغراء الناس -اليوم- بلذائذ الشهوات الطاغية (نوعًا وكيفًا وكمًّا)، التي تخسف بها الجاهلية العالمية فِطَرهم وعقولهم لكي لا يجد الإسلام فيهم أصولًا يؤسِّس عليها بنيانه؛ إلا تحديثٌ شديدٌ لإغواء شيخها إبليس قديمًا أبويهم آدم وحواء في إخراجهما من الجنة إذ قال لآدم: “هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى”.
ما تبلُّغ الجاهلية العالمية -اليوم- في فَتْن المسلمين عن دينهم بوسائل من دينهم نفسِه، (كمساجد الضِّرار، والمؤسسات الدينية الرسمية، وشيوخ القصور والقبور)؛ إلا تمديدٌ لتبلُّغ شيخها إبليس قديمًا بنفس الوسيلة الدينية في فَتْن أبويهم آدم وحواء؛ إذ قاسمهما (بالله) إنه لهما لمن الناصحين.
ما ابتغاء الجاهلية العالمية -اليوم- الهيمنة الكاملة على الناس أجمعين -باستغراق أنواعهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأوضاعهم وأحوالهم- في صرفهم عما خُلقوا لأجله؛ إلا إنفاذٌ لعَزمة شيخها قديمًا: “ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَٰنِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ”.
ما مؤسسات الجاهلية العالمية -اليوم- العسكرية والثقافية والأمنية والسياسية والإعلامية، المُنشأة لصد الناس عن سبيل الله تبغيها عِوَجًا؛ إلا التجسيد الأعظم لتهدُّد شيخها إبليس العبادَ قديمًا بالقعود صراطَهم المستقيم.
ما الإباحية الوفيرة التي تفجِّرها الجاهلية العالمية -اليوم- تفجيرًا لحَيْوَنَة بني آدم بإغراقهم في شهوات الأجساد المُخْلِدَة لهم إلى الأرض؛ إلا تطويرٌ أخيرٌ لما سعى فيه شيخها إبليس قديمًا من إبداء عورات أبويهم آدم وحواء في الجنة.
ما اتكاء الجاهلية العالمية -اليوم- استراتيجيًّا على عنصر الوقت واستنزاف المسلمين فيه (فكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا)؛ إلا ترجمةٌ بليغةٌ لطلب شيخها إبليس قديمًا من الله -في إغواء عباده- إنظارَه إلي يوم الدين.
ما طاغوتية الجاهلية العالمية -اليوم- في أبواب التشريع من دون الله، منازعةً له -سبحانه- في الحاكمية والحُكم؛ إلا تصديقٌ تامٌّ لظنون شيخها إبليس قديمًا؛ “لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ”، “لَأُضِلَّنَّهُمْ”، “وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ”.
ما اجتراء الجاهلية التاريخية على الله -في كثيرٍ من فلسفاتها وأفكارها- تزعم أنه من وراء شرور العالم بالسلب والإيجاب؛ إلا زيادةٌ في كفر إبليس قديمًا إذ قال لربه: “فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي”، فجعل غوايته من الله لا من نفسه.
ما أحقاد الجاهلية على الإسلام وأهله -اليوم- وتنفيسها في استئصال عقائده وشرائعه وآدابه، والاستيلاء على أهله؛ إلا الإنجاز الأكبر لتوعُّد شيخها إبليس قديمًا: “قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا”، والاحتناك: الاستئصال والاستيلاء، وما كان سببه من إبليس إلا ما تجلى له من اجتباء آدم عليه، فكأنه قال: لأهلكنهم كما هلكت، وهو خُلقٌ قديمٌ ورثه عنه كل شياطين الغاوين في العالمين، كما يشهدون به على أنفسهم عند الله يوم القيامة: “رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا”.
لا جديد في الصراع بكل حالٍ، وليس للجاهلية غير منوال شيخها الملعون منوالٌ.