متكئًا على أريكته يكتب في

متكئًا على أريكته يكتب في سآمة المترفين: لا جديد في حياتي.

جديدك لا يحصى خيرُه لو أخذت نفسك بالشكران؛ قبل أخذها لك بالكفران.

لو لم تكن حيًّا وغيرك ميتٌ، وطليقٌ وغيرك أسيرٌ، وصحيحٌ وغيرك مريضٌ، وفارغٌ وغيرك مشغولٌ، ومعافًى وغيرك مبتلًى، وبصيرٌ وغيرك أعمى، ومتحرك اليد التي تكتب بأصابعها شكوى الله إلى خلقه وغيرك مشلولها، ولك هاتفٌ وغيرك لا هاتف له، ولديك شبكةٌ وغيرك لم تصل إليه؛ لو لم يكن كل ذلك الجديد عندك وأضعافه؛ ما قدرت أن تكتب هذه الكلمة الكَنُودِيَّة “لا جديد في حياتي”.

جديدك في دينك -ولا أحلى ولا أعلى ولا أغلى منه- أنواعٌ من فتن الشهوات والشبهات يدفعها الله عنك فيه، جديدك في نفسك ألوانٌ من الكروب التي لا تُبقي لأصحابها شيئًا منها ولا تذر قد سلَّمك الله منها، جديدك في جسدك صنوفٌ من الأسقام حَشَت مشافي الأرض أناسًا يرقدون في أَسِرَّتها لا يشتهون أكثر من ديمومة أمراضهم لكن في بيوتهم قد وقاك الله إياها، جديدك في أهلك ما أبقى الله لك منهم وقد سُلب من غيرك منهم من سُلب، جديدك اللطف الخفي من الرب العلي يعمل في حياتك تدبيرًا عجبًا يشهده عبدٌ شاكرٌ غير كفورٍ، فكن ذلك العبد؛ فإن الشكر قَيْدُ الموجود وصَيْدُ المفقود، وأمسك بَطَرِك.

اللهم ربَّنا الأحد الصمد؛ تب

اللهم ربَّنا الأحد الصمد؛ تب بعزتك الدافعة ورحمتك الرافعة على عبادك المدخنين؛ ارزق قلوبهم مقته، وعقولهم نسيانه، واقبض أيديهم عن شرائه، وابسطها بالصدقة على مساكينك، وأطفئ ما أضرم الدخان في صدورهم من النار بماء التوبة وثلجها وبرَدها، وبيِّض أفواههم بطيبات ذكرك عما سوَّدها به من خبائثه، واحْلُل ما عُقِد في أمخاخهم من روابط بين أحوالٍ لهم وبينه، وسكِّن هياج أعصابهم بعد تركه بأنك تسكِّن الليل والريح، ونقِّ عروقهم من شوائبه التي حشاها به، واجعل عافيتهم منه أيسر شيءٍ بأنك القهار الغالب على أمرك، والعن طواغيت العالم الذين يَزرعون له ويَصنعون، ويُغوون به ويُغرون، ويُخدِّرون به ويُلهون، وهم المضيقون على الناس عامة ما أحللت لهم من خيرك في أرضك، وقاتل شيوخ السوء الذين يقرِّبونه لهم ويهوِّنونه عليهم، وحُلْ بين أبنائنا وبينه كما تحول بين المشرق والمغرب؛ لا إله إلا أنت الهادي التواب الطبيب الرحيم.

تظهر لي في القصص هنا

تظهر لي في القصص هنا صور نساءٍ متبرجاتٍ تبرجًا لم يخطر للجاهلية الأولى على بالٍ، يضعها رجالٌ مسلمون! ألا فليتقوا الله في الإسلام وفي أنفسهم وفي المسلمين، وليغفروا لي إلغاء إضافتهم كارهًا؛ فإن لله ورسوله علي حقًّا في المنكر أراه هنا وأينما كان، وليستغفروا الله وليتوبوا إليه إنه كان توابًا غفورًا.

لا ألغي إضافة امرأةٍ وضعت صورتها ولو كانت سافرةً عن وجهها، وإن كنت أكره لها هذا ابتغاء صيانتها في نفسها ودينها أختًا لي في الإسلام، أحب لها ما أحب لنساء بيتي؛ بل أكره لذات النقاب أن تفعل كذلك؛ فإن الخلاف في حكم تغطية المرأة وجهها شيءٌ، ووضع المرأة صورتها سافرةَ الوجه أو ساترتَه شيءٌ آخر.

ذلك؛ ولا طاقة لأخيكم برؤية صور الفاجرين والفاجرات من الممثلين والممثلات في التعليقات، مهما حسُن قصد الأحبة الذين يضعونها وفوق رأسي أجمعون؛ فإن بيننا أهل الإسلام وبين أولئك المجرمين من أسباب المقت الربانية والإنسانية ما لا يحصى. ربَّنا مسِّكنا بالإسلام كله حتى نلقاك عليه أجمعون.

يا بنات الإسلام؛ لا بأس

يا بنات الإسلام؛ لا بأس بحديث الواحدة منكن إلى الرجل الأجنبي عنها بشروطٍ أربعةٍ؛ الحاجة إلى الكلام، أن تُقْدَر بقدْرها، انتفاء الرِّيبة، غلبة الظن على أمن الفتنة، فأما الزيادة على هذا فلا، ومن أَلَمَّت بشيءٍ من هذا فلتستغفر مولاها.

قالت: فإن كان شيخًا؟ قلت: وإن كان شيخًا شيَّخه سنُّه وشيَّخه علمُه وتشيَّخ بكل مُشَيِّخٍ في الوجود، ما بقي رجلًا فهو مَظِنَّة الفتنة؛ بل الفتنة بهذا أشد من جهة الأمان إليه زيادةً عن غيره؛ فاتقين الله في أنفسكن وفيمن تحدثن من الرجال.

إن الرجل ليكون كلبَ القلب ثعلبَ العين ذئبَ الجوارح، فإذا عاين من امرأةٍ صدودًا بشرفها وتعاليها وتقواها؛ فكأن قلبه حَمَلٌ وكأن عينه حمامةٌ وكأن جوارحه خِرافٌ، وما نريد منه إلا أن يخسأ ظاهرُه، ومَرَدُّ قلبه إلى ربه فليجعله كما يشاء.

يا أبناء الإسلام؛ المرأة تقع لأحدكم بطريقٍ أو في وسيلة تواصلٍ؛ لها حرمة الإسلام وإن كانت ظاهرة العصيان، فلو لم يكن بينك وبينها سوى عقد الإسلام هذا الذي عقد الإله بينك وبين أهله؛ لكان حِرزًا منيعًا في أمانها من نفسك.

كيف ولها حرمةٌ في نفسها وإن أسقطت هي منها ما أسقطت، ولأهلها المسلمين حرمةٌ وإن فرَّطوا فيها ما فرَّطوا! ألم يأتك أن للكافرات في ديار الإسلام أمانًا لعن الله من خَرَقَه! كيف بحرائر الإسلام! فاتقوا الله أولي الألباب.

أمَّا المشتهرون بالمشيخة؛ الرجل يقول لأحدكم: أحبك في الله. لا يقولها إلا حبًّا لربه، هو يحبه فيحب من يظنهم أحبابه، أنت غير محبوبٍ لذاتك، أنت شيءٌ وقع لهم بطريق الله فأحبوه محبتهم كل شيءٍ مقرِّبٍ إلى المقصود الأعلى لذاته.

أما المرأة تحدثك لحاجةٍ في دينها أو دنياها، فتغدر بقلبها، فتنبسط إليها بالحرف الواحد يعلم الله في عليائه من فوق عرشه وسمائه أنه زائدٌ لا ينفعها؛ فأنت غادرٌ، وإن أقبح الغدر ما كان من مأمونٍ إليه؛ كيف بمن يُسَمِّي الله بالمشيخة عليه!

“يُرفع لكل غادرٍ لواءٌ يوم القيامة عند اسْتِه، يُقال: هذه غدرة فلانٍ”؛ لواءٌ مرفوعٌ إيغالًا في هتك أستاره يوم تُبلى السرائر، وعند دبره لأن الغدر كالعورة لا أقبح منه، ثم لأنه طعنٌ في الظَّهر. صلَّى الله على قائله خيرِ مأمونٍ إليه وسلَّم.

نعم وأجل وإي وبلى وحقًّا ولا جَرَم؛ ضيَّق الإسلام ما بين الرجال وبين النساء، وجعل المباح بينهما استثناءً مقدورًا بقدْره، فليَرض عنه الأطهار فإنهم كفايته، وليَسخط عليه الأوساخ، لو رضُوا عنه وهم قابعون في نجاساتهم لشَكَكْنا فيه.

سيقولون: منغلِقٌ من علَّمكَ هذا! قل: الله، ثم ذرهم، ويقولون: رجعِيةٌ من أفهمكِ هذا! قولي: الله، ثم ذريهم. ربَّنا احفظ علينا ما بقي من عروة الحياء من عُرى دينك، وأعِذنا أن تُنقَض من قِبَلنا، لئن أرضيناك لم يضرَّنا سخطهم أجمعين.

يصابون ويأثمون؛ أولئك المفرِّطون في

يصابون ويأثمون؛ أولئك المفرِّطون في أسباب العافية وهم بها عالمون وعليها مقتدرون. فإن قيل لهم: قد أعلَمكم الله بها وأقدَركم عليها؛ فما بالكم تفرِّطون فيها! لم يجدوا على هذا جوابًا معقولًا، وكان نعيم العافية عند الله مسؤولًا.

إذا وقع القدَر عمي البصر وبطل الحذر، وإذا حلَّت المقادير ضلَّت التدابير؛ لكن لا يستوي عند الله ولا في نفسه آخِذٌ بالأسباب ومفرِّطٌ فيها، فاتقوا الله في أنفسكم عباد الله؛ فإنكم لا تملكون منها شيئًا، وإنكم على ما خوَّلكم ربُّكم مؤتمَنون.

لا أقول: إن المفرِّطين في أسباب العافية لا يؤجَرون على مصائبهم؛ لكنهم إذا أُجِروا من وجوهٍ أَثِموا من وجوهٍ أخرى؛ إذ الأخذ بأسباب العافية المعروفة المباحة المستطاعة ليس نافلةً. التفريط في العافية خِذلانٌ ومَعيبةٌ وجنونٌ وحرامٌ.

قال: فإن صَدَعْت بالحق لا أُبالي؛ كنت عند ربي مفرِّطًا؟ قلت: ليس الصَّدْع في نفسه تفريطًا؛ لكن لا تلازم بين فعل الصواب وفعله خطأً؛ “لَا تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ”؛ لم يقل: لا تدخلوا؛ بل قال: ادخلوا صوابًا.

لا تَشُدَّ خيوط نفسك كلَّها

لا تَشُدَّ خيوط نفسك كلَّها إلى جهةٍ واحدةٍ غيرِ جهة الله؛ فإنك إن فعلت فزالت هذه الجهة عن مكانها قُطِعَت خيوطك كلُّها، وكان سقوطك يقينًا لا شك فيه.

ليس هذا حرفًا يقول لك: لا تتمنَّ من لذائذ النفس والجسد والدنيا شيئًا؛ بل ما كان مُتَمَنَّاك حلالًا، وكنت بأسبابه آخذًا، وكان ربُّك الأكرم مقتدرًا؛ فتمنَّ ما تشاء.

إنما هو حرف أخٍ يحاذر عليك دمار مدمَّرين قبلك، ظلوا يشدُّون خيوط أنفسهم كلَّها -بوعي حينًا وبغيره أحيانًا- إلى أمورٍ محتمَلةٍ، فلما لم تكن لهم تُبِّروا تتبيرًا.

الدراسة، الشهادة، الوظيفة، المال، السفر، الزواج، الولد، العَربة، المشروع، أيُّ محبوبٍ من الأشياء والناس؛ تمنَّ من هؤلاء ما تشاء؛ فلربك الآخرة والأولى.

أمَّا أن تُفني قوة قلبك في التعلق بشيءٍ لا تعرف رُجْحانه ولا تضمن حُصوله؛ فاللهم لا. إنما هو قلبٌ واحدٌ، وليس بعد إفناء قوته شيءٌ ينهض فيك لشيءٍ.

ربُّك وحدَه المضمونة جهته المأمونة معاملته، والخلق كله متقلبٌ متغيرٌ؛ فلا تجعل شيئًا منه لآمالك المشتهى ولآلامك المنتهى. عوَّذتك بذي عرشٍ لا يزول.

الذكورية والنسوية؛ أضواءٌ في عتمة

الذكورية والنسوية؛ أضواءٌ في عتمة معركةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ.

قال الله: “وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى”، وقال رسوله: “إنما النساء شقائق الرجال”.

– ليس الذي بين الذكر وبين الأنثى بأكبر مما بين الليل وبين النهار، ولعل هذا من أسرار عطف الله خلْق الذكر والأنثى على خلْق الليل والنهار، فقال: “وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى”، ولئن ساغ إيثار الليل على النهار أو النهار على الليل من كل وجهٍ؛ ساغ ذلك بين الذكر وبين الأنثى، وما بقي الليل والنهار يتساندان لا يتعاندان قدَرًا؛ بقي الذكر والأنثى كذلك شرعًا.

– الفروق النفسية والحِسية بين الرجال والنساء ثابتةٌ بالقدَر والشرع جميعًا، وإنكارها مُحادَّةٌ للعقل ومكابرةٌ للحِس ومُشاقَّةٌ لشرائع النبيين كلها، ومِن ورائه خسفٌ مقصودٌ للفِطَر والعقول؛ لِتستهجن بنفسها أحكام الله والرسول.

– جنس الرجال مفضَّلٌ على جنس النساء في أمورٍ معينةٍ كونيةٍ وشرعيةٍ.

– هذا التفضيل في الإسلام مسبَّبٌ بأسبابٍ مُركَّبةٍ؛ فإذا زالت (جميعًا) -وقلَّ ما تزول جميعًا- فلا تفضيل، وإذا زال بعضها زال من التفضيل بقدْر ذلك.

– الأفضلية تشريفٌ من وجهٍ وتكليفٌ من وجهٍ آخر، فإذا زال التكليف زال التشريف؛ بل لحقت الرجلَ وضاعةٌ حتى يرتفع إلى رُتبته التي أعلاه الله إليها تارةً أخرى، وهي سنةٌ جاريةٌ لله في القدَر والشرع؛ “الغُنم بالغُرم”.

– لا يستلزم هذا التفضيلُ العامُّ فضلَ كل رجلٍ على كل امرأةٍ؛ بل المشاهَد فضلُ بعض النساء على كثيرٍ من الرجال؛ إذا هن سَمَون إلى وظائف رجالهن التي زالوا عنها؛ فإن العبرة عند الإله الحق بحقائق الأمور لا بِصُوَرها.

– لم يعرف تاريخ البشرية -مع رسوخ هذه الفروق الطبيعية بين الرجال وبين النساء مُذْ خُلقوا بها- هذه الحرب الكاذبة الخاطئة بينهما؛ كاذبةٌ خَلَّقت الجاهلية الآخِرة وَقودَها خلال ثغرات الضعف الأنثوي تخليقًا، وخاطئةٌ أُريد بها تصريف طاقات العداوة الإنسانية في غير مجاريها التي خُلقت لها، فهي عَوْراء التصنيف حَوْلاء التصريف، وما بين ناقضها وبين نقضها إلا إيقاظُ الفِطَر إلى زيفها.

– إذا اجتمع كيد ذكران الإسلام وإناثه على ما يستحق الكيد من أعدائه؛ لم يبق منه فيما بينهم إلا ما يؤكد وجودهم في هذه الحياة الدنيا، ويَشهد للمسافة الطبيعية بينهم، ويُقرِّر سنة الله في اختلافهم وآثاره السُّوأى والحِسان.

– الأصل مساواة الرجال والنساء في التكاليف العقدية والعملية، إلا ما اختُص به أحدهما من التكاليف العملية، وهذا إجماعٌ لا يماري فيه إلا جهولٌ أو زنديقٌ.

– لا طاعة على الرجل لامرأته في الإسلام، وكيفَ يكون في شريعة قومٍ يعقلون؛ حتى يُنسب إلى الرب الأعلى! بل غاية الأمر في الإسلام أن يوافق الرجل امرأته على ما تحب؛ ما لم يكن إثمًا أو ضررًا، وكان في مقدوره نفسًا وحِسًّا، وهو مقتضى المحبة الصادقة من جهةٍ، وداعي الأفضلية من جهةٍ أخرى.

– يجب على المرأة أن تطيع زوجها فيما أمرها به إذا كان على وجه الإلزام، ويُستحب إذا كان على وجه الندْب، إلا أن يكون حرامًا أو مكروهًا، أو غير مستطاعٍ لها نفسًا أو حِسًّا، والاستطاعة النفسية في شريعة الرب -جلَّ ثناؤه- كالحِسية.

– في الحقوق بين الرجل وبين المرأة أمورٌ متفقٌ عليها، وأمورٌ مختلفٌ فيها، والواجب عند التنازع الرجوع إلى أصول الشريعة وفروعها التي تُعَضِّدها الفِطَر القويمة والنفوس السوية والأعراف الصحيحة.

– ما يكلِّف الرجل به المرأة إن كان لا يقدر عليه هو؛ فأَنَّى تقدر عليه هي! إلا أن يكون من جنس ما تقدر عليه النساء دون الرجال.

– الرب الذي منه الحُكم وإليه الرُّجعى عليمٌ بالظواهر خبيرٌ بالبواطن؛ فأيُّما رجلٍ أو امرأةٍ أراد التحلل مما كلفه الله به، ثم ألبس ذلك لَبوس الشرع الأكرم ليجادل بالباطل؛ فجزاؤه عند الله هو جزاؤه، بئس ما جنى على نفسه في الحياة الدنيا، ثم ويلٌ له من نسبة فعله إلى شريعة الله القُدُّوسة يوم يقوم الحساب.

– النسوية بناءٌ تراكميٌّ جاهليٌّ بأصله، له أُسسه اللغوية والفلسفية وأركانه التشريعية والأخلاقية المُحادَّة كلُّها للإسلام بأصله، وما كان فيه من بعض الحق فالواجب تجريدُه منه ونزعُه عنه ليَخِرَّ سقفه على أهله.

– العنوان الذي يستحفظه النسويون دائمًا على هذه الحرب هو “حقوق المرأة”؛ لكن الحقيقة اليتيمة تحته هي حفظ الحرب ناشبةً دائمًا بينها وبين الرجل؛ تغفيلًا عن قُصودها تحصيلًا لحصادها.

– لا يعرف الإسلام “الذكورية” كما يزعم الأجرياء عليه بجهلهم وضَلالهم إذ يُناوؤون النسويين، كبُرت كلمةً يفترونها مكايَدةً عبثيةً، إن يقولون إلا دجلًا، وما تزيد هذه الدعاوى شريعة الإسلام إلا خرابًا، والنسوية الجاهلية إلا عمارًا.

– في النسوية الإسلامية المفتراة عليه من أنواع الشرور العقدية والعملية والأخلاقية؛ ما ليس في النسوية الجاهلية التي لا تصانع الإسلام في شيءٍ من ذلك بل تُحادُّه فيها وتُشاقُّه، وكلٌّ من وحي الشيطان وحزبه الخاسرين.

– في النسوية من نواقض الإسلام العقدية والعملية الصريحة ما لا يُحصى ولا يُستقصى؛ بل هي دعوةٌ إلحادية الغاية ظاهرٌ إلحادها، مهما تدثرت اضطرارًا بشيءٍ من الأديان في سُبل تحقيقها.

– ليست النسوية أفكارًا مجرَّدَةً في المدافعة عن النساء -بحقٍّ أو بباطلٍ- سَلبًا، ولا في مناصرتهن -بعدلٍ أو بظلمٍ- إيجابًا، لعل صورتها كانت كذلك أول ما استنبتها إبليس في نفوس أهلها استنباتًا، فأما اليوم فهي منهجٌ كاملٌ -في عقول معتقِدِيه- في الكونيات والشرعيات على السواء.

– يَنقص في الرجل من الذكورة بقدْر ما يزيد فيه من النسوية، ومن كانت بدايته النسوية كانت نهايته اللوطية، ولعل لوطيته الخفية هي البداية الحقيقية والنسوية الجَلية هي النهاية الصورية، ولا تكون امرأةٌ نسويةً إلا بقدْر الاسترجال النفسي فيها، ولا تزال النسوية بها حتى لا تُبقي من أنوثتها النفسية شيئًا ولا تذر، وقد تتسق فتُزيل أنوثتها الحِسية وتتحول جنسيًّا، أو تُقِرُّ السِّحاق قارفتْه أم لم تقارفه؛ لكنه يبقى صورةً من صور الاتساق النسوي لا تخفى على خبيرٍ.

– ما بقيت شريعة الإسلام مغيَّبةً عن المسلمين؛ فلا غَرْوَ أن يشيع الظلم فيما بينهم حتى يكون على توالي الدهور صِبغة نفوسهم، إلا قليلًا ممن أنجى الله وعصم كالشعرة البيضاء في مَتْن ثورٍ أسود، ظُلم الكافَّة للكافَّة؛ لكن يبقى ظلم النساء أشنعَ في نفسه لضعفها وعجزها غالبًا، ثم في تَدَسُّسِ شياطين الجن والإنس من ثغراتها لإيقاد النار، وما شايَع باطلًا في الأرض مُذْ نبت فيها باطلٌ على استحياءٍ إلى قيام شيخ الباطل المسيح الدجال مِثلُ النساء؛ كيف إذا كان باطلًا موهِمًا بحمايتها مضلِّلًا بنصرتها مزيِّفًا بحقوقها!

– في كثيرٍ من الدعاة إلى الإسلام كثيرٌ من الظلم لا تخفى آثاره؛ للرجال وللنساء، ولأنفسهم، وللإسلام في عقائده وشرائعه وأخلاقه، وهو ظلمٌ قبيحٌ من جهة إسلامية أهله التي يفيء إليها الناس آمنين مطمئنين؛ غير أن أظلم الظلم أن يُقايَس كل ظلم النساء من هؤلاء الدعاة ببعض ظلم العلمانيين والليبراليين لهن، في التصورات الشيطانية والتصرفات السَّبعية على السواء، ولا تلوذ امرأةٌ من الإسلاميين بالعلمانيين إلا لاذت من الحر بالنار، وكل الظلم حرامٌ.

– لَمَوْضِعٌ عزيزٌ كريمٌ وضعه الله للمرأة أول يومٍ في الإسلام؛ خيرٌ لها من كل موضعٍ وضعته لها الجاهلية لو كانت تفقه، ولئن أسعد نفْسَ امرأةٍ في دين النسوية أنها علة الأحكام التي تُدار عليها وجودًا وعدمًا؛ فإن طمأنينة قلب المسلمة في دين الإسلام بحكمة ربها مقدِّمًا مؤخِّرًا أشدُّ وأكفى.

– ليست المرأة النسوية حين تتوهم نفسها كبيرةً؛ إلا أصغر من طفلٍ قعيدٍ لا يمرُّ به ذو رحمةٍ إلا رَثَى له وأشفق عليه؛ بَيْدَ أن هذا الطفل لا يستجدي هؤلاء الرُّحماء رحمتهم، وهذه النسوية تَقطع العمر كله في الاستجداء، ومِن قُساةٍ لا يرحمون، وليست حين تتوهم نفسها حرةً؛ إلا أمَةً لا تدري كل يومٍ أين المستقَر! وليست حين تتوهم نفسها واسعة العقل؛ إلا بلهاءَ متناقضةً يضحك منها المجانين.

– ما رضيت امرأةٌ بالنسوية دينًا ابتغاء الحرية والكرامة والرِّفعة؛ إلا عاملها الله بنقيض قصدها فذلَّت وهانت ووُضِعت؛ فإن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته، وليس بعد قِسطاس الإسلام إلا جَوْر الجاهلية.

– لا تَقرُّ عينُ امرأةٍ بدساتير الجاهلية الباغية وقوانينها الطاغية على الرجال، بدعوى “حقوق المرأة” ومناصرتها؛ إلا وفي قلبها نفاقٌ، لا يشفع لها ظُلم ظالمٍ من الرجال، وإنما استقواء المؤمن بحُكم ربه لا بحُكم الطاغوت.

– ما أبغض النسوية عبدٌ يَشهد ظلم امرأةٍ قد أقدَره الله على حمايتها، ثم هو لا يُسْعِفُها بكل ما قدَر، أما الظالمون النساء بأنفسهم فأولئك أعْونُ الناس على النسوية وإن لعنوها بكل قلمٍ ولسانٍ؛ فإن العبرة عند الله بالحقائق لا بالصور، ليس الظلمَ الجزئي العارض اليسير الذي يغشاه أكثرُ الخُلطاء أعني؛ فإنه لا يكاد يسلم منه رجلٌ ولا امرأةٌ، إنما هو الظلم الكلي الدائم العظيم.

– ليس وراء كل منقلِبةٍ من شريعة الإسلام إلى شريعة النسوية ظُلم ظالمٍ من الرجال؛ بل وراء أكثرهن شهواتٌ ظاهرةٌ أو باطنةٌ، وما عوقب ذو شهوةٍ يُصِرُّ عليها بمِثل شبهةٍ يصير إليها، ولئن انتكسن بالظلم جميعًا؛ فما هو عند الله بعذرٍ لهن حتى يَلِجَ الجمل في سَمِّ الخِياط؛ فأشفقوا على الخلق بإحقاق الحق.

– ظُلم الوالد والأخ والزوج والولد وسائر ذكران الإنس والجن، لو اجتمع على امرأةٍ واحدةٍ يكيدون لها كيدًا، ويمكرون بها الليل والنهار؛ لا منتصِر لها منهم إلا بالله ورسوله ودينه، لا يكون غيرُ الله والنبي والإسلام نصيرًا.

– حركة كلٍّ من الزوجين في اتجاه كلٍّ؛ هي الصراط المستقيم والتوفيق العظيم، الذي يبارك به الله ما بينهما بَطنًا وظَهرًا، ويعصمهما به من الوَكْس والشَّطط عملًا ونظرًا، ويُبطل به كيد أعداء الإسلام عَينًا وأثرًا.

– ما جمَع الزوجين إسلامٌ وعقلٌ ومودةٌ ورحمةٌ يتقلَّبان بينها، إذا ضعُف سببٌ منها قوِي آخر، وعرف كلٌّ منهما حدود الله وسعى في أدائها؛ حفظهما الله بين ستره وبين جبره لقاءَ ذلك، وأغاثهما برأفته ورحمته كلَّ جفوةٍ بينهما وجفافٍ؛ إلا بلاءًً منه يقدِّره بينهما لحكمةٍ بالغةٍ قضاها، وهو العليم الحكيم.

– نصوص الإسلام لا تغازل الإناث، وفقهه لا ينحاز للذكور، ورجال السلف الصالح ليسوا صبيانًا في حواري العلمانية المظلمة، ولا فتياتٍ في زنقات الليبرالية المتسخة. الإسلام نصوصًا وفقهًا ورجالًا في شغلٍ عن عِراكاتٍ تفرضها الجاهلية بعِراكاتٍ يفرضها هو، كفى بشمس الإسلام وقمره وتبًّا لشُموع السُّكارى.

ابتغيت بنشر سؤال المرأة الموجِع

ابتغيت بنشر سؤال المرأة الموجِع تخفيف الوجع، فوردت التعليقات عليه أشدَّ إيجاعًا، فواغوثاه ربَّاه لأبناء الإسلام وبناته. كيف لو قرأت التعليقات كلَّها!

اللهم زوِّج رجال المسلمين من نساءٍ صالحاتٍ يكنَّ عونًا لهم على مصالح دينهم ودنياهم، وزوِّج نساء المسلمين من رجالٍ صالحين يكونون عونًا لهنَّ على مصالح دينهنَّ ودنياهنَّ؛ أنت أولى بهم وبهنَّ من أنفسهم وأنفسهنَّ قريبًا مجيبًا.

أَوْصَى بعض الأحبة في بعض التعليقات بصفحاتٍ تعين على هذا البلاء، فاستعينوا بها إخوتي وأخواتي سببًا، وإن الله إذا أراد شيئًا هيَّأ له الأسباب.

حُكم الجاهلية، وتعطُّل الجماعات الوسيطة، وغَلبة الجهل، والتعنت الفاجر، وإيلاف الفجور، وإلهاء التكاثر، وتعاجُز الإسلاميين، وانعدام رأس المال الإسلامي، وداء الزمان: العُلُوقِيَّة، والأماني الهوليودية؛ أسبابٌ يسَّر المنَّان بنا إزالتها.

لو أبقى الإخوة والأخوات لي شيئًا في الأمر يقال؛ لقلته؛ لكن الله بسط لهم في قلوبهم وعقولهم فأَمْلَتْ على أيمانهم فكتبَتْ بتوفيق مولاها خيرًا وفيرًا.

هذا أول سؤالٍ من الخاص

هذا أول سؤالٍ من الخاص أنشره في العام، استأذنت صاحبته فأذنت لي.

لولا ما جدَّد بنفسي من قديم الألم في موضوعه؛ ما فعلت.

لا حول عن سوء هذه الحال، ولا قوة على حُسنها؛ إلا بالله العلي العظيم.

“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أين الصالحون والشباب الطيب ؟ أهم على مواقع التواصل وحسب ؟

شكت لي صديقتي -وبي من العلةِ ما بها- لا يتقدم لخطبتنا إلا أناس لا يشبهوننا من حيث حرصهم على الدين وإلتزامهم به ، بل لا يبلغون أقل القليل مما نأمل ، لا أقولها تفاخرا يعلم الله ولعلك تحسن الظن بي ، لكن منهم المدخن ومن يسمع الاغاني ويتابع المسلسلات ، لا نريده صوّام النهار قوام الليل ، هي غاية نرى أنفسنا أقل من أن نحظى بها ، ولكن وبعد هذا العمر من الاجتهاد برحمة الله في مقاومة الفتن والتمسك بالعفة في زمن تعلم عن نساءه ما تعلم ، كنا نرجو الله بأن يرزقنا العفيف الطيب اللين الهين فأين هم عنا ؟ أم أننا لا نستحق ؟

كانت صديقتي تبكي في أخر مرة وتقول لي أنها يأست ونفرت من فكرة الزواج ولا يوجد من يناسب أبدا ، لا تظلمنا كما فعل غيرك وتقول (أنتم تتشرطون كل الشباب هكذا ) يعلم الله أننا نسأله العفة ونحرص عليها اكثر من حرص أهلنا ونستخير في كل مرة ونستشير ولكنه زمنٌ مخيف ، هل يُلام المرء على حرصه وطمعه في أن يجد مَن يُشعره بالأمان وتكون مراقبة الله منهج حياته ؟ لماذا يخبروننا ( دُلوهم أنتم على الله ) ؟ ونحن من يَدُلنا من يأخذ بأيدينا ؟

أطلت عليك فاعذرني و جُد علينا بدعواتك ولعلك تُخبر طلبة العلم ومن تعرف من أهل الصلاح أن يبحثوا جيدا فالبيوت مساكن الكثيرات من اهل التقوى والدين فليَجِدّوا في الطلب وجزاكم الله خيرا”

الأرضُ في عينيهِ خردلةٌ **

الأرضُ في عينيهِ خردلةٌ ** وعلى عبيدِ الأرضِ نَعْلاهُ

العزُّ في كَنَفِ العزيزِ ومنْ ** عبدَ العبيدَ أذلَّهُ اللهُ

فاجرٌ قلبُه حقيرةٌ نفسُه ملعونٌ طبعُه، هو إلى الكفر أقرب منه إلى الإيمان؛ يقول لي في الخاص: “دِيِّتك قلم في أمن الدولة ومش هتشوف الأسفلت تاني”.

يا ضَرب الله قلبَك بالكفر فلا يذوق حلاوة الإيمان أبدًا، وجسدَك بداءٍ لا يَعرف له الأطباء اسمًا فلا يحسُّ لذة العافية دِيمَةً؛ أيُّ بطولةٍ في جماعةٍ من أكفر الكفار يوثقون مسلمًا أعزل فيذيقونه صنوف العذاب البشري كلَّها! أين العملقة!

ذكرت قول المتنبي: وإذا ما خلا الجبانُ بأرضٍ ** طلبَ الطَّعنَ وحدهُ والنِّزالا

ثم يا ابن الأسفلت وأبقاك الله لهيدروكربوناته عبدًا؛ هل غاية أمانِيِّ نفسك وأَرَاجِيِّ قلبك رؤية أسفلت حتى تتوعد عدوًّا لك بالحرمان منه! وهل رأيت في المحروسة أسفلت! سِرْ -يا رضيعَ رَجيعِ الخنازير- خطوةً يتيمةً خارج بلادك المنكوبة في أي جهةٍ تشاء لترى الأسفلت الذي شاء الله صُنعه من خلقه، فإذا ظفرت بما يَشْمَخُ به عقلُك من جَيِّد الأسفلت فآثِرْه على أسفلتك الرَّديء معبودًا، ودَعْنا نحن لا يَبْهَرُنا شيءٌ في الأرض ولا في السماء نعبده دونَ الله.

أظفَرَنا الله بساداتك الذين جلَّ جلالُهم في قلبك فاستقبلتهم بعبوديته واستدبرت الله؛ لِتَعْظُم ساعتَئذٍ حيرتُنا ويتِّسع تردُّدنا ما نفعل بهم! هل نمزق لحومهم ونشوي عظامهم (ثأرًا لدين الله، والحرائر المحبوسة، والدماء المسفوكة، والأموال المنهوبة، وعبادٍ يُساقون بحُكمهم كل يومٍ إلى جهنم زُمَرًا)! أم نقتلهم قتلًا ذريعًا سريعًا فنُعجِّل بهم إلى حُفر النار في أجداثهم! أم لا تعارض يستلزم الترجيح!

إنما نخاف بطش مواليك بنا الخوف الجِبِلِّي، كالذي يكون من بني آدم كلهم من بني السباع كلها، وكالخوف من المُذعِرات المُرعِبات جميعًا، ولئن خفنا هذا الخوف فقد خاف النبيون وأصحابُهم قبلنا، وأشد من ذلك الخوف على قلوبنا من الفتنة، فإنا ضعفاء مساكين عجزةٌ مفتقرون إلى الله، لا نتعرَّض للبلاء بشيءٍ إلا ما فرض علينا اعتقادُ التوحيد وألزمت فرائض الإسلام، بُرآءَ إلى ربنا من حَولنا إلى حَوله، فارِّين من قوتنا إلى قوته، لولاه لكنا كفارًا أمثالكم. واغوثاه ربَّاه لا تفتنا.