قال: يرحمك الله يا أبت؛

قال: يرحمك الله يا أبت؛ يحدثني الشيطان كلما اجتهدت في تهجُّدٍ أو تلاوةٍ أو برٍّ؛ أنها حُججٌ من الله تقوم عليَّ، وأني ناكصٌ بعد ‍رمضان على عقبيَّ، وأني لا أصلح للاستقامة الراسخة على طريق الله.

قال: يا بني؛ لعن الله الرجيم ورحمك، إنما ذلك الشيطان يُخوِّف فؤادك الثبات، ويَعِد نفسك الزيغ، ويناجي عقلك بعجزك ليَحْزنك. يا بني؛ لا أَشقَّ على الشيطان من نهوض قلبك إلى ربك وقد كدَّ في إغوائه عن إرضائه طَوال العام. يا بني؛ إن الله لا يَقدُر الشر إذا قدَره إلا لخيرٍ؛ كيف إذا قضى الخير (عبادتَه)! أم كيف إذا قضى خير الخير (عبادتَه في ‍رمضان)! أم كيف إذا قضى خير خير الخير (التقربَ إليه بالنوافل)! أفجزاء إحسان الله إليك أن تسيء الظن برحمته التي أدناك بها إليه وأدخلك بها عليه؛ فتُطاوع الشيطان على نجواه! يا بني؛ إن للشيطان خبرةً بالنفوس عامةً، وخبرةً بنفس كل عبدٍ خاصةً، وإن مما خبر في نفسك ثغرةً عظيمةً لا تخفى على وليِّك؛ فأنَّى تخفى عليه وهو أعدى عدوِّك! (قِصَرُ نَفَسِك)، وكفى بها ثغرةً، منها يَنْفُذ إليك اللعين كلَّ نشاطٍ إلى خيرٍ، ويتدسَّس إليك كلَّ أَرْيَحِيَّةٍ إلى معروفٍ. يا بني؛ أطِل أنفاسك يَرُدَّ الرحمن كيد الشيطان إلى الوسوسة، وينكص هو على عقبيه مذؤومًا مدحورًا. يا بني؛ لقد أراك تمشي إلى الله على أشواك فتنٍ ليس كمِثلها أشواكٌ، وما على الماشي إلى مولاه سوى ارتقاب هرولته. يا بني؛ إذا حدثك الشيطان أنك تتولى؛ فقل له: قد شهد قلبي ما لا يغيب عنه طوعًا واختيارًا، وذاقت روحي ما لا تُفرِّط فيه محبةً وإيثارًا، وإني إن توليت من بعد ذلك قليلًا -وأعوذ بالله- فإني لا أبرح المسير، قد هيأت مراكبي، وجهَّزت حقائبي، وإني مهاجرٌ إلى الله.

صاح الفتى: اخسأ يا ملعون فلن تعْدُو قدْرك، إني ذاهبٌ إلى ربي سيهدين، عليَّ البدء وعلى الله التمام، قد سمعني الله وسمعته؛ سمع شكواي نفسي إليه، وسمعت جوابه إياي “وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ”.

أيها السائرون إلى الله في

أيها السائرون إلى الله في ‍رمضان؛ أتموا السير إلى ربكم لا تنقطعوا.

تدبروا هذه الآيات ثم انظروا؛ هل يستحق من عادته في خلقه وأمره الإتمام؛ غير إكمال عبادته على الدوام والتمام! يُتِمُّ ربنا إنعامه علينا وهو الغني عنا؛ ولا نُتِمُّ عبادتنا إياه ونحن الفقراء إليه!

“وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا”.

“وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ”.

“كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ”.

“الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي”.

“وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”.

“وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”.

“ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ”.

“وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً”.

“وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَا عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ”.

“وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا”.

“وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُوا”.

أيها السائرون إلى الله في ‍رمضان؛ أتموا السير إلى ربكم لا تنقطعوا.

إتمام العبادة فعلُ السادة؛ “وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ”، “وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا”، “الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَآئِمُونَ”؛ عرفوا تمام صفات معبودهم، فأتموا له العبادة.

أيها السائرون إلى الله في ‍رمضان؛ أتموا السير إلى ربكم لا تنقطعوا.

وصَلُوا إلى مولاهمُ وبقينا ** وتنعَّموا بوصالهِ وشقينا

ذهبتْ شبيبتُنا وضاعَ زمانُنا ** ودنتْ منيَّتُنا فمَنْ ينجِينا

فتجمَّعوا أهلَ القطيعةِ والجَفا ** نبكي شهورًا قدْ مضتْ وسنينا

أيها السائرون إلى الله في ‍رمضان؛ أتموا السير إلى ربكم لا تنقطعوا.

“وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ”، “ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ”، “إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوآ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ”؛ الإتمام فِعلُ الله وتكليفه.

أيها السائرون إلى الله في ‍رمضان؛ أتموا السير إلى ربكم لا تنقطعوا.

حسبُكم ذكرُ انقطاع النور عن المنافقين -بانقطاع إيمانهم وأعمالهم- على الصراط المضروب على متن جهنم، وتمامُه للمؤمنين التامة أعمالُهم، ودعاؤهم ربَّهم عليه يومئذٍ ألا ينقطع نورهم كما انقطع عن المنافقين؛ “نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا”، فكان جزاء الله من جنس العمل؛ أتموا السير إلى لله على صراطه في الحياة الدنيا، فأتم الله لهم نورهم على الصراط يوم القيامة.

أيها السائرون إلى الله في ‍رمضان؛ أتموا السير إلى ربكم لا تنقطعوا.

ولمْ أرَ في عيوبِ الناسِ شيئًا ** كنقصِ القادرينَ على التمامِ

هذا الله يُصبِّركم فتصبَّروا؛ “وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا”.

أيها السائرون إلى الله في ‍رمضان؛ أتموا السير إلى ربكم لا تنقطعوا.

لها أحاديثُ منْ ذكراكَ تشغلها ** عنِ الطعامِ وتلهيها عنِ الزادِ

لها بوجهكَ نورٌ تستضيءُ بهِ ** ومنْ حديثكَ في أعقابها حادي

إذا شكتْ منْ كَلالِ السَّيرِ أوعَدَها ** رَوحَ القُدومِ فتقوى عندَ ميعادِ

أيها السائرون إلى الله في ‍رمضان؛ أتموا السير إلى ربكم لا تنقطعوا.

“ما من أحدٍ يموت إلا ندم؛ إن كان محسنًا ندم ألَّا يكون ازداد، وإن كان مسيئًا ندم ألَّا يكون نزع”.

أيها السائرون إلى الله في ‍رمضان؛ أتموا السير إلى ربكم لا تنقطعوا.

“مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى”؛ ما منا من أحدٍ إلا وقد أذاقه الله حظًّا من هذه المنة، أفيتحبَّب الله إلينا بتمام حبِّه وقربه؛ ونتبغَّض إليه بقطع طاعته وعبادته! نعوذ برحمتك اللهم من الحَور بعد الكَور.

أيها السائرون إلى الله في ‍رمضان؛ أتموا السير إلى ربكم لا تنقطعوا.

سُئل الإمام أحمد رحمه الله: متى الراحة؟ قال: “عند أول قدمٍ تضعها في الجنة”، من لمح فجر الأجر هان عليه ظلام التكليف، فأما السعداء البُصراء فيرون العبادة جنةً يحاذرون الخروج من روضاتها.

أيها السائرون إلى الله في ‍رمضان؛ أتموا السير إلى ربكم لا تنقطعوا.

كانت عائشة -رضي الله عنها- إذا آوت إلى فراشها؛ تقول: “هاتوا المجيد”، فتُؤتى بالمصحف، فتأخذه في صدرها وتنام معه، تتسلى بذلك؛ يا عباد الله عانقوا “أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ” في صدوركم، لا تُفلتوها.

أيها السائرون إلى الله في رمضان؛ أتموا السير إلى ربكم لا تنقطعوا.

لا تستوي -في الأرض ولا

لا تستوي -في الأرض ولا في السماء- عبادة عبدٍ مستبشرٍ فيها برحمة أرحم الراحمين أنها تسعه فيتقبلها منه على عِلَّاتها، طامعٍ إذ يؤديها في نظر الله إليه نظرة رضًا تجبر كسورها، مؤمِّلٍ بها شُكر ربه الذي لا أشكر منه وهل شُكره إلا مُجازاته العمل القليل بالثواب الجزيل! لا تستوي عبادة هذا العظيم رجاؤه وعبادة عبدٍ ماقتٍ نفسه فيها، يائسٍ من قبول الله لها إذ يؤديها، كلما دخل فيها حضَرته خطاياه فسوَّدت في عينيه كل بياضٍ يستروح به العابدون، لم يقل له قائلٌ يومًا: لئن سبقت سيئاتُك حسناتِك؛ فقد سبقت رحمةُ الله غضبَه.

يا عبادًا بلَّغهم ربُّهم حبيبُهم شهر رمضان ولو شاء لم يفعل؛ أتحسبون أن الله بلَّغكموه وهو يريد بكم فيه شرًّا! تقدَّس الله الغالبة رحمته، أحسنوا ظنكم بالله إذ تصومون وإذ تقومون وإذ تتلون كتابه وإذ تتصدقون؛ أنه غافرٌ ذنوبكم، متجاوزٌ عن سيئاتكم، تائبٌ عليكم، راحمٌ ضعفكم وذُلَّكم وعجزكم وفقركم، جابرٌ كسور قلوبكم وأعمالكم وأحوالكم، هاديكم إلى صراطه السوي، مثبِّتٌ أفئدتكم، ناصركم على نفوسكم وعلى الدنيا وعلى الشياطين، متقبِّلٌ دعاءكم لأنفسكم وأهليكم ومن أحببتم، وربكم عند ظنكم به ومن أوفى من ربكم وعدًا!

هل والدا سيدنا رسول الله

هل والدا سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في النار؟

أكثر السلف على أنهما في النار، حتى حُكي الإجماع على هذا، وذهب بعض المتأخرين إلى أنهما من أهل الفترة، وبعضهم إلى أن الله أحياهما لرسوله -صلى الله عليه وسلم- فآمنا به، فمن قلد الأولين فلا حرج عليه، ومن قلد الآخِرين فلا حرج عليه، وإن كان مذهب عامة السلف أولى بالتقليد ممن جاء بعدهم، رضي الله عن الأولين والآخِرين، ذلك، وليس القائلون بأنهما في النار أقل محبةً وتعظيمًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من سواهم، ولا سواهم أشد محبةً وتعظيمًا له -صلى الله عليه وسلم- منهم؛ رُحِموا جميعًا.

أما طريقة العربجي محمد حسن عبد الغفار في عرض المسألة؛ فوسِخةٌ مقبوحةٌ، أستغفر الله ثم كل مسلمٍ في الإنس والجن من فظاعتها، تكدرت عيني قريبًا برؤيته فيها فكأن المخزيَّ شامتٌ في أبوي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بزعْم تحقيق المسألة وإفحام المخالفين، واليقين تعشُّق قلب كل مسلمٍ أن يكون والدا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الفردوس الأعلى من الجِنان، فمن اضطر إلى بحث المسألة فليجعل محلَّه فيها بين الحق والحب، صار إلى هذا القول أو ذاك، وربُّنا الرحمن المستعان على التسديد.

يا حبيبي؛ إذا حدثتك نفسك

يا حبيبي؛ إذا حدثتك نفسك بمشقة الصيام؛ فقل لها: يا نفسُ؛ إنِ الصومُ إلا امتناعٌ لله، وكم منعكِ الله معاصيه فلم تمتنعي! فتنعمي أَنْهُرَ ‍رمضان بامتناعكِ عن المباحات لوجه ربكِ ذي الجلال والإكرام، لعل الله إذا نظر فشكر؛ غفر ما لم تمتنعي عنه من سوالف الحرام، وإذا حدثتك نفسك بطول القيام؛ فقل: يا نفسُ؛ إنِ القيامُ إلا صبرٌ لله، وكم ألزمكِ الله الصبر في طاعاته فلم تصبري! فتمتعي لياليَ ‍رمضان بالصبر “مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ”، ولا تعْدِي عنهم تريدين زهرة الحياة الدنيا، لعل الله إذا نظر فشكر؛ غفر ما لم تصبري عليه من سوابق الخيرات، وإذا حدثتك نفسك بجَهد تلاوة القرآن؛ فقل: يا نفسُ؛ إنْ تلاوةُ القرآن إلا وصولٌ إلى سِدرة المنتهى، ودخولٌ في حظيرة القدس، لكنكِ لجفاف الجفاء لا تذوقين، ولئن لزمتِ باب الذل فستدخلين، ولئن شهدتِ مباهج الأنس لا تغيبين، يا نفسُ؛ كم نظرت عينكِ إلى مغاضب الله! وكم جال قلبكِ في معاطب الفتن! فتلذذي بما جاد الله عليكِ به في أَنْهُر ‍رمضان ولياليه بتدبر آياته، لعل الله إذا نظر فشكر؛ سَدَّ بالقرآن خَلَلَكِ، وشفى به عِلَلَكِ، وهداكِ به هدًى لا ضلال بعده، يا نفسُ؛ كيف تصنع بكِ هذه الآية كلما مررتِ بها “أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ”! ‍آهٍ و‍آهًا وأَوَّهْ وأَوَّ‍اهُ وأَوَّتَ‍اهُ ووَ‍اهًا، يا نفسُ؛ ممَّن حولكِ من المحبين مسابقون، وإني أغار ألا يكون لكِ بين مراكضهم حُظوة ركضةٍ إلى رضوان الله أكبر، أفيَصِلون وتنقطعين! ويسعدون وتشقين! ويحكِ حبيبتي! كم تبعتكِ فتعبتُ! وأرحتكِ فلَغِبْتُ! فالعامَ العامَ نبلغ “لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”، والشهرَ الشهرَ ندخل في “لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”. يا حبيبي.

رفاعي سرور، وأبو إسلام أحمد

رفاعي سرور، وأبو إسلام أحمد عبد الله، وحسام أبو البخاري، وخالد حربي.

اليوم نذكر هؤلاء الأماجد؛ فندعو الله لهم بكل خيرٍ وأن يثبت أفئدتهم تثبيتًا.

أولئك الذين قاموا لشوكة الصليب حق القيام؛ كثَّر الله فينا من سوادهم.

أما الذين يُعبِّدون الناس للقصور والقبور؛ فمنافقون لا تُماروا في نفاقهم.

اللهم واهد مريم النصرانية شاهدة الحق في الطفل شنودة؛ إلى دينك.

لَقَول هذه النصرانية هذا أشرف من فعل شيخ الأزهر، وإمائه أشباه الذكور.

من أسخطته خليقتي في الإنكار على هؤلاء العُهَّار؛ فحسبي إرضاء الله.

ليس لمُطوِّعة القصور والقبور مني غير فشخ اللسان؛ وبهذا أوصي أحبتي.

من قريبٍ قرأت هنا لفاضلٍ ينكر على برهامي أمرًا فقال: دكتور وشيخٌ!

اللهم هذه طريقةٌ شنيعةٌ تسخطك؛ فأبرأ إليك من ملابستها حتى تتوفاني.

اللهم عليك بثالوث الأزهر وجمعة وبرهامي، وكل (خولٍ) يتملقهم شيئًا.

هي كما قرأتَها حبيبي، وفي نهار رمضان، وأرجو قراءتها في صحيفتي غدًا.

لا تناقشوا الحنبلي وعبد الغفار وعلاء إسماعيل؛ مرمطوهم لوجه الله.

الثلاثة يصفوننا بالخوارج أخرجهم الله من توفيقه؛ حسبنا الله ونعم الوكيل.

يا معترضًا على سب هؤلاء بهذا؛ دع سبي لربي وانظر الطفل وأمه!

خطف النصارى مسلمًا جديدًا وبعونٍ من الأزهر العظيم! فاشغل بهذا بالك.

حروفٌ شتى طال تأخرها؛ فاغفر

حروفٌ شتى طال تأخرها؛ فاغفر اللهم لي وتجاوز عني وأحبتي أجمعين:

رحم الإله منشد الصحوة النبيل أبا مازنٍ، وغفر له، وتقبل منه، ورضي عنه، ونوَّر قبره، وجزاه عن أجيالنا خير الجزاء، ما استمعنا ولا استمتعنا صغارًا وكبارًا بأحدٍ في الإنشاد مثله، كان صادق الفؤاد جليل الهم، وكنت أعلم أنه يسكن مصر المخطوفة من بعد الثورة السورية، وكم رجوت أن ألقاه قبل فقده، لكن ربي لم يأذن لي بهذا عليمًا حكيمًا، وهو مولى الاجتماع به وبكل مفارَقٍ في جنات المأوى إخوانًا على سررٍ متقابلين؛ أوصيكم بالاستمتاع به بعد رمضان.

شفى الرب عبده الكريم الشيخ الحبيب عبد الخالق علي، إمام مركز الجمعية الشرعية بالجلاء في القاهرة أهلَها سنين عددًا، كنت أصلي خلفه التراويح مع أخوالي منذ سنة ألفٍ وتسعمائةٍ وثمانيةٍ وثمانين، وإن أدنى الوفاء له اليوم دعاء الله له بالشفاء والإبراء، وأن يجعل داءه بركةً عليه في الدارين، وأن يجزيه عن أجيالٍ كثيرةٍ خير الجزاء، لا يدخل شهر رمضان كل عامٍ حتى أذكره.

متع الله شيخي طارق إبراهيم بالإيمان والعافية، عرفته سنة ألفٍ وتسعمائةٍ وخمسةٍ وتسعين، وإني منذ عرَّفني المنان به بطريق زوج والدتي الشيخ الفاضل مصطفى أمين -رحمه الله ورضي عنه- وكان له صديقًا أثيرًا؛ لا أقدِّم أحدًا عليه في التلاوة، فهو في قلبي وعقلي أعظم قارئٍ إتقانًا وصوتًا وأداءً، وإنه ليُسابق قدامى قرَّاء مصر في شدة تمكنهم حتى ليَسبق طائفةً منهم، ولا أحصي استفاداتي بلحظه ولفظه قبل استفاداتي بقراءته، حفظه خير الحافظين حفظًا بالإسلام والسلامة حتى يلقاه، بعد طول عمرٍ في حُسن عملٍ.

رأيت فيديو لأخٍ من إخواني يحلل فيه نفسيًّا سيدنا موسى -صلَّى الله عليه وسلَّم- واصفًا إياه بالتوحد، فشابه بهذا فلانًا الطبيب النفسي الذي وصف منذ مدةٍ سيدنا محمدًا -صلَّى الله عليه وسلَّم- بالانطوائية؛ فاللهم البراءة من اجتراء هذا وذاك على جناب أنبيائك المعظم؛ ألا إن مقام المرسلين أقدس من تحليلهم نفسيًّا ووصفهم بهذه الأوصاف المنكرة مهما حسُن القصد.

رأيت فيديو لخادم الإلحاد الدحيح عنوانه “الخنزير”، يوطِّئ فيه نفوس سامعيه لمحبة الخنزير الذي أُمرنا بكراهيته ونبذه، خالطًا بين حرمة ظلم الخنزير وبين محبته؛ فإن ظلمه حرامٌ بلا ريبٍ وكراهيته واجبةٌ بلا ريبٍ ولا تعارض بينهما في الإسلام، ذلك، وليس هذا بالجديد على الدحيح عاقبه الله عقابًا أليمًا؛ فإنه الذي هوَّن شناعة اللواط في حلقةٍ من حلقات برنامجه اللئيم، ودَوَاهٍ أخرى.

أين المعظمون الأزهر وشيخه أذمَّ الخبيث من تقرير خنثى الطواغيت -لعنه الله وأمكن منه- قانون الطلاق الأخير الذي يمكن للزنا في البلاد تمكينًا! أم أن ألسنتهم كأسلافهم المنافقين حدادٌ على مجاهدي الطواغيت وحسْب! خذل الله في الدارين من خذلك يا دين محمدٍ؛ تواصوا بإنكار هذا المنكر عباد الله.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحبه.

اليوم أفطر الأسرى وحدهم، والمهاجرون

اليوم أفطر الأسرى وحدهم، والمهاجرون وحدهم، والمطاردون وحدهم.

اليوم أفطر آباؤهم وأمهاتهم وإخوتهم ونساؤهم وأبناؤهم بدونهم، وهكذا منذ سنين كثيرٌ منهم، والله العليم إلام يستمر هذا البلاء المبين كشفه بعزته.

يا كل مبتلًى في سبيل الله؛ فؤادي فارغٌ لك أخي، كل البلايا دون دينك عافيةٌ.

حسبك الله عليمًا بكُربتك خبيرًا بفاقتك؛ أليس الله بكافٍ عبده! كفى بالله.

هوَّن الرحمن عليكم، وخفَّف عنكم، ولطف لكم، ورفق بكم، وجبركم، وآنسكم.

أليس يرضيكم أن تلقوا ربكم يوم القيامة؛ راضيًا عنكم بما صبرتم واحتسبتم!

اللهم اجعل شهرك هذا بركةً على أسرانا ومهاجرينا ومطاردينا وعلى أهليهم أجمعين، واجعل جزاء صبرهم على الغربة في سبيلك غفرانك ورضوانك.

اللهم عليك بالطواغيت الذين لولاهم ما كان هذا البؤس الشديد، وعليك بثالوث كُهَّانهم شيخ الأزهر ومفتي الديار ووزير الأوقاف، وعليك بياسر برهامي وإخوانه من الخونة المنافقين، وعليك بمحمدٍ الأزهري الحنبلي الذي يسمينا خوارج فيمكن للطواغيت منا زيادةً، وعليك بأشباههم من أُولي العمائم الدَّنِسة وذوي اللحى النَّجِسة؛ أنت بكل شيءٍ محيطٌ وعلى كل شيءٍ شهيدٌ.

اللهم أخرج من أخرجنا من أهلينا وديارنا من شهر مغفرتك غير مغفورٍ لهم بل ملعونين، وفرِّق بينهم وبين من يحبون في الدنيا والآخرة كافةً أجمعين، وأعِنا على جزِّ رقابهم قريبًا غير بعيدٍ بكن منك فيكون؛ لا إله إلا أنت نِعم الكفيل.

هل يحس أحدكم في أخواته

هل يحس أحدكم في أخواته البنات ما أحس!

أحس في حضرتهما بالفَخار، أحس شيئًا جليلًا، أحسُّني عظيمًا.

سواءٌ في هذا الكبرى والصغرى؛ إي وإلهي.

اللهم من حجب عن عينيَّ ضيائيهما؛ فاملأ جَدَثَه عليه ظلماتٍ.

إني لأُحب أختيَّ حبًّا شديدًا، كلتاهما لي والدةٌ.

أرضاكِ الله يا أمي، وبورك ما ورَّثتِ أختيَّ من نعوت الجمال.

يا خليلتيَّ؛ رحمة الرحمن وبركاته عليكما أبدًا.

يا كل ودودٍ قسَم الله لي بقلبه من الحب نصيبًا؛ برَّ أختك عني.

يا صديقتيَّ؛ أنتما أولى مني بحياتي كلها والله.

آهِ لو كان العمر يُوهب؛ لوهبتكما عمري، ثم لا أجد ذلك شيئًا.

ما يضرنا الفراق هنا؛ إذا جمع الله بيننا هناك!

ليت لي من صِدِّيقية المرحمة التي ملأ ربي بها قلبيكما؛ حظًّا.

أدهشكما الغفور بمغفرةٍ لا تبقي حُوبًا ولا تذر.

أخشى أن يقال لي غدًا: حين كنت تقول؛ كانت أختاك تعملان.

يا ابنتيَّ؛ لكما من أُبوَّتي ما لي من أُمومتيكما.

بسم الله أرقينا وأمثالنا؛ يصلح ربنا بالصدق بالنا وحالنا ومآلنا.

يا أئمة ‍التراويح والتهجد، هُداة

يا أئمة ‍التراويح والتهجد، هُداة آي الذكر الحكيم في ليالي الشهر العظيم:

أنتم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفاء خلفائه الراشدين، وخلفاء خلفائهم بالحق إمامةً في الدين، فيكم قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: “الإمام ضامنٌ”، وأثنى على إمام قومٍ هم به راضون، وجعل شرط إمامتكم دائرًا على القرآن والسنة والهجرة ويا لَجلال ذلك! ودعا لكم فقال: “اللهم أرشد الأئمة” فحسْبكم بهذا عزًّا، وإذا كان فضل الإمام بفضل ما يَؤمُّ الناس فيه قائمًا بحقه؛ فلا أفضل من الصلاة عملًا يُؤمُّ فيه المسلمون.

يا أئمة ‍التراويح والتهجد، هُداة آي الذكر الحكيم في ليالي الشهر العظيم:

مع ما تقدم من فضلٍ للإمامة؛ اعلموا أنها من أبواب الولايات، فهي الإمامة الصغرى، من طلبها وُكل إليها، ومن طُلب إليها أُعين عليها، إلا عبدًا يعلم أنه لا يقوم غيرُه مقامه، فإن أبطأ عنها وقتئذٍ كان ورعه عند الله وعند الذين أوتو العلم باردًا، وأنها فتنةٌ لما فيها من التصدُّر والرئاسة والظهور والعُلوِّ، حتى أنه لما قال عثمان لعبد الله بن عمر رضي الله عنهم: “اقض بين الناس”؛ استعفاه، وقال: “لا أقضي بين اثنين، ولا أَؤمُّ رجلين”، وصلى حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- مرةً إمامًا، ثم قال: “لتُصَلُّن وُحدانًا، أو لتلتمسُن لكم إمامًا غيري؛ فإني لما أممتكم خُيِّل إلي أنه ليس فيكم مثلي”، وقيل لمحمد بن سيرين رحمه الله: ألا تؤمُّ أصحابك؟ فقال: “كرهت أن يتفرقوا فيقولوا: أمَّنا محمد بن سيرين”؛ اللهم سلِّم سلِّم.

يا أئمة ‍التراويح والتهجد، هُداة آي الذكر الحكيم في ليالي الشهر العظيم:

هذا حرفٌ لا يُزهِّدكم في الإمامة وقد بسط الله لكم في بابها؛ بل هو عونٌ لقلوبكم التي هي محل نظر ربكم على ما لا يقبل الله عملًا من عبدٍ بغيره؛ على الإخلاص، فاستعينوا بالله عليه يُعنكم، وكلما حدثتكم أنفسكم بالرياء طلبًا لمحامد الناس؛ فحدثوها أبلغ حديثٍ عن الإخلاص وأعظمه اكتفاءً بمحامد الرب عزَّ ثناؤه، وأبشروا بقبول ربٍّ عفوٍّ كريمٍ.

يا أئمة ‍التراويح والتهجد، هُداة آي الذكر الحكيم في ليالي الشهر العظيم:

أعانكم الله على ما أقامكم فيه من الخير العَلِي، وبارك لكم فيما أولاكم من الشرف السَّنِي، واستعملكم في بلاغ دعوة الحق بآياته إلى صراطه السَّوِي، وبسط لكم في أصواتكم، وزادكم قوةً إلى قوتكم، وفتح لكم في كتابه تدبرًا وحفظًا وأداءً، ووقاكم شرور أنفسكم وسيئات أعمالكم، وأحرزكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ورزقكم أخلص الصدق وأصدق الإخلاص إذ تُصلون وإذ تقرؤون، وأعاذكم من العين والحسد، وفتح بكم أعينًا عُميًا وآذانًا صُمًّا وقلوبًا غُلفًا، وأفاض عليكم من غيوث كتابه المجيد نورًا مسكوبًا وأفاض بكم، وحفظكم من شرار الإنس والجن، وتقبل عنكم أحسن ما تعملون، وتجاوز عن سيئاتكم في أصحاب الصدق، وغفر لكم بالقرآن ما تقدم من ذنوبكم وما تأخر، وجعله حجةً لكم لا حجةً عليكم، وثبتكم على الإيمان به حتى تلقوه في الآمنين، وأضاء به قلوبكم وقبوركم، ولقَّاكم به وجهه الكريم.

يا أئمة ‍التراويح والتهجد، هُداة آي الذكر الحكيم في ليالي الشهر العظيم:

ماذا عليكم لو بلَّغتم دعوة الله بما تتلون في المحاريب من الذِّكر الحكيم! تدارسوا تفسير ما تقرؤون، وتدبروه تدبرًا، وقِفوا عند كل آيةٍ غُيِّب المسلمون عن أنوارها مَلِيًّا؛ آيات حاكمية الله، وآيات الجهاد في سبيله، وآيات إقامة الدين والشرائع، وآيات الكفر بالطواغيت، وآيات الصدع بدعوة الله، ونحوهن من آيات القرآن، وكرِّروها على أفئدة الناس بغير إملالٍ، محسنين فيها الوقف والابتداء؛ إشارةً إليها وتنبيهًا عليها.

يا أئمة ‍التراويح والتهجد، هُداة آي الذكر الحكيم في ليالي الشهر العظيم:

إذا عجزتم أن تلعنوا طواغيت العرب والعجم في القنوت بأسمائهم؛ فادعوا الله عليهم بدعواتٍ عامةٍ وأكثروا، قولوا : اللهم عليك بالمجرمين الذين يصدون عن سبيلك، ويحاربون عبادك، ويفسدون على الناس أنفسهم ودينهم ومعاشهم، بصِّر اللهم بهم، وأعدَّ لهم، وأمكِن منهم، والعنهم لعنًا كبيرًا، ثم ادعوا الله أن يُحَكِّم فينا كتابه قبل لقائه، وأن ينصر عباده المجاهدين أينما كانوا، ثم ادعوا للأسرى أن يفرِّج الله عنهم ويثبتهم وينجِّيهم، ثم ادعوا للمستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها بالسعة والعفو والعافية.

يا أئمة ‍التراويح والتهجد، هُداة آي الذكر الحكيم في ليالي الشهر العظيم:

ما كان الرجل في القديم -سلفيًّا أو أزهريًّا أو إخوانيًّا أو تبليغيًّا أو جهاديًّا- يقنت بالناس في شهر رمضان؛ إلا ويدعو الله على اليهود ومحاربي الإسلام من إخوانهم وأوليائهم، وأن يحرِّر الله المسجد الأقصى، وأن يُحَكِّم فينا كتابه قبل لقائه، وأن ينصر عباده المجاهدين أجمعين، ويسمِّي البلاد المحتلة من الكفار بلدًا بلدًا، يبعث الله -يومئذٍ- بضراعاتهم وبكائهم ما كاد يكون في نفوس الناس نسيًّا منسيًّا.

يا أئمة ‍التراويح والتهجد، هُداة آي الذكر الحكيم في ليالي الشهر العظيم:

إن لتلاوة القرآن حقيقةً وصورةً؛ فأما حقيقتها فالإيمان به والتسليم له وأن يُفقَه ويُتدبر، وأما صورتها فتجويد الحروف ومعرفة الوقوف وتحبير الصوت وتزيين الأداء، من جمع الله له بين حقيقتها وصورتها فقد أذاقه نعيم الفردوس الأعلى من قبل حلوله، وأذاق به سامعيه رضوانه الأكبر من قبل حصوله، ومن أعطاه صورتها ومنعه حقيقتها فقد أدرجه في المفتونين، وألحقه بالمقبوحين، وما أحمد نعينع -وهو من هو نصيبًا من صورة التلاوة- إذ كان يقرأ على رأس طاغوت مصر -عذبهما الله- يوم تنصيبه رئيسًا بعد المحرقة الكبرى: “إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا”؛ عنا ببعيدٍ، فما أغنت عنه صورة تلاوته الباهرة شيئًا؛ إذ أنزل خنثى الطواغيت المحارب ربَّ العالمين منزلة رسول الله المقصود بالآيات بعد الفتح المبين.

يا أئمة ‍التراويح والتهجد، هُداة آي الذكر الحكيم في ليالي الشهر العظيم:

كم أحيا الله بعمر بن عبد الرحمن وأسامة بن لادنٍ وأشباههما من أحياء الموتى -وهم يتلون كتابه- من قلوبٍ ميتةٍ! (أنصتوا إليهما)، وكم تموت بالسُّديس والعفاسي وأضرابهما من موتى الأحياء -إذ يأكلون بالكتاب- قلوبٌ حيةٌ! (اسمعوا أغاني الثاني في سلمان وولده أحرقهما الله)؛ نلوذ بعصمة الله من مضاهاة حُمُرٍ مستنفرةٍ فرَّت من قسورةٍ، ونرجوه برحمته السابقة مقامات تنزيله العَلِيَّة في الدنيا والآخرة.

يا أئمة ‍التراويح والتهجد، هُداة آي الذكر الحكيم في ليالي الشهر العظيم:

أنتم سفراء الإسلام اليوم من حيث قدَّمكم الله في أجَلِّ أركانه وأعظم أنساكه، في عُقدةٍ من عُقَد عُروة الصلاة من عُرَى الإسلام لم تُنقض بعد، نعوذ بعزة الله ورحمته أن تُنقض ونحن أحياءٌ؛ ألا لا يقولن أحدكم: إني مُكْرَهٌ لا أستطيع مما ذَكَّرْتَ به شيئًا؛ فإن “ما لا يُدرك كلُّه لا يُترك جُلُّه”، ومن ضاق عن صريح العبارة وسعه تلميح الإشارة، ولقد نبأنا الله من أخبار المنافقين ما فاض من الكفر عنهم لمَّا تمكنت رواسخه منهم؛ أفيَلْحَن المنافق بالكفر مرارًا لا يقدر على جحده وكتمانه؛ ولا يصدع بعضكم بدعوةٍ واحدةٍ في قنوته لدينه وإخوانه! ألا إن من ملأ الإيمانُ حُشَاشَةَ جَنانه؛ أظهره الله ضرورةً على لسانه، فافعلوا أحبتي، لن يصيبكم إلا ما كتب الله لكم، هو مولاكم، وعلى الله فليتوكل المؤمنون.