من ابتلي بالعشق؛ فلا يستفت

من ابتلي بالعشق؛ فلا يستفت قلبه، ولا يختصم إليه؛ فإن قلبه -حينئذٍ- شيخٌ ضالٌّ لا يهديه إلا للتي هي أعوج، وسلطانٌ جائرٌ لا يقضي له بفكاكه من محبسه؛ أنى يكون هاديًا عادلًا وفيه الخصومة؟!

سأل عاشقٌ: فما الحيلة في قلبي؟ قلت: لضلاله التنوير، ولجَوْره التثوير؛ نوِّر ساحته بوحي الله الكاشف لك ما بالعشق من ظلماتٍ وفسادٍ، وثوِّر عقلك عليه تفكرًا في أنواع أضراره في المعاش والمعاد.

عظِّموا رجاء الناس في الله.

عظِّموا رجاء الناس في الله.

هذا زمانٌ لم يكن مثله زمانٌ؛ قد أغرق عامة أهله في ذنوبٍ كثيرةٍ عجيبةٍ، من سلِم من نوعٍ منها هوى في نوعٍ آخر، جواذبها شديدةٌ فتانةٌ عاصفةٌ، قد أحاطت بما بين أيديهم وما خلفهم وبأيمانهم وبشمائلهم، ولم يبق لهم سوى جهة السماء رحمةَ الله، ثم أنتم أكرمَ أسبابها في الأرض، فمن وسَّع طمع الناس -بين ذلك كله- في مغفرة الله؛ فإن حسنته حسنة الزمان، وعمله عند ذي الجلال والإكرام هو العمل.

هذا سيدٌ كريم من سلفنا -رضي الله عنهم- يعلِّمنا؛ عن بلال بن سعدٍ -رحمه الله- قال: إن لكم ربًّا ليس إلى عقاب أحدكم بسريعٍ؛ يقيل العثرة، ويقبل التوبة، ويُقبل على المقبل، ويعطف على المدبر.

إني لأحسب -والله- أن هذه العبادة الجليلة أرجى العبادات عند رب العالمين هذا الزمان؛ فاللهمَّ اللهمَّ.

يا حيُّ حين لا حيَّ،

يا حيُّ حين لا حيَّ، يا قيُّومُ كلَّما عجزنا عن التَّدبير، يا سميعًا ما لا نسمع، يا بصيرًا ما لا نبصر؛ أنت العليمُ ما تقبض وتؤخِّر عنَّا، الخبيرُ ما تبسط وتقدِّم لنا؛ فهِّمنا عن أسمائك الحُسنى وصفاتك المُثلى ما نرضى به كلَّ قدرك الكريم وجميعَ شرعك الحكيم؛ ذلك يا ذا الجلال والإكرام المشتهى والمنتهى.

منشورٌ في السادة الأغنياء! رجلٌ:

منشورٌ في السادة الأغنياء!

رجلٌ: ألسنا من فقراء المهاجرين؟

عبد الله بن عمرو بن العاص: ألك امرأةٌ تأوي إليها؟

الرجل: نعم.

عبد الله: ألك مسكنٌ تسكنه؟

الرجل: نعم.

عبد الله: فأنت من الأغنياء.

الرجل: فإن لي خادمًا.

عبد الله: فأنت من الملوك.

رواها الإمام مسلمٌ؛ قصةٌ كاشفةٌ عن فقه صحابيٍّ من أبناء الآخرة بالحياة الدنيا؛ رضي الله عنه.

لعل كثيرًا ممن منَّ الله عليهم بالنساء والبيوت؛ لا يبوءون لذي الجلال والإكرام بهاتين النعمتين العظيمتين عليهم؛ كلما استطالت أبصارهم إلى من زادهم الله -ابتلاءً- عن ذلك؛ لكنهم إذا نظروا إلى الكثرة الكاثرة ممن لا يجدون ذلك ولا أسبابه؛ شكروا لربهم -علا وتعالى- شكرًا جميلًا جزيلًا.

اللهمَّ ربَّنا؛ بصِّرنا بنعمك، وأعنا على شكرها، واجبر بنا كسور محاويجك؛ أنت الحميد المجيد.

تدبروا هذين الأثرين معًا: قال

تدبروا هذين الأثرين معًا:

قال أبو عمر ابن عبد البرِّ رحمه الله:

أوحى الله إلى نبيٍّ من أنبيائه؛ أن قل لفلانٍ الزاهد: “أما زهدك في الدنيا؛ فقد تعجلت به الراحة، وأما انقطاعك إليَّ؛ فقد اكتسبت به العز، ولكن ماذا عملت فيما لي عليك؟”، فقال الرجل: يارب؛ وأي شيءٍ لك عليَّ؟ فقال الله: “هل واليت فيَّ وليًّا، أو عاديت فيَّ عدوًّا؟”.

وقال أبو الوفاء بن عقيلٍ رحمه الله:

“إذا أردت أن تنظر إلى محلِّ الإسلام من أهل الزمان؛ فلا تنظر إلى ازدحامهم في أبواب المساجد، ولا إلى ضجيجهم بلبيك؛ ولكن انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة”.

اعلموا يا عباد الله المسلمين أنه لا يشهد لتوحيد قلوبكم عند ربكم؛ مثل ولائكم وبرائكم؛ فاللهمَّ اللهمَّ.