إلى أحبتي البررة هنا؛ أنا

إلى أحبتي البررة هنا؛ أنا لا أكتب ابتغاء مرضاتكم، بل ابتغاء مرضاة الله؛ أسأل الله ذلك.

إن للمتابعين سطوةً على النفوس الضعيفة التي لا تشهد جلال ربها، فتنحرف بوصلتها لأجلها.

لقد أعلم أن الفتنة بالجماهير والمتابعين أعظم من الفتنة بالطواغيت؛ فقِني اللهم غرورها ما أبقيتني.

قُتل محمد مرسي؛ جعل الرَّحمن

قُتل محمد مرسي؛ جعل الرَّحمن كُربة محنته وغُربة ميتته كفارةً لسيئاته النظرية والعملية، وبيَّن بها لأهله وقومه ما لم يبن لهم بعدُ من حكم الجاهلية، والعن اللهمَّ بعزتك وجبروتك الكفرة الفجرة المحاربين دينك وعبادك، وزدنا في الحق والباطل بصائر، وأعدَّنا لجهاد الطواغيت؛ أنت مولانا العلي الكبير.

قال: سدَّدك الله يا أبت؛

قال: سدَّدك الله يا أبت؛ ما تقول في “الكورسات” الأخيرة لفلانٍ من الناس وفلانٍ؟

قال: وسدَّدك وسدَّد بك يا ولدي؛ أسجِّل في هذا الأمر بانكيمونيتي، “البانكيمونية” هي حالة الإعراب عن القلق، نسبةً إلى “بان كي مون” أمين عام الأمم المتحدة السابق، ذلك الذي ما كان يزيد على الإعراب عن قلقه في حوادث العالم -مهما عظُمت وكثُرت- شيئًا، فذاك خلقٌ اكتسبته من الرجل.

كلما عجز أبوك عن اتهام أحدٍ بشيءٍ لمانعٍ من الموانع، وعن تبرئته -في الحال نفسها- لأسبابٍ كثيرةٍ؛ تحقق بالبانكيمونية، فأُعرب عن قلقي وأَمضي، يا بني؛ الآن آن لك أن تعرب عن قلقك من أبيك.

إلى الذين يحسبون أنهم يختارون

إلى الذين يحسبون أنهم يختارون نوع ابتلائهم في هذه الحياة؛ قصةٌ قصيرةٌ.

ابتليت منذ أكثر من عشر سنين ببلاءٍ عظيمٍ، فأتيت به مولانا الوالد الشيخ رفاعي سرور، رفعه الله درجاتٍ، وسرَّه يوم الحسرات، فكأنه آنس من نفسي استنكارًا لبلائي؛ فقال لي كلمةً مبينةً نفعني الله بها نفعًا طويلًا: “يا أخ حمزة؛ ما هو عشان يكون بلاء؛ لازم ييجي في الشيء اللي تقول فيه: إلا ده”.

صدق الشيخ الحكيم رحمه الله، الله أعلم حيث يجعل بلاءه؛ فطُوبى للفاقهين.

صباحُكم توكلٌ مِزاجُه تفويضٌ. رُبَّ

صباحُكم توكلٌ مِزاجُه تفويضٌ.

رُبَّ أمرٍ تتقيهِ ** جَرَّ أمرًا ترتجيهِ

خفيَ المحبوبُ منهُ ** وبدا المكروهُ فيهِ

ربَّاه ما كنا بحسن الظن فيك قطُّ من الأشقياء.

فلا تظننْ بربِّكَ ظنَّ سُوءٍ ** فإنَّ اللهَ أولى بالجميلِ

انهمرت رحمته، وانسكب لطفه، وانداح كرمه؛ ودودنا.

بَاهَى عَبيدُ حُطامٍ بانتمائهمُ ** إلى العظيمِ فلانٍ وابتغَوا جَاهَا

والحُرُّ عبدُكَ يا ربَّ العوالمِ لا ** لا ينتمي وبغيرِ اللهِ ما بَاهَى

عوَّدتنا ما يليق بك، ولم تؤاخذنا بما يليق بنا، وكم كنت -ربَّاه- بنا حَفِيًّا!

لئن ساءت بين يديك اللهم أقوالنا وأفعالنا؛ فلا تسوء فيك أبدًا عقائدنا وظنوننا.

إن ربًّا وسِعَنا حِلمُه فبسط لنا في الحياة يومًا جديدًا؛ لباسطٌ لنا مغفرةً وتوبةً وهدىً.

“يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

“يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ”.

والناسُ يأتمرونَ الأمرَ بينهمُ ** واللهُ في كلِّ يومٍ محدثٌ شانا

“كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ”؛ سَوْقُ المقادير إلى المواقيت؛ ذلك تأويلها.

“أَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا؛ أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا”؛ قاله

“أَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا؛ أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا”؛ قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال ابن القيم رحمه الله: “أصدقُ الرؤيا رؤية الأسحار؛ فإنه وقت النزول الإلهي، واقتراب الرحمة والمغفرة، وسكون الشياطين، وعكسُه رؤيا العتمة؛ عند انتشار الشياطين والأرواح الشيطانية”.

طوبى لمن جمع الله له صدق رؤياه بصدق حديثه، وفي وقت السَّحَر.

إنما الحبُّ الحقُّ في الشدائد

إنما الحبُّ الحقُّ في الشدائد والأهوال، وحقيقة الوصل أن يقع على كل حالٍ، ولئن كان للقرب بين المتوادِّين في العافية حسنةُ الجمع بين أجسادهم كثيرًا؛ فإن لبلاء الفراق منَّةُ الجمع بين أرواحهم دِيمَةً فلا تبرح روحٌ روحًا، ذلك لصادقي الودِّ من دون أكثر المتحابِّين، فأما عامة وصل العافية الذي على شفا جُرُفٍ هارٍ؛ فغاية البلاء أن يمزِّق صورته الكاذبة الخاطئة فينهار؛ ستر الودود بالصدق ودادنا.

يا حبيبي؛ لئن أدهشك وصالنا بالأمس شاهدًا فكنت تبدئ فيه الإعجاب وتعيد؛ فإني لأَصِلك اليوم غائبًا عني أشدُّ وأقوى والله على كل حبٍّ شهيدٌ، يا حبيبي؛ مهما يكن موقع جسدك وجدت روحي جوارَه، يا حبيبي؛ كيف أرجو خلودًا في قربك لا يزول بفردوس ربي الأعلى؛ ثم أفرِّط في ساعاتٍ منه زائلاتٍ بالحياة الدنيا! إني إذًا لمن المُدَّعين، يا حبيبي؛ عليَّ نداؤك أينما كنت منك، وعلى رياح الله البلاغ.