أسرانا يا مولانا؛ أفرِغ عليهم صبرًا جميلًا، وثبِّتهم حتى تنجِّيهم قريبًا.
إنما المبتلى أسيرٌ في زنزانةٍ ضيقها المشركون عليه؛ إن بسط فيها رجله ثنى رقبته، وإن بسط فيها رقبته ثنى رجله، أوسع منها عافيةٌ، والله عافيةٌ، والله عافيةٌ.
موقع حمزة أبو زهرة الرسمي
أسرانا يا مولانا؛ أفرِغ عليهم صبرًا جميلًا، وثبِّتهم حتى تنجِّيهم قريبًا.
إنما المبتلى أسيرٌ في زنزانةٍ ضيقها المشركون عليه؛ إن بسط فيها رجله ثنى رقبته، وإن بسط فيها رقبته ثنى رجله، أوسع منها عافيةٌ، والله عافيةٌ، والله عافيةٌ.
قال: سدَّدك الله يا أبتِ؛ ما تقول في رجلٍ يسمي جهاد الطواغيت عنفًا؟
قال: وسدَّدك وسدَّد بك يا ولدي، لو كان رجلًا لقال أبوك فيه قولًا؛ لكنه مخنثٌ.
قال: فإنهم يعيِّرون أهله بحداثة أسنانهم، ويقولون: ليس لهم رأسٌ يُتبع.
قال: قعد عنه أجسام البغال، فقيَّض الله له هؤلاء، ولو كانوا بحقٍّ كبارًا لقادوهم.
قال: فيقولون: ما أكثر أخطاءهم في النظر وفي العمل، وما أعظم آثارها!
قال: جهاد الطواغيت نُسُكٌ مهجورٌ يا بني، كلما جدَّت فيه خطواتنا قلَّت أخطاؤنا.
قال: فيقولون: غلب شرُّهم خيرَهم، والمسلمون في سعةٍ وأمانٍ لولاهم.
قال: كذلك قال المنافقون قبلهم. يا بني؛ لا تبغ الكرامة لمن أَلِفَتْ نفسُه الهوان.
إني لو فرغتُ من كأس خمرٍ -عياذًا بالله- فوجدتك تدخن سيجارةً؛ سأنهاك عنها.
لا طاقة لقلب محب الله بإسخاط أحدٍ إيَّاه وإن غُلب هو على ذلك، وإن عبدًا يدَع إنكار منكرٍ لأنه يقارفه أو يقارف أعظمَ منه؛ قد جمع إلى خطيئته وِزرًا أشدَّ جُرمًا.
يا قليل الحسنات؛ كيف تفسدها بالرياء!
ذنبٌ قد تشقى به غدًا؛ لم لا تتوب منه اليوم!
في عتابه لك هذه المرَّة؛ لم يكن يريد منك عدَّ أسبابك التي تُظهر براءتك من التفريط في حقه، ولا إحصاءَ أعذارك التي تؤكد ثبات محبتك له كما يحب ويرضى؛ لقد كان يومها -بإيجازٍ تامٍّ- مفكَّكًا، قد انحلَّ كل جزءٍ منه في جهةٍ، كان غاية ما يحتاجه منك عناقًا رائفًا، عناقٌ يصح في اللغة أن يُسمَّى عناقًا بضم العنق إلى العنق المستلزم لضم الصدر إلى الصدر، عناقٌ يُلْصَق فيه القلب على القلب حتى يسكن، عناقٌ يجمع قطعَه المبعثرَة نسيجًا بين ذراعيك تارةً أخرى.
اتقوا الله في نساء الأسرى إذا عاملتموهن؛ فإن لهن من هذا الحديث نصيبًا وفيرًا.
“حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم، وما من رجلٍ من القاعدين يَخلُف رجلًا من المجاهدين في أهله، فيخونه فيهم؛ إلا وقف له يوم القيامة فيأخذ من عمله ما شاء. فما ظنُّكم!”، أو: “فخذ من حسناته ما شئت”.
صل اللهم على قائله وسلم، وأعذنا من موارد الخيانة في الدنيا والآخرة أجمعين.
“كن أنت”؛ كلمةٌ يقولها لك الإسلام والجاهلية؛ يريد بها الإسلام منك اطِّراحَ التقمُّص لغيرك، واجتنابَ التكلُّف في قولك وعملك، وتركَ التشبُّع بما لم تُعْطَ، وتريد بها الجاهلية استخراجَ فجورِك أفكارًا وأقوالًا وأفعالًا بلا حياءٍ، حتى إن شياطينها ليُسَمُّون الكابِتِين فجورَهم حياءً منافقين. ألا نِعْمَ النفاق يا دُعَّار!
هذا زمانٌ لا يُثنى فيه على أحدٍ بخيرٍ؛ حتى يُعلم اعتقادُه في الطواغيت أجمعين.
لا يغرَّنك من أحدٍ عِلمٌ ولا نُسُكٌ ولا خُلُقٌ ولا لسانٌ؛ حتى تستوثق من ولائه وبرائه.
ربَّاه لقِّنا وجهك الأكرم وليس في صحائفنا موالاة من عاديت ومعاداة من واليت.
“أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ”.
صراطك مستقيمٌ؛ فلا يليق بقدْره إلا المشي عليه سويًّا.
ليس لمن اعوجَّ مشيه على الصراط المستقيم؛ أن يشكو عدم الوصول.