لا والله أسرانا الحافِّين بقلوبنا؛

لا والله أسرانا الحافِّين بقلوبنا؛ ما نسيناكم وما ينبغي لنا.

لطَّف اللطيف لكم لافحَ الهواء، وبرَّد لكم حارَّ الماء، وجمع لكم في شدائدكم بين جميل الصبر وجليل الأجر وجزيل اليقين؛ حتى يُقِرَّ عين الإسلام قبل أعيننا بخروجكم أجمعين، غيرَ خزايا ما لبثتم فيها ولا مفتونين، وجعل أهوال محابسكم ما ظهر منها وما بطن فداءً من أمثالها في الحاقة؛ تبارك ربكم الغفور الودود.

ما أمهاتكم ولا آباؤكم ولا إخوانكم ولا أخواتكم ولا أزواجكم ولا أبناؤكم ولا بناتكم ولا أصدقاؤكم ولا العالَمون أجمعون؛ بأولى بكم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شاهدًا له ربُّه بذلك: “النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ”؛ كيف بتولِّي الله أمورَكم بنفسه لا يعْزُب عنه منها خفيٌّ ولا دقيقٌ! كفى به واليًا مولًى وليًّا.

أحلف بالله الحَكم الحق؛ ما

أحلف بالله الحَكم الحق؛ ما ندم حُكم الجاهلية الحديثة على قضاءٍ قضى به ذاتَ سُعُرٍ؛ ندمه على مقتل شهيد حاكمية القرآن “السيد القطب” تقبله الإله ورضي عنه؛ فإن الله أحيا بموته من جُمودٍ وبعث بمقتله من هُمودٍ وأنعش باستشهاده من خُمودٍ، ثم أقسم بالله خير الفاصلين؛ ما عادت مؤسسات الجاهلية الدينية كالأزهر -سلطةً لا طلابًا- ومن لفَّ لفَّهم من عبيد الطواغيت الذين يسميهم الطيبون “مداخلةً” توراة اليهود المحرَّفة وإنجيل النصارى المبدَّل؛ كما عادوا “في ظلال القرآن” للشيخ الإمام؛ فاشهد اللهم عزيزَا ذا انتقامٍ كفى بك شهيدًا.

في إسماعيل -عليه صلاة الله

في إسماعيل -عليه صلاة الله دِيمةً- قال الله: “وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا”.

في موسى -عليه سلام الله أبدًا- قال الله: “وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا”.

ما نفعتك عِندية الله؛ لم تضرَّك عِندية الخلق أجمعين شيئًا.

لطف بنا رسول الله -صلى

لطف بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطفًا لا أجمل منه ولا أجزل؛ لم يَدَعنا بعد قوله: “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقالُ ذرةٍ من كبرٍ” حيارى وجِلين؛ حتى عرَّفه لنا في الحديث نفسِه فقال: “الكبر: بَطَر الحق، وغَمْط الناس”؛ رأفةً بقلب عبدٍ لا يزال يُزري بنفسه -إذ يحاسبها- حتى يتهمها بالكبر ولعلها منه براءٌ، ورحمةً بالمسلمين أن يرمي بعضهم بعضًا بالكبر ظلمًا إذا كانوا بحقيقته جاهلين، ومن قبلُ ومن بعدُ تكثيرًا لسواد المؤمنين في بياض الجنة؛ إذ كان حرامًا عليها دخولُ من في قلبه مثقال الذرة من الكبر، وهو ميزانٌ دقيقٌ لم يُذكر في شيءٍ من كبائر القلوب والجوارح خلا الكبر. صلى الله على ألطف العالمين.

إنما تلاوة القرآن البهية تلاوة

إنما تلاوة القرآن البهية تلاوة قارئٍ لا تحس نزوله من مفخَّمٍ إلى مرقَّقٍ، ولا صعوده من مرقَّقٍ إلى مفخَّمٍ، مع ما بين التفخيم والترقيق من مسافةٍ حقُّها الإحكام؛ أولئك الذين يسَّر الله بهم الذِّكر كما يسَّره لهم وأولئك هم المُحَبِّرون.

استروا الضَّعف بالمضاعفة. صادق الحب

استروا الضَّعف بالمضاعفة.

صادق الحب يستر ضعف محبوبه بالمضاعفة منه سَترًا جميلًا.

يراه ضعيف الرأي أو الحيلة في معضلةٍ، فيضاعف له رأيه وحيلته، يبسطهما له جابرًا حكيمًا، غيرَ منبهٍ إنسانًا يشهد المعضلة إلى ضعف محبوبه بتصريحٍ أو تلويحٍ، وهذا السَّتر؛ بل قد تعظُم محبته وفطنته -ومن رُزقهما من محبٍّ فقد رُزق- فيُشعر الشهود أن الرأي والحيلة لمحبوبه لا له، وذلك السَّتر الجميل؛ إذ لا عبرة بظهور كماله للناس وقد بدا نقص محبوبه، حتى ليُوجعه هذا إذا كان.

تحسينيات الأسرى ضرورياتٌ؛ فلا تزنوها

تحسينيات الأسرى ضرورياتٌ؛ فلا تزنوها بموزاينكم في العافية فتهملوها.

يا زائري الأسارى؛ ما سألكم أساراكم شيئًا وأقدركم الله على تحصيله فإيصاله؛ فأتوهم به على وجوهكم تهرولون، فإن مقاييسهم التي يقدُرون بها مراداتهم ليست كمقاييسنا، وما يستوي الطليق ولا الأسير، ولا الاختيار ولا الاضطرار، ثم احمدوا الله أن لهم بكم نوعَ صلةٍ؛ فكم من أسارى لا تُعرف لهم حياةٌ ولا مكانٌ ولا حالٌ! إني -والله- لأُجِلُّ ذا القلب الحي عن الوصاية بحبيسٍ خيرًا؛ لكن “وَذَكِّرْ”.