“لا تتهم الله في شيءٍ

“لا تتهم الله في شيءٍ قضى لك به”.

“لا تتهم الله في شيءٍ قضى لك به”.

“لا تتهم الله في شيءٍ قضى لك به”؛ قالها سيد الدارَين صلى الله عليه.

كأني بكل محبٍّ للإله الأعظم يقرأ هذه الوَصَاةَ من مجيد كلام النبي الأكرم؛ ينتفض فؤاده صائحًا مِلْؤُه الحبُّ والإكبار والتسبيح: ما كان لي أن أتهمك اللهم بسوءٍ وأنت كيفما قدَرت لي أولى بي من نفسي، ما ينبغي لي أن أتهمك يا ربُّ بشرٍّ وأنت كيفما قضيت لي الودود الجميل، أنَّى أفعل وقد أحطت كل عسرٍ بيُسرك! وكل شدةٍ بلُطفك! وكل ضيقٍ برأفتك! وكل كَبَدٍ برحمتك! أمَا إني يا ربُّ أذكر كيف كان قلبي معلَّقًا بك في كل مصيبةٍ نزلت بساحتي؛ فأكاد أسألك رجوعًا إلى البلاء ليرجع إليك قلبي! سبحانك اللهم وتباركت في كل قضائك وجميع قدرك خبيرًا حكيمًا! أستغفرك من كل طرفة عينٍ خطر على قلبي فيها غيرُ ما يليق بك سُبُّوحًا عن نواقص الحكمة قُدُّوسًا، أنت ربي وأنا عبدك.

“لا تعبدوا الله سرًّا بعد

“لا تعبدوا الله سرًّا بعد اليوم”.

قالها الفاروق -رضي الله عنه- للمسلمين في مكة يوم أسلم.

قل: هو دينٌ عظيمٌ أصاب نفسًا عظيمةً كلما أصاب مثلها أدهش.

أَصِبِ اللهم أنفسنا بما أصبت به نفس الفاروق؛ نعز به دينك وأولياءك.

يا هذا؛ أنت لا تأكل

يا هذا؛ أنت لا تأكل مالًا حرامًا؛ بل المال الحرام يأكلك.

لا يزال المال الحرام بصاحبه؛ حتى لا يكاد يفعل شيئًا مباحًا.

جمعَ الحرامَ على الحلالِ ليُكْثِرَهْ ** دخلَ الحرامُ على الحلالِ فبعثرهْ

في الناس أبدالٌ وفي الترك

في الناس أبدالٌ وفي الترك راحةٌ وفي القلب صبرٌ؛ تدرون ما هذه!

كليات سيدنا الشافعي -رضي الله عنه- الثلاثة؛ في الشفاء من العشق.

في الناس أبدالٌ: مهما توهَّم العاشق أنه ليس كمِثل معشوقه إنسانٌ.

في الترك راحةٌ: مهما توهَّم راحة القلب في الوصل، وخشي وجع الفراق.

في القلب صبرٌ: من حرَّك دواعيه في قلبه وجده، ومن سقاه بالله أنبته.

هو -على فَتْكِه- داءٌ، وفي صحيح الخبر: “ما أنزل الله داءً؛ إلا أنزل له شفاءً”.

إن الذين تطول ابتلاءاتهم يَضعف

إن الذين تطول ابتلاءاتهم يَضعف شعور أكثر الناس بهم.

الأسرى إذا طال حبسُهم، المطارَدون إذا طال شَعَثُهم، المرضى إذا طالت أسقامُهم، المكتئبون إذا طال غمُّهم، المساكين إذا طال عَوَزُهم؛ أطيلوا أنفاس نفوسكم في مواساة هؤلاء -بالصدق والاحتساب- تَطُلْ فيكم رحمة الله.

اللهَ اللهَ لا تألفوا آلام المتعَبين؛ الأيامٌ دُوَلٌ والليالي حُبَالَى.

لا وعلَّام غيوب القلوب سادتنا

لا وعلَّام غيوب القلوب سادتنا الأسرى؛ ما نسيناكم وما ينبغي لنا هذا.

لطَّف اللطيف لكم لافحَ الهواء، وبرَّد لكم حارَّ الماء، وجمع لكم في شدائدكم بين جميل الصبر وجليل الأجر وجزيل اليقين؛ حتى يُقِرَّ عين الإسلام قبل أعيننا بخروجكم أجمعين، غيرَ خزايا ما لبثتم فيها ولا مفتونين، وجعل أهوال محابسكم -ما ظهر منها وما بطن- فداءً من أمثالها يوم الحاقة؛ جلَّ الله غفورًا ودودًا.

ما أمهاتكم ولا آباؤكم ولا إخوانكم ولا أخواتكم ولا أزواجكم ولا أبناؤكم ولا بناتكم ولا أصحابكم ولا العالَمون كافةً؛ بأَولى بكم من النبي -عليه السلام- شاهدًا له ربُّه بذلك: “النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ”؛ كيف بتولِّي الله أمورَكم بذاته لا يعْزُب عنه منها خفيٌّ ولا دقيقٌ! كفى بالله والِيًا مولًى ولِيًّا.

اللهم ربَّنا اسمع فيهم، اللهم ربَّنا تقبل فيهم، اللهم ربَّنا استجب فيهم.

أخا ديني حبيبي؛ ما بقيت

أخا ديني حبيبي؛ ما بقيت في مصر فلا تشارك لي منشورًا البتة، إلا أن تكون صفحتك بغير اسمك وصورتك وما يدل عليك، وكنت مع هذا لا تفتحها إلا بما يؤمِّنك -بعزة الله- من برامج الحماية؛ بل إن تخايلت طرفة عينٍ أن إعجابك بمنشورٍ واحدٍ لي أو لغيري قد يضرك عند البُعداء البُغضاء؛ فعوَّذتك بالله أن تفعل، إن السلامة لا يَعدلها شيءٌ، وقد اكتظت سجون الكفرة الفجرة بشبابٍ لم يزيدوا على مثل هذه الأشياء شيئًا ذا بالٍ، ولو أن كل الذين سجنهم مشركو مصر كانوا من المجاهدينهم بألسنتهم أو أيديهم أو أموالهم بما يستطيعون؛ لهان الخطب وخفَّت البلواء، إنْ هذه إلا سبيل أنبياء الله وأوليائه، ما سار فيها سائرٌ إلا عُودي وأُوذي؛ لكن الذي يُقَرِّح الأفئدة ويَفْري الأكباد أن كثيرًا من هؤلاء الكرام ما سبَّب بلاءهم ذلك؛ إلا تفريطٌ في أسباب العافية شديدٌ؛ أحرزك الله.